Go Back   منتديات قرية فطيس > المنتديات الأدبية > المنتدي الأدبي

Reply
 
Thread Tools Display Modes
Old 08-08-2010, 03:28 AM   #1
 
yasir alkhaliel
زائر

رقم العضوية :
السكن: University Petronas-Malaysia
المشاركات : n/a
بمعدل : 0



Default البئر - محمود درويش

أختار يومًا غائمًا لأمرّ بالبئر القديمة.
ربّما امتلأت سماءً. ربّما فاضت عن المعنى وعن
أمثولة الراعي. سأشرب حفنةً من مائها.
وأقول للموتى حواليها: سلامًا، أيّها الباقون
حول البئر في ماء الفراشة! أرفع الطّيّون
عن حجرٍ: سلامًا أيها الحجر الصغير! لعلّنا
كنّا جناحي طائرٍ ما زال يوجعنا. سلامًا
أيها القمر المحلّق حول صورته التي لن يلتقي
أبدًا بها! وأقول للسّرو: انتبه ممّا يقول
لك الغبار. لعلّنا كنا هنا وتري كمانٍ
في وليمة حارسات اللازورد. لعلّنا كنّا
ذراعي عاشقٍ...
قد كنت أمشي حذو نفسي: كن قويًّا
يا قريني، وارفع الماضي كقرني ماعزٍ
بيديك، واجلس قرب بئرك. ربّما التفتت
إليك أيائل الوادي ... ولاح الصوت -
صوتك- صورةً حجريّةً للحاضر المكسور...
لم أكمل زيارتي القصيرة بعد للنسيان...
لم آخذ معي أدوات قلبي كلّها:
جرسي على ريح الصنوبر
سلّمي قرب السماء
كواكبي حول السطوح
وبحّتي من لسعة الملح القديم...
وقلت للذكرى: سلامًا يا كلام الجدّة العفويّ
يأخذنا إلى أيّامنا البيضاء تحت نعاسها...
واسمي يرنّ كليرة الذّهب القديمة عند
باب البئر. أسمع وحشة الأسلاف بين
الميم والواو السحيقة مثل وادٍ غير ذي
زرعٍ. وأخفي ثعلبي الوديّ. أعرف أنني
سأعود حيًّا، بعد ساعاتٍ، من البئر التي
لم ألق فيها يوسفًا أو خوف إخوته
من الأصداء. كن حذرًا! هنا وضعتك
أمّك قرب باب البئر، وانصرفت إلى تعويذةٍ...
فاصنع بنفسك ما تشاء. صنعت وحدي ما
أشاء: كبرت ليلاً في الحكاية بين أضلاع
المثلّث: مصر، سوريّا، وبابل. ههنا
وحدي كبرت بلا إلهاتٍ الزراعة.
[كنّ يغسلن الحصى في غابة الزيتون. كنّ مبلّلاتٍ بالندى]...
ورأيت أنّي قد سقطت
عليّ من سفر القوافل، قرب أفعى. لم
أجد أحدًا لأكمله سوى شبحي. رمتني
الأرض خارج أرضها، واسمي يرنّ على خطاي
كحذوة الفرس: اقترب ... لأعود من هذا
الفراغ إليك يا جلجامش الأبديّ في اسمك!..
كن أخي! واذهب معي لنصيح بالبئر
القديمة... ربما امتلأت كأنثى بالسماء،
وربّما فاضت عن المعنى وعمّا سوف
يحدث في انتظار ولادتي من بئري الأولى!
سنشرب حفنةً من مائها،
سنقول للموتى حواليها: سلامًا
أيها الأحياء في ماء الفراش،
وأيّها الموتى، سلامًا!

  Reply With Quote
Old 08-08-2010, 05:56 AM   #2
 
عوض خضر

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 4
المشاركات : 2,897
بمعدل : 0.56



عوض خضر is offline
Default

عندما نقرا عمل جديد علينا لمحمود درويش نصاب بالتاكيد بدهشة الاصطدام الاولي

لاسباب عده منها القصيده غالبا تسبح فوق الكثير من التلاطمات

التاريخ الجغرافيه العوده للنصوص المقدسه

استدعاء بعض الامثال المتداوله

جلب الكثير من الكلمات المكتنزه بمعاني تحمل اكثر من طريقه للاثمار

اي نص غالبا ماياتي بالجديد ليكون الناتج من الكلمات المستجلبه للنص ضخما اي الكلمات التي تطرق لاول مره شعرا

القصيده
تراكميه زاخره بمهارات عده منها القدره علي مزج الالوان من القاتم وحتي الاصباح

غالبا مايندس رايه في الصراع في النص احيانا علي استحياء واحيانا اخري يمارس السطوع وهذه غالبا مرتبطه بالمكان والزمان والانفعال وكنهه والحصار الذي مارسه هو علي تدفقه

ولكن المتفق عليه ان نص محمود درويش

نص ملئ بالرموز التي تؤدي غالبا الي اتجاه متعدد الروافد

فنص محمود درويش نص متخم باللغه الرشيقه ولكنه ايضا بارعا جدا في التعامل مع التاريخ المستجلب للنص

كما ان عمق ادراكه للقصص الاستدلالي في الكتب المقدسه

اضفي علي شعره في الفتره الاخيره اسقاطات ذات دلالات فلسفيه غايه في السطوع

  Reply With Quote
Old 08-08-2010, 01:23 PM   #3
 
yasir alkhaliel
زائر

رقم العضوية :
السكن: University Petronas-Malaysia
المشاركات : n/a
بمعدل : 0



Default

شكرا عوض خضر....وانت تغوص في معاني محمود درويش العميقة لتفكك طلاسم اللغة وتعود بمضامين جديدة ومعان جديدة تقودك ألي قراءة النص من جديد وهكذا....هذا هو ثراء محمود درويش حقا

  Reply With Quote
Reply

Thread Tools
Display Modes

Posting Rules
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is On
Smilies are On
[IMG] code is On
HTML code is Off

Forum Jump


All times are GMT. The time now is 08:38 AM.


Copyright ©2000 - 2024, Futeis.com