Go Back   منتديات قرية فطيس > الأقــســــام الــعـــامــة > منتدي الاخبار العامة والسياسة
FAQ Community Calendar Today's Posts Search

 
 
Thread Tools Display Modes
Prev Previous Post   Next Post Next
Old 10-08-2010, 09:36 AM   #1
 
صادق محمد عوض

تاريخ التسجيل: Apr 2010
رقم العضوية : 90
السكن: السعوديه
المشاركات : 2,137
بمعدل : 0.41



صادق محمد عوض is offline
Default العاجز عن ادارة الوحدة، عاجز عن ادارة الانفصال / منقول

ان الملايين من الجنوبيين الذين اجبرتهم الحرب اللعينة التي فرضت عليهم في الجنوب النزوح من ارضهم لم يختاروا كينيا او يوغندا او افريقيا الوسطى ملجأً لهم، بل اختاروا شمال السودان. فسكنوا بين اهله مشاركين في بناء العاصمة في اعمال كثيرة يعجز ابناء الشمال او يانفوا عن العمل فيها. لقد عشت باسرتي في الحاج يوسف من بداية الثمانينيات الى نهايتها، و الحاج يوسف كما يعلم الجميع هي اكثر المناطق التي تعج بالجنوبيين في العاصمة. شئ مهم لاحظته و اعجبني عند الغالبية من الجنوبيين، و هو صدقهم و امانتهم. لم ار و لم اسمع بجنوبي عاكس بنت في الشارع او انتهك عرضا او قفز سورا او تسلل الى بيت احد. و يوم الاثنين الاسود الذي ااعقب مقتل قرنق كنت في السودان بعده بيوم. و بفضول مني بعد ان هدأت الاحوال في اليوم الثالث، زرت اصحابي بالشرطة سائلا عن الذين تسببوا في الحرايق و اعمال الشغب. لقد كانت الاجابة صادمة، و هذا امر يتحاشاه حتى رجال الشرطة و مسؤلو الدولة من النشر،و هو ان الغالبية العظمى من الذين تم احتجازهم من المشبوهين في التورط في اعمال الشغب لم يكونوا من الجنوبيين. و لا احد ينسى في منطقة الفتيحاب و ابوسعد و المهندسين و جنوب ام بدة و هي اكثر المناطق التي شهدت اعمالا من الشغب، ان الآلاف من الذين يحملون السواطير و الفؤوس و السكاكين و هم يمشون زرافات في شارع الدكتورة سلمى يرددون (الليلة يوم الزرقة – الليلة يوم الزرقة)، يعيثون في الارض فسادا، تدميرا لممتلكات الناس و حرقا لسياراتهم و متاجرهم لم يكونوا من الجنوبيين، فام درمان اصلا غير آهلة بالجنوبيين.
شاركني في غرفتي عندما كنت طالبا بجامعة الخرطوم طالب من جنوب السودان اسمه الفريد سوبك. كان مثالا للتواصل و التوادد، و حتى عندما تاتي اجازة آخر العام الدراسي الكبيرة كان الفريد يراسلني من الجنوب. و لما عملت بتشييد مشروع الرهد الزراعي كان زميلي في هذه المنطقة التي سميت وقتها بمنطقة الشدة مهندس مدني جنوبي اسمه قرنق. كان قرنق آية من الاخلاق و التعامل الراقي.
الاهم من ذلك كله ان الجنوبيين الذين لجأوا للخرطوم هربا من جحيم الحرب، جاءوا مستجيرين بنا. و في الوقت الذي هرب فيه معظم شباب الشماليين للخارج بقي الجنوبيون في السودان، يحفرون قواعد البنيات الشامخة و يصبون الخرصانة و يشيدون الطرق و الكباري و القناطر. و اصدقوني القول ان قلت لكم ان جميع منظمات المياه في مشروع الرهد و الكباري و القناطر و سايفون الدندر و طلبات المياه بمينا لم يعمل فيها سوداني غير الجنوبيين.
الذين يطالبون برحيل الجنوبين من الشمال او ذهابهم الى الجحيم اذا اختار الجنوبيون الانفصال لا يعلمون كيف يتعامل القانون الدولي مع هذه المسائل و لا يعلمون مهمات منظمات اللاجئين و حقوق الانسان. لقد سبقتنا دول كثيرة في التشظي. لقد ظل كل شخص في مكانه لحظة الانقسام، فالكل يعلم حتى هذه اللحظات بعض الاسر الكورية منقسمة على قسمين، قسم من العائلة في كوريا الجنوبية و القسم الآخر من العائلة في كوريا الشمالية. و لماذا يذهب الجنوبيون الى الجحيم ؟ اليس بينهم مسلمون؟ لتكن تجربة صرب البوسنة و الالبان و سربينستيا تجربة نتعظ بها لتخرج البلاد الى بر الامان.
من الجانب الآخر، فان الذين يطالبون برحيل الجنوبيين اذا اختاروا الانفصال، يجهلون ايضا الاثر الاقتصادي لمثل هذا النزوح. لان الحديث هنا ليس عن رحيل افراد او مئات من الناس. الحديث هنا عن نزوح امة كاملة. من من الشماليين شارك في حفر اساس بناية او صب الخرصانة فيها او لياستها ا واو ا واو... بعض الصناعات في السودان لا يعمل فيها الا الجنوبيون. دعونا من كل ذلك، و لنسال انفسنا من هو الجنوبي و كيف نحدده؟ ما حكم الجنوبيين المتزوجين من شماليات و يقيمون في الشمال؟ و ما حكم الشماليين المتزوجين من جنوبيات في الشمال او في الجنوب؟ ثم كيف يكون الحال اذا تعامل الجنوبيون بالمثل و قرروا طرد كل الشماليين الموجودين بالجنوب؟ بالجنوب الآن اكثر من مليون شمالي يملكون اكثر من عشرين مليون راس من الابقار. هل نسي الذين يطابون بطرد الجنوبيين من الشمال ذلك؟
في حالة الانفصال ستخرج ملفات كثيرة من يد المؤتمر الوطني، و اولها حق الاقامة و مكانها بالنسبة لكل سوداني سواء كان جنوبي او شمالي. و سوف تفرض الامم المتحدة و مجلس الامن و منظمات الحقوق المدنية و الانسانية رؤاها على حكومة السودان شاءت ام ابت.
في برنامج الدكتور عبد اللطيف البوني (عدد خاص) الذي يقدمه على الفضائية السودانية، خصص حلقة كاملة عن كيف يتعامل الشماليون مع الجنوبيين المقيمين في شمال السودان. حوى برنامجه استطلاع عشوائي للشماليين بالخرطوم بسؤال واحد هو (اذا اختار الجنوبيون في استفتاء التاسع من يناير القادم الانفصال، هل توافق على بقائهم بالشمال؟).
العينات العشوائية التي شملها الاستطلاع، كانت اصحاب محلات تجارية و وبعض المارة في الشوارع و الحدائق و مواقف المواصلات العامة. الملاحظة العجيبة التي لا حظتها ان اصحاب المحلات التجارية كانت اجاباتهم بانهم لن يسمحوا للجنوبيين بالبقاء في شمال السودان و لا بد ان يعودوا من حيث اتوا. و قد كانت اجابات الآخرين انه ليس ما يمنع بقاء الجنوبيين بالشمال و لا يرون مشكلة في بقائهم بيننا. و بالمناسب ارسلت هذه الملاحظة للدكتور عبد اللطيف البوني في بريده الاليكتروني. و بمطالعة البوست الذي افترعه ابني محمود عبد الاله اجد ان اكثر المؤيدين لطرد الجنوبيين ينسجم رايهم مع اصحاب المتاجر الذين ضمهم استطلاع البوني. و لكن اصحاب المتاجر في زمن التمكين لا يمكن ان يكونوا، الاّ من ربائب الانقاذ. و اعتقد ان الكثيرين من رواد المنتدى الذين تصفحوا بوست الابن محمود قد أحسوا بان الذين يعملون على طرد الجنوبيين من الشمال في حال اختيارهم الانفصال من شاكلة اصحاب المتاجر، و هم في الغالب الذين قادوا الحرب الجهادية لاسلمة الجنوب. و لما فشلوا في ذلك تدثروا بثياب القرد الذي فشل في الوصول الى سبائط الموز، فتركها معزيا نفسه بانها حامضة.
لقد وقع الفأس في الرأس. فالحرب التي اعلن البشير انه سيحسمها في عامين عند استيلائه على السلطة، استمرت خمسة عشر عاما. و الاخطر من ذلك و بعد اتفاق نيفاشا، ان يقود الاستفتاء المزمع اجراءه في التاسع من يناير القادم الى انفصال الجنوب، و ان يقود ذلك الانفصال بين دولتين لا يعرف احد الحدود الفاصلة بينهما، الى حرب جديدة اشرس و اقسى من الحروب السابقة. يبدو ان الرئيس البشير بدا يستشعر الخطر مؤخراً، ففي اجتماع مجلس وزرائه الاخير قال، ان اسوأ سيناريو يمكن تصوره هو ان يحدث انفصال الجنوب مع اندلاع الحرب مجدداً. البصيرة ام حمد اضاعت على اهلها جرة و عجلا ببلاهتها، لكن المؤتمر الوطني اضاع على السودان بلدا و ديننا و صلات ممتدة لاواسط افريقيا.
المشهد المأساوي لم يكتمل بعد. لقد فشلت الانقاذ فشلا ذريعا و عندها خمسة اعوام قبل الاستفتاء على حق تقرير المصير للجنوبيين، في ان تجعل الوحدة جاذبة، بل في الاحرى هي عملت كل ما يمكن ان يجعل من الوحدة امراً طاردا. و السؤال المهم الذي يطرح نفسه الآن، هل الانقاذ مؤهلة لادارة البلاد اذا اختار الجنوبيون الانفصال؟ المقدمات توحي بان الفشل الذي لازم الخمسة سنوات التي اعقبت توقيع اتفاقية السلام في نيفاشا، سوف و بالتاكيد سيلازم المؤتمر الوطني بعد الاستفتاء.
كرتي يائس من الجنوب، و مصطفى عثمان اسماعيل يدعو الشباب من الآن للاستعداد للحرب. و كمال عبيد يعلن انه لا خدمات طبية سوف تقدم للجنوبيين اذا اختاروا الانفصال. و جريدة الانتباهة الراعية الرسمية للانفصال عادت للنشر مرة اخرى. لقد قلنا من قبل و لاكثر من مرة ان للانقاذ وجهان و لسانان. للعالم يتكلمون بلسان على عثمان بشكل يبدو اكثر دبلوماسية و قبولا. و لكن حقيقة ما يفعلون او يريدون ان يفعلوه هو ما يعبر عنه كرتي و مصطفى عثمان اسماعيل و قوش.
ماذا يعني السودانيين للنقاذ؟ فما هم الاّ شحاتتين لا يستحقون غير تقطيع الاوصال.

  Reply With Quote
 


Posting Rules
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is On
Smilies are On
[IMG] code is On
HTML code is Off

Forum Jump


All times are GMT. The time now is 02:42 AM.


Copyright ©2000 - 2024, Futeis.com