صديقي أحمد بقلم : حيدر سيداحمد

[عارف عبد الرحمن]

اليوم وهبوب أمشير تهب علينا ، تهمس في آذاننا بتداخل الفصول وشوقها للمواسم . وبعد غيبة طويلة زارني صديقي المجذوب .. المتلاشي في اللانهايات ، يصفه البعض بالمجنون ــ يقولون صديقك المجنون ــ أثماله البالية تحكي رحلتها مع الشمس .. العرق والتراب . وجدته أمامي وأنا علي دائرة البرق ، ذلك الومض .. الأحزان .. الأفراح ونصف المشاهدة .
أسمه أحمد .. يجوب الحواري والرباع .. يبحث عن .. لست أدري ! وفي طريقه اللاهث يعرج عليَ ، يسألني عن أشياء لا أدري كنهها .. لا أجد لها تفسيراً.
كان لا ينتظر أجابة وذلك المفرط داخله ( كان أحمد مرهفاً حساساً ) والأحساس المتضخم بالناتج ، أن كان صفراً فالبحث عن جزء من شئ يشد عضده ، يرفعه لعالم الأرقام أو يرقيه لدنيا المحسوس .
غاب أحمد عني ودوامة الضجيج بين ( الساوندر ) والمفتاح وكومة التلغرافات ... برق في ذهني خاطر وتكَون رسم ..الخاطر كان أشياء مبهمة .. تسطع حيناً . تملأ مجالي بالرسوم والأشكال .. وتغيب حيناً أخر .. تتقلب كصور المرئيات علي باحة السراب ، الاشياء التي تبين ولا تبين . . الرسم كمجموعة الشئ الواحد علي مرآتين متعاكسة الأتجاه عدد ... عددت... لهثت .. رحماك يالله .
الريشة القديرة البديعة ترسم لوحة الحياة .. هذه الالوان المتداخلة في أنتقاء لا متناهي .. هذه الاشكال المتواءمة في قانون فريد ,, سكن البحر .. أبتلعت الأرض الماء .. واقلعت السماء .. الفرحة الكامنة .. ذلك المبهم الذي يوقفنا علي قنطرة التوازن .. ذلك المزيج المترف .. الصور .. الأحاسيس .. المعاملة .. صور الناس المختلفة وأحاسيسهم المتباينة .. كان الدين عند الناس الأسلام ) وكان ( الدين المعاملة) وكان أحمد كل ذلك .
سألت نفسي .. والرسم الكنتوري للخاطر يلح عليَ أن أقف ههنا .

طبول العالم الهدارة .. لا تأس لمن فاتوا
فبعض مساكن تبقي وبعض مساكن تنأي
فتدنيها المسافات .... ( سند )

حيدر سيدأحمد 1982 الأبيض

حاشية :
في العام 2010 أتصل علي أحد الأخوة الأحباء وأفادني أن هناك من يلحف في السؤال عني .. وقال لي أنه في أول لقاء به سيتصل علي لأكلمه وسيتركها مفاجئة .. أسرني أخي بكري بالاتصال وكان فرحاً مستبشراً . وكان أحمد قد جاء وطرق بابهم بحي القبة بالابيض وهو الذي يسكن في أحياء بعيدة في أطراف المدينة . طلب مني أحمد أن أراه بالأبيض فوعدته ذلك ، وطلب حبوب ملاريا وجلابية . واخبرته أن الذي يقف أمامه سأكلمه بذلك ، وكان الاخ بكري يسمع وقبل أن أكمل المحادثة كانت حبوب الملاريا والجلابية في يده . قهقهة عالياً فرحاً وكان أحمد كما هو .