حاكم الجنوب المنتظر"، إنه نائب رئيس حكومة الجنوب د. رياك مشار،

[ابودباره]

هالة من القدسية تحيط به في الجنوب، البعض يطلق عليه الرجل المختار وأفراد قبيلته يعتقدون فيه "مهديهم" المنتظر، وآخرون يتوجسون من سيطرته على الجنوب، لكن أعداءه ومناصريه في الوقت نفسه يتفقون على إنه قائد أسطورة وله سطوة وتأثير لا يستهان بهما في مجمل الأوضاع الحكومية والاجتماعية أيضاً، إلا أنه يستمد كل هذه القوة من تأثيرات الواقع القبلي في الجنوب بالعودة ثمانين عاما إلى الوراء لمعتقدات تبشر قبيلته (النوير) بأنه "حاكم الجنوب المنتظر"، إنه نائب رئيس حكومة الجنوب د. رياك مشار، تلك المعتقدات القديمة تمثل له سنداً قوياً داخل صفوف الحركة الشعبية لتحرير السودان رغم خلافاته مع عدد من أبرز قياداتها خوفاً من تداعيات إقصائه علي المشهد السياسي المحتقن.



مشار في شوارع جوبا



رأيت خلال زيارتي لجوبا عدداً كبيراً من السيارات تضع صورة مشار سواء على الأبواب الجانبية أو في الخلف، كما كانت صوره أيضا معلقة في عدد من شوارع العاصمة الجنوبية في بعض المناطق على جدران سوق (كونجو كونجو)، وسوق (جوبا)، سألت صاحب إحدي تلك السيارات التي تضع صورته فقال لي "مجوك مدوت" بعربي جوبا: "مشار ده هو البحل مشاكل جنوبيين كلها، وبجيب لينا الاستقلال كان في زول تاني قال نتوحد مع شمال، وأنا خاتي صورته لأنه زول قوي وسيحكم الجنوب ده قريب".



سطوة اليزابيث..!؟



حاولت التقاء مشار أثناء وجودي بجوبا لعشرة أيام إلا أن الرجل كان منشغلاً في الأيام الأولى بالعمل لانجاح الحوار الجنوبي الجنوبي الذي كان يتولي رئاسته وإدارته، حاولت مرة أخرى الذهاب إليه بعد انتهاء المؤتمر لكن طاقم مكتبه كان دائما يعرقل إمكانية إجراء هذا اللقاء، فريق عمله يتكون من طاقم كبير أغلبه من السيدات والمتحكمة الأولى في تحديد أجندة لقاءاته هي مديرة مكتبه سيدة جنوبية من قبيلته تدعي "اليزابيث"يقال إنها صديقة زوجته انجلينا ، يشكو منها كل الراغبين في لقاء مشار، رغم أن الرجل نفسه يجيد التعامل مع الآخرين بحكمة عالية... حدثني أحد كبار الإعلاميين بجوبا أنه قام بتحديد موعد مع مشار شخصيا دون الترتيب له مع طاقم مكتبه، وتحديداً هذه السيدة التي يستغرب الجميع سطوتها على برنامج لقاءاته، وواصل الإعلامي قوله بأنه ذهب ليلتقي بمشار حسب الموعد الذي حدده له، ففوجئ بـ (إليزابيث) ترفض السماح له بالدخول إليه لأنه لم يحدد اللقاء عن طريقها، وأخبرته أنه لن يستطع لقاءها لأن كرت عبوره في يديها.



سر علاقة مشار بالكاردينال..!



ذهبت بحسب لقاء حدده لي (لام شول) أحد العاملين في مكتب مشار، إلا أن لقاء طويل جمعة برجل الاعمال أشرف الكاردينال أحال دون التقائي به إلى جانب (إليزابيث) رغم محاولات سيدة أخري من طاقم مكتبه تدعي سوزان ، اجتماع الرجل كل هذه الفترة برجل الأعمال المثير للجدل ذكرني بحديث سمعته يدور داخل أروقة الحركة الشعبية حول علاقة غامضة بين مشار والكاردينال لم يستطع أحد فك طلاسمها....!.. البعض أيضا كان يقول إن هناك شراكة بينهما، وآخرون يقولون إنه يعطي الكاردينال تسهيلات لمشروعات ينوي بدءها في الجنوب، ورأي ثالث ذهب إلى أن الكاردينال ليس إلا مجرد واجهة يدير من خلالها مشار أمواله في الجنوب بعيداً عن العيون، إلا أن المشهد العام هناك يوضح أن مشار نفسه يفضل التزام الصمت هذه الفترة، وتسود مخاوف من أن يكون صمته هو الهدوء الذي يسبق العاصفة...!؟؟



ملفات على الطاولة



على المستوى السياسي نجد أن مشار ممسك بأهم وأعقد الملفات بحكومة الجنوب ويرأس الآن لجنة الاستفتاء أو ما تسمى بـ (referendum taske force)، وهي اللجنة المعنية بالترتيبات الخاصة لإجراء الاستفتاء، كما أنه مسئول أيضا من قبل حكومة الجنوب بملف اللجنة التنفيذية السياسية العليا المشتركة بين شريكي الحكم المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، ومسئول عن ملف مفاوضات الحكومة اليوغندية مع جيش الرب.

الرجل المختار..!

أما على الصعيد القبلي، فمشار تعتقد فيه قبيلة (النوير) - وهي ثاني أكبر قبيلة في الجنوب بعد قبيلة الدينكا – "أنه حاكم الجنوب القادم تحقيقاً لنبوءة قديمة مفادها أن النوير والدينكا ينحدرون من أب واحد، وأن هذا الأب تنبأ قبل مئات الأعوام بسيطرة النوير على الدينكا في نهاية المطاف"، وقد تسببت هذه الأسطورة في معارك دامية بين القبيلتين في الماضي.

ويسود اعتقاد واسع في قبيلة النوير بأن أوان حكمهم لجنوب السودان قد حان؛ استناداً إلى الأسطورة القديمة، حيث تنبأ (نقون دينق) زعيم القبيلة بأن رجلاً منهم سيحكم الجنوب.

ووفق هذه الأسطورة، أخذ المستعمر البريطاني عام 1929 العصا (دانق) التي تخص الكاهن (نقون دينق) بعد ‏أن ألحق الهزيمة بقبيلة النوير، ويعتقد النوير أن عودة عصا كاهنهم من بريطانيا إلى الجنوب مرة أخرى بعد ‏‏80 سنة هي البشارة بعهد الرجل "المختار"، ويعنون به "رياك مشار" الذي استقبل العصا عند عودتها في ‏مطار جوبا مؤخراً، وألقى خطاباً في الآلاف من أبناء قبيلته الذين شهدوا الحدث، لكنه تحاشى أن يذكر تفاصيل الأسطورة حتى لا يدفع بالتوتر بين الجنوبيين، واكتفى بالحديث عن أهمية العصا وفقاً لنافذين في قبيلة النوير، الذين أشاروا إلى أن استقبال مشار للعصا في المطار والحشود التي رتبها لهذا الحدث كانت تشير وبوضوح إلى طموحه الشخصي في قيادة دولة الجنوب، وأن يكون هو رجل الوقت الذي تعنيه الأساطير، لأن شكله العام بحسب ذات المصادر يؤكد أنه المعني لأنه الرجل الذي استقبل العصا ولأن اسنانه بها (فلجة) تم التبشير بها أيضا، وهي كلها صفات تبشر بأنه قائدهم المنتظر بحسب اعتقاداتهم. ورغم أن مشار لم يعلن موقفاً واضحاً من الانتخابات بعد أن تخطاه المكتب السياسي للحركة الشعبية في الترشيحات، ولكنه بالقطع لن يكون صيداً سهلاً، فمشار ذو الميول الانفصالية غير الخفية، معروف عنه أنه لا يترك خصومه ولا يستسلم لهزيمة، فقطعاً انحناؤه أمام عاصفة المكتب السياسي ستعقبه حرب كحرب "إيما".



حرب (إيما)..!



الرجل المولود عام 1952 عاش في شمال السودان، وتخرج في كلية الهندسة بجامعة الخرطوم، ولم يمنعه ذلك من توجيه الانتقاد تلو الانتقاد للشمال العربي الإسلامي، وظل يجاهر بميوله الانفصالية حتى توجه إلى العمل المسلح والتحق بالجيش الشعبي عام 1983، بيد أنه انشق عنه لذات السبب عام 1991، وأسس مع بعض المنشقين على قرنق ما عرف ‏بمجموعة الناصر (نسبة إلى مدينة الناصر). وبحسب كتاب "حرب إيما" الصادر عن دار نشر هاربر كولينز في لندن عام 2003، والذي قامت بكتابته الصحافية الأمريكية "ديبورا إسكروجنز"، عن قصة "إيما ماكون"، الشابة الانجليزية التي أطلق عليها سندريلا (الحرب في جنوب السودان)، زوجة مشار الثانية والتي لقت حتفها في ظروف غامضة، إذ ماتت إثر حادث تصادم مريع في أحد شوارع نيروبي الطرفية عام 1993، إذ اصطدمت حافلة ركاب صغيرة من النوع الذي يطلق عليه الكينيون "الماتاتو" بسيارة إيما ذات الدفع الرباعي، وسحق جسمها تحت سيارتها، وتمتمت لمن حاول إنقاذها بكلمة واحدة: من أربعة أحرف إنجليزية مختصرة بإسم الحركة الشعبية لتحرير السودان. وكانت تلك آخر ما نطقت به إيما ثم فارقت الدنيا بحسب الرواية، وقد أحاطت بالحادث الكثير من الشكوك والريبة، ووقتها كان الصراع محتدما ساخنا بين الرجلين الأول والثاني في الحركة (قرنق ورياك مشار).

ولم يتوان مشار في خوض حرب رهيبة قتل فيها المئات من قواته وقوات الحركة الشعبية، وعرفت تلك الحرب بـ "حرب إيما"، نسبة إلى حبيبته إيما، التي كانت تعمل في منظمة إغاثية، وكان جون قرنق قد اتهمها بأنها ‏فتاة المخابرات البريطانية، وأنها التي أوحت لمشار بالانشقاق عن الحركة الشعبية، ‏وفي عام 1992 أسس مشار الحركة الموحدة، ثم حركة استقلال جنوب السودان عام 1995، ووقع عام ‏‏1997 على اتفاقية الخرطوم للسلام مع الحكومة، ولم ينس الرجل صاحب (الفلجة) دائم الابتسام قضية الانفصال، إذ طالب بمنح الجنوبيين حق تقرير المصير في أمد معلوم في متن اتفاقية ‏الخرطوم للسلام، وفي فبراير 2000 استقال مشار من مناصبه الحكومية، متهماً الخرطوم بإرسال قوات ‏لمحاربة مقاتليه في الجنوب. ‏وبعد قطيعة دامت عشر سنوات مع حليفه السابق جون قرنق، أعلن مشار في 28 مايو 2001، عودته ‏لصفوف رفقائه القدامى مرة أخرى، وحل نتيجة هذا الإجراء تنظيم الجبهة الديمقراطية لشعب السودان ليؤسس تنظيماً جديداً ‏باسم "الجبهة الشعبية السودانية للديمقراطية"، وانضم إلى الجيش الشعبي لتحرير السودان.



(مخاوف) الجيش الشعبي..!

مصادر مطلعة أكدت لـ (السوداني) أن مشار ما زال مسيطراً على قطاعات واسعة في صفوف الجيش الشعبي، وتسود مخاوف من تأثيره بإحداث انشقاقات داخل الجيش أو اتجاهه للانقلاب على حكومة الجنوب، وكشفت ذات المصادر عن صراعات مكتومة بين مشار وبين رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي الفريق أول (جيمس أوث) نسبة لان الرجلين ينتميان لقبيلة واحدة وهي النوير.



صراعات مكتومة



تاريخ مشار يشهد على أنه رجل انفصالي من الدرجة الأولى رغم تصريحاته التي ظل يرددها هنا وهناك في الفترة الأخيرة حول الوحدة حيث قال: "إن الحركة لم تقرر دعم الوحدة او الانفصال حتى الآن ولكن الاتفاقية ملزمة للحركة بدعم الوحدة "، كما عرف عن مشار تحفظه على المبادرة المصرية الليبية بشأن حل قضية جنوب السودان المقدمة عام 1999 ‏التي تنص على ضرورة إبقاء وحدة السودان، ومال لمبادرة السلام التي قدمتها منظمة الإيقاد، والتي ‏أجريت على ضوء مقرراتها لاحقاً اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب في عام 2005، والتي تمنح الجنوب ‏حق تقرير المصير.‏ ورغم أن مشار لا يظهر أي مشاعر كراهية تجاه الرجل الأول في الحركة (سلفاكير)، لكن خلافه معه يصعب إخفاؤه على أحد.

ويرجع مراقبون تلك الخلافات إلى عام 2002 بعد أن عاد مشار إلى صفوف الحركة، ومطالبته زعيمها‏ الراحل بتخصيص منصب الرجل الثاني له في اتجاه لإرجاع سلفاكير لمنصب ‏الرجل الثالث، مبرراً ذلك بأن قرنق وسلفا ينحدران من قبيلة واحدة غير أن د. لام أكول كشف في كتابه "الحركة الشعبية لتحرير السودان.. داخل ثورة أفريقية" معلومة أخرى يمكن أن تفسر سبب شعور مشار بالأحقية في قيادة الحركة ‏ومن ثم رئاسة حكومة الجنوب، فيقول: إن "القائد سلفاكير كان برتبة نقيب عندما تمت ترقيته إلى رتبة رائد، ‏وعيّن في القيادة العليا للحركة الشعبية في 1986، وكان هناك ضباط أعلى رتبة منه آنذاك منهم مشار وكان ‏برتبة رائد". ‏وقبيل توقيع اتفاقية السلام الشامل، انتخب مجلس التحرير الوطني للحركة مشار لمنصب الرجل الثالث في ‏الحركة بعد تغلبه في نتيجة التصويت على جيمس واني إيقا، بينما احتفظ سلفاكير بمنصب الرجل الثاني.

وفي المؤتمر الثاني للحركة والذي أجري عام 2008، وهو أول مؤتمر بعد وفاة قرنق، انتخب مشار نائباً لرئيس الحركة الشعبية ‏سلفاكير ميارديت رغم تحفظ الكثير من قيادات الجيش الشعبي على مشار، وتحفظ كير نفسه على الأقدار التي فرضت عليه ان يكون مشار الرجل الثاني في الجنوب.

[عوض خضر]

ابو دباره الطرح جميل رغم الكجور الذي يتخلله

لكن التحفظ الاساسي يبقي ان الدينكا هي القبيله التي تسيطر علي مقاليد الأمور في الحركه الشعبيه

مشار انفصالي ولكنه لم يستطيع تحقيق شئ يذكر بعيدا عن الحركه الشعبيه والنوير انفسهم ليسوا علي قلب رجل واحد وقد يكون النفوذ الذي اكتسبه مشار انما اكتسبه عن طريق الحركه الشعبيه وبالتالي رغم ان هذه

نقطة قوته هي ايضا نقطة ضعفه اذ من المشكوك فيه ان يلتف النوير كلهم حوله

علي اي حال امر الجنوب مازال قابلا للكثير من السيناريوهات لكن سيناريو ان يحكمه احد من قبيلية النوير سيناريو ضعيف رغم كل شئ

قد يكون صعود صيت رياك مشار بسبب ان المنافسين التقليدين له ليسوا مرحب بهم في الحركه الشعبيه

مشكووووووووووووووووووور الله يسلمك ابو دباره موضوع مره رائع