التقنيات الحديثة ..واثرها علي اداء العبادات

[نضال احمد]

وقبل هذا اليوم كنا نعيش حياة بسيطة (عمل ـ عبادة ـ نوم) وقد يستمع البعض الاخبار من خلال راديو صغير يبذل قصاري جهده من اجل الحفاظ عليه من عبث الصغار والكبار احيانا، اذ كان يشكل الاداة الرئيسية التي تربط مجتمعنا الصغير بالعالم الاخر ومن حين لحين كنا نقوم باخذ الرديو خلسه للاستماع الي المسلسل الاذاعي الذي لا يتعدي ربع الساعة والناظر الينا في ذلك الوقت ونحن نستمع الي مسلسل بطوله مكي سناده او عبدالحكيم الطاهر قد يري فينا عابثين ومهدرين للوقت فقد كان وقت هذا الهراء كثيرا ما يضيع علينا التلاوة بتلك الخلوة الصغيرة عقب صلاة العصر فنتعرض للتوبيخ من شيخها الذي تبدو علي محياه علامة الوقار والتقوي وتبدو سيماه في وجهه من اثر السجود وقد يقصد لفت انتباهنا الي اننا نستبدل الذي هو ادني بالذي هوخير .الي هنا والمجتمع يسير علي ما يرام ينام الناس فيه عقب صلاة العشاء ويستيقظون عندما يتبين الخيط الابيض من الاسود من الفجر وجميعهم موقنون بالمقوله (يا ايد البدري نومي بدري واصحي بدري) .
ثم جاء علي الناس زمان دخل فيه التلفاز حياتهم فتعرفوا علي المسلسلات التي يقارب زمنها الساعة وتعرفوا علي عمر الحريري ومحمود المليجي ولما كان الوقت يتضارب وصلاة العشاء فلم يترددوا في اضاعة هذه الفريضة حتي وفي موسم العبادة (شهر رمضان الذي انزل فيه القران) راينا من يتردد علي المساجد التي تتعجل الصلاة حتي يتثني لهم متابعة هذه الترهات ومنهم من تمادي في السهر فأضاع الفجر واخر تعلق بالافلام فقطع الارحام وقد جسد الشاعر خالد شقوري هذا الوضع في الحاجة مبروكة تلك التي:
خلت سيرة العِشا في الخلوه
وقولة يا ستار يا هادي
وطول ليلا مصاقرا التلفزيون
اصلو مونسا مِلا الرادي
ويقول ايضا :
وينو قياما مع الاذان سهر الليل ما اثر فيها
وينو سلاما للجيران كأنو زمان ما كانو زويها
ثم صرنا بعد ذلك نري النايل سات والعرب سات وصار لاوجود لصلة الارحام حتي في اصغر المجتمعات فقد اصبح الجميع مولعون بمتابعة حلقات المسلسلات والتي ان سألت اخبروك بانها المئة ونيف.
هذا والناظر للحج هذا العام لا ينتظر كثير ا الا ويلاحظ تأثر هذه الفريضة ايضا بالتقنيات الحديثة فالظاهر للعيان ودون عناء منا ان الحجيج يفتقدون للخشوع والرهبه المصاحبه لإداء هذه الفريضة حتي وإذ هم وقوفا بجبل عرفه راينا الكثير منهم يشير بيده الي كاميرا التلفزيون هكذا كانهم يرحبون بمن يشاهدهم واخر انصرف يتحدث بالهاتف المحمول لساعات طوال وذاك يحمل كاميرا رقميه ما ترك ركنا الا واخذ منه صوره وطفق يصور من معه وهم يتضاحكون واخيرا انضم اليهم طالبا من حاج اخر ان يقوم بتصويره مع اقرانه وهكذا نلاحظ الانشغال بما صنع الناس عن رب الناس وصار لصانيعها وزرها ووز من عمل بها الي يوم القيامة.