Go Back   منتديات قرية فطيس > الأقــســــام الــعـــامــة > منتدي الاخبار العامة والسياسة
FAQ Community Calendar Today's Posts Search

Reply
 
Thread Tools Display Modes
Old 02-22-2010, 10:48 AM   #1
 
عوض خضر

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 4
المشاركات : 2,897
بمعدل : 0.56



عوض خضر is offline
Default براقش الافريقيه 2

لقد تناول المفكر حازم صاغية، في مقال بجريدة (الحياة اللندنيَّة)، بتاريخ 15/12/2009م، ظاهرة (طالبان)، والحرب في أفغانستان، فخلص إلى أن ما أسماه "نقص الاستعمار"، لا "الاستعمار"، هو العامل الأوَّل لتأزُّم أفغانستان المزمن! واستصحاباً لهذا الاستنتاج يمكننا أن نقول، أيضاً، إن تعثر نهضتنا يعود، في ما يعود، إلى أن (جرعتنا) من (الاستعمار) كانت (مخففة) جداً! وحتى لا نلقي بكلّ اللوم في ما نحن فيه من غشاوة وبداوة على المستعمر، كعادتنا، ألا ترى، أخي الكريم، بأنه كان حريَّاً باليسار أن يضطلع بدور أكبر ممَّا اضطلع به، على صعيد (تنوير) المجتمع السوداني، وحفزه على الأخذ بمفاهيم (الحداثة) وأساليبها؟! أعتقد أن ما أقعد اليسار عن القيام بهذا الدور هو (تركيزه) المبالغ فيه على (السّياسة)، و(إهماله) الجوانب الفلسفيَّة والثقافيَّة، وبالتالي (عدم تمكنه) من (التمييز) بين (الحضارة الغربيَّة) التي أتى من رحمها، و(سياسات) و(ممارسات) الدُّول (الرأسماليَّة) الكبرى، إلى جانب تبنيه لشعارات غير مدروسة وممجوجة!
(2) تمييزك، عند تناولك لـ (المهديَّة)، بين مرحلتي (الدَّعوة) و(الدَّولة)، كان إضافة حقيقيَّة تستحق عليها الثناء، كما كنت دقيقاً وموضوعيَّاً عند تحديدك للعوامل التي دفعت بالخليفة عبد الله للاستعانة بأهله لتثبيت حكمه. لكن ألا ترى، أيضاً، أننا في حاجة إلى مراجعة موضوعيَّة شاملة لـ (المهديَّة) كي نغذي عقول أبنائنا بالحقائق، لا بالأساطير؟! فمثلاً هل كان لنتاج (المهديَّة) النهائي قيمة إضافيَّة إيجابيَّة على مسار نهضتنا، أم انعكاسات سلبيَّة عليه؟!
(3) أشرت إلى أن (المبادرة) الأولى بالتصدّي للاستعمار، عقب كرري، أتت من شيوخ الخلاوي، لا من مؤتمر الخرّيجين. هذا بالطبع صحيح ومثبت. وفي اعتقادنا أن مناهضة المستعمر مهمَّة وواجبة. غير أن الأهمَّ هو (المشروع البديل) للمستعمر؛ فهل كان مشروع هؤلاء الشّيوخ هو (دولة الفونج) أم (دولة التعايشي)؟! إن (الطائفيَّة) من الأسباب الرئيسة لتعثر نهضتنا. و(الصوفيَّة)، في أبهى صورها الفكريَّة، ما هي إلا فلسفة زهد وتواكل. وبالتالي، فإنها ضدَّ الحياة والتقدم؛ وهذا ليس بقول (مستشرق) ولا قول (متغرّب)، وإنما قول العديد من علماء الإسلام المستنيرين، كأستاذنا الجليل أحمد أمين في إسلاميَّاته. وتتسم (صوفيَّتنا)، إلى جانب ذلك، بأنها (تقليديَّة مسطحة) فكريَّاً، وتؤمن بـ (الدجل والشعوذة). ومناهضة فئاتنا المثقفة لـ (الطائفيَّة) جاءت فاترة ومتقطعة. فالاتحاديون ناكفوا الطائفيَّة لفترة قصيرة، ولعوامل سياسية مؤقتة، ثمَّ عادوا إليها تائبين ومتحالفين! أما الحركة الإسلاميَّة فقد ناهضت الطائفيَّة بقوة، في مرحلة (الدعوة)، لكنها، في مرحلة (التكوين)، خضعت لها، تماماً، واندمجت فيها، بالمصاهرة، واستمالة رجال الطائفيَّة بالمال والجَّاه والسلطان، فغدت الحركة الإسلاميَّة (الطائفة القابضة)، على وزن (الشركة القابضة)، لكلّ (الطوائف الصوفيَّة)؛ فاستفحل الجَّهل، واستشرى الدَّجل والشعوذة، وغدا كتاب ود ضيف الله مرجعنا الأول والأخير!
ما العمل إذن؟! إن صمتنا الطويل والمذل قد أضاع البلد. وتكاسُلنا القبيح عن البحث الجَّاد عن السبل الكفيلة بتحقيق (نهضة) البلاد، و(تنوير) أهلنا، قد أفقدنا الأمل في النجاة من الحالة الظلاميَّة التي نعايشها اليوم. إن العمل السّياسي، وحده، غير كاف لتحقيق من نصبو إليه من (نهضة) و(تنوير)، بل إن كفاءة العمل السياسي، على هذا الصعيد، تعتمد على مدى ارتكازه على قاعدة صلبة ومتماسكة من الفكر المتقدم المستنير. وفي اعتقادي أننا، في هذه المرحلة، في أمَسّ الحاجة إلى تجميع كل فئاتنا المؤمنة بضرورة العمل على إحداث (النهضة)، ونبذ اختلافاتنا الهامشيَّة التي أضعنا فيها الكثير من الوقت والجَّهد، والتركيز على مناهضة الطائفيَّة، والأفكار الظلاميَّة، ونشر العقلانيَّة والعلمانيَّة بكل السبل. فيا مثقفي السودان اتحدوا من أجل (نهضته)! ولك كلُّ الودّ والاحترام]!
إنتهت رسالة محمود، فهل من مناقش؟

الأربعاء
درجتُ، كلما تكاثفت عليَّ، أحياناً، هموم الاشتباك مع القضايا الثقافيَّة الشائكة، أو بلغ بي الضَّجر مبلغاً يسدُّ النفس، بالمرَّةً، عن مواصلة غمس الأصابع العشرة في عصيد السّياسة اللبيك، على اللواذ بالتراث الإنساني، ألتمس في حكاياته شيئاً من متعة التفكه الذكي، وسلاسة الحكمة القديمة، وبراعة التراكيب اللغويَّة الشَّائقة.
ظهر اليوم انتابتني حالة كهذي، فوجدتني أستجير، تلقائيَّاً، (ببخلاء الجَّاحظ)، حيث يحدّث أبو عثمان عن رجل بلغ في البُخل غايته، فكان إذا صار في يده الدَّرهم ناجاه قائلاً: كم من أرض قطعت! وكم من كيس فارقت! وكم من خامل رفعت! ومن رفيع أخملت! ثم يلقيه في كيسه قائلاً: أسكن على اسم الله في مكان لا تهان ولا تذلُّ فيه، ولا تزعج منه، ولم يدخل فيه درهم وخرج منه قط! وحدَث أن ألحَّ عليه أهله، مرَّة، في شهوة، وأكثروا عليه في إنفاق درهم، فدافعهم ما أمكنه ذلك. ثمَّ، إذ غلبوه، حمل درهماً واحداً فقط، وتوجَّه إلى السُّوق. لكنه رأى، في طريقه، حوَّاء (حاوياً) أرسل على نفسه أفعى لدرهم يكسبه. فقال في نفسه: أأتلف شيئاً تبذل فيه النفس بأكلة أو شربة؟! والله ما هذا إلا موعظة لي من الله! ورجع إلى أهله، وردَّ الدَّرهم إلى كيسه! وهكذا كان أهله منه في بلاء، ويتمنون موته. فلمَّا مات، وظنُّوا أنهم قد استراحوا منه، قدم ابنه، واستولى على ماله وداره. ثم سأل: ما كان طعام أبى، فإن أكثر الفساد إنما يكون في الطعام؟! قالوا: كان يأتدم بجُبنة عنده. قال: أرونيها. فإذا فيها حزٌّ كالجَّدول! فسأل: ما هذه الحفرة؟! قالوا: كان لا يقطع الجُّبنة، وإنما يمسح على ظهرها بالخبز، فيحفر كما ترى! قال: فبهذا أهلكني، وبهذا أقعدني هذا المقعد، لو علمت ما صليت عليه! قالوا: فأنت كيف تريد أن تصنع؟! قال: أضعها بعيداً، وأشير إليها بالخبز!

الخميس
جلست إلى (قناة الشروق)، مساء 13/2/2010م، أتابع خطاب المشير البشير في تدشين حملته الانتخابيَّة باستاد الهلال، حيث قال، بعد أن حمد الله وأثنى عليه: "نحن لا نعمل ليوم إعلان نتائج الانتخابات، وإنما ليوم الحساب"، وشدَّد على أن مسئوليَّة الحكم "في الدنيا أمانة، وفي الآخرة خزي وندامة".
أحسست، لحظتها، بالرَّعدة تسري في أوصالي، حين خطر لي أن جثة الطالب محمد عبد الله موسى بحر الدين، كانت، في ذات تلك الساعة، قابعة، ما تزال، بالمشرحة، بعد أن اختطفه (مجهولون!) من كليَّة التربية بجامعة الخرطوم، وقتلوه، بدم بارد، ثمَّ ألقوا بجثته، وعليها آثار التعذيب، في العراء، وأن الجّهات الأمنيَّة تحول دون حصول أهله على تقرير المشرحة، وأن قوَّات كبيرة من الأمن أعدَّت لتطويق موكب جنازته، بل ولفرض دفنه في مكان مخالف لرغبة أسرته!
بعدها بأيام قلائل طالعت أطرف ما يمكن للمرء أن يطالع من تعبيرات د. نافع علي نافع، نائب رئيس المؤتمر الوطني، ضمن الخطاب الذي ألقاه باستاد الدامر، في 17/2/2010م، تدشيناً للحملة الانتخابيَّة لحزبه الحاكم منذ ما يربو على العشرين سنة، إذ قال، بملء فيه: "البجرّب المجرَّب .. ندمان!" (الأحداث، 18/2/10).
هذه المنابر الانتخابيَّة المنفصلة، والتي تلقى الخطابات من فوقها كيفما اتفق، تشبه عندي، تماماً، مسابقة لإطلاق الرصاص على الهواء، فحيثما سدَّدت أصبت! فلماذا لا يُنظم منبر (مناظرة) واحد بين المرشَّحين للرئاسة، على الأقل، فيتصدُّون لمناقشة المواقف الانتخابيَّة لبعضهم البعض، بالاستناد إلى الحقائق الموثقة، والأرقام الثابتة، ومن منطلق الاحترام التامّ لعقول الناخبين، وفق الاقتراح المشترك لمدير جامعة الخرطوم وموقع صحيفة سودانايل الإليكترونيَّة، والذي أيَّده السيّد الصادق المهدي (سودانايل، 16/2/10)، بدلاً من هذه الكلمات المجَّانيَّة التي يريد أصحابها أن يُحمدوا بما لم يفعلوا، ويُتهم فيها الخصوم بـ "المياعة!"، و"الخيانة الوطنيَّة!"، وترمى خطاباتهم بكونها مجرّد "كلام معسول!"، ومحض "مصبوغة!" لا تصدر إلا عن "متفسّخين!" يقودون السودان "نحو الهلاك!"، أو كما قال د. نافع في عصمائه تلك بدامر المجذوب

  Reply With Quote
Reply


Posting Rules
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is On
Smilies are On
[IMG] code is On
HTML code is Off

Forum Jump


All times are GMT. The time now is 10:51 PM.


Copyright ©2000 - 2024, Futeis.com