|
03-28-2010, 10:40 AM | #1 | ||||||||||||
مشرف المنتديات الأدبية
|
أمير الشعراء / أحمد شوقي
قصيدة رائعة في مدح الرسول (ص) لأمير الشعراء أحمد شوقي سلُـوا قلبـي غـداةَ سلا وثابـا **لعـلَّ علـى الجمـالِ لـه عِتابـا ويُسْأَلُ فِي الحـوادثِ ذو صـوابٍ **فَهَلْ تَرَكَ الْجمـالُ لـه صوابـا ؟ وكنتُ إذا سأَلـتُ القلـبَ يومـاً **تولَّى الدمـعُ عن قلبـي الجوابـا ولـي بيـن الضلـوع دمٌ ولحـمٌ **هما الواهي الـذي ثكِـلَ الشبابـا تَسَرَّبَ فِي الدموعِ ، فقلتُ ولَّـى **وصَفَّقَ فِي الضلوعِ ، فقلتُ : ثابـا ولوْ خُلِقَتْ قلـوبٌ مِـنْ حديـد **لـما حَمَلَتْ كما حَمـل العذابـا وأَحْبـابٍ سُقيـتُ بِهِـمْ سُلافـاً **وكان الوصْلُ مِـنْ قِصَـرٍ حَبابـا ونادَمْنا الشبـابَ علـى بِسـاطٍ **مـن اللـذاتِ مُخْتلـفٍ شرابـا وكُلُّ بساطِ عَيْشٍ سَـوْف يُطـوى **وإن طـال الزمـانُ بِـهِ وطابـا كـأَنَّ الْقَلْـبَ بَعْدهُـمُ غريـبٌ **إذا عادَتْـه ذِكْـرى الأهـلِ ذابـا ولا يُنْبِيـكَ عـن خُلُـقِ الليالـي **كمن فَقَـد الأَحِبَّـةَ والصِّحابـا أَخا الدنيـا ، أرى دنيـاك أَفعـى **تُبـدِّل كـلَّ آونـةٍ إهـابــا وأَنَّ الرُّقْـطَ أَيْقَـظُ هاجـعـاتٍ **وأتْرَعُ فِي ظـلالِ السلـم نـابـا ومِنْ عَجَـبٍ تُشيِّـبُ عاشِقيـها **وتُفْنِيهمْ ، ومـا بَرِحَـتْ كَعَابـا فَمَـنْ يغْتَـرُّ بالـدنيـا فـإِنِّـي **لبسـتُ بـها فأَبليـتُ الثيـابـا لها ضَحِـكُ القِيـانِ إلـى غَبـيٍّ **ولِي ضحـكُ اللبيـبِ إذا تغابـى جنيتُ برَوْضِهـا ورداً ، وشوكـاً **وذقتُ بكأْسِهـا شُهْـداً، وصابـا فلمْ أر غيـرَ حُكْـمِ الله حُكْمـاً **ولـم أَر دون بـابِ الله بـابــا ولا عظَّمْـتُ فِـي الأَشـيـاءِ إلاّ **صحيـحَ الْعِلْـم ، والأَدبَ اللُّبابـا ولا كَـرّمْـتُ إلاّ وجْـهَ حُــرٍّ **يُقلِّـد قَوْمَـه الْمِنـنَ الرَّغـابـا ولـم أَر مثـلَ جـمعِ المـالِ داءً **ولا مِثْـلَ البخيـلِ بـه مُصـابـا فـلا تَقْتُلْـك شهوتُـه ، وزِنْهـا **كمـا تَـزِنُ الطعـامَ أو الشرابـا وخُـذْ لبنيـكَ والأيـامِ ذُخـراً **وأَعْـطِ الله حِصَّتَـه احتسـابـا فلـوْ طالعْـتَ أَحْـداثَ الليالـي **وجـدْتَ الْفَقْـرَ أَقرَبَهـا انتِيابـا وأَن البِـرَّ خيـرٌ فِـي حـيـاةٍ **وأَبقـى بَعْـدَ صـاحبِـه ثوابـا وأَن الـشـرَّ يصـدعُ فاعِليــه **ولـم أَرَ خـيِّـراً بالـشَّـرِّ آبـا فَـرِفقـاً بالبنيـن إذا الليـالـي **على الأَعقـابِ أوْقَعَـتِ العِقابـا ولمْ يَتَقَلَّـدوا شُكْـرَ الـيتـامـى **ولا ادَّرعـوا الدعـاءَ المستجابـا عَجِبْتُ لِمَعْشَـرٍ صلُّـوا وصامـوا **عواهـرَ، خشْيـةً وتُقَـى كِذابـا وتُلْفيهمْ حِيـالَ الـمـالِ صُمًّـا **إذا داعـي الزكـاةِ بِهـمْ أَهابـا لَقَـدْ كَتَمُـوا نصيـبَ الله منْـهُ **كـأَنَّ الله لَـمْ يُحْـصِ النِّصابـا ومَنْ يَعْـدِلْ بـحُـبِّ الله شيئـاً **كحبِّ المالِ ، ضَلَّ هـوىً وخابـا أَراد الله بـالـفـقـراءِ بِـــرّاً **وبالأَيِـتـام حُـبًّـا وارْتبـابـا فـرُبَّ صغيـرِ قَـوْمٍ علَّـمـوه **سَمَا وحَمى الـمُسَوَّمَـةَ العِرابـا وكـانَ لِقَوْمِـهِ نَفْعـاً وفَـخْـراً **وَلَـوْ تركـوه كـان أذىً وعابـا فعلِّمْ ما اسَتَطعْـت، لَعَـلَّ جيـلاً **سَيَأْتـي يُحْدِثُ العَجَبَ العُجابـا ولا تُرْهِقْ شبـابَ الـحيِّ يأْسـاً **فَـإِنَّ اليـأْسَ يـخْتَـرِمُ الشَّبابـا يريـد الخالـقُ الـرزقَ اشتراكـاً **وإن يكُ خـصَّ أَقوامـاً وحابـى فما حَـرَمَ الْمُجِـدَّ جَنَـى يديـه **ولا نَسِـيَ الشقـيَّ ، ولا المُصابـا ولـولا الْبُخْـلُ لم يَهْلِـكْ فريـقٌ **علـى الأقـدارِ تلْقاهُـمْ غِضابـا تَعِبْـتُ بأَهْلِـه لَوْمـاً ، وقبلـي **دُعاةُ البِـرِّ قـد سئمـوا الخطابـا ولوْ أَنـي خطبْـتُ علـى جَمَـادٍ **فَجَـرْتُ بـه الينابيـعَ العِـذابـا أَلمْ تَـرَ للهـواءِ جـرى فأَفْضـى **إلى الأَكواخِ ، واخْتَـرَقَ الْقِبابـا ؟ وأَنَّ الشَّمْسَ فِي الآفـاق تَغشـى **حِمى كِسْرَى ، كما تغشى اليبابا ؟ وأَن الـماءَ تـروى الأُسْـدُ منـهُ **ويَشفي مِـنْ تَلَعْلُعِـها الكلابـا ؟ وسَـوّى الله بَيْنَكُـمُ الـمنـايـا **ووسَّدَكُـمْ مَـعَ الرسْـلِ التُّرابـا وأَرْسَـلَ عائـلاً مِنْكُـمْ يتيمـاً **دنا مِنْ ذي الجَـلالِ فكـانَ قابـا نبـيُّ البـرِّ ، بَيَّنَـهُ سـبـيـلاً **وَسَنَّ خِلالَـه ، وهَـدى الشِّعابـا تَفَرَّقَ بعْـدَ عيسـى النـاسُ فيـه **فَلَمَّـا جـاءَ كـان لَهُـمْ مَتابـا وشافي النفسِ مِـنْ نزَعـاتِ شَـرٍّ **كشـافٍ مِـنْ طبائعهـا الذئابـا وكـان بيـانُـه للهـدْيِ سُبْـلاً **وكـانَـتْ خَيْلُـه لِلْحَـقِّ غابـا وعَلَّمنا بنـاءَ الـمجْـدِ ، حتَّـى **أَخَـذْنـا إِمْـرَةَ الأرْضِ اغتصابـا وما نَيـلُ الـمَطالِـب بالتَّمنـي **ولكـن تُؤخَـذُ الدّنيـا غِـلابـا وما استعصى علـى قـومٍ منـالٌ **إذا الإقـدامُ كـان لَهُـمْ رِكابـا تجلَّى مولـدُ الـهادي ، وعمَّـتْ **بشـائـرهُ البـواديَ والقِصـابـا وأَسْدَتْ لِلْبـرَّيـةِ بِنْـتُ وَهْـبٍ **يـداً بيضـاءَ ، طوّقـتِ الرِّقابـا لقـدْ وَضَعَتْـه وهّاجـاً ، مُنيـراً **كما تلـدُ السمـاواتُ الشِّهابـا فَقَامَ علـى سمـاءِ الْبيْـتِ نـوراً **يُضـيءُ جبـالَ مكَّـةَ والنقابـا وضاعت يَثْرِبُ الفيحـاءُ مِسْكـاً **وفـاحَ الـقـاعُ أَرجـاءً وطابـا أَبا الزَّهْراءِ ، قدْ جـاوزتُ قـدري **بِمدْحِكَ ، بيْـدَ أنَّ لِـيَ انْتِسابـا فمـا عَـرَفَ الْبَلاَغَـةَ ذو بيـانٍ **إذا لـم يَتَّـخِـذْكَ لـه كِتـابـا مَدَحْتُ المالكينَ ، فَـزِدْتُ قَـدْراً **فحين مَدَحْتُكَ اقْتَـدْتُ السَّحابـا سـأَلـتُ الله فِـي أبنـاء دينـي **فإن تَكُـنِ الْوَسيلـةَ لـي أَجابـا وما لِلْمُسْلِمِيـن سِـواكَ حِصْـنٌ **إذا مـا الضـرُّ مسَّهُـمُ ونـابـا كأَنَّ النَّحْسَ حيـن جرى عَلَيْهِـمْ **أَطـار بكـلِّ مَمْلَكَـةٍ غُـرابـا ولوْ حفظـوا سبيلَكَ كـان نُـوراً **وكان مِنَ النُحوسِ لَهُـمْ حِجابـا بنيْتَ لَهُـمْ مِنَ الأخـلاقِ رُكنـاً **فخانوا الركْنَ ، فانْهَـدَمَ اضطرابـا وكـانَ جَنـابُهُـمْ فيهـا مَهِيبـاً **ولَلأخـلاقُ أَجـدرُ أن تُهـابـا فلوْلاهـا لسـاوى الليـثُ ذئبـاً **وساوى الصـارِمُ الْماضـي قِرابـا فـإنْ قُرنَـتْ مَكارِمُهـا بِعِلْـمٍ **تَذَلَّلـتِ العُـلاَ بِهِمَـا صِعَـابـا وفِي هذا الزمـانِ مَسيـحُ عِلْـمٍ **يَرُدُّ علـى بنـي الأُمَـمِ الشبابـا
|
||||||||||||
|
|
|