رائحة الليمون - قصه قصيره

[عوض خضر]

منذ نعومة اظافره تولدت علاقه متزايده بشكل مضطرد بينه وبين

شجرة الليمون التي تحتل الركن الشمالي الغربي من حوشهم المترب الكبير

كان دائما يلجأ اليها رغم ظلها ( الرقراق ) عندما ينتصف النهار

فالرمل تحتها اقل سخونه من الرمل في اجزاء الحوش الاخري

يلاعب نفسه تحتها يتجاهل نداءات امه المختلفه عندما تشير الي الحر تحت الليمونه

يستنشق العبير الذي يحس ان الشجره الحبيبه الي نفسه تطلقه

عندما يطأ ظلها بقدميه الصغريتين الحافيتين

ومع تقدمه في العمر كانت شجرة الليمون تزداد طولا وتحتل مساحات اضافيه في ركن الحوش

كثيرا ماحال بينها وبين الازاله فوالدته واخواته كن يثرن الكثير من الجدل حولها

يتأففن من مخلفات الشجره التي لاتنقطع الازهار الجافه في موسم ما الاوارق المصفره

المتساقطه دون توقف في موسم اخر

كما ان احدي اخواته كانت تردد مرارا وتكرارا انها في الليالي المظلمه تشاهد خيالا

يجوس تحت الليمونه حتي وقت متاخر

كل هذه الاسباب والتي في نظر نساء منزلهم كافيه لاجتثاث الشجره

لم تجعله يتزحزح قيد انمله عن موقفه كان يستميت في الدفاع عنها بل احيانا

عندما يدور الجدل حول الشجره الاثيره الي نفسه كان يرفض تناول وجباته

ويقضي بقية يومه تحتها رغم المحاذير والصيحات الغاضبه

عندما غادر المنزل لاداء التزاماته المتزامنه مع مراحل عمره كان عندما يعود

يشرئب بعنقه لتعانق عيناه اغصان الشجره التي بدات خضرتها التي صاحبتها طويلا

تتشرب بعض الاصفرّار

وعندما يدلف الي حوشهم كان يسرع ناحيتها ويظل وقتا طويلا كأنه يناجيها

ثم تقطعت به السبل وسافر بعيدا بعيدا

وفي ترحاله كان يبحث عن اشجار الليمون ولكنه عندما استقر لم يجد لليمون اثرا في مكان استقراره

مرت السنون وشجرة الليمون تطارده حتي في احلامه

يسال عنها قبل ان يسال عن والديه وصحتهما ودائما الاجابه تكون انها

مازالت تنمو ببطء ثم اتاه خبر رحيل والدته التي كانت دائما تطمئنه علي الليمونه وتزود عنها في غيابه

شد الرحال عائدا والحزن يعتصره اول ما وقع بصره عليه بعد ان جعله صرير الباب الصدئ

يعود من شروده المكان الخاوي في ركن الحوش

اقترب منه مازالت بعض اثارها موجوده نثارات خشبيه واوراق محشوره بين فراغات الطوب

احتضن اخته التي هرعت اليه باكيه ارتفع نشيجه

لكنه لم يكن يعرف بدقه علي اي منهما يبكي

حدثوه عن صمودها لفتره وان والدته كانت تحذر الجميع من ان يخبروه

باستسلام الشجره اخيرا

كان يسمع الكثير من التفاسير من الموجودين حوله بعد ان قضي فتره ليست بالقصيره

الشجره تقدمت في السن ( وكل اول ليهو اخر ) امك والشجره الفرق بينهما اقل من عام

في الفتره الاخيره الماء لم يكن متوفرا حتي للشرب

غادر مره اخري وفي باله اصرار علي عدم العوده وشجيرة ليمون وطفل حافي

في عينيه خوف اكبر من عمره و رحلات ليليه للشجره جعلت اخته تظن ان شبحا يسكنها