عالم المخدرات الخطير..المواد المحظورة

[عارف عبد الرحمن]

هي كل مادة كيميائية أو طبيعية تؤثر في الجهاز العصبي المركزي للإنسان فتحدث له تغيرات في الأداء الوظيفي لأجهزة الجسم، خاصة المخ والحواس وتؤثر كذلك في عواطف الشخص ومشاعره وسلوكه تجاه الآخرين..

من العوامل المؤدية إلى تعاطي المخدرات.

1- اختلال الدور الاجتماعي للفرد..

إن حرمان الفرد من القيام بهذا الدور هو أحد العوامل الحاسمة التي تقف وراء الإدمان على المخدرات فعلى سبيل المثال هناك ظروف اجتماعية متعددة فرضت ضغوطاً كثيرة على إدراك المراهق لدوره الاجتماعي فالتغير السريع في نمط الحياة الاجتماعية والتطور المصاحب لذلك وضع الشباب المراهق أمام موقف صعب تجاه ما هو تقليدي وما هو جديد ومستحدث.

2- ضعف التكوين الأخلاقي والقيمي.

لاشك أن السلوك الانحرافي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالضعف الذي يعتري التكوين العقائدي والقيمي للفرد، وضعف القيم له أثر فعال في الميل إلى الإقبال على تعاطي المخدرات والمسكرات والإدمان عليها، ولذا ينبغي التركيز على عملية التنشئة الاجتماعية والتربوية.. لمواجهة هذه المشكلة الخطيرة..

3- ضعف الضبط الاجتماعي والرقابة الاجتماعية.. وهي من العوامل الخطيرة التي تؤدي إلى تعاطي الشباب للمخدرات والإدمان عليها.. وتعمل على انتشارها.. ولذا ينبغي التأكيد على دور المؤسسات الاجتماعية وفي مقدمتها الأسرة باعتبارها البيئة الأولى التي يتشرب فيها الفرد قيم ومعتقدات وتقاليد المجتمع الذي ينتمي إليه..

4- مرحلة المراهقة: تعتبر هذه المرحلة من المراحل الحرجة في حياة الناشئة والتي تتطلب المزيد من الجهد لمواجهتها بالأساليب التربوية السليمة مع التركيز على دور الأسرة في عملية التنشئة وكذلك دور المجتمع في فهمه لحاجات الشباب الأساسية مع الأخذ في عين الاعتبار التعامل معهم معاملة البالغين لما لها من أهمية كبيرة في حياة المراهق.

5- قضاء وقت الفراغ:

أثبتت بعض الدراسات الميدانية التي أجريت على مرضى الإدمان، أن قضاء الشباب لأوقات الفراغ في أمور لا تعود عليهم بالنفع من الأسباب الرئيسية المؤدية للإدمان وهذا يعني أن عدم القدرة على استغلال أوقات الفراغ وقضائها على النحو الذي يعود بالنفع على الفرد والمجتمع يؤدي في الغالب إلى إتاحة الفرصة أمام الشباب إلى الميل نحو التعاطي للمخدر، ومن هنا يجب العمل على توجيه الشباب نحو استغلال أوقات فراغهم وشغلهم بما يحقق الفائدة لهم ولمجتمعهم وخصوصاً في الإجازات والعطل الصيفية.

6- المشكلات الأسرية: تلعب هذه المشكلة دوراً بالغ الأهمية في إعاقة دور الأسرة في تربية أبنائها وتنشئتهم التنشئة الاجتماعية السليمة ما يؤدي في نهاية الأمر إلى انجرافهم في تيار الانحراف ومنها مما ينشأ من خلاف بين الأبوين على المستوى الشخصي أو الاختلاف بأسلوب التربية الذي يجعل الأبناء في حيرة من أمرهم في من يتبعون كما أن أسلوب التنشئة الذي لا يعرف إلا القسوة والشدة في التعامل مع الأبناء دون التبصر بعواقب هذه القسوة التي تقود الأبناء إلى النفور من آبائهم وأسرهم وتجعلهم قد ينتقمون من ذلك بالوقوع بالخطأ.

وعلى النقيض من ذلك استخدام أسلوب الدلال الزائد والإهمال بحجج واهية مما يجعل الأبناء يتجرؤون على الوقوع بالخطأ نتيجة هذا الضعف أو الإهمال، فهو بعيد عن المحاسبة أو المتابعة، فكلا الأسلوبين يؤديان بالأبناء إلى طرق الانحراف ومنها المخدرات.

فالوسطية بالتعامل معهم والحوار الدائم المتنوع من أنجع الوسائل في تربيتهم، حيث الموازنة بين الشدة دون قسوة، والحوار دون استهتار وتدليل زائد..

وطبعاً كل ما ذكر يصنف تحت عنوان شخصية المدمن التي تساعد على الدخول في عالم المخدر..

وتتصف شخصية الأفراد الذين يصابون بالإدمان بصفات معينة من أهمها الاعتماد على الغير والرغبة في تحقيق ما يريد فوراً وعدم القدرة على تحمل مصاعب الحياة البسيطة وعدم القدرة على التعبير عن الغضب، القلق، التوتر، والانحرافات السلوكية، ويشير كل ذلك إلى أن هذه الشخصيات أكثر، استعداداً للإدمان من الشخصيات الناضجة المتزنة.

والأمر الآخر دور الأمراض النفسية والعقلية تعتبر الإصابة ببعض الأمراض من الأسباب التي تساعد على الإدمان، فالقلق النفسي والاكتئاب ومرض الفصام من العوامل التي تزيد في قابلية الشخص للإصابة بالإدمان.

وأخيراً الأمراض الجسمية، تؤدي الأمراض الجسمية التي تسبب الألم الشديد المتكرر مثل المغص الكلوي وبعض الكسور إلى إدمان المورفين والمسكنات المخدرة الأخرى، إذا ما استمر الشخص في استعمالها بإفراط وبدون إشراف طبي.



المخدرات والموت

إن ظاهرة وفيات المدمنين أصبحت مثار اهتمام العديد من الجهات المختصة بشؤون المخدرات حيث تكون الوفاة نتيجة تعاطي جرعات كبيرة من المخدر أو استعمال خليط من المخدرات الخطرة.

ومن العوامل المهمة في هذا الجانب أن المدمنين يفقدون اهتمامهم بالحياة ويكونون غير مبالين سواء عاشوا أو ماتوا لذا فإن الحياة رخيصة عندهم وأرخص بكثير من ثمن المخدر.

ومن الأمور التي يجب أن توضع في الاعتبار أن بعض الأشخاص المدمنين الذين يخرجون من المصحات العلاجية أو حتى من السجن، يرجعون لتعاطي نفس حجم الجرعة المخدرة التي كانوا يتعاطوها قبل دخولهم هذه الأماكن مما يشكل خطراً كبيراً عليهم قد يؤدي إلى وفاتهم وذلك لأن الجسم قد فقد جزءاً كبيراً من مقدار تحمله للمخدر وبخاصة إذا كانت فترة الإيداع في السجن طويلة وهذا ما يسمى بالسلوك الإدماني وفي اتجاه آخر، فهناك علاقة وطيدة بين المخدرات والانتحار ذلك أن معظم حالات الوفاة التي تحدث بين المتعاطين هي بسبب تعاطي جرعات زائدة من المخدر، كثيراً ما تكون إلا محاولات انتحار كاملة.

وقد يكون دور المخدرات في حالات الانتحار غير مباشر، فأحياناً لا يفكر المدمن في إيذاء نفسه، ولكن تأثير المخدرات على عقله قد يدفعه إلى فعل ذلك وأدل مثال على ذلك، هذا الذي تناول عقار (ال. اس. دي) وبكميات قليلة فانتابته بعض الهلوسة وتخيل أنه كالفراشة ، أي أنه أحد الطيور ويمكنه الطيران، وهكذا وثق في نفسه وقفز من النافذة ليس رغبة في الموت أو حتى التفكير فيه وإنما رغبة في الطيران، إنها الهلوسة والتخيلات التي أحدثها المخدر في عقله.

وهذا يقودنا إلى سبب آخر لوفاة المدمن، يرجع إلى عدم حصوله على المخدر، ما يدفعه إلى البحث عن بديل آخر من أنواع المواد المخدرة التي قد تفتك به.

لا يمكننا ذكر الإدمان ومضاعفاته على الصحة والمجتمع إلا بوجود حل لهذه المشكلة فلا نستطيع ترك المريض المدمن دون علاج دوائي استشفائي ونعتمد فقط على النصح والإرشاد.. لأن جميع أنواع المخدرات تولد لدى أي إنسان طبيعي أو عنده بعض الاضطرابات النفسية والشخصية حالة من التعود على مادة معينة إن كان تأثيرها وأعراض سحبها جسمياً أو نفسياً وهذا يشكل اضطراباً في النواقل العصبية في الدماغ من جهة تأثير هذه النواقل على التغير الذي يحصل في الجملة العصبية المركزية، فينتج عن ذلك سلوك إدماني نتيجة ارتفاع العتبة التحمُّلية لهذا المريض أو ذاك فبالتالي يكون تدبر علاجه أساسياً في المشافي التخصصية، حيث أن السيطرة على الأعراض الانسحابية للإدمان تخضع لبروتوكولات علاجية مطبقة في جميع أنحاء العالم وبمعايير تختلف حسب الإدمانات على المواد المتعددة لذلك يكون الخطوة الأولى للتخلص من عواقب هذه المادة والتوق لها بأن يدخل المريض في إحدى هذه المؤسسات العلاجية لمدة لا تقل عن أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع ويوضع تحت إشراف طبي مع معالجة أي أذيات عضوية نشأت عن التعاطي وطبعاً كل هذا بعد الاستقصاءات والتحاليل المخبرية اللازمة في هذا المجال.

ويكون للباحثين النفسيين والاجتماعيين دور كبير في متابعة التكوين النفسي والاجتماعي لشخصية المريض والوقوف على الثغرات العائلية والتعليمية والاجتماعية ليصار إلى العلاج الموازي للعلاج الدوائي والاتصال مع الأهل لأخذ مصداقية أكثر عن هذا المريض والتاريخ الشخصي والإدماني ليصار إلى برمجة العلاج النفسي السلوكي، الداعم، المعرفي، والجماعي، وهذا يكسب المريض حصانة وثقة بالنفس وتجاوز الطفرات التي كان يعتبرها حافزة له لإدمان بعض المواد وتغييب نفسه عن المشاكل والشدات التي تعترضه حسب ما يعتقد هو وطبعاً هذه كلها تبريرات لا أساس لها ولكن السلوك الإدماني هو الذي يفرض نفسه على هذه الشخصية بالذات ويكون بعد هذا السلوك غير متوازن بمعرفة المخاطر التي يمكن أن تؤدي به إلى طريق الانحراف وتجاوز كل المعايير الأخلاقية والاجتماعية وبذلك يكون كما أسلفنا أن احتجازه لقضايا ضدّ مجتمعية ونعني هنا السجن أو جرعات زائدة تؤدي به إلى الموت أو اضطراب نفسي، ولا يمكن هنا أن يبقى هذا المريض بعد العلاج الدوائي دون متابعة بحياته المستقبلية فالرجوع إلى الحاضنة الأساسية ورفاق السوء والتوق الإدماني يمكن أن يولد عنده انتكاسة تختلف نسبها بدرجة الوعي وحرص الأهل والأصدقاء عليه، فقد استحدثت برامج ومراكز لإعادة التأهيل لهذا المريض بأن يوضع في هذا المركز لفترة لا تقل عن 8-12 أسبوعاً لاستكمال الدعم النفسي والاجتماعي وأيضاً هذه الفترة مناسبة لبعده عن المادة وتوقه لها.

[محمد ابراهيم احمد ابراهيم]

الإدمان على المخدرات

يبدأ بتجربة وينتهي بمأساة





البداية

استنشاق