Go Back   منتديات قرية فطيس > الأقــســــام الــعـــامــة > منتدى الحوار العام
FAQ Community Calendar Today's Posts Search

Reply
 
Thread Tools Display Modes
Old 03-06-2010, 05:57 AM   #1
 
عوض خضر

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 4
المشاركات : 2,897
بمعدل : 0.56



عوض خضر is offline
Default دراسه - أضواء علي مشروع الجزيره - نقلا عن منابر الجاليه الامريكيه

أضواء علي مشروع الجزيرة


التطورات، و المتغيرات و قانون 2005م



تقديم الخبير في البنك الدولي


الدكتور سلمان محمد احمد سلمان


عرض صديق عبد الهادي



الجــــــــــــزء الثــــــــــــــالث




مختصر الجزء الاول /



استعرضنا في الجزء الاول الذي تمّ نشره، الاسباب التي دعتنا الي الاهتمام بهذه الندوة و نشرها علي القراء و في ذلك اشرنا الي اهمية مشروع الجزيرة خاصة الدور الذي يمكن ان يلعبه في مستقبل الامن الغذائي في السودان ، و كذلك اشرنا الي ان مقدم الندوة دكتور سلمان محمد احمد سلمان قد اولى هذا الموضوع اهتماماً خاصاً انعكس بشكلٍ واضح في الجهد البحثي الذي دبّج به موضوعه، ثم ان الاراء التي تقدم بها، غض النظر عن الاتفاق او الاختلاف معها، فقد ابانت انها جديرة بالتناول. اشرنا كذلك الي علاقة مقدم الندوة بمشروع الجزيرة و ما هي مرتكزات اهتمامه بذلك المشروع. بحثت الندوة في اسباب الاهتمام الكبير و المفاجئ الذي حظي به مشروع الجزيرة في الآونة الاخيرة و من قِبل اطراف عديدة. و لقد عزى دكتور سلمان ، كما ثبت في وقائع الندوة، ذلك الاهتمام بشكل اساس الي ازمة الغذاء التي تجتاح العالم اليوم و تسد افقه. عرضنا الي مظاهر تجلي تلك الازمة والتي انعكست في الارتفاع الجنوني للاسعار،و كذلك تخوف كثير من الدول مما حدا بها الي وقف تصدير المواد الغذائية الي الدول الاخرى التي تحتاجها، و اخيراً كانت قلة العرض والتي ادت و تؤدي بالنتبجة الي ارتفاع الاسعار. عرضنا ايضاً و باستفاضة للاسباب التي كانت وراء ازمة الغذء العالمية تلك. وجملنا الاسباب في زيادة سكان العالم، المتغيرات المناخية و تاثيرها السالب علي انتاج المحاصيل،استخدام الحبوب في انتاج الوقود الحيوي، ارتفاع اسعار المحروقات و تاثيره في تكاليف مدخلات الانتاج،ضعف الدولار و تاثيره عالمياً، اجراءات الحد من تصدير المواد الغذائية بواسطة بعض الدول، الدور المدمر الذي يمارسه دعم الدول الصناعية لمزارعيها علي مزارعي البلدان الفقيرة و النامية، و اخيراً شملت الاسباب تدني الاستثمارات العالمية في المجال الزراعي. كان ذلك هو المدخل الذي فسر الاهتمام الوطني و كذلك الاقليمي بمشروع الجزيرة، و ذلك علي ضوء ما يواجهه العالم اليوم في مسألة الامن الغذائي.



مختصر الجزء الثاني/



تمت الاشارة في هذا الجزء من الندوة الي العوامل التاريخية التي ادت الي ارتباط مشروع الجزيرة بزراعة محصول القطن. و التي من اهمها نجاح التجربة بعد فشل متكرر لزراعة نفس المحصول و علي مرّ حقبٍ تاريخية عدة و في مناطق مختلفة من البلاد، منها تجربة ممتاز باشا و تجربة المستثمر الامريكي لي هنت. تم العرض للتطورات التي حدثت في المشروع، و هي تطورات كما بان، انها إلي جانب التوسع الملحوظ في الرقعة المزروعة ظلت تدور حول محورين اساسين هما محور علاقات الانتاج و محور ملكية الاراضي. بالنسبة للمحور الاول مرت علاقات الانتاج بمرحلتين الاولى حينما كانت شركة السودان للزراعة طرفاً، و الثانية عندما انتهى عقد الشركة و حلّ محلها مجلس إدارة مشروع الجزيرة كطرف بديل ثالث الي جانب الحكومة و الزراع، و قد تاثرت نسب الشراكة حيث كانت مختلفة في كل مرحلة عن الاخرى. بل ان بنوداً جديدة تم ادراجها في المرحلة الثانية و رُصِدت لها نسب من صافي دخل المشروع وذلك مثل الخدمات الاجتماعية، المجالس المحلية و صندوق الاحتياطي حيث تم رصد نسبة 2% لكلٍ منها. اما علي صعيد محور ملكية الاراضي فقد تمت الاشارة الي القوانين التي حاولت معالجة المسألة و كذلك اللجان التي تعاطتها طيلة تاريخ المشروع. و قد جاءت خاتمة هذا الجزء من الندوة ملمحةً الي الحاح و ضرورة معالجة "ملكية الاراضي بمنطقة الجزيرة"، و ذلك لما لها من تاثير في تطور و مستقبل المشروع لا يمكن تجاهله او التقليل من خطورته.



الجــــــــــــزء الثـــــــــــــــــــالث



الملامح العامة و الوضعية الحالية لمشروع الجزيرة




1- تنظيم المشروع/



من الملامح الاساسية لمشروع الجزيرة هي مساحته و التي تبلغ 2,2 مليون فدان. تم تنظيم هذه المساحة في 18 قسم تراوحت مساحة كل قسم بين 60 الف الي 190 الف فدان. تمّ تقسيم كل قسم الي عدة تفاتيش ـ و هي جمع تفتيش . تفاوت عدد تفاتيش الاقسام بين 4 الي 8 تفاتيش للقسم الواحد.و كذلك تمّ توزيع التفتيش الواحد الي نِمر و مفردها "نمرة"، و مساحة النمرة الواحدة تساوي 90 فداناً. ينتهي التنظيم في تقسيم النمرة الواحدة الي حواشات، و تتفاوت مساحة الحواشة بين 10 و 40 فدان في الجزيرة رغم ان معظم الحواشات مساحتها 20 فدان. اما في المناقل فتتراوح مساحة الحواشة الواحدة بين 7,5 الي 30 فدان رغم ان معظم الحواشات مساحتها 15 فدان. من بين اشكال التنظيم نكتفي بتفصيل الاقسام لانها اكثر الوحدات تلخيصاً لملامح المشروع كما و انها تلعب دورهاً في الطريقة التي يعتمد عليها في انتخاب و اختيار الممثلين في تنظيم الزراع النقابي و المعروف بـ "اتحاد مزارعي الجزيرة و المناقل". تلك الاقسام، حسب ترتيبها المعروفة به ، هي/


(1) القسم الجنوبي (2) قسم الحوش (3) القسم الاوسط (4) قسم المسلمية (5) قسم وادي شعير (6) قسم ود حبـوبه (7) القسم الشمالي (8) القسم الشمالي الغربي (9) قسم ابو قوته (10) القسم الشرقي (11) قسم المكاشفي (12) قسم الشوال (13) قسم الجاموسي (14) قسم الماطوري (15) قسم معتوق (16) قسم المنسي (17) قسم التحاميد ،و اخيراً (18) قسم الهـدى.


و يلاحظ ان القسم الشرقي هو القسم الوحيد الذي يقع خارج منطقة الجزيرة و لا يروى من الخزان، حيث انه يقع في منطقة شرق النيل ، و يروى بالطلمبات. يتبع هذا القسم ادارياً لمشروع الجزيرة و يضم كل من ود الفضل، حداف، و الحرقة/ نور الدين.


ويعتقد البعض ـ وهذا فهمٌ سائد ـ ان مشروع الجزيرة هو اكبر مشروع زراعي في العالم تحت ادارة واحدة. وهذا الاعتقاد ليس صحيحاً، إذ ان هناك عدة مشاريع اكبر منه مساحةًً تحت ادارة واحدة.



2- التركيبة السكانية للمشروع


و القوى العاملة فيه/



يضم المشروع حوالي 128 الف زارع ، و يكِّونون مع اسرهم حوالي مليون نسمة. هناك حوالي 150 الف عامل موسمي و يكِّونون مع اسرهم اكثر من مليون نسمة، و يعيشون في اوضاعٍ سيئة و معظمهم في معسكرات تعرف بـ"الكنابي"، و الواحد منها "كمبو". وضعهم بشكلٍ عام أسوأ من وضع الزراع و الذين يعيش معظمهم أيضاً في حالة من الفقر.


هنالك 5 الف عامل و موظف يتبعون او يعملون في ادارة مشروع الجزيرة ، و لقد كان هذا العدد يبلغ حوالي 10 الف عامل و موظف خلال الثمانينيات من القرن الفائت، خصوصاً بعد الانتقال الي الحساب الفردي و الذي احتاجت الادارة بسسببه الي عددٍ كبيرٍ من المحاسبين. و يمكن ان يعتبر هذا النقص واحداً من المؤشرات علي التحولات التي مرت بالمشروع.


يقع ثلث ولاية الجزيرة تحت ادارة المشروع و يتأثر 80% من سكان الجزيرة و البالغ عددهم 6 مليون بشكل مباشر او غير مباشر بالمشروع. تُمثل ولاية الجزيرة في مجلس ادارة المشروع.و لابد من الاشارة الي ان بالمشروع ثروة حيوانية تُقدر ب حوالي 3 مليون رأس من المواشي.





  Reply With Quote
Old 03-06-2010, 05:59 AM   #2
 
عوض خضر

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 4
المشاركات : 2,897
بمعدل : 0.56



عوض خضر is offline
Default

- أصول المشروع/
تتكون اصول المشروع و التي تمتلكها الدولة ممثلة في وزارة المالية من الآتي:
أ- الاراضي التي تملكها الحكومة و التي تبلغ مساحتها حوالي 1,3 مليون فدان. (يجب ملاحظة ان الـ900 الف فدان المتبقية هي اراضي ملك حر، كما اشرنا سابقاً).
ب- مراكز الخدمات ، او مراكز التكلفة ، و التي تشمل:
* 14 محلجاً ، 7 منها في مارنجان،6 في الحصاحيصا و محلج واحد في الباقير.
* الورش الهندسية
* سكك حديد الجزيرة، و تغطي 1300 كيلو متر ، و
* شبكة الاتصالات.
ج- اسطول من السيارات و الآليات(تركتورات و حاصدات).
د- مخازن سعتها التخزينية تُقدر بحوالي 2,5 مليون طن.
هـ- مباني سكنية و مكاتب و شبكة للطرق.
و- هيئة البحوث الزراعية ، و التي كانت فيما سبق تعرف بـ "محطة ابحاث الجزيرة"
ز- شبكة الري و طولها حوالي 150,680 كيلو متر و هي بدورها تتكون من :
* قناتين رئيسيتين طولهما معاً 260 كيلو متر
*11 قناه فرعية ، (تعرف محلياً بـ"الميجر") ، و طولها 650 كيلو متر
* 107 قناة كبرى ( و تعرف محلياً بـ "الكنار")و طولها 1,650 كيلو متر
* 1,570 قناه صغرى ( و تعرف محلياً بـ "الترعة") و طولها 8,120 كيلو متر
* 29,000 ابو عشرين و طولها 40,000 كيلو متر ، و اخيراً
* 350,000 ابو ستة و طولها يبلغ حوالي 100,000 كيلومتر.
هكذا كان مشروع الجزيرة علي قدرٍ عالٍ من التنظيم، إلا ان هذه الشبكة و التي كانت تمثل شريان الحياة لمشروع الجزيرة اصابها الكثير من التدهور. و بالنتيجة لحق ذلك التدهور بمجمل نشاط المشروع و عملية الانتاج فيه.
4- القوانين التي نظمت و تنظم عمل المشروع/
خضع العمل بالمشروع منذ قيامه لقوانين منظمة له و منظمة كذلك للعلاقة بين اطرفه المعروفة و هي حكومة السودان ، ادارة مشروع الجزيرة و التي جاءت خلفاً لشركة السودان الزراعية في العام 1950م ، و الزراع و الذين يمثلهم اتحاد المزارعين. لم تكن تلك القوانين ثابتة و انما تحولت و تطورت حسب مراحل التطور التي شهدها المشروع عبر تاريخه. إنها لم تكن مرتبطة بتلبية احتياجات التنظيم في المشروع فحسب و انما و بنفس القدر او اكثر قد ارتبطت بالظروف و بالتحولات السياسية التي شهدها السودان.
سنشير اجمالاً للقوانين التي نظمت العمل في مشروع الجزيرة مع التركيز بشكلٍ خاص علي آخر تلك القوانين و هو قانون العام 2005م. و يمكن تتبع تلك القوانين كما يلي/
منذ البداية قام المشروع و خضع لبنود اتفاقية 1925م التي تمت بين ادارة الحكم الثنائي و شركة السودان الزراعية.و التي اوضحت حقوق و واجبات كل طرف. في العام 1926م صدرت اتفاقية الاجارة بين شركة السودان الزراعية و المستأجرين (الزراع)، و تمّ تطويرها في العام 1936م. و اعقبها في العام 1927م صدور قانون اراضي الجزيرة و الذي بمقتضاه تمت الإجارة القسرية لاراضي الملك الحر بمشروع الجزيرة ، والذي حلّ مكان قانون العام 1921م.
و كذلك صدر قانون مشروع الجزيرة للعام 1950م، حيث انتقلت بموجبه ادارة مشروع الجزيرة من شركة السودان الزراعية الي ادارة مشروع الجزيرة. و بعده صدر قانون للعام 1960م لتقنين اضافة امتداد المناقل ليصبح جزءاً من مشروع الجزيرة. و تلك هي الفترة التي شهد فيها مشروع الجزيرة توسعاً كبيراً في مساحته و زيادة في عدد زراعه، و بالطبع اثر ذلك في سير تطور المشروع في جوانب عدة اقلها قوة و اتساع نفوذ اتحاد مزارعي الجزيرة و المناقل.
و في العام 1984م صدر القانون الذي قنن الحساب الفردي الذي طُبِق عملياً في العام 1981 م، عند الغاء الحساب الجماعي. و يعتبر الغاء الحساب الجماعي المشترك واحداً من التحولات المؤثرة في مسار المشروع. اثار ذلك التحول جدلاً واسعاً إن كان داخل مشروع الجزيرة و بين اطرافه او خارجه.
اما آخر قانون صدر بشأن تنظيم العمل في مشروع الجزيرة فهو قانون مشروع الجزيرة للعام 2005م و الذي وافق عليه و اجازه البرلمان الحالي اي المجلس الوطني. و سيكون الجزء الخامس من هذه السلسلة مكرس لعرض و تناول ذلك القانون.
5- دور مشروع الجزيرة في التحول الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي
في الســــودان/

إن الحديث في هذا الجانب فيما يخص المشروع ـ و الاشارة لدكتور سلمان ـ شائك و معقد و طويل، حيث ان استجلاءه قد يحتاج الي جهودٍ متضافرة، كذلك، من ذوي الاختصاصات في حقول الاقتصاد، علم الاجتماع و علوم السكان و غيرها. و في هذا الصدد اود إضاءة الحقائق التالية/
اولاً/ احدث مشروع الجزيرة طفرة كبرى في المناحي الاقتصادية و الاجتماعية بمنطقة الجزيرة. و ساهم كذلك مساهمة بينة في الاقتصاد السوداني ككل حتى بداية السبعينيات من القرن المنصرم.
ثانياً/ صار المشروع قبلة للسودانيين من كل انحاء البلاد، و بل من دول غرب افريقيا حيث اصبح بالتالي نقطةً للتداخل بين هذه المجموعات المختلفة.
ثالثاً/ ساهم المزارعون و العاملون بالمشروع من موظفين و عمال في إرساء العمل النقابي في السودان و تطويره ليساهم بشكل فاعل في نيل السودانيين لاستقلالهم، حيث نفذ العمال و الموظفون اضراب العام 1941م و كذلك نفذ المزارعون اضراب العام 1946م بواسطة تنظيمهم المعروف بـ "جمعية المستأجرين بالجزيرة" و ذلك، بالطبع، قبل ان يتحول تنظيم المزارعين ليعرف بـ "اتحاد مزارعي الجزيرة و المناقل" كما هو الآن. كان شيخ احمد بابكر ازيرق اول رئيس لجمعية المستأجرين ، في حين ان شيخ الامين محمد الامين كان اول رئيس لاتحاد المزارعين.
لعب اتحاد المزارعين ( لاحظ انه لم يحمل اسم اتحاد المستأجرين) دوراً رائداً في ثورة اكتوبر 1964م ، و الذي علي اثره كان ان أُختير شيخ الامين محمد الامين وزيراً لحقيبة الصحة في حكومة اكتوبر 1964م. و قد كان في ذلك اعترافٌ واضحٌ بدور المزارعين في انجاز ذلك التحول السياسي الذي انتظم البلاد وقتها.
هكذا كان مشروع الجزيرة و بكل قطاعاته دائماً في قلب التحولات التي شهدها السودان، و قد اهله لذلك الموقع ليس فقط العمل النقابي القوي الذي كانت تقوم به قيادات المزارعين و العمال و الموظفين ، و انما اهله ايضاً السند الحقيقي الذي كان يقدمه لدعم الاقتصاد الوطني في كل عمومه. اعقب ازدهار المشروع تدهورٌ بدأت بوادره تلوح في مطلع السبعينيات من القرن الماضي. و هو تدهورٌ قعد بالمشروع من ان يلعب ذلك الدور الذي كان ان قام به و لعقودٍ من الزمن.
كانت هنالك اسباب كثيرة وراء ذلك التدهور. و سيكون ذلك هو محل تناولنا في الجزء القادم.
.........نواصل في الجزء الرابع.......

  Reply With Quote
Old 03-06-2010, 06:01 AM   #3
 
عوض خضر

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 4
المشاركات : 2,897
بمعدل : 0.56



عوض خضر is offline
Default

اضواء علي مشروع الجزيرة
التطورات، و المتغيرات و قانون 2005م
تقديم الخبير في البنك الدولي
الدكتور سلمان محمد احمد سلمان
عرض صديق عبد الهادي

الجزء الخامــــــــــــس
مختصر الجزء الرابع/
في هذا الجزء تمت الاشارة الي حقيقة ان تدهور مشروع الجزيرة قد بدأ في السبعينيات من القرن المنصرم. وكذلك تمّ رصد اسباب التدهور إياه و التي إنحصرت في تخلف الصيانة، إزدياد الطمئ، إزدياد اسعار المحروقات، إرتفاع تكاليف الانتاج و عزوف المزارعين عن الزراعة، عدم نجاح التحول من نظام الحساب الجماعي المشترك الي الحساب الفردي بسسب تلك الظروف، دخول المشروع في الدائرة الجهنمية التي تأطرت في ضعف التمويل و الصيانة و التشغيل الذي ادى الي تهالك الشبكة و من ثمّ الي ضعف عملية الري و الذي بدوره أدي الي ضعف الانتاج و من ثمّ عدم توفر التمويل لاجل الصيانة و التشغيل، وهكذا دواليك. و كان خاتم اسباب التدهور هو التخبط في السياسة الزراعية و غياب الاصلاح المؤسسي.
غطى الجزءالرابع محاولات التصدي لاسباب التدهور و التي تمثلت في تكوين اللجان المختلفة حيث وصلت في عددها الي 11 لجنة حتى العام 2008م. وأ نتجت تلك الجان تقارير عديدة تفاوتت في عمقها و جودتها. تمّ التوقف و العرض باستفاضة لتقارير ثلاثة لجان، وذلك لاهمية التوصيات التي ضمنتها تقاريرها. و هي لجنة ريتس في العام 1966م، لجنة د. حسين إدريس، و اخيراً اللجنة المشتركة بين البنك الدولي و حكومة السودان في العام 2000م و التي الي حدٍ كبير إستند قانون مشروع الجزيرة لعام 2005م علي توصياتها. و هو القانون الذي عنى و يعنى بعرضه الجزء الخامس ادناه.
الجزء الخامــــــــــــس
قانــــــــون مشروع الجزيرة للعام 2005م
الملامح الاساسية للقانون/
يعتبر صدور قانون مشروع الجزيرة فى يوليو عام 2005 من أهم التطورات التي شهدها مشروع الجزيرة منذ انشائه، ان لم نقل أنه أهم تطورٍٍٍٍٍٍٍ فى تاريخ المشروع. فقد أدخل هذا القانون تغييرات جذرية على وضعية المشروع و على نمطى الانتاج و الادارة بالمشروع. الغى هذا قانون و حلّ محل قانون 1984م، كما الغى ايضاً قانون اراضي الجزيرة لعام 1927م.
يُعرِف القانون فى المادة 4 مشروع الجزيرة بانه مشروعٌ اقتصادي و اجتماعي ذو نشاطٍ متنوع، يتمتع برعاية قومية للتنمية، وله شخصية اعتبارية مستقلة ادارياً و مالياً و فنياً و صفة تعاقبية مستديمة وخاتم عام وله حق التقاضى باسمه. كما أكّد القانون ملكية الدولة ـ ممثلة في وزارة المالية و الاقتصاد الوطنى ـ لأصول المشروع. و حدد تكوين المشروع من (1) المزارعين (2) الحكومة ممثلة فى وحداتها التى تقدم الخدمات الأساسية ومن ضمنها الرى والسلع العامة التى تشمل البحوث و وقاية النباتات والتقانة و الارشاد و الدراسات الفنية و التدريب اضافةًًً الى الادارة الاشرافية و التخطيط، و (3) القطاع الخاص بما يقدمه من خدمات تجارية مساعدة.
سنّ القانون عدداً من المبادئ الاساسية المهمة، يمكن تلخيصها في الآتي/

المبدأ الاول هو مبدأ حرية اختيار المحاصيل الذى تضمنته المادة (5) الفقرة (هـ) من القانون، حيث اوردت،"كفالة حق المزارعين في ادارة شأنهم الانتاجي و الاقتصادي بحرية كاملة في اطار المحددات الفنية و استخدام التقانة للارتقاء بالانتاجية و تعظيم الربحية منها". هذا النص يحتوي علي اهمية خاصة . فهو يعني ببساطة الآتي/
اولاً: فك الارتباط التاريخي بين مشروع الجزيرة و انتاج محصول القطن. ثانيا:ً انهاء الحلقة الاساسية في علاقات الانتاج داخل المشروع بين المزارعين و ادارة مشروع الجزيرة والتى تمثلت فى زراعة القطن و الاشراف عليه و تمويله. و هذا بالطبع تحولٌ كبير و جذري، و هو بلا شك اكبر تحول يمر به المشروع منذ انشائه قبل ثمانين عاماً. و رغم ان القانون كان ان صدر في العام 2005م، إلا ان تطبيق هذا المبدأ لم يتم حتى موسم 2007 ـ 2008م، كما سياتي ذلك لاحقاً في هذا المقال.
كان هذا التحول مثاراً للجدل و الخلاف حيث انتقده البعض، بل و رفضوه، باعتبار انه ينهي الدور التاريخي للمشروع في زراعة القطن، هذا من الجانب الاول، و يلغي، من الجانب الثاني، دور الدولة في تحديد اولوياتها بالنسبة للمحاصيل التي سوف تتم زراعتها، اما من الجانب الثالث فإنهم يرون ان هناك مخاطرة في زراعة محاصيل قد يكون المشروع غير مهيأ لها. واما علي صعيد المرحبين به فإنهم اولاً يرون ان المستأجر في المشروع ولأول مرة يتحول الي مزارع له حرية اتخاذ القرار فيما يريد زراعته و تحمل تبعات ذلك كاملةً. ثانياً، إنه ينهي الامتياز القسري لمحصول القطن، اما ثالثاً فإنه يضع حداً للنظام السلطوي لادارة المشروع بواسطة مجلس الادارة الذي درج علي تحديد المحاصيل و تمويل القطن و الاشراف العام عليه.
المبدأ الثاني الذي اقره القانون في المادة (16)، هو تمليك الاراضي للمزارعين. و في هذا الشأن وردت ثلاث معالجات كما يبين من الفقرة (2)، و هي/
"أ. المزارعون أصحاب الملك الحر الذين خُصصت لهم حواشات بموجب تلك الملكية تسجل لهم تلك الحواشات ملكية عين بسجلات الأراضي.
ب. الملاك الذين لم ُتخصص لهم حواشات عند التفريقة والذين لهم فوائض أرض وفق الفقرة (أ) تؤول أراضيهم للمشروع مع تعويضهم تعويضاً عادلاً.
ج. يملّك بقية المزارعين في المشروع من غير أصحاب الملك (الحواشات) التي بحوزتهم ملكية منفعة لمدة تسعة وتسعين عاماً."
واضحٌ ان هذه المادة قد انهت الايجار القسري للاراضي الملك الحر ، و قامت بتمليك الاراضي بالمشروع للمزارعين إما ملكية عين او ملكية منفعة. كما و انها قضت بنزع الاراضي من غير المزارعين و تعويضهم تعويضاً عادلاً. هذا هو الآخر تحولٌ جذري ينهي الاجارة القسرية التي استمرت ثمانين عاماً، غير انه ما زال تطبيق هذه المادة بعيد المنال و ذلك لمطالبة المالكين بمبالغ ضخمة تمثل كل من اولاً الايجار منذ عام1972م و ثانياً التعويض عن اراضيهم. و في صدد الايفاء بدفع هذه المبالغ ، ترى وزارة المالية انه يجب علي إدارة مشروع الجزيرة و المزارعين القيام بذلك. و لكن الواقع ان ادارة المشروع تغالب صعوبات حقيقية في دفع استحقاقات العاملين، كما و ان المزارعين ليسوا في وضعٍ يسمح لهم بدفع هذه المبالغ.
المبدأ الثالث هو اعطاء المزارع الحق في التصرف في الحواشة بالبيع او الرهن او التنازل وفق الموجهات التى يضعها المجلس. و قد ورد هذا المبدأ في المادة (17) و اثار الكثير من الجدل حيث اعتبره البعض امتداداً لحرية المزارع في ترك الزراعة ببيع حواشته و من ثمّ التحول الي عملٍ آخر ان أراد ذلك. كما رأى البعض ان ضمان حق الرهن يقتح امكانيات تمويل كبيرة للمزارعين. من جانبٍ آخر هناك منْ رأى ان اقرار مبدأ كهذا سيشجع المزارعين علي هجر الزراعة و سيؤدي بهم الي خسارة اراضيهم المرهونة في حال عجزهم عن سداد ديونهم.
لابد من الاشارة هنا الي امرين الاول هو ان تطبيق هذا المبدأ لم يتم بعد لان نقل ملكية الارض للمزارعين لم يتم بعد هو الاخر، اما الامر الثاني فهو ان ملكية الحواشة قد تمّ تقييدها بشروطٍ محددة فى المادة 16 من القانون نفسه تلخصت في استغلال الحواشة لاغراض الزراعة فقط، عدم تفتيت الملكية و اخيراً في حالة بيع الحواشة او التنازل عنها يتم تطبيق احكام الملكية بالشفعة

  Reply With Quote
Old 03-06-2010, 06:02 AM   #4
 
عوض خضر

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 4
المشاركات : 2,897
بمعدل : 0.56



عوض خضر is offline
Default

المبدأ الرابع وهو انشاء روابط مستخدمي المياه لادارة و صيانة وتشغيل قنوات الحقل بالمشروع. و هذا المبدأ اقرته المادة (19) حيث نصت، "(أ) تُنشأ روابط لمستخدمي المياه تحت إشراف المجلس على مستوى المشروع تمثل الإدارة الذاتية للمزارعين ذات شخصية اعتبارية وتسلَّم لها مهام حقيقية في إدارة استخدامات المياه بالتعاقد مع وزارة الري والموارد المائية في مجال الإمداد المائي والاستشارات الفنية."
"(ب) تنشئ وزارة الري والموارد المائية إدارة خاصة لري مشروع الجزيرة."
تعرضت فكرة روابط مستخدمي المياه الي نقدٍ عنيف، و من ضمن ما قُدم في ذلك النقد اولاً ، انها فكرة غريبة علي السودان و لم تطبق من قبل فى أى مشروع زراعى. ثانياً، انها فكرة تخص و ترتبط بالدول التي تعاني من شح المياه و مصادرها. ثالثاً، ان تطبيقها يلغي دور وزارة الرى و مجلس الادارة و يحيله الي المزارعين. و رابعاً، إن المزارعين غير مؤهلين للقيام بهذا الدور. و من ضمن النقد أن هذه الروابط تخلق وسيطاً جديداً بالاضافة الي وزارة الري و مجلس الادارة، و أنها ستؤدى ً الي فصل الشبكة الصغرى عن الشبكة الكبرى.
حريٌّ بالاشارة، ان فكرة روابط او اتحادات مستخدمي المياه ترجع في بروزها الي سبعينات القرن الماضي و قد تمّ تطبيقها في عدة اقطار من العالم. تعتبر الدراسة التي قدمها دكتور سلمان محمد احمد سلمان ـ " الاطار القانوني لاتحادات مستخدمي المياه"ـ و التي قام البنك الدولي بنشرها في عدة لغات - واحدةً من الدراسات المقارنة القليلة التي تناولت تلك الفكرة. فالبرغم من ان الدراسة كان ان عالجت الاطار القانوني لروابط و اتحادات مستخدمي المياه، الا انها و من ضمن ما خلصت له هو ان مشاركة المزارعين عبر اتحادات مستخدمي المياه المنتخبة ديمقراطياً و المسجلة كشخصية اعتبارية قانونية في ادارة و تشغيل و صيانة اجزاء من انظمة الري، قد ادت فعلياً الي الآتي/
1- الاستخدام المرشد للمياه و الذي ادى و بالنتيجة الي وفورات فيها.
2- ازدياد امكانية الصيانة الجيدة لمرافق الري.
3- تقليل تكلفة التشغيل و الصيانة بصورةٍ كبيرة.
4- وضع الحد لمركزية تقديم الخدمات.
5- تمليك المزارعين و تمكينهم من صلاحيات ادارة شئونهم.
اشار مقدم الندوة الي نتائج دراسة اخري قام بنشرها في العام الماضي تحت عنوان " الاطار القانونى لادارة الموارد المائية". تبين من نتائج تلك الدراسة ان هناك اربعة عشر دولة من ضمن الستة عشر دولة التي شملتها الدراسة قد قامت بتبني فكرة "اتحادات مستخدمي المياه" و طبقتها بصورة مكثفة و تأكد نجاحها في تحقيق اهدافها، وأن الاصلاح المؤسسى فى قطاع الرى فى معظم أنحاء العالم قد تبنى فكرة انشاء روابط مستخدمى المياه. بل ان بعض الدول قد شكلت اتحادات لهذه الروابط وأناطت بها مسئولية تشغيل و صيانة القنوات الكبرى و الرئيسية، وأنه فى دولة شيلى قامت هذه الروابط بشراء القنوات والخزانات من الدولة وتقوم بادارتها كمالك وليس فقط تحت عقد ادارة.
نصّ قانون مشروع الجزيرة لعام 2005م في المادة 28.(4) علي ان " يتم تسليم قنوات الحقل لروابط مستخدمي المياه بعد تأهيلها". ولكن، و بما ان التاهيل لم يتم بعد فإن انشاء الروابط و تسليم قنوات الحقل لها لم يتم بعد هو الآخر.

المبدأ الخامس: تقليص دور مجلس الادارة: تعرض القانون لتشكيل و تحديد اختصاصات و سلطات مجلس ادارة مشروع الجزيرة. ويتكون المجلس من رئيس يعينه رئيس الجمهورية وأربعة عشر عضواً. و يُمثل المزارعون فى المجلس بنسبة لا تقل عن 40% من عضوية المجلس. و يشمل المجلس أيضاً ممثّل للعاملين بالمشروع و ممثلين للوزارات المختصة (تشمل المالية، الزراعة، الرى، التقانة، بنك السودان، و وزارة الزراعة باقليم الجزيرة.) قلص القانون دور المجلس تقليصاً واضحا, و تتضمن المادة 9ً اختصاصات مجلس الادارة والتى تتلخص فى:
(*أ) وضع الأسس العلمية للدراسات البحثية والاقتصادية والاجتماعية اللازمة لحسن استخدام موارد المشروع لتحقيق أعلى معدلات ربحية ممكنة.
(*ب) وضع السياسات التشجيعية العادلة لتنفيذ سياسات الدولة الإستراتيجية للمحاصيل الزراعية.
(*ج) إدارة وتطوير الخدمات الأساسية المتمثلة في البحوث ووقاية النباتات والتقانة والإرشاد وإكثار البذور والتدريب والطرق الداخلية.
(*د) إرساء نظام تكافلي يسمح بتعويض المزارع المجد حال تعرضه للآفات والكوارث الطبيعية.
(*ه) وضع المحددات الفنية للتركيبة المحصولية والدورة الزراعية.
(*و) اعتماد الخطط والبرامج المرفوعة من المدير العام (و الذى يقوم بتعيينه المجلس).
(*ز) تحديد فئة خدماته التي يؤديها بالتنسيق والاتفاق مع الجهات المختصة ويتم تحصيلها من المزارعين بواسطة روابط مستخدمي المياه.
يتضح من هذا العرض أن دور المجلس قد تقّلص و ينحصر فى البحوث و الاستشارات و الدراسات و وضع السياسات الزراعية، و أن عليه أن يتحصل على فئة خدماته من المزارعين. كما تجدر الاشارة أيضاً الى أن الغاء نظام زراعة القطن القسرية أدىً الي التقليل من اعتمادات المجلس المالية بسبب تناقص دخل المجلس من عائدات تمويل محصول القطن و المدخلات الزراعية.

هذه هى المبادئ الخمسة الأساسية التى يرتكزعليها القانون. و لابد من الاشارة هنا الي انه من بين هذه المبادئ لم يتم غير تطبيق مبدأ حرية اختيار المحاصيل، و الذي طُبِق في هذا الموسم 2007م/2008م. وبمقارنة بينه و الموسم السابق 2006م/2007م نجد ان المساحة المزروعة قطناً قد تقلصت اليحوالى 90 الف فدان هذا الموسم بدلاً عن حوالى 250,000 فدان في الموسم السابق، بينما زادت المساحة المزروعة قمحاً لتصل الي حوالى 427,000 فدان و قد كانت حوالى 294,000 فدان في الموسم الماضي. و هذا الابتعاد الكبير عن زراعة القطن لا بد أن يكون مؤشراً على تجربة المزارعين مع محصول القطن من النواحى الاقتصادية و الفنية و الادارية و غيرها من المناحى.
كذلك تم اعادة تشكيل مجلس الادارة حسب مقتضيات المادة 6 من القانون. و يُلاحظ أن وزير الزراعة لم يعد رئيساً للمجلس وهذا تأكيدٌ للوضع الذى ساد فى السنوات الخمس الماضية وألغى رئاسة وزير الزراعة للمجلس والتى كانت قد تضمنتها القوانين السابقة للمشروع.
تبقى مسألة ادارة المياه و قضية الأراضى و كذلك المشاكل و العقبات التى تقف فى وجه تطبيق و تفعيل القانون، وهذا ما سنتعرض له فى الحلقة القادمة والاخيرة من هذه السلسلة من المقالات.


ـــ يتبع الجزء السادس اي الخاتمة ــــ

  Reply With Quote
Old 03-06-2010, 06:05 AM   #5
 
عوض خضر

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 4
المشاركات : 2,897
بمعدل : 0.56



عوض خضر is offline
Default

أضواء على مشروع الجزيرة

التطورات و المتغيرات و قانون 2005

تقديم الخبير فى البنك الدولى
الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان

عرض صديق عبد الهادى
(نقلاً عن جريدة اجراس الحرية ـ 17يوليو 2008م)

الجزء السادس
و الأخير – الخاتمة



اوضحت الحلقات الخمس الماضيه أن مشروع الجزيرة مرّ خلال سنواته الثمانين الماضيه بعدّة مراحل. وقد انتظمت كل مرحلةٍ جوانبُ من التطورات و المتغيرات. و يمكن تقسيم هذه المراحل الي اربعة:

أولاً: مرحلة نشأة المشروع و تطوره - 1925 – 1950
تم خلال هذه المرحلة وضع القواعد الآساسية التي تنظم العمل بالمشروع و تقنن علاقات الانتاج به. و هذه العلاقات تميزت، فيما تميزت به، بالخلط بين نظامٍ رأسماليٍ و آخر اشتراكيٍ. برزالنظام الرأسمالي في تركيبة الشركة الزراعية السودانية وطريقة ادارتها للمشروع. فالشركة شركة مساهمة مسجلة فى الآسواق المالية فى لندن و لها آلاف المساهمين من مؤسسات وأفراد يملكون فيها أسهماً و يتوقعون عائداً وفيراً منها كل عام. لذا كان هم الشركة الأساسي تحقيق أكبر قدر من الأرباح ارضاءً لهؤلاء المساهمين. و قد كان هذا هو السبب الأساسي الذى جعل الشركة تحمّل الزراع تكلفة الانتاج بدلاّ من تحملها بواسطة الشركاء الثلاثة – الحكومة و الشركة و الزراع ــ، و تبذل قصارى جهدها فى تقليل تكلفة الانتاج و تعزيز أرباحها.
من الناحية الأخرى كان نظام العلاقات بين الزراع أنفسهم نظاماّ اشتراكياّ تكافلياً يتحمّل فيه الزراع كمجموعةّ تكلفة زراعة القطن و توزّع الأرباح عليهم بعد خصم التكلفة الاجمالية، و ليس الفردية، لزراعته. و لكن تحت هذا النظام استوى المزارع الدؤوب الجاد بنظيره الذى لا يملك نفس المقومات. اذن فقد كان اطار علاقات الانتاج اطاراً رأسمالياً و كان المضمون اشتراكياً تكافلياً.
تميزت العلاقة أيضاّ ببعدٍ انضباطىٍ سلطوىٍ اشبه ما يكون بالنظام العسكرى. فالأوامر تصدر من موظفى الشركة للزراع في كل صغيرة و كبيرة تخص زراعة القطن بدءًا باعداد الأرض، و استلام التقاوى و السماد، و متى تتم الزراعة و متى تتم ازالة الحشائش و كذلك أوقات الرى و الرش و استعمال السماد و المبيدات و متى يتم جنى القطن و تسليمه للشركة و استلام الأرباح، بعد خصم التكلفة. و ليس هنالك اشراكٌ للزراع فى تفاصيل أىٍٍٍ من هذه العمليات، وليس لديهم بديلٌ غير اطاعة هذه الأوامر. و لتأكيد هذا النمط السلطوى فقد أعطت اتفاقية الاجارة بين الشركة و المستأجر الحق للشركة فى القيام بأىٍ من هذه الأعمال اذا فشل أىٌ من الزراع فى القيام بها وتحميله التكلفة المالية كاملةّ، و قد إنعكست ممارسة ذلك الحق في تطبيق ما عُرِف بين المزارعين بنظام "الطُلبة".
بعد أعوام قليلة من ادخال هذا النظام السلطوى لزراعة القطن بالمشروع بدأت بعض الثقوب تظهر فيه – ماذا يحدث اذا كان العائد للزراع ضعيفاّ أو لم يكن هناك عائد بسبب قلة الانتاج أو ضعف الأسعار؟ جاءت الاجابة فى تليين ذلك النظام قليلاً باعطاء الزراع حق زراعة الذرة واللوبية فى مساحة صغيرة اخرى، و يكون الناتج كلّه حقاً للزراع، و لكن بدون تمويل من الشركة. فهذان المحصولان قُصِد منهما امتصاص عدم رضاء الزراع وايضاً تحسين التربة. و قد قامت الشركة أيضاّ فى أواخر الأربعينات بانشاء صندوق الاحتياطى لمساعدة الزراع فى السنوات العجاف. غير هذا فقد ظل النظام السلطوى لعلاقات الانتاج كما هو طوال هذه الفترة.
امتد هذا النظام السلطوى الي ادارة الأراضى أيضاّ. فملاك الأراضى الذين أُعطوا أراضيهم أو جزءاً منها كحواشات اُعطيت لهم هذه الأراضى تحت عقد اجارة نزع منهم كل حقوق الملكية، وأصبح هؤلاء الملاك أجراء لأرضهم تحدد لهم الشركة ما يجب أن يفعلوه فى أرضٍ هى ملكهم. و قد كان الغرض وراء هذا الاجراء الغريب وضع أراضى المشروع كلها من الناحية القانونية و العملية تحت ادارة و سيطرة الشركة و تجريد الملاك من اى حقوقٍ تتصل بملكيتهم لهذه الأراضى. فالأجرة التى يتقاضاها هؤلاء الملاك أسقطت حقوقهم فى الأرض و فرضت عليهم اطاعة أوامر الجهة التى تدفع لهم الأجرة.
ترسّخ هذا النظام السلطوى خلال ثلاثينيات و أربعينيات القرن الماضى و أصبح نظام العمل المعروف و المألوف بالمشروع حتى بعد أن انتهى عقد الشراكة و آلت ادارة المشروع لمجلس الادارة السوداني. و كما ذكرنا فقد لعب العمل النقابي دوراً كبيراً في مشروع الجزيرة نتج عنه زيادة نسبة ارباح المزارعين، و لكنه لم يُحدث تغييراً ذا شأن فى علاقات الانتاج.

ثانياّ: مرحلة التوسع فى المشروع – 1950- 1975
انتهى عقد الادارة بين شركة السودان الزراعية و حكومة العهد الثنائى عام 1950 وانتقلت الادارة فى ذلك العام الى مجلس ادارة مشروع الجزيرة. وقد صدر فى ذلك العام قانون مشروع الجزيرة لعام 1950 والذى كان أول قانون ينظم العمل بصورة متكاملة فى المشروع.
تسمى بعض الكتب والتقارير هذه النقلة بانها "تأميم للمشروع"، و هذه التسمية ليست دقيقة لأن الأراضى و الخزان و القنوات بالمشروع لم تكن ملكاً للشركة حتى تؤمم، بل كانت ملكاً للحكومة، تديرها الشركة بمقتضى عقد ادارة انتهى ذاك العام ولم يتم تجديده. نتج عن هذا التغيير زيادة نسبة أرباح المزارعين و الحكومة بعد أن قلت نسبة أرباح مجلس ادارة المشروع. و زادت نسبة أرباح المزارعين مرّةً ثانية بعد ثورة اكتوبر ولكن هذه المرة على حساب نصيب الحكومة. عدا هذا فقد استمرت علاقات الانتاج على ما كانت عليه ابان فترة ادارة الشركة للمشروع.
كانت مساحة المشروع قد وصلت الى حوالى مليون فدان عام 1950، و كانت الدراسات الخاصة بامتداد المناقل قد قاربت الاكتمال. و فى عام 1954 بدأت المفاوضات مع مصر بغرض السماح للسودان ببناء خزان الروصيرص لرى امتداد المناقل. و رغم أنه تمّ الاتفاق بين السودان و مصر على بناء خزانى الروصيرص و أسوان، الاّ ان الخلافات حول حصة السودان ظلت عالقة و لم تحسم الاّ بعد عام من وصول الفريق عبود الى السلطة وتوقيع اتفاقية مياه النيل عام 1959. مع اكتمال خزان الروصيرص بدأ التوسع فى امتداد المناقل و بلغت مساحة المشروع اثر ذلك مليون و ثمانمائة الف فدان وتوسعت البنية التحتية من قنوات رى وطرق ومبانى و ارتفع عدد موظفى المشروع بصورةٍ كبيرة. و صدر قانون مشروع الجزيرة لعام 1960 لينظم هذا التوسع. و بذاك التوسع أصبح مشروع الجزيرة من أكبر المشاريع فى العالم تحت ادارة واحدة. و كما ذكرنا من قبل فالمشروع ليس أكبرمشروعٍ فى العالم كما يعتقد الكثيرون. فهناك عدة مشاريع فى العالم أكبرمنه مساحةً.

  Reply With Quote
Old 03-06-2010, 06:07 AM   #6
 
عوض خضر

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 4
المشاركات : 2,897
بمعدل : 0.56



عوض خضر is offline
Default

ثالثاّ: مرحلة التدهور و البحث عن حلول - 1975-2005
مع هذا التوسع بدأت مشاكل المشروع فى البروز الى السطح. فقد بدأت البنية التحتية التى تمّ إنشاؤها قبل أكثر من أربعين عاماّ فى التآكل والتدهور، و بدأت أسعار القطن العالمية فى التدنى و ارتفعت تكلفة الانتاج بصورة حادة بسبب ارتفاع أسعار الوقود. وإزداد الوضع سوءاّ بسبب التقلب فى السياسات الاقتصادية و الزراعية فى السودان فى السبعينات.
برزت أيضاً فى هذه الفترة مشكلة الأراضى الملك الحر. فقد انتهى عقد الايجار عام 1967 و طالب بعض الملاك باعادة اراضيهم اليهم بينما طالب آخرون برفع قيمة الايجار ليواكب الغلاء و تدهور الجنيه السودانى، و فى بداية السبعينات توقف الملاك عن استلام الايجار حيث أنه لم تعد له قيمة.
امتد التدهور ليشمل خزانى سنار والوصيرص. فبسبب كميات الطمى التى يأتى بها النيل الأزرق من الهضبة الاثيوبية فقد خزان سنار جزءاً كبيراً من امكانياته التخزينية وبدأت هذه المشاكل نفسها تعترى خزان الروصيرصو قنوات الرى بالمشروع، ولم تعد مياه الرى تصل بعض الحواشات بسبب تراكم الطمى و الأعشاب فى هذه القنوات.
تكونت فى هذه الفترة عُدة لجان، الواحدة بعد الأخرى، لدراسة هذه المشاكل ومحاولة ايجاد الحلول لها. و قد كان من ابرز التوصيات توصية الغاء نظام الحساب الجماعى واستبداله بالحساب الفردى و التى طُبقت عام 1981. أثار ذلك التغيير جدلاً حاداً فى أوساط المزارعين والمهتمين بأمر المشروع، بين مؤيدٍ يرى فى ذلك التغييرأملاً فى حلحلة مشاكل المشروع، و معارضٍ يرى فيه طعنةً لنظام التكافل الاجتماعى الذى ساد المشروع لأكثر من نصف قرن من الزمان.
و على الرغم من أن البنك الدولى والصندوق العربى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية و مانحين آخرين قد مولوا اعادة تأهيل المشروع بمبلغ فاق المائتى مليون دولار، الا أن هذا الجهد لم يكن كافياً لأن يعيد للمشروع فاعليته بسب عدم مصاحبته بالاصلاح المؤسسى. و لم يغير صدور قانون مشروع الجزيرة لعام 1984 شيئأ فى أمر هذا التدهور على الرغم من زيادة تمثيل المزارعين فى مجلس الادارة.

رابعا:مرحلة قانون 2005 وآثاره و مستقبل المشروع
اتسمت تقارير اللجان المختلفة التى كُونت للنظر فى أمر مشروع الجزيرة بالاختلافات فى مرتكزاتها و تحليلاتها لمشاكل المشروع، وعليه فقد اختلفت وتضاربت توصياتها. غير أن عددًا من هذه اللجان اتفقت على ضرورة اعادة النظر فى مسألة الشراكة وأيضا على دور الزراع فى علاقات الانتاج خصوصا مسالة التركيبة المحصولية. فى هذا الأثناء كانت مشاكل زراعة القطن آخذةً فى الازدياد و أسعاره العالمية آخذة فى التدهور.
عليه لم يكن أمراً مستغرباً بالنسبة للذين تابعوا تطورات و متغيرات المشروع أن يقوم قانون 2005 بادخال و تقنين مبدأ حرية اختيار المحاصيل. هذا التغيير الجذرى لم ينه فقط الارتباط التاريخى بين المشروع و محصول القطن و انما أنهى أيضاً ما تبقى من محاور علاقات الانتاج و قّلص بصورةٍ كبيرة دور مجلس ادارة مشروع الجزيرة فيما يختص بتمويل القطن و الاشراف على زراعته.
طُبق مبدأ حرية اختيار المحاصيل عام 2007 رغم صدور القانون فى عام 2005، و نتج عنه انخفاضٌ حادٌ فى المساحات المزروعة قطناً و زيادةٌ ملحوظة فى المساحات المزروعة قمحاً و ذرةً، ولكن كان هناك انخفاض فى المساحة الكلية المزروعة بالمشروع. فقد تمّ فى موسم 2007 -2008 زراعة حوالى مليون ومائتى الف فدان فقط من مساحة المشروع الكليّة البالغة مليونين و مائتي الف فدان (أى أن المساحةالمزروعة بلغت حوالى 55% فقط من مساحة المشروع). يُلاحظ أيضا الانخفاض في انتاجية الفدان بالنسبة للقمح مقارنة بالموسم السابق من قرابة الطن للفدان فى موسم 2006 – 2007 الى حوالى ثلاثة أرباع الطن هذا الموسم. و يعود هذا الانخفاض فى رأى مقدم الندوة الى عوامل عدة تتلخص فى التمويل و التسويق و الضرائب و نظام الرى.

(*) بالنسبة للتمويل فإنّه بالرغم من وجود البنك الزراعى و بنك المزارع فى أجزاء كبيرة من المشروع الا أن التمويل لمزارعى المشروع ما زال ضعيفا. و مع التوقف عن زراعة القطن فسوف يتوقف التمويل من ادارة المشروع الذى كان مرتبطاً أساساً بالقطن. عليه فإنّ مسألة التمويل تحتاج لحلول سريعة و فعّالة. و يُؤمّل أن يلعب البنك السودانى الأردنى المزمع انشاؤه فى ولاية الجزيرة دوراً قيادياً فى التمويل بأن يكون بنكا تنمويا و ليس تجاريا.

(*) بالنسبة للتسويق فقد كانت شركة أقطان السودان تقوم بتسويق القطن و يقوم المزارع بتسويق المحاصيل الأخرى. و الآن مع حرية اختيار المحاصيل فلا بد من ايجاد سبلٍ لمساعدة المزارعين فى تسويق هذه المحاصيل حتى يحصد المزارع ثمار جهده بدل أن تذهب هذه الثمار الى الوسطاء سواءً كانوا بنوكاً أو شركاتٍ أو أفراد.

(*) بالنسبة للضرائب فقد بلغت ذروتها عام 1996م عندما قاربت نصف انتاج المزارع. و على الرغم من الغاء الكثير من الضرائب المركزية، الاّّ أن الضرائب و الأتاوات و الجبايات الولائية و المحلية و كذلك رسوم الجمارك المركزية على بعض مدخلات و آليات الانتاج عالية جداً مما جعل المزارعين يضجون بالشكوى منها . و قد أثيرت هذه المسألة عدة مرات فى المجلس الوطنى واللجان المختلفة التى أُوكل اليها أمر تطوير ونهضة الزراعة، وعليه لا بد من ايجاد حلول فورية و فعالة لها. لقد تم اعداد مجموعة من الدراسات حول مواضيع التمويل و التسويق و الضرائب و تم تقديم بعض هذه الدراسات خلال ورشتى العمل الخاصتين بمشروع الجزيرة اللتين عُقِدتا فى العامين 2004م و 2005م. و تشمل هذه الدراسات مجموعة من المقترحات البناءة و التى يمكن الاستفادة منها فى هذه المجالات.

(*) بالنسبة لنظام الرى فقد أشار قانون 2005م الى أن تسليم قنوات الحقل لروابط مستخدمى المياه يتم بعد تاهيل هذه القنوات، و هذا اعتراف واضح من القانون (والمسؤولين) بالوضع غير الفعال لهذه القنوات. ان قنوات الرى هى شريان المشروع، كما يجب الاشارة الى أن المشروع يستهلك سنويا حوالى 8 مليار متر مكعب من المياه من حصة السودان البالغة 18,5 مليار تحت اتفاقية مياه النيل لعام 1959م (أى أن المشروع يستهلك حوالى 40% من حصةالسودان). و لكن الاستعمال غير المرشد و غير الكفء لهذه الكمية الكبيرة من المياه بسبب تدهور القنوات و مشاكل ادارة المياهسيظل عقبةً كبرى ليس فقط للمشروع و انما للسودان نفسه فى نقاشه و مفاوضاته مع الدول المشاطئة الأخرى لنهر النيل. و كما هو معروف فان هذه الدول بدأت تطالب بحقوقها فى مياه النيل.
من ناحيةٍ اخرى فقد أشار مقدم الندوة د. سلمان الى الدور الفعّال الذى تقوم به هذه الروابط فى دولٍ كثيرة من العالم فى ادارة مياه الرى، و أوضح أنه فى بعض الدول يتم تكوين اتحادات لهذه الروابط، و تقوم هذه الاتحادات بإدارة القنوات الكبرى و الرئيسية (وليس الصغرى فقط)، و تعرّض كذلك للوفورات التى نتجت فى المياه و فى تكلفة الصيانة والتشغيل إثر تولى روابط مستخدمى المياه لهذه المهام. و لابد من التأكيد أن هذه الروابط ليست سوى جمعيات تعاونية ينتخبها أعضاؤها بطريقةٍ ديمقراطية ويحاسبونها وفق اللوائح المنظمة للرابطة. و لابد كذلك من الاشارة الى أن ادارة قنوات الرى بواسطة هذه الروابط تحكمها اتفاقية مع وزارة الرى و أن هذه الروابط ملزمةٌ بتطبيق بنود الاتفاقية.

(*)لابد من الاشارة هنا الى مشكلة الأراضى الملك الحر فى المشروع، و ايجاد حلٍ لها وفق قانون 2005م الذى اعترف بالملكية و سنّ نزْع هذه الاراضى مقابل التعويض العادل. ان توصيات لجنة 2003م تعرض حلاً وسطاً بين مطالب الملاك الشاسعة و تجاهل السلطات لهذه المشكلة و يمكن الرجوع الي هذه التوصيات و الاهتداء بها. و لابد لذلك الحل ان يكون حلاً توفيقياً يأخذ في الاعتبار، أولاً، ان هذه الاراضي ملكٌ لاصحابها و أنهم لم يتلقوا عنها إيجاراً لاكثر من 35 سنةً، ثم ثانياً، و بالمقابل لابد من من الاخذ في الاعتبار ان تلك الارض كانت ارضاً تروى بالامطار ، و ان بعض اصحابها مُنِحوا حواشات و ان آخرين مُنِحوا إيجاراً لمدة 45 سنةً. فهاتان النقطتان لابد من إعتبارهما في أي سعيٍ يُرجى نجاحه في الوصول الي اي صيغة توفيقية تخص معضلة الاراضي في مشروع الجزيرة.


  Reply With Quote
Old 03-06-2010, 06:08 AM   #7
 
عوض خضر

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 4
المشاركات : 2,897
بمعدل : 0.56



عوض خضر is offline
Default

و نختتم هذه المقالات من حيث بدأناها. إنّ العالم يواجه اليوم أزمة غذاء حادة تتمثل فى الارتفاع الجنونى لاسعار السلع الأساسية بسب قلة العرض. وقد تأثرت حتى الآن أكثر من 22 دولةً بهذه الأزمة، و يتعرض أكثر من مائة مليون نسمة فى هذه الدول للجوع بسبب نقص الغذاء. و قد بلغت هذه الأزمة مداها عندما أوشك محصول الأرز على الاختفاء من الأسواق العالمية بسبب توقف الدول المنتجة (تحديدا تايلاند و الهند و الصين و فيتنام) عن تصديره. وقد ارتفع سعر الطن من الأرز خلال العام الماضى من 300 دولارً الى حوالى 1000 دولارً. أما بالنسبة للقمح فقد قلت الكميات المنتجة فى استراليا و الصين بسبب الجفاف و توقفت الأرجنتين و أوكرانيا عن تصدير القمح لفترة من الوقت وعاودت التصدير لاحقاً و لكن بكميات محدودة. نتج عن هذا ان تضاعف سعر الطن من القمح خلال العام الماضي من 200 دولار الى حوالى 400 دولار. و قد حدث نفس الشىء بالنسبة للذرة الشامية و فول الصويا و انعكست هذه الزيادات في الاسعار كذلك على السلع الغذائية الاخرى.
لقد أوضحت الأمم المتحدة الشهر الماضى أن 29 دولةً قد أوقفت تماماً أو قللت بقدرٍ كبير تصدير المواد الغذائية خارج حدودها أو فرضت عليها رسوم جمركية عالية أو قيود أخرى مثل تحديد الكميات التى يمكن تصديرها. حاولت بعض الدول مثل اليابان و سويسرا اللجوء الى منظمة التجارة العالمية لارغام هذه الدول على وقف هذه الاجراءات الحمائية و لكن اتضح أن معاهدة المنظمة لا تعطيها الحق فى التدخل فى مثل هذه الاجراءات، وأن كل ما تفرضه المعاهدة على هذه الدول هو أن تقوم تلك الدول باخطار المنظمة نيتها في اتخاذ هذه الاجراءات لا أكثر. و كان قد اتضح من قبل محدودية امكانية المنظمة فى التدخل لوقف ذلك الدعم الضخم الذى تقدمه الدول الصناعية لمزارعيها والذى أفقد مزارعى الدول النامية القدرة على التنافس.
لقد بدأت الدول المختلفة تتعامل مع هذه الأزمة بشتى السبل. فقد قررت الصين، بسبب الجفاف والنمو السكانى و ازدياد الطلب على المواد الغذائية بازدياد الطبقة الوسطى، اتخاذ كل الاجراءات المطلوبة لرفع معدّل انتاجية الفدان الواحد من طنٍ واحد للقمح لتصل الآن الى قرابة الطن و نصف الطن من القمح للفدان، بينما اتخذت الكثير من الدول مثل الهند و المكسيك و الفلبين قرارات متعددة لترشيد استهلاك المياه فى مجال الرى. و تسارعت وتيرة الاصلاح المؤسسى لقطاعى الزراعة و الرى فى عددٍ كبيرٍ من دول العالم. و بسب شح المياه فى كثير من هذه الدول فقد تركزت الجهود على تحسين أداء الأراضى المعمّرة أصلاً بدلاً من استصلاح أراضى جديدة تحتاج الى استثماراتٍ ضخمةٍ و مياه جديدة قد لا تكون متوفرةً أصلاً.
ان مشروع الجزيرة بتجربته التاريخية الطويلة و الثرية، ومساحته الواسعة، و امكانياته المتاحة الهائلة يستطيع ببعض الجهد و الإرادة السياسية أن يوفر للسودان احتياجاته الغذائية من القمح و أن يوفر لولاية الجزيرة احتياجاتها من الذرة، علي ان يكون ذلك وفقاً لمبدأ حرية اختيار المحاصيل للمزارع و الذي كفله قانون 2005م. فاذا استطعنا أن نرفع انتاجية الفدان الى 1,2 طن (و هذا متوسط انتاج الفدان فى معظم الدول) ونجحنا فى زراعة ثلثى المشروع قمحًا فان هذا سيوفر احتياج السودان كله من القمح كاملاً، بينما يمكن ان يوفر الثلث المتبقى من أراضى المشروع احتياجات ولاية الجزيرة من الذرة والمواد الغذائية الأخرى.
ولكن هذا الحلم لن يتحقق إلاّ باتباع السياسات السليمة فيما يتعلق بادارة المياه (بعد تأهيل قنوات الرى تأهيلاً كاملاً) و الضرائب و التمويل والتسويق، و توضيح ما تبقى من علاقات الانتاج بين المزارعين و ادارة مشروع الجزيرة. وقتها سيجد المزارع ما يكفى من الحوافز لكى يضع جلّ طاقته فى الانتاج و يساهم مساهمةً فعّالةً فى حلحلة مسألة الأمن الغذائى و التى هى بلا شك هاجس كل الشعب السودانى

  Reply With Quote
Old 03-06-2010, 06:11 AM   #8
 
عوض خضر

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 4
المشاركات : 2,897
بمعدل : 0.56



عوض خضر is offline
Default

وعلي صعيد اخر نذكر ان الاخوه عمر فرج الله ومبارك نورين من الملاك الاصليين ( اصحاب الكروت ) اي الذين توقف دفع الايجار لهم منذ السبعينات والان الحكومه تعرض علي هؤلاء وامثالهم من الراسماليين مبالغ طائله لشراء حق المليكه تخريمه اللهم حقق احلام يقظة كل حالم ( امين يارب العالمين )

  Reply With Quote
Old 03-09-2010, 09:20 PM   #9
 
elamirhamdan

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 5
السكن: الرياض - السعوديه
المشاركات : 301
بمعدل : 0.06



elamirhamdan is offline
Default والله زمن

هاهااهاهاههاهاههاهاهاهاها هاهاهاهاهاها
شر البلية ما يضحك
تحياتي للراسماليه


التوقيع
اقبل علي النفس واستكمل فضائلها ************* فانت بالروح لا بالجسم انسان
  Reply With Quote
Reply


Posting Rules
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is On
Smilies are On
[IMG] code is On
HTML code is Off

Forum Jump


All times are GMT. The time now is 05:18 AM.


Copyright ©2000 - 2024, Futeis.com