الغربة الوطن الاب

[صادق محمد عوض]

جلست فى قهوة سودانية فى نهار يوم 1 \ 1\ 2009 بمدينة جدة التى يحلو للسودانيين المتواجدين فيها ان يسموها (جدة) اجمل مدينة سودانية...وكنت اتصفح جريدة الخرطوم نسخة الخليج وانا اتناول الجبنة السودانية بمذاقها الطاعم وجنزبيلها يؤكد حضوره رافعا اصبعه الصغير وامامى جماعة من الشباب تتناول اطراف حديثها وكبابى الشاهى ترفع وتنزل كما (اسانسيرات) العمارات السوامق......هلال مريخ..... وملف البناء واسعار الحديد والسيخ..... ورحلة البحث عن عروس.... والريال عمل كم... وارتفاع مؤشر بورصة الغلاء فى بلادى....والجمارك والمعارك والمشابك ومايكفى لعادتنا السودانية لما يسمى بطق الحنك.... وطن اب حقيقى مندسى بين الناس..ولكن ومن غير ما اشعر قطع حبل اندماجى فى قراءة موضوع ما فى الجريدة اذ ان رجل فى اواخر الخمسينات من عمره ركز بصره على الصفحة الاخيرة التى كان بها صور من تعاقبوا على حكم بلادى العزيزة ولاحظت ذلك واعطيته الجريدة بكل ادب متعذرا باننى قد اكتفيت منها.... ولم تمضى الا لحظات حتى اغرورقت عيناه بالدموع وكانت على وشك الانزلاق لولا انه رفع نظره الى السماء حمدا وشكرا او مناجاة او استحياءا من دموع الرجال.... جعلنى هذا الموقف ان اتسال على الفور شكلك كده (قريب) واحد من الزعماء ديل...رد على الفور يا ولدى الناس ديل كلهم عاصرت منهم القليل وبدا صوته هزيلا متاثرا بجراحات الزكرى العصية..... تصدق يا ولدى انا جيت السعودية دى سنة 1968 وجيت قاصد اشيل لى شيلة من ارض الحجاز من باب البركة وما كان الناس البسافرو كتار الزمن داك والسودان كان بخيرو تصدق ال8 الف ريال سعودى تساوى الف جنيه سودانى.....
على الفور حدثته عن بوست سابق فى المنتديات السودانية باسم الوطن الاب واصل هذا المسمى فضحك كثيرا وداهمته باننى بصدد ان اغير اسمه الى الوطن الجد للذين يمتلكون عضوية اكبر من او تساوى 40 عاما فضحك كثيرا حتى سالت دموع الضحك
الغربة بكل مسمياتها وطن اب ووطن جد واخر رحلة البحث عن الاوكسجين النقى تحتم على من امتطى صهوة جوادها ان يسرع بالخطى عله يكون من المحظوظين الذين تنطبق عليهم مقولة ارد الله غربتهم.... اما اذا ما كان ممن يمشون الهوينى وعلى مهل وجب عليه ان يعيش ويتعايش مع خطوط طول امله فيها ودوائر عرض كلما هو ممكن الوصول اليه من خلال تواجده..... فكبسولة زمن الاعمار ليس لها خطوط رجعة للوراء
ولى عودة اذا ما زالت روحى على جسدى...
انتهى....

[عوض خضر]

اسخليوس ياجميل

ثلاثه اشياء انغرزت في المخيله عقب اتمام القراءه الاوليه

1- مايجبر علي السوء الاسوأ منه

2- عندما يتقدم قطار العمر تصير العواطف اقرب للسطح

3- مهما تقدمت السنون الحنين الي ايام العز الاولي لن يخمد

الكهل الذي بكي عندما رأي الصوره هل بكي حنينا فقط لتلك الايام ام ان في بكاءه بعد اخر هو ضياع كل تلك السنوات منذ 1968 وهو يمني النفس بعوده ابت ان تتحقق

الامثله كثيره هنا وهناك لغارقين بين امواج الغربه احيانا يتمسكون باهداب امل يبرق ثم يزول

ولكن اجمل دعوه هي اللهم اجعل لنا في بلدنا ملجا ومنتهي وغني عن بلاد الاخرين

[صادق محمد عوض]

لك الشكر علي المرور اخي عوض...يقول المثل ( كمن استجار بالنار من الرمضاء) فالغربة في هذا البوست لم تحقق اماني النفس ... والنفس لا تريد العودة خالية الوفاض بعد ضياع سني العمر... ولم تعد هناك قدرة علي المواصلة...

اما الشايب فبكي يندب الايام الخوالي... ويبكي شبابه الذي اكلته سنوات الاغتراب... فهو لم يأتي لمال .... فكما ذكر كان الوضع في السودان افضل من هنا بمراحل.... ولكن يبكي ما ال اليه الحال اليوم...