القمر والسحاب
إنه يوم أنتصف رمضان ( الليل بهدوءه لا تعكر صفوه حادثة ولا يشق سترته صوت أو صراخ) النسيم بليل .. عليل ينساب علي الوجوه والأجسام ، يسكب فيها من النشوة ما بعده نشوة ، وطمأنينة تزَمل الدواخل وتدثر النفس .
وأنه أيضاً يوم انتصف السماء القمر .. ما أجملك أيها القمر .. وما أجمل صنعة الله فيك .. هذه الدائرة من الضوء الخافت .. الناصع ، تختال في غنج ودلال كعروس في ليلة الزفاف .
هذا القمر .. وهذا اللامنتهي الأزرق من السماء .. في الغرب البعيد .. سحب تنتشر .. بيضاء من غير سوء .. ناصعة لكأنها بحار في الجليد الهش أو لكأنها مساحات من القطن المنفوش المبعثر في غير نظام ، وهي في ترحال تتعانق تحكي رحلة السفر .. تأخذ أشكالاً متغيرة تدعو للوقوف .. الانتباه والتحديق .
بعض القمر يبتسم يداعب الكون بالأشراق ، والآخر يتواري خجلاً خلف السحاب ، يرسل ظلالاً رطبة .. يمتد الظل ويشمل ما أنا به من أفق . آوت السحب الي بعضها ( من كل فج عميق ) أتشحت سواداً خفيفاً .. إرهاص لحزن لم يبدأ .. منتظر .. ورحلة الريح صوب شمالنا الشرقي ، تلك الهالة البديعة تأخذ أشكالاً دائرية مركزها واحد تتدرج نحو الأصغر .. ظلالها مختلفة وأضواؤها متغيرة ، ترسم أطيافاً تشربت روح النور وتألقت بكل سوسنات الضياء .
النفس تهفو وتنشرح لذلك الأبداع الألهي ولهذه اللوحة الجميلة ، ولكم سألت نفسي هل من ريشة تنساب فتأتينا جمالاً يضاهي هذا الجمال ! هل من ريشة تبعث فينا هذا السرور وهذه الفرحة .. هذا الانشراح النفسي وهذا النشاط الجسمي .. هذا الحضور وذاك القرب .... أنها صنعة الله جمالاً وبهاء وكمال .
حيدر سيد أحمد
الأبيض 1987
|
08-04-2011, 11:41 AM
Linear Mode
