اضراب الاطباء - هل من جديد

[عوض خضر]

هواجس سياسية و" هراوات" طغت على مطلب تحسين بيئة العمل
تقرير : سلمي عبدالرحيم
"كل الأمور تسير على ما يرام والأطباء في مواقعهم وليس هناك تأثير على سير العمل" بهذه العبارات كانت أجهزة الإعلام الرسمية أمس تعلق على أكبر إضراب للأطباء في السودان منذ سنين طويلة، والذي انطلق في كل ولايات السودان، وأعلن منظموه أنه سيستمر لمدة أسبوع بعد فشل الوزارة في تنفيذ مطالبهم التي رفعوها عبر عدد من المذكرات وعززوها بتجمعات وإضراب مؤقت لم ينجح في إقناع الوزارة بالاستجابة.

على أرض الواقع كانت الأوضاع تسير عكس التقارير الرسمية، فقد شمل الإضراب كل الأطباء بولايات السودان المختلفة، ففي مستشفى مدني نفذ الإضراب بنسبة ( 98%) عدا أقسام الطوارئ. وأشار بعض الأطباء إلى أن المدير الطبي بالمستشفى أجبرهم على العمل بكل الأقسام أو الإخلاء بالكامل وبناءً على ذلك تم إخلاؤهم بمكتوب رسمي لتحمله المسؤولية كاملة، ونوّهوا إلى خطورة عمل الأطباء الإداريين الذين يعملون في التأمين الصحي والأقسام الإدارية بجانب أطباء الامتياز. وفى مستشفى الأبيض التعليمي أوضح أحد الأطباء أنّ تنفيذ الإضراب تمّ بشكل كامل بالمستشفى باستثناء العيادات المحولة والعمليات. أمّا داخل مستشفيات العاصمة فقد ساد لرتباك واضح نتيجة الإضراب، وقال بعض الأطباء أنّ إدارات المستشفيات اتصلت بهم لسد النقص رغم أنّهم تخرجوا حديثاً من كليات الطب و يعملون بأجر زهيد(20) جنيهاً فقط لليوم. بيان لجنة إضراب الأطباء الذي أعلن من خلاله الإضراب حمل بين ثناياه هجوماً عنيفاً على الوزارة فقد ورد فيه "أبدت الوزارة عدم جدية وتخاذل في تنفيذ مطالب الأطباء، والذي ظهر في شكل مماطلتها وتسويفها في إعداد تصور تحسين شروط الخدمة للأطباء والذي حدد له الأسبوعين كحد أقصى بقرار وزاري، كان من المفترض أن ترفع لجنة الوزارة توصياتها في يوم 28 فبراير، ورغم أننا أمهلنا الوزارة أسبوعا كاملاً بعد هذا التاريخ، إلا أنّ اللجنة لم تلتزم بأي الأجلين ولم تحدد سقفاً جديداً لمهمتها... لذا كان من الواضح أنّ ما تقوم به الوزارة هو التسويف والمماطلة لا أكثر". ووصف رئيس لجنة إضراب الأطباء أحمد الأبوابي ما تعرّض له الأطباء بأنّه حملة شعواء من وزارة الصحة التي تحوّلت إلى وزارة أمنية ـ حسب وصفه ـ بعد إرسالها أمس الأول عدداً من القوات النظامية بميز الأطباء مستخدمين الهراوات، وأكد الأبوابي أنّ هذه حملة موجهة من وزارة الصحة لاستهداف الأطباء بتعبئة من المؤتمر الوطني, وبناء على ذلك أصبحوا غير آمنين على حياتهم في ظل التآمر و التحرّش. نائب رئيس لجنة إضراب اطباء السودان عبد العزيز علي أوضح أنّ المشكلة تعود لفترة زمنية طويلة، وأشار إلى أنّ الإضراب نتاج طبيعي لإهمال الوزارة للأطباء و وضعها احتياجاتهم في ذيل اهتماماتها وهو ما يأتي في سياق الإهمال الكبير للصرف والإهتمام بالصحة حيث لا تتجاوز نسبة الصرف 3 % من الميزانية العامة، ويؤكد أنّ الإضراب ليس بغرض المطالبة بالحقوق المالية فقط بل لتحسين بيئة العمل التي تشمل المساكن و المستشفيات والعلاج للطبيب وأسرته وتوفير فرص التدريب والتأهيل للأطباء، مع العلم أنّ راتب طبيب الامتياز لا يزيد عن 500 جنيه، والعمومي 650، ونائب الاختصاصي ما بين 700 ـ 800، وهذه الأوضاع المزرية كانت سبباً في هجرة الأطباء "صفوفاً في أرصفة المطارات" حسب تعبيره. وزارة الصحة من جهتها بقيادة الوزيرة تابيتا بطرس قامت نهار الأمس بالطواف على عدد من المستشفيات، وأعلنت أنّ العمل يسير بشكل طبيعي و وعدت بحل مشاكل الأطباء، بينما مضى وزير الدولة بالصحة في تصريحات للإذاعة السودانية خطوةً أخرى وهو يسرد مبررات سياسية للإضراب بذكره أنّهم توصلوا لاتفاق مع الاطباء إلا أن هواجس سياسية تتعلق بالأطباء وتخوفهم من أن تؤدي الانتخابات لعدم تنفيذ ما تمّ الإتفاق عليه معهم أدى للإسراع بدخولهم في الإضراب. نائب رئيس لجنة إضراب الأطباء عبدالعزيز علي نفى ذلك وأشار إلى أنه لاعلاقة لهم بأي إنتماءات سياسية ولايضعون ذلك في حسبانهم وهمومهم مهنية تتعلق بقضايا الأطباء ومشكلاتهم فقط. إضراب الأطباء الذي انطلق بالأمس يعتبر الأكثر قوةً خلال السنين الماضية، ويتوقع ان تكون له تداعيات كبيرة بالنظر لأهمية شريحة الأطباء، والتأثير المباشر للخدمة التي يقدمونها على المواطن في بلد ترتفع فيه معدلات الأمراض، كما لايبدو الأمر بعيداً عن الأوضاع السياسية خلال هذه الأيام والتي دخلت فيها العملية الانتخابية مراحلها الأخيرة.
تخريمه : انه والله لتردي نرجو من الاخوه المتابعين في السودان مدنا باخر المستجدات في الموضوع ومامدي تأثيره