ثورة الحيران

[نضال احمد]

محمد الحسن محمد سعيد (حسون)
هو شاعر له قصائد تمتع القارئ أيما امتاع وتؤانسه أيما مؤانسة.. ومن قصائده الطويلة قصيدة (ثورة الحيران).. وتحكي قصة حدثت لحسون ورفاقه عندما كان حوارا في الخلوة ، قبل دخول المدرسة، وحدث أن توفيت والدة مفتش المشروع الزراعي (أحمد بكري) .. وطبعا الحيران لقوها فرصة وخططوا لحضور يوم التالتي للاستمتاع بأكل الفتة في صراية المفتش... ولكن الشيخ فاجأهم بأن جلال المناسبة يستدعي اختيار عدد محدود من الطلبة كبار السن فقط ... هذا القرار كان مفاجأة لصغار الحيران نزل عليهم كالصاعقة ، الأمر الذي جعلهم يعقدون اجتماعا تمخض عن تحدي قرار الشيخ والذهاب لصراية المفتش يوم التالتي..........
في يوم من صباحاً بدري . .
جانا حميدي يجري ويجري . .
يا إبراهيم . . حلالنا . . حلالنا . .
أحمد بكري . . ماتت أمو
والناس في المحطة اتلموا
وقالوا التالتي يوم الجمعة
طبعاً فتّة ! !
مو بي دمعة
***
إبراهيم دليق الشملي . .
إتحزّم هناك و نطّ . .
يوم الجمعة ناكل فتّة أحمد بكري . .
بالرز والرغيف . . مو كسري !
توم حامد سِكِر بالفرحة . .
جيّر لوحو قبّال يمحا
***
أحمد بكري . .
لو دايرين تعرفوا حكايتو . .
بالخير ربّكم يطراهو . .
واحد أفندي . .
منقول للقرير من شندي
كان زولاً كريم واجواد
أكلو رغيف
ولبسو ظريف . .
وكل يوماً قميص بشرايتو
ما بيركب حمار حاشاهو . .
عندو جواد . .
والسايس دوام يبراهو
بيتو اسمنتي مبلوط كلّو
والحوش داك . .
أسكت خلّو
القمّيز داير ما يدور بيضلّو
***
يوم جاهو الخبر بي أمّو . .
والناس في المحطة اتلموا . .
يكشحوا في التراب ويخموا . .
"زايلي الدنيا دي وخرباني"
"زايلي الدنيا زايلي وفاني"
زايلي الدنيا حي حي ووب"
"يا أم أحمد الحبوب"
جانا حميدي مبسوط يجري
يجري ويجري . .
سبحان الله . .
سبحان الله . .
"كل زولاً دوام في همّو"
***
الساعات مشت براحة . . !
ما جات راحة . . !
والشمش اصلو مابي الغيبة !!
عاد واعيبا . .
وا عيبا الشديد . . وا لوما
إيه يعني الفسالي لزوما؟
أصلها هي تقول حاسدانا . .
ما دايرانا
نمشي برانا
للفتة وشمارا وتوما . . !
***
فات يومنا الطويل واتعدّى
وفاض بحر الخميس واتمدى
بس لا بدّ
رغم الموج نعدي نعومو
"يا ود حاج . . "
"يا لحّاق . . "
وكل واحد قلع لهدومو
***
وا جيد لينا . .
اتعدّينا . .
بي غادي و وصلنا الحجرة
وطلّ علينا يوم الجمعة . .
واتلمينا . .
أولاد دفعة . .
وساعة جينا . . جوّه الخلوة . .
شيخنا نهرنا كورك فينا . .
قال "بالله شوفوا البلوة"
"شن كايسين كمان الليلي؟"
"ما عارفنو يوم الجمعة ديمي بطالة؟"
وعليك يا الله . . شدّيت حيلي . .
وجَمَّع كل طرف في حماسي . .
بس يا شيخنا اظنّك ناسي . .
إنو الليلي يوم التالتي
"يا جنا اوع تفلق راسي"
"الطلبة الكبار بس يمشوا"
"الدرديري . . طلحة . . و ودفزع . ."
شوفوا البدع . .
يا شيخنا أماني الليلي سويتلك وجع . .!!
***
وعمّت فوقنا يا زول كَرْسة . .
كرسة شديدة . .
مدّت إيدا
سلّت من قلوبنا الثورة . .
وكانت ديكا أول ثورة للحيران . .
"بس ليه نان؟! . . ليه ما نمشي؟!"
"نحن كمان"
"لازم نمشي . . !!"
"والموت في الجماعات عرْسة . . !!!"
قالا حميدي . . كورك فينا . .
"الخواف ما بنريدو"
"نشيل السيف نقطع إيدو"
الخواف شَدّو شَدّو"
"أحسن بي حناسة تعدو"
***
واتعدينا فوق الدًّقْشِي
ماب نقدر نخالفو حميدي
ويللا بقينا . .
نسكت نمشي
نمشي ونمشي
وقفتنا الأخيرة الأولى . .
في " المنقولة"
واتعدينا فوق الكبري
واتخيّلنا إنو القمري . .
طار فرحان . .
وصفّق لينا . .
بارك ثورة الحيران . .!
***
ما همانا . . يا شًمّاتة . .
لو سلخت رجولنا الباتا
في الصنّاني ديك ماشين
وبعضنا كانوا حفيانين
بس لاكين . .
نحن تملّي أصلو ضكارة . .
ما بي نهاب جهنّم ذاتا . . !!
***
واصلت المسيرة مسارا
وساعة جينا في البيارة . .
كنا خلاص تعبنا . . ودشنا . .
لاكين هًشنا . .
وكتين جاتنا ريحة الكًشنة . .!!
وقلنا كدي ودفرنا الضلفة
وشيخنا زعل وجاتو الرجفة
وطارت من عيونو شرارة
وطارت من كتابو "الغَرْفة"
ما نضم اصلو . . ما قال حاجة . . !!
بس لو شفتو منظر ايدو بي كرباجا . .
كنتوا تعرفوا إيه بكرة الصباح راجينا . .
لاكين في سبيل الفتّة . .
راضين نحن بالموت حتى . . !!
***
وقال كدي جانا أحمد بكري . .
-الله يزيدو رتبة وهيبة-
وينزل أمو منزلة طيبة
رحّب بينا
ونحن كمان سِخِينا . . قرينا بي إخلاص . .
بعضنا سورة "الإخلاص"
والباقين "سبّح" و "قد سمع" و "الناس"
ليك يا والدة أحمد بكري
***
خلاص تمينا
شيلو الفاتحي . .
ربنا يرحم المرحومة . .
وجاتنا الفتة
في صحناً كبير مردومة . .
فايح توما . . !
وكل واحد ختفلو قصير . . !
وطار خوفنا القبيل . . واتحتا
ما همينا . .
تب بالبتّة . .
إيه بكرة الصباح راجينا
لو كانت جهنّم حتى . .
إيه يعني الجلد بالسوط . . !
وإيه يعني الضرب "بالصرمة" . . !
اتحقّق هذف ثورتنا . .
ما دامت طفينا القرمة
***
وكانت ديكا أول ثورة للحيران . .
يشوفا "قريرنا"
مين كان غيرنا
يعلن في الزمن داك ثورة . . ؟؟

كلام جميل ومنمق ومذيد من التقدم

[عبده مصطفي إبراهيم]

وطار خوفنا القبيل . . واتحتا

اجبرته لغتنا الداريجية لإستعمال كلمة طار...ولكني حسيت إنها أخدت جزء من جمال
هذه الجزئية
لان الطيران دايما بكون لي فوق...ولكن طار بلغتنا...قد لا تعني ذلك
"الذول دا محل طار ما عارفو...بمعني ما شايفو ...إختفي"
كلمة "إتحتا"...إعادت التوازن...وهو تعبير عميق
يوحي بالإرتياح عندما يطلع الخوف
هذا ونتمني إن يتحتا الخوف الملصق في جسومنا
وتخرج اللاءات تاني