Go Back   منتديات قرية فطيس > المنتديات الأدبية > القصص والحكايات
FAQ Community Calendar Today's Posts Search

Reply
 
Thread Tools Display Modes
Old 08-08-2011, 01:07 AM   #11
 
صادق محمد عوض

تاريخ التسجيل: Apr 2010
رقم العضوية : 90
السكن: السعوديه
المشاركات : 2,137
بمعدل : 0.42



صادق محمد عوض is offline
Default

هذان الإقليمان يقعان في غرب وشمال أذربيجان، وقد اتجهوا إليهما قبل الانتهاء من مدن أذربيجان؛ لأنهم سمعوا بتجمع قبائل "الكرج" لهم، وقبائل الكرج هي قبائل وثنية ونصرانية تقطن في منطقة جورجيا الروسية، وكان بينهم وبين المسلمين قتال دائم، وقد علموا أن الخطر يقترب منهم فتجمعوا في مدينة تفليس (في جورجيا الآن) وحدث هناك قتال طويل بينهم وبين التتار انتهى بانتصار التتار وامتلاك أرمينيا وجورجيا، وقُتل من الكرج ما لا يحصى في هذه الموقعة..

ماذا فعل جنكيزخان في سنة 617 هجرية بعد مطاردة "محمد بن خوارزم شاه"؟
-----------------------------------------------------------------------------------------------
بعد أن اطمأن جنكيزخان إلى هروب "محمد بن خوارزم شاه" زعيم البلاد في اتجاه الغرب، وانتقاله من مدينة إلى أخرى هرباً من الفرقة التترية المطاردة له، بدأ جنكيزخان يبسط سيطرته على المناطق المحيطة بسمرقند، وعلى الأقاليم الإسلامية الضخمة الواقعة في جنوب "سمرقند" وشمالها..ء

وجد جنكيزخان أن أعظم الأقاليم وأقواها في هذه المناطق: إقليم خوارزم وإقليم خراسان..

أما إقليم خراسان فإقليم شاسع به مدن عظيمة كثيرة مثل بلخ ومرو ونيسابور وهراة وغزنة وغيرها (وهو الآن في شرق إيران وشمال أفغانستان)..ء

وأما إقليم خوارزم فهو الإقليم الذي كان نواة للدولة الخوارزمية، واشتهر بالقلاع الحصينة والثروة العددية والمهارة القتالية، وهو يقع إلى الشمال الغربي من "سمرقند"، ويمر به نهر جيحون (وهو الآن في دولتي أوزبكستان وتركمنستان).. ولكن جنكيزخان أراد القيام بحرب معنوية تؤثر في نفسيات المسلمين قبل اجتياح هذه الأقاليم العملاقة، فقرر البدء بعمليات إبادة وتدمير تبث الرعب في قلوب المسلمين في الإقليمين الكبيرين خوارزم وخراسان، فأخرج جنكيزخان من جيشه ثلاث فرق:

الفرقة الاولى :لتدمير إقليم "فرغانة" (في أوزبكستان الآن) وهو على بعد حوالي خمسمائة كيلومتر إلى الشرق من "سمرقند"..ء

الفرقة الثانية : لتدمير مدينة "ترمذ" (في تركمنستان الآن) وهي مدينة الإمام "الترمذي" صاحب السنن رحمه الله، على بعد حوالي مائة كيلومتر جنوب "سمرقند"..ء

الفرقة الثالثة : لتدمير قلعة "كلابة" وهي من أحصن قلاع المسلمين على نهر جيحون..

وقد قامت الفرق الثلاث بدورها التدميري كما أراد جنكيزخان، فاستولت على كل هذه المناطق، وأعملت فيها القتل والأسر والسبي والنهب والتخريب والحرق، مثلما اعتاد التتار أن يفعلوا في الأماكن الأخرى، ووصلت الرسالة التترية إلى كل الشعوب المحيطة: إن التتار لا يرتوون إلا بالدماء، ولا يسعدون إلا بالخراب والتدمير، وأنهم لا يُهزمون، فعمت الرهبة منهم أرجاء المعمورة، ولا حول ولا قوة إلا بالله..

ولما عادت هذه الجيوش من مهمتها القبيحة بدأ جنكيزخان يعد للمهمة الأقبح.. بدأ يعد لاجتياح إقليمي خراسان وخوارزم..

  Reply With Quote
Old 08-08-2011, 01:08 AM   #12
 
صادق محمد عوض

تاريخ التسجيل: Apr 2010
رقم العضوية : 90
السكن: السعوديه
المشاركات : 2,137
بمعدل : 0.42



صادق محمد عوض is offline
Default

ـ اجتياح نيسابور:
----------------------------

وهي مدينة كبيرة أخرى من مدن إقليم خراسان، (وهي تقع الآن في الشمال الشرقي لدولة إيران)، واتجه إليها التتار بعد أن تركوا خلفهم مدينة مرو وقد خربت تماماً، وهناك حاصروا مدينة نيسابور لمدة خمسة أيام، ومع أنه كان بالمدينة جمع لا بأس به من الجنود المسلمين، إلا أن أخبار مرو كانت قد وصلت إلى نيسابور، فدب الرعب والهلع في أوصال المسلمين، وما استطاعوا أن يقاوموا التتار، ودخل التتار المدينة، وأخرجوا كل أهلها إلى الصحراء، وجاء من أخبر ابن جنكيزخان أن بعضاً من سكان مدينة مرو قد سلم من القتل، وذلك أنهم ضربوا بالسيف ضربات غير قاتلة، وظنهم التتار قد ماتوا فتركوهم، ولذا فقد أمر ابن جنكيزخان في مدينة نيسابور أن يقتل كل رجال البلد بلا استثناء، وأن تقطع رؤوسهم لكي يتأكدوا من قتلهم، ثم قام اللعين بسبي كل نساء المسلمين في مدينة نيسابور، وأقاموا في المدينة خمسة عشر يوماً يفتشون الديار عن الأموال والنفائس.. ثم تركوا نيسابور بعد ذلك أثراً بعد عين، ولا حول ولا قوة إلا بالله..


5_ ـ اجتياح هراة:
------------------------

وهي من أحصن البلاد الإسلامية، وكانت مدينة كبيرة جداً كذلك، وتقع في الشمال الغربي لأفغانستان، وتوجه إليها ابن جنكيزخان بقواته البشعة، ولم تسلم المدينة من المصير الذي قابلته مدينتا مرو ونيسابور، فقتل فيها كل الرجال، وسبيت كل النساء، وخربت المدينة كلها وأحرقت.. وإن كان أميرها - وكان يُدعى: "ملك خان" - قد استطاع الهروب بفرقة من جيشه في اتجاه غزنة في جنوب أفغانستان!! وهكذا كان الملوك والرؤساء في ذلك الزمن يُوَفَّقُون إلى الهروب، بينما تسقط شعوبهم في براثن التتار!!!..ء


وبسقوط هراة يكون إقليم خراسان قد سقط بكامله في أيدي التتار، ولم يبقوا فيه على مدينة واحدة، وتمت كل هذه الأحداث في عام واحد هو العام السابع عشر بعد ستمائةٍ من الهجرة.. وهذا من أعجب الأمور التي مرت بالأرض على الإطلاق!!!..ء

  Reply With Quote
Old 08-08-2011, 01:09 AM   #13
 
صادق محمد عوض

تاريخ التسجيل: Apr 2010
رقم العضوية : 90
السكن: السعوديه
المشاركات : 2,137
بمعدل : 0.42



صادق محمد عوض is offline
Default

خوارزم هي مركز عائلة خوارزم شاه، وبها تجمع ضخم جداً من المسلمين، وحصونها من أشد حصون المسلمين بأساً وقوة، وهي تقع الآن على الحدود بين أوزبكستان وتركمنستان، وتقع مباشرة على نهر جيحون، وكانت تمثل للمسلمين قيمة اقتصادية واستراتيجية وسياسية كبيرة..

ولأهمية هذه البلدة فقد وجه إليها جنكيزخان أعظم جيوشه وأكبرها، وقد قام هذا الجيش بحصار المدينة لمدة خمسة أشهر كاملة دون أن يستطيع فتحها، فطلبوا المدد من جنكيزخان، فأمدهم بخلق كثير، وزحفوا على البلد زحفاً متتابعاً، وضغطوا عليه من أكثر من موضع حتى استطاعوا أن يحدثوا ثغرة في الأسوار، ثم دخلوا إلى المدينة، ودار قتال رهيب بين التتار والمسلمين، وفني من الفريقين عدد كبير جداً، إلا أن السيطرة الميدانية كانت للتتار، ثم تدفقت جموع جديدة من التتار على المدينة، وحلت الهزيمة الساحقة بالمسلمين، ودار القتل على أشده فيهم، وبدأ المسلمون في الهروب والاختفاء في السراديب والخنادق والديار، فقام التتار بعمل بشع إذ قاموا بهدم سد ضخم كان مبنياً على نهر جيحون، وكان يمنع الماء عن المدينة، وبذلك أطلقوا الماء الغزير على خوارزم، فأغرق المدينة بكاملها.. ودخل الماء في كل السراديب والخنادق والديار، وتهدمت ديار المدينة بفعل الطوفان الهائل، ولم يسلم من المدينة أحد البتة!! فمن نجا من القتل قتل تحت الهدم أو أغرق بالماء، وأصبحت المدينة العظيمة خراباً، وتركها التتار وقد اختفت من على وجه الأرض وأصبح مكانها ماء نهر جيحون، ومن مر على المدينة الضخمة بعد ذلك لا يستطيع أن يرى أثراً لحياة سابقة.. وهذا لم يسمع بمثله في قديم الزمان وحديثه، اللهم ما حدث مع قوم نوح، ونعوذ بالله من الخذلان بعد النصر، ولا حول ولا قوة إلا بالله..

وكانت هذه الأحداث الدامية أيضاً في عام 617 من الهجرة!!..

  Reply With Quote
Old 08-08-2011, 01:10 AM   #14
 
صادق محمد عوض

تاريخ التسجيل: Apr 2010
رقم العضوية : 90
السكن: السعوديه
المشاركات : 2,137
بمعدل : 0.42



صادق محمد عوض is offline
Default

بتدمير إقليمي خراسان وخوارزم يكون التتار قد سيطروا على المناطق الشمالية ومناطق الوسط من دولة خوارزم الكبرى، ووصلوا في تقدمهم إلى الغرب إلى قريب من نهاية هذه الدولة (على حدود العراق)، ولكنهم لم يقتربوا بعد من جنوب دولة خوارزم.. وجنوب دولة خوارزم كانت تحت سيطرة "جلال الدين بن محمد بن خوارزم شاه"، وهو ابن الزعيم الخوارزمي الكبير محمد بن خوارزم، والذي فر منذ شهور قليلة أمام التتار.. وهرب إلى جزيرة ببحر قزوين حيث مات هناك..

وجنوب دولة خوارزم كان يشمل وسط وجنوب أفغانستان وباكستان، وكان يفصل بينه وبين الهند نهر السند، وكان جلال الدين - زعيم الجنوب - يتخذ من مدينة "غزنة" مقراً له (مدينة غزنة في أفغانستان الآن، وتقع على بعد حوالي مائة وخمسين كم جنوب مدينة كابول، وهي مدينة حصينة تقع في وسط جبال باروبا ميزوس الأفغانية)..ء

ولما انتهى جنكيزخان من أمر الزعيم الرئيسي للبلاد "محمد بن خوارزم شاه" وأسقط دولته، بدأ يفكر في غزو وسط أفغانستان وجنوبها لقتال الابن "جلال الدين"، فوجه إلى "غزنة" جيشاً كثيفاً من التتار..

وبالطبع.. كان جلال الدين قد جاءته أخبار الاجتياح التتري الرهيب لمناطق الشمال والوسط من الدولة الخوارزمية، وبلغه ما حدث لأبيه، وكيف مات في جزيرة ببحر قزوين، وأصبح هو الآن الزعيم الشرعي للبلاد، ومن ثم عظمت مسئوليته جدًا, فبدأ يعد العدة لقتال التتار، وجمع جيشاً كبيراً من بلاده، وانضم إليه أحد ملوك الأتراك المسلمين اسمه "سيف الدين بغراق", وكان شجاعاً مقداماً صاحب رأي ومكيدة في الحروب، وكان معه ثلاثون ألف مقاتل، ثم انضم إليه أيضاً ستون ألفاً من الجنود الخوارزمية الذين فروا من المدن المختلفة في وسط وشمال دولة خوارزم بعد سقوطها، كما انضم إليه أيضاً "ملك خان" أمير مدينة هراة بفرقة من جيشه، وذلك بعد أن أسقط جنكيزخان مدينته.. وبذلك بلغ جيش جلال الدين عدداً كبيراً، ثم خرج جلال الدين بجيشه إلى منطقة بجوار مدينة غزنة تدعى "بلق"، وهي منطقة وعرة وسط الجبال العظيمة.. وانتظر جيش التتار في هذا المكان الحصين، ثم جاء جيش التتار!..

دارت بين قوات جلال الدين المتحدة وقوات التتار معركة من أشرس المواقع في هذه المنطقة.. وقاتل المسلمون قتال المستميت.. فهذه أطراف المملكة الخوارزمية، ولو حدثت هزيمة فليس بعدها أملاك لها، وكان لحمية المسلمين وصعوبة الطبيعة الصخرية والجبلية للمنطقة، وكثرة أعداد المسلمين، وشجاعة الفرقة التركية بقيادة سيف الدين بغراق، والقيادة الميدانية لجلال الدين... كان لكل ذلك أثر واضح في ثبات المسلمين أمام جحافل التتار..

واستمرت الموقعة الرهيبة ثلاثة أيام..

ثم أنزل الله عز وجل نصره على المسلمين.. وانهزم التتار للمرة الأولى في بلاد المسلمين!! وكثر فيهم القتل، وفر الباقون منهم إلى ملكهم جنكيزخان، والذي كان يتمركز في "الطالقان" في شمال شرق أفغانستان..

وارتفعت معنويات المسلمين جداً.. فقد وقر في قلوب الكثيرين قبل هذه الموقعة أن التتار لا يهزمون، ولكن ها هو اتحاد الجيوش الإسلامية في غزنة يؤتي ثماره.. لقد اتحدت في هذه الموقعة جيوش جلال الدين، مع بقايا جيوش أبيه محمد بن خوارزم شاه، مع الفرقة التركية بقيادة "سيف الدين بغراق", مع "ملك خان" أمير هراة.. واختار المسلمون مكاناً مناسباً وأخذوا بالأسباب المتاحة.. فكان النصر..

واطمأن جلال الدين إلى جيشه، فأرسل إلى جنكيزخان في الطالقان يدعوه إلى قتال جديد، وشعر جنكيزخان بالقلق لأول مرة، فجهز جيشاً أكبر، وأرسله مع أحد أبنائه لقتال المسلمين، وتجهز الجيش المسلم، والتقى الجيشان في مدينة "كابول" الأفغانية..

ومدينة كابول مدينة إسلامية حصينة تحاط من كل جهاتها تقريباً بالجبال؛ فشمالها جبال هندوكوش الشاهقة، وغربها جبال باروبا ميزوس، وجنوبها وشرقها جبال سليمان..

ودارت موقعة كابول الكبيرة.. وكان القتال عنيفاً جداً.. أشد ضراوة من موقعة غزنة.. وثبت المسلمون، وحققوا نصراً غالياً على التتار، بل وأنقذوا عشرات الآلاف من الأسرى المسلمين من يد التتار.

وفوق ارتفاع المعنويات، وقتل عدد كبير من جنود التتار، وإنقاذ الأسرى المسلمين، فقد أخذ المسلمون غنائم كثيرة نفيسة من جيش التتار، ولكن سبحان الله، بدلاً من أن تكون هذه نعمة على جيش المسلمين، أصبحت هذه الغنائم نقمة شديدة وهلكة محققة!!..ء

روى البخارى ومسلم عن عمرو بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"..فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم"..ء

لقد كانت قلوب المسلمين في هذه الحقبة من الزمان مريضة بمرض الدنيا العضال، إلا ما رحم الله عز وجل.. لقد كانت حروبهم حروبًا مادية قومية.. حروب مصالح وأهواء.. ولم تكن في سبيل الله.. لقد كان انتصارهم مرة وثانية لحب البقاء، والرغبة في الملك، والخوف من الأسر أو القتل.. فكانت لهم جولة أو جولتان.. لكن ظهرت خبايا النفوس عند كثرة الأموال والغنائم..

لقد وقع المسلمون في الفتنة!!..ء

  Reply With Quote
Old 08-08-2011, 01:11 AM   #15
 
صادق محمد عوض

تاريخ التسجيل: Apr 2010
رقم العضوية : 90
السكن: السعوديه
المشاركات : 2,137
بمعدل : 0.42



صادق محمد عوض is offline
Default

عاد التتار إلى إقليم أذربيجان المسلم من جديد، ودخلوا مدينة "مراغة" المسلمة.. ومن عجيب الأمور أن امرأة كانت ترأس هذه المدينة، ولا أدري لماذا أعطى المسلمون زمامهم لامرأة، وخاصةً في هذا التوقيت الحساس؟؟ إلا إذا كانت البلاد قد عدمت الرجال الذين يصلحون للقيادة!!..ء

حاصر التتار مراغة ونصبوا حولها المجانيق، وأخذوا يضربون المدينة من كل مكان.. فخرج أهلها للقتال، فإذا بالتتار يدفعون بالأسارى المسلمين الذين أتوا بهم من بلاد متعددة ليقاتلوا عنهم، والتتار يحتمون بهم، ومن تأخر من الأسارى عن القتال قُتل.. فبدأ الأسارى المسلمون يقاتلون إخوانهم المسلمين في مراغة طمعاً في قليل من الحياة.. وسبحان الله!.. إن كان الموت لا محالة آتٍ؛ فلماذا تقتل إخوانك قبل أن تُقتل؟! ولو انقلب الأسارى على التتار حمية لإخوانهم في مراغة، لكان في ذلك فرصة النجاة لبعض المسلمين.. ولكن ضاعت المفاهيم، وعميت الأبصار ولا حول ولا قوة إلا بالله..ء

دخل التتار مدينة مراغة المسلمة في 4 صفر سنة 618 هجرية، ووضعوا السيف في أهلها، فقتل منهم ما يخرج عن الحد والإحصاء، ونهبوا كل ما صلح لهم وكل ما استطاعوا حمله، أما ما كانوا يعجزون عن حمله فكانوا يحرقونه كله.. ولقد كانوا يأتون بالحرير الثمين كأمثال التلال فيضرمون فيه النار!!..ء

ويذكر ابن الأثير - رحمه الله - أن المرأة من التتار كانت تدخل الدار فتقتل جماعة من أهلها!! وذكر أيضاً أنه قد سمع بنفسه من بعض أهل مراغة أن رجلاً من التتر دخل درباً فيه مائة رجل مسلم، فما زال يقاتلهم واحداً واحداً حتى أفناهم، ولم يمد أحد يده إليه بالسوء..!! ضربت الذلة على الناس، فلا يدفعون عن أنفسهم قليلاً ولا كثيراً، ونعوذ بالله من الخذلان!!..ء

  Reply With Quote
Old 08-08-2011, 01:12 AM   #16
 
صادق محمد عوض

تاريخ التسجيل: Apr 2010
رقم العضوية : 90
السكن: السعوديه
المشاركات : 2,137
بمعدل : 0.42



صادق محمد عوض is offline
Default

بدأ التتار يفكرون في غزو مدينة "أربيل" في شمال العراق، ودب الرعب في مدينة أربيل، وكذلك في مدينة الموصل في غرب أربيل، وفكر بعض أهلها في الجلاء عنها للهروب من طريق التتار، وخشي الخليفة العباسي الناصر لدين الله أن يعدل التتار عن مدينة أربيل لطبيعتها الجبلية, فيتجهون إلى بغداد بدلاً منها، فبدأ يفيق من السبات العميق الذي أصابه في السنوات السابقة، وبدأ يستنفر الناس لملاقاة التتار في أربيل إذا وصلوا إليها.. وأعلنت حالة الاستنفار العام في كل المدن العراقية, وبدأ جيش الخلافة العباسية في التجهز..

تُرى.. كم من الرجال استطاع الخليفة أن يجمع؟

لقد جمع الخليفة العباسي "الناصر لدين الله" ثمانمائة رجل فقط !!ء

ولا أدري كيف سينصر الخليفة دين الله ـ كما يوحي بذلك اسمه ـ بثمانمائة رجل؟!ء

أين الجيش القوي؟! وأين الحماية للخلافة؟! وأين التربية العسكرية؟! وأين الروح الجهادية؟!ء

لم يكن الناصر لدين الله خليفة، وإنما كان "صورة" خليفة.. أو "شبح" خليفة..

ولم يستطع قائد الجيش "مظفر الدين" طبعاً أن يلتقي بالتتار بهذا العدد الهزيل.. ولكن انسحب بالجيش، ومع ذلك - سبحان الله - فقد شعر التتار أن هذه خدعة، وأن هذه هي مقدمة العسكر، فليس من المعقول أن جيش الخلافة العباسية المرهوبة لا يزيد عن ثمانمائة جندي فقط!.. ولذلك قرروا تجنب المعركة وانسحبوا بجيوشهم..

وانسحاب جيوش التتار يحتاج منا إلى وقفة وتحليل.. فقد كان الرعب يملأ التتار من إمكانيات الخلافة العباسية التي كانت ملء سمع وبصر الدنيا، وكانت تزهو على غيرها من الأمم بتاريخ طويل وأمجاد عظيمة، ولا شك أن دولة لقيطة مثل دولة التتار ليس لها على وجه الأرض إلا بضع سنوات ستحسب ألف حساب لدولة هائلة يمتد تاريخها إلى أكثر من خمسمائة سنة؛ ولذا فالتتار كانوا يقدرون إمكانيات العراق بأكثر من الحقيقة بكثير، ومن ثم فقد آثروا ألا يدخلوا مع الخلافة في صدام مباشر، واستبدلوا بذلك ما يُعرف "بحرب الاستنزاف"، وذلك عن طريق توجيه ضربات خاطفة موجعة للعراق، وعن طريق الحصار الطويل المستمر، وأيضاً عن طريق عقد الأحلاف والاتفاقيات مع الدول والإمارات المجاورة لتسهيل الحرب ضد العراق في الوقت المناسب..

لذلك فقد انسحب التتار بإرادتهم ليطول بذلك عمر العراق عدة سنوات أخرى..

  Reply With Quote
Old 08-08-2011, 01:13 AM   #17
 
صادق محمد عوض

تاريخ التسجيل: Apr 2010
رقم العضوية : 90
السكن: السعوديه
المشاركات : 2,137
بمعدل : 0.42



صادق محمد عوض is offline
Default

هما من مدن إيران حالياً، وقد حاصر التتار همذان، ثم دار القتال بعد ذلك مع أهلها بعد أن انقطع عنهم الطعام، ووقعت مقتلة عظيمة في الطرفين، لكن في النهاية انتصر التتار، واجتاحوا البلد، وسفكوا دماء أهلها وأحرقوا ديارها، ثم تجاوزوها إلى أردويل فملكوها وقتلوا من فيها وخربوا وأحرقوا..

واتجه التتار إلى تبريز.. المدينة الإيرانية الكبيرة.. وكان التتار قد رضوا سابقاً بالمال والثياب والدواب من صاحبها المخمور "أوزبك بن البهلوان"، ولم يدخلوها لأنهم جاءوا إليها في الشتاء القارس.. أما الآن وقد تحسن الجو وصفت السماء، فلا مانع من خيانة العهود ونقض المواثيق..

ولكنهم - في طريقهم إلى تبريز - علموا بأمر قد جد على هذه البلدة.. لقد رحل عنها صاحبها المخمور أوزبك بن البهلوان، وتولى قيادة البلاد رجل جديد هو "شمس الدين الطغرائي"، وكان رجلاً مجاهداً يفقه دينه ودنياه، فقام - رحمه الله - يحمس الناس على الجهاد وعلى إعداد القوة.. وقوّى قلوبهم على الامتناع، وحذرهم عاقبة التخاذل والتواني.. وعلمهم ما عرفوه نظرياً ولم يطبقوه عملياً في حياتهم على الإطلاق: علمهم أن الإنسان لا يموت قبل ميعاده أبداً .. وأن رزقه وأجله قد كتبا له قبل أن يولد، وأن المسلمين مهما تنازلوا للتتار فلن يتركوهم, إلا إذا احتمى المسلمون وراء سيوفهم ودروعهم.. أما بغير قوة فلن يُحمى حق على وجه الأرض..

وتحركت الحمية في قلوب أهل تبريز، وقاموا مع قائدهم البار يحصنون بلدهم، ويصلحون الأسوار، ويوسعون في الخندق، ويجهزون السلاح، ويضعون المتاريس، ويرتبون الصفوف.. لقد تجهز القوم - وللمرة الأولى منذ زمن - للجهاد!!..ء

وسمع التتار بأمر المدينة، وبحالة العصيان المدني فيها، وبحالة النفير العام.. سمعوا بدعوة الجهاد، والتجهز للقتال... سمع التتار بكل ذلك، فماذا فعلوا؟

قد يعتقد بعض القراء أن التتار قد غضبوا وأرعدوا وأزبدوا، وغلت الدماء في عروقهم، وعلت أصواتهم، وجمعوا جيوشهم، وعزموا على استئصال المدينة المتهورة..

أبداً - إخواني في الله - إن كل ذلك لم يحدث!!..ء

لقد أخذ التتار قراراً عجيباً!!..ء

لقد قرروا عدم التعرض لتبريز، وعدم الدخول في قتال مع قوم قد رفعوا راية الجهاد في سبيل الله..!! لقد ألقى الله الرعب في قلوب التتار ـ على كثرتهم ـ من أهل تبريز - على قلتهم - ..

لقد نُصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرعب مسيرة شهر، وكذلك ينصر بالرعب كل من سار على طريقه صلى الله عليه وسلم..

لقد فعل الجهاد فعله المتوقع.. بل إن القوم لم يجاهدوا، ولكنهم فقط عقدوا النية الصادقة، وأعدوا الإعداد المستطاع، فتحقق الوعد الرباني ـ الذي لا خلف له ـ وهو وقوع الرهبة في قلوب أعداء الأمة.. وهذا درس لا يُنسى..

"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل؛ ترهبون به عدو الله وعدوكم، وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم، وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوفَّ إليكم وأنتم لا تُظلمون"..ء

فكانت هذه صورة مشرقة في وسط هذا الركام المظلم..

ورحم الله شمس الدين الطغرائي الذي جدد الدين في هذه المدينة المسلمة.. تبريز..

  Reply With Quote
Old 08-08-2011, 01:14 AM   #18
 
صادق محمد عوض

تاريخ التسجيل: Apr 2010
رقم العضوية : 90
السكن: السعوديه
المشاركات : 2,137
بمعدل : 0.42



صادق محمد عوض is offline
Default

هي من مدن إيران حالياً، وللأسف فإنها لم تفعل مثل فعل تبريز، ودخل التتار البلدة في رمضان 618 هجرية، ووضعوا فيها السيف، فلم يبقوا على صغير ولا كبير ولا امرأة، حتى إنهم ـ كما يقول ابن الأثير ـ كانوا يشقون بطون الحبالى ويقتلون الأجنة، وكانوا يرتكبون الفاحشة مع النساء ثم يقتلونهن، ولما فرغوا من البشر في المدينة نهبوا وخربوا وأحرقوا كعادتهم.. ولا حول ولا قوة إلا بالله..

وسار التتار إلى مدينة كنجة المسلمة، وفعل أهلها مثلما فعل أهل تبريز، وفعل التتار معهم مثلما فعلوا مع أهل تبريز..

لقد أعلن أهل كنجة الجهاد وأعدوا العدة المستطاعة، فما دخل تتري واحد مدينتهم، بل تركوها إلى غيرها..

وليس من قبيل المصادفة أن البلاد التي رفعت راية الجهاد وأعدت له هي البلاد التي لم يجرؤ التتار على غزوها.. ليس هذا من قبيل المصادفة أبداً.. إنها سنة من سنن الله عز وجل.. ولو فعلت ذلك كل مدن المسلمين ما استطاع التتار ولا غيرهم أن يطئوا بأقدامهم النجسة أرض المسلمين.. لقد حافظ المسلمون على هذه البلاد سنوات وسنوات.. لا بكثرة الأعداد, ولا بالاتفاقيات والمعاهدات.. إنما حافظوا عليها بجهاد صادق، ودماء زكية، وقلوب طاهرة مخلصة..

وسنة الله لا خلف لها.. إنما الذين يخالفون هم العباد..

والله عز وجل لا يظلم الناس شيئاً، ولكن الناس أنفسهم يظلمون..

  Reply With Quote
Old 08-08-2011, 01:14 AM   #19
 
صادق محمد عوض

تاريخ التسجيل: Apr 2010
رقم العضوية : 90
السكن: السعوديه
المشاركات : 2,137
بمعدل : 0.42



صادق محمد عوض is offline
Default

هما تقعان في شمال أذربيجان على ساحل بحر قزوين من ناحية البحر الغربية، وهما من البلاد المسلمة الواقعة تحت الاحتلال الروسي الآن، ونسأل الله لهما التحرير الكامل، وقد قام التتار كعادتهم بتدمير كل شيء في هذه البلاد، وقتل معظم من وجدوه في طريقهم، وكانت أشد المدن معاناة من التتار هي مدينة شماخي المسلمة (في داغستان الآن)..ء

استمر التتار في صعودهم في اتجاه الشمال، وبعد الانتهاء من الشيشان وصلوا إلى حوض نهر الفولجا الروسي، واستمروا في قتال أهل هذه المناطق، وكانوا جميعاً من النصارى، وأثخنوا فيهم القتل، وارتكبوا معهم من الفظائع ما كانوا يرتكبونه مع المسلمين..


وبذلك انتهت سنة 618 هجرية وقد وصل التتار إلى أرض الروس، وأصبحت كل البلاد ما بين شرق الصين وجنوب غرب روسيا ملكاً لهم..

  Reply With Quote
Old 08-09-2011, 05:13 PM   #20
 
صادق محمد عوض

تاريخ التسجيل: Apr 2010
رقم العضوية : 90
السكن: السعوديه
المشاركات : 2,137
بمعدل : 0.42



صادق محمد عوض is offline
Default

في هذه السنة استمرت العمليات التترية في منطقة أرض الروس، وأكد التتار سيطرتهم على المناطق الإسلامية الشاسعة ما بين الصين والعراق، فثبتوا أقدامهم في كل بقاع الدولة الخوارزمية، وهذا يشمل الآن أسماء الدول الآتية من الشرق إلى الغرب:

1_ ـ كازاخستان..

2_ ـ قيرغيزستان

3_ ـ طاجيكستان..

4_ ـ أوزبكستان..

5_ ـ تركمنستان..

6_ ـ باكستان.. (باستثناء المناطق الجنوبية فيها، والمعروفة بإقليم: كرمان).ء

7_ ـ أفغانستان..

8_ ـ معظم إيران (باستثناء الحدود الغربية لها مع العراق والتي يسكنها الإسماعيلية).ء

9_ ـ أذربيجان..

10_ ـ أرمينيا..

11_ ـ جورجيا..

12_ ـ الجنوب الغربي لروسيا

  Reply With Quote
Reply


Posting Rules
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is On
Smilies are On
[IMG] code is On
HTML code is Off

Forum Jump


All times are GMT. The time now is 01:31 AM.


Copyright ©2000 - 2024, Futeis.com