رحله مغبره

[عوض خضر]

من بعيد تبدو الأشجار كأشكال ليست للإستيعاب والحقول المتراميه تحد المسير من جانب ( والترعه ) من الجانب الآخر والطريق المترب يبدو كسلسله لا متناهيه من المطبات والحفر والغبار يعلق بعمق الحلق فيجعل كل شئ مغبرا الرؤيه المزاج الافكار السائق يبدو مبتسما رغم كل شئ . وأظنني عندما استغني عن مقود الوعي يتبدل وجومي الذي اراه في مرآة السياره الي ابتسامه تشبه ابتسامة السائق

بعض المسافرين الي جوارنا ينفضون بالصحف الغبار عن الثياب البيضاء واظنهم ينفضون مع الغبار بقايا نعاس بعض الفتيات يتضاحكن بصوت خافت

والسياره تزحف نحو الاشجار التي اتضحت رويدا رويدا معالمها

الحقول جرداء تنهشها الشمس في قسوه لم يتبقي فيها شئ غير جذور

الذره المتشبثه بالتربه

ومواشي متباعده تجوس بحثا عن مايسد الرمق

عبرنا ( الكمبو ) الجاثم علي ظهر الترعه الكبيره ومن خلال المساحات الضيقه بين

القطاطي تبينا الاطفال نصف العراة يجوسون بين القطاطي غير مكترثين بالحر اللافح

هاجمتنا بعض الروائح النفاذه في البدايه كانت رائحة قهوه كسلي ولكنها نشطت كلما

اقتربنا من مصدرها ثم رائحة روث محروق ثم رائحة طبيخ علي وشك الإحتراق

تجاوزنا بعض الصبيه كانوا يتدافعون ناحية الترعه لايسترهم شئ

اصواتهم عاليه تطغي علي نهيق بعض الحمير المقيده بين القطاطي

وعند منعطف الترعه الكبيره ونهاية صف القطاطي اطلت فتاة مليحه من داخل احدي

القطاطي ولوحت لنا دون مسوغ وهي تبتسم

ولكنني لاحقا بدات اظن انها لوحت لاحد الذين يشاركوننا الرحله

ثم لاحت قنطره صغيره تبدو غارقه في كثبان من الطمي المستخرج حديثا من الترعه

شجرة نيم عملاقه تسد مدخل القنطره وتحتها عشرات الدجاجات تنقر الارض

دون توقف إمرأه عجوز وقفت تحت الشجره ونظرت إلينا نظره يبدو فيها الكثير

من الترقب كأنها كانت تنتظر احدا

ولكن السياره لم تتوقف حاولت جاهدا أن أحيط بخيبة أملها لكني فشلت

عربة كارو دون حصان متكيه علي الجدول قرب القنطره

ممااستدعي مناوره جعلت السائق المتيبس مع (سفة تمباك ) يفيق

ويسترد تقطيبه فقدها منذ بداية الرحله

خوار أبقار وسوط يفرقع بشده كانت الاصوات التي داهمتنا فور تجاوزنا للقنطره

أغلب الفتيات في السياره استسلمن للنوم واصحاب الثياب البيضاء بدأوا

في كسر حاجز الصمت والحديث عن الموسم الزراعي

وكلهم تقريبا كانوا من قري متجاوره

امرأه تجلس في المقدمه الشلوخ تزين وجهها ومن خلال ثوبها تطل شعرات

شائبات يخالطهن لون عسلي بدأت في التذمر من الحر بصوت مسموع

ولاحت قريه صغيره طينيه حتي النخاع ترجل احد اصحاب الثياب البيضاء

حاملا الصحيفه التي استخدمها طوال الوقت لازالة الغبار وكيس من الورق

تتصاعد منه رائحة نعناع ملحه

انتقلت احدي الفتيات الي مقعد المسافر الشاغر

لتستمر في نومها المتقطع

داخل العربه تتصاعد روائح متداخله هناك رائحة موز يبدو أنه نضج في الطريق

ورائحة عرق خفيفه ورائحة بعض الاحذيه تبدو خانقه احيانا

عبرنا قنطره اخري كانت تبدو كأنها نسخه من سابقتها

غير ان هذه كانت تبدو محاطه باشجار سامقه من السنط

بحثت عن احد يمارس الترقب في مدخلها لكني لم اجد

فنفطت النمط الذي علق بتفكيري

الغبار استمر يشكل عائقا امام التفكير النقي

لاح قطيع أبقار بدأ وكأنه مستنسخ من بقره واحده ذات لون احمر حائل للسواد

حديث هامس تردد بين بعض المسافرين الي جانبي لم احاول تبينه

لكن يبدو انهم كانوا يتهكمون علي الفتيات الغارقات في نومهن

عندما ترجلت قرب الجدول الخلفي الكبير لاحظت ان صف اشجار

النيم مكتظ بالهاربين من حرمنتصف النهار

تسمرت عيناي علي فتاة جالسه قرب بداية الجدول تحت ظلال الكتر

تغسل الثياب وتبادلني النظرات تقدمت نحوها وانخت متاعبي الي جانبها

دون إستئذان .

شكرا علي هذا الجمال...سرد ممتع جدا...وياريت تواصل.

[عوض خضر]

ام رهف الله يديك العافيه حتما ساواصل

[عبده مصطفي إبراهيم]

أخ عوض... كونت مسرح بعبقرية نضجة....أتمني المواصلة
لان الأضان مرخية....للحوارات


يسلم يراعك

[عوض خضر]

المدير العام ازيك ياخوي شنو مقفل القزاز كدا لاهنا لاهناك الله يديك العافيه