Go Back   منتديات قرية فطيس > المنتديات الأدبية > المنتدي الأدبي
FAQ Community Calendar Today's Posts Search

Reply
 
Thread Tools Display Modes
Old 04-09-2010, 07:33 PM   #1
 
Amhar

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 24
المشاركات : 409
بمعدل : 0.08



Amhar is offline
Default عالم عباس محمد نور

وثْباً نحو القمم الألف للشاعر/ عالم عباس )

(1)
هذا الجَسَدُ، و هذا الجِسْرُ، وهذا الجوهَرْ.
هذا الجَسَدُ، الجِسْرُ،الأرضُ، الأُنْثَى
المِرْآةُ، المَرْأةْ.
مزرعةُ الله الأولى، قنطَرَةٌ,
تعْبُرُ ما قد كان إلى ما سوف يكونْ
عَقْدُ قرانِ النشعالم عباس محمد نور



حين طُلب أليّ أن أقوم بذلك انتابني رعب حقيقي، أنا الذي كنت أتخفى بالقصيد ، أتدثره، وأندس فيه، أنا الهارب منه إليه، هذا القناع الساحر الرقيق، الذي يستر عريي، ويداري سوءتي، مكنون أسراري، وأمان خوفي، ملاذي عند احتدام الخطوب، كيف أهتك هذا الحجاب وأزيل هذه الطمأنينة الوارفة، وأزعج هذا الأمن السابغ؟
كيف أقف أمام الملأ عارياً، هكذا، وأبدأ في نشر فضائحي، وبوحي، وأكشف ما كنت أداريه وأواريه طيلة كل هذه السنوات؟
ثم قلت لنفسي، وقد بدا أن لا بد مما ليس منه بدٌ، ما الذي يمكن قوله ولم أكن قد قلته في شعري؟ ماذا يمكن أن أضيف؟ لقد تعودت أن أغوص داخل نفسي وانصهر في تنورها الموّار فاستخرج ما استخرج من محار الشعر، بها اللؤلؤ و الأصداف. كنت سعيداً بنصيبي المقسوم نجاحاً وإخفاقاً.لم اليوم أمسك بمبضع الجراح، وابدأ أتعامل مع هذا الكائن الرقيق، كأن لم يك بيني و بينه مودة ورحمة، ونجوى وعواطف، لا تحد؟! كيف أبدأ فيه تشريحاً ووصفاً، أراقبه وأرصد تحولاته، وأحصي أنفاسه، وأعد عثراته، كأنه لم يكن مني؟
كيف وقد عشنا معاً تلك اللحظات المذهلة، لحظات الألم الرائع العجيب، لحظات العذاب؟
إن تجربة ولادة القصيدة منذ تعرفت على الشعر، ليست تجربة مبهجة أبداً، خاصة تلك اللحظات التي تسبق ميلادها. كانت أحياناً كثيرة ما، تحتاج إلى عملية قيصرية حتى يمكن التخلص من عذابها القاسي وميلادها العسير، أحياناً تتم التضحية بالجنين عند لحظات الخيارات الصعبة، حيث كان لا مفر من الاختيار. وكم من المرات رزقنا بالقصائد الخُدَّج، وكم من خديج عاش, وكم من خديج مات؟
لكن لعل المتعة كلها حين تخرج القصيدة من مشيمتها الرقيقة، وتسعى بيننا كائنا حياً، عندئذٍ، كأن لم يكن عذاب وكأن لم يكن من طلق!
عبر هذه العلاقة الغريبة المبهمة، والتي امتدت معي منذ بواكير الصبا ، منتصف الستينات، وأنا بعد في المدرسة الثانوية حين صار الشعر عندي عملاً جاداً، وهماً يومياً، لم أشغل قط نفسي بتعريفه، أعرفه إذا لقيته، وأعرف جيداً ما ليس بشعر. من حسن حظنا أن الجيل الذي سبقنا من الذين نطلق عليهم شعراء الستينات (تجاوزاً) وبعض الذين سبقوهم، في السودان، أخذوا بأيدينا في حفاوة بالغة، وحين كانت تنتابنا الفتوة و الشطط أحياناً، كانوا يسندون تمردنا و يتصدون لبعض أهل المدارس المتزمتة، و الذين وقف عندهم الشعر الحديث عند أحمد شوقي ! كانوا يشجعوننا على جرأتنا، ينظرون بإعجاب و محبة على جرأتنا في اقتحام اللغة، وابتداع التفاعيل، فكانت من تجاريبنا القصائد المدورة، وقصيدة النثر، والأخيلة المارقة ، وتكثيف الصور، وأنماط من المدارس المختلفة، كنا التهمنا ابداع السياب ونازك ، وقرأنا أحمد عبد المعطي حجازي و صلاح عبد الصبور، وقرأنا ترجمات رامبو ولويس أراجون في "إلزا" و "عيون إلزا" و بودلير، وبول ايلوار، وقرانا ت إس إليوت ، وأزرا باوند في لغتهم، وتحمسنا مع نيرودا في (سيف اللهب). احتفاؤنا، كان وما زال بعلي أحمد سعيد(أدونيس) عظيماً، وطربنا لخليل حاوي، وانبهرنا بيوسف الخال، وكان منا الذين يرون الفتح العظيم للشعر في محاولات أنسي الحاج.
كان في الوطن من يكتب شعراً عظيماً مختلفاً تماماً، غاية في الجدة و غاية في الدهشة، كان المجذوب العظيم، وهو في تقديرنا اعظم شعراً من الجواهري، وكان الشاعر محمد عبد الحي يكتب إلياذته الخالدة(العودة إلى سنار) بشعر لم تعرفه العربية من قبل، وكان النور عثمان أبكر يوقظ الوعي الافريقي في الشعر السوداني في(صحو الكلمات المنسية)، وكان المغرد الصيداح محمد المكي ابراهيم في (أمتي) وكان تيراب الشريف الناقي في (نداء المسافة)، وقبلهم كان صلاح احمد ابراهيم في (غابة الآبنوس) و مصطفى سند في (البحر القديم)، كل ديوان و قصيدة من هؤلاء كان فتحاً مبيناً، في الشكل و المضمون، والمهارة و التجديد.
وسط هذه القامات الباسقة نشأنا، وقد كانت الأمة كلها، تعيش عصر الأحلام الكبيرة، آمال الوحدة و القومية العربية، عصر عبد الناصر، كانت القاهرة آنذاك تطبع، وبيروت تنشر، وكانت الخرطوم تقرأ!
منذ تلك الأيام، وقد جرت تحت الجسور مياه كثيرة. الأحلام الكبيرة وئدت، وتفرقت الأمة، وصار الوطن يتآكل كل يوم ، وتداعت الأكلة إلى قصعتها، وحاق بنا ما نحن فيه، فإذا بنا صرنا شعوباً و طوائف، وطرائق قدداً.
أمام الخيبات الكارثية التي انتابتنا، ليس سوى الشعر عندي ما ألوذ به، فمن خلاله غنيت، ونعيت آمالي الموءودة، وصرت أبحث عبره عن طريق الخلاص.
لم يكن من همي، في يوم من الأيام , إصلاح العالم، ولم أبشر بنبوءة. فقط جعلت من الشعر معبراً لخلاصي، خلاصي الذاتي، فأنا إنسان أحب الدنيا، وأحب الآخرة، وأحاول أن أوازن بين الحبين حتى لا أهلك!
كلما امتدت بي التجربة صرت أخاف الشعر، أحبه، و أتهيبه، جربت أشكاله العديدة وطرائق كتابته، أتخذته دريئة، أتقي بها الحراب السامة التي ترشقني بها الحياة في مخاتلاتها العديدة. ولكن الشعر كالبحر، تسكن إليه و تخافه، تعرف سطوته وجبروته، ولا يعطيك من إسراره إلا أقل القليل! تنهل منه ما وسعك ، ولكن ستظل دائم الظمأ، كلما كشف لك عن سرٍ، أخفى عنك ألف سرٍّ وسر.
تجربتي مع الشعر لا اعرف كيف أحدثكم عنها، هي تجربة من ولد الساعة، كيف تطلبون منه أن يحدثكم عن الحياة.
الشعر عندي هو محاولة التناغم مع هذا الكون. وتجربتي معه هو تجربة عصفور يحاول بزقزقته أن يدوزن لحناً ينسجم مع سيمفونية الحياة في تدفقها المنضبط فلا يبدو نشازاً في هذه الأوركسترا العظيمة.
عالم عباس محمد نور



أةِ و الصيْرورَةِ
رُوحِ القُدْسِ النُّورانيِّ
بصلصالِ الحَمَإ المسنونْ.
امتَزَجَا، اخْتَلَجَا،
هاجا، ماجا،
في جوفِ الصَّدَفِ الكَوْنِيِّ،
الحافظِ سِرِّ الله المكنونْ,
سِرّ الله الأعظَمِ,
هذا النورِ الرّعَّاشِ الطينْ!

(2)
يا آدمَ هذا العَصْر،
مِنْ عَرْشِكَ يا جبروتَ المخلوقِ الخالِقِ
يا جبّارَ النَّشْوَةِ,
يا نَزَّاعَ الشَّهْوَةِ,
يا وَقَّادَ الجُرْأةِ,
يا آدمَ هذا العصْر,
مِنْ أضلاعك خَلَقَ اللهُ المرْأةَ.

(3)
هذا جسدي
قنطرةٌ أخْرَى،
شمْسٌ، رِدَّةْ.
رِدَّةُ هذا النورِ إلى الأصلِ الطينْ!
حُمَّى جسدي يشْعِلُ مِقْبَاسَ الرَّعْشةِ
مِنْ حُمَّاكِ و قدْ أخَذَتْكِ الرَّعْدَة,
كان العَرَقُ المُتَقَطِّرُ من نهديكِ
لآلئَ طَلٍّ، تَتَجَمَّعُ مثلَ الدَّمعِ
عَلَى كِمِّ الورْدَةْ.
و النَفَسُ اللاَّهِثُ في إيقاعٍ
يَتَسارَعُ خَفْقاً,
كجناحَيْ رُخٍّ عملاقٍ عجلانْ
يهوي بي لقرارٍ مَثْقوبٍ,
لا قاعَ لَهُ، لا جدرانَ ولا شُطْآنْ.

(4)
يعلو صدرُكِ يرفَعُنِي,
نحو القمَمِ العصماءِ الفاتنةِ الوَحْشَةْ،
اجْثُمُ في قمتِهَا وَحْدِي,
رَبُّ الأربابِ “ زيوسُ “ على جبل الأولمبْ!

(5)
نَحْلَةُ وَلَهِي الجامحِ تَشْتَارُ جَنَاكِ
تَمْتَصُّ رحيقَكِ,
في صَبْرِ النحلِ الظَّامِئِ,
و الواثِقِ بالإمكانْ.
بالصبرِ المُتَمَكِّنِ،
و الممتلِئِ بذاكَ الشيْءِ المُبْهَمِ
و الريَّانْ
صَبْرِ الحُلُمِ النَّافِذِ
و الكامِنِ منذ التكوينِ الأوَّلِ
و المُتَجَذِّرِ في أعماقِ النَّحْلِ
المخْبُوءِ بأرْدانِ الرَّيْحَانْ.

(6)
وعلٌ برّيٌّ ها أنذا أرْعَى مَرْجَكِ
أتَمَرَّغُ في أدْغالِكِ,
حُرّاً أمْضِي في أحراشِكِ
أسْعَى بين النَّحْرِ و بين الصدرْ.
أرْكُضُ بين الصدر وبين الخصرْ.
أصْعُدُ من حيث الخِصْرِ العاري
و إلى حيث النَّحْرِ النادي
أقْتاتُ الرمَّانْ,
الرمَّان المُتَهَدِّلِ بِكْراً,
عنقودَيْنِ رشيقَيْنِ,
عصفورَيْنِ حبيسَيْنِ، طليقَيْن,
يفِرَّانِ، و يرتعِدانِ، و يرتجِفَانْ.
ينتفِضَانِ، يرِفّانِ، يعودانْ,
يفرّانِ بلمسَةِ رفْقٍ حانيَةٍ
مِنْ شفَتَيْ إنسانْ.
أمْتَصُّ رحِيقَك,ِ
أرْشُفُ ريقَكِ,
أتلَمَّظُ شفتيكِ,
لساني ألْفُ لسانٍ و لسانْ.
مغمورٌ بالدهشاتِ،
و مسحورٌ بالصمْتِ،
و منْجَذِبٌ في ملكوتِ الحُسْن،
و مُنْبَهِرٌ بالألوانْ!

(7)
و أنْتِ ترْفُلينَ نحو مضجَعِي،
مليكةً في مِهْرجانْ,
على جبينها تاجٌ مُرَصَّعٌ
لآلئاً من عَرَقٍ، و ألَقٍ،
جُمانْ.
و في يمينها يهْتَزُّ صَوْلَجانْ.
تأوَّدَتْ قامَتُها، غُصَيْنَ بانْ.
بصدرها الباذِخِ و الشامِخِ,
و المُهْتزِّ كِبَراً، تَعَالِياً
وعنفوانْ.
قمقمان، قِمّتانْ.
قمَّةٌ من بَهْرَجٍ و عسجَدٍ,
و قمّةٌ زَبَرْجَدٌ و كهرمانْ.
تَصَنْدَلَ المكانُ من
حضورِها الطاغي,
و مِنْ أريجِ مِسْكِهَا تَعَتَّقَ الزمانْ.
ثَمِلْتُ،
ليس من نبيذِ ثغْرِهَا، و ذُقْتُهُ,
و مِتُّ و احْتَرَقْتُ،
بين خصرها وصدرها ونحرها،
علوْتُ, بَلْ هبَطْتُ، بل علوْتُ,
ثُمَّ طِرْتُ, صِرْتُ
ريشةً، هباءةً، و صخرةً,
و حِمَمَاً تفورُ،
زَبَداً، حديقَةً
صاعِقَةً
بُرْكانْ
عنادِلاً، عناقداً
و "بُرْتُكانْ" !

(
يا أنَّةَ التوَجُّسِ الراهبِ
و التمَنُّعِ الراغبِ
و التمزُّقِ الرهيبْ.
يا آهَةَ الأسى التوّاقِ
و التعلُّقِ الجامحِ
و التوازُنِ العجيبْ.
يا صرخةَ التمرُّدِ المحرومِ
و التوتُّرِ المكظومِ
و التولِّهِ الجديبْ.
أنْتِ على يَدَيَّ طينةٌ عجينةٌ
في مَيْعَةِ الصِّبَا
يلْهُو بها الخزّافُ
في إسماحَةِ الحبيبْ.
في براءة الدَّهشة، صانِعاً دُمْيَتَهُ،
و غافلاً، و ليس ثَمَّ من رقيبْ.
مُنْتَشِياً بها فلا يحسّ غيرَهَا
و غارِقاً جذلانَ في انشغاله الدؤوبْ.
حتى إذا دنا،
ما كَلَّ أو وَنَى,
لكِنَّهُ، إذْ خانَهُ
في الوجد برقُهُ الكذوبْ
هوى، مُجَرَّحاً، منهزماً,
و في الفؤادِ من جراحِهِ
نُدُوبْ!
و في قميصِهِ مِنْ قُبُلٍ
ثُقُوبْ !!

(9)
بهرةٌ و ائتِلاقْ
صُدْفةٌ و اتِّفاقْ
صَوْلةُ الجهرِ في السِّرِّ،
و السرُّ في الجهرِ،
في نغمٍ مُفْعَمٍ، و اتِّساقْ.
حتى إذا ما دنا النحرُ للنحر،
و التأَمَ الثَّغْرُ بالثغر،
و الْتَحَمَ الصدرُ بالصدرِ،
و التصقَ الخصرُ بالخصرِ،
و التفَّتِ الساقُ بالساقْ،
فيا له مِنْ تلاقٍ,
و يا له مِنْ مَساقْ!!



(10)
غاب في وجْدِهِ الضَّارِعِ يغفو،
فمالَهُ مِنْ فَوَاقْ.
و مضى للسماواتِ روحٌ
مُجَنٌَّّح، مشتاقْ.
مُمْتَحَنُ الصبْرِ، يكْبُو,
مُعَذَّبُ التَّوْقِ، يهفُو
سكرانُ، لا يصحو
ومدنِفٌ ما أفاق .
و انْتَهَى حيثُ مُنْتَهَى كُلِّ روحٍ
مُحَرَّراً مِنْ وَثَاقْ.
و على الأرضِ بَعْدُ رمادٌ
و آهةٌ، و شظايا
و بقايا جَسَدٍ واحِدٍ
مِنْ حبيبَيْنِ ما يستفيقانِ
مِنْ ضرامِ العِناقْ !!



عن شاعرنا هذا .........

* عالم عباس محمد نور من مواليد العام 1948


* ولد بمدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور

* تخرج في جامعة ام درمان الإسلامية 1972

* نال جائزة الشعر الاولى للشعراء الشباب 1973

* نال وسام الدولة للآداب والفنون فبراير 1979

* صدرت له الدواوين التالية

_ إيقاعات الزمن الجامح _ مصلحة الثقافة

وزارة الثقافة والأعلام 1974

__ منك المعانى ومنا النشيد 1984

__ أشجار الأسئلة الكبرى _ دارجامعة الخرطوم للنشر


ومن شعـره يقول : في أزوم


أزوم

أزوم يا أزوم

يا شاطئا رسا عليه زورق الغيوم

تسح ما تسح من دموعها الثقال

على ( الحراز ) و( الهشاب ) و( الخروب ) و( السيال)

كأنما الندى عليه باقة من النجوم

على إنتداد ما رأت عيناى من رؤى

والغابة العذراء مثل موكب نــــأى

كأن زرقة السماء ثوب عـــــــر

  Reply With Quote
Old 04-10-2010, 05:08 AM   #2
 
عوض خضر

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 4
المشاركات : 2,897
بمعدل : 0.56



عوض خضر is offline
Default

يا للروعه كأنك علي موعد مع توهج جديد الاّن انت تضيف لمخيلتي رتقا من صنعك لكنه اكمل معرفتي بشكل اكيد بعالم عباس وعالمه الفسيح

  Reply With Quote
Reply


Posting Rules
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is On
Smilies are On
[IMG] code is On
HTML code is Off

Forum Jump


All times are GMT. The time now is 08:10 AM.


Copyright ©2000 - 2024, Futeis.com