الطاهر ساتي يرد علي مستشار الرئيس

[ابودباره]

إلى الخبير الوطني .. و المستشار أيضا ..!!

** زمن القارئ أغلى من أن نهدره في التهاتر يا ربيع عبد العاطي، الخبير الوطني والمستشار بوزارة إعلام الدولة.. وكذلك إلتزمت لمن يقرأني بألا يجد هنا إلا ما يشغل ذهنه ويؤرق خاطره، أي إحدى قضاياه وليس الإسفاف ومشتقاته.. ولذلك، إستميحك عذرا في التعقيب على زاويتك المشاترة تلك - التي كتبتها تحت عنوان: صحافيون وأقلام الإستبداد، الطاهر ساتي مثالا- بتعقيب يفيدك أولا، ثم يذكر القارئ الذي أحسبه أعلم مني ومنك بقضاياه العامة.. أي،هو تعقيب قد ينفعك كثيرا ، وهذا عمل مرهق وأحسبه قضاء وقدر، لأن محتوى أسطرك لم يكن نافعا لأحد، حتى أنت لو أطلعت على أسطرك تلك - بوعي - لن تخرج منها بما يفيدك .. يلا، أجلس أمام التعقيب لتتعلم أشياء كثيرة، منها كيفية مخاطبة الرأي العام ..!!
** أراك بدأت في تعريف القارئ بزاويتك بعبارة : ( هذه المساحة فضلت أن تكون نارا على أدعياء الباطل)..للأسف لم تحسن التعريف، حيث هناك فرق بين الداعي الذي جمعه دعاة والمدعي الذي جمعه أدعياء، فأنت حين تقول : فلان يدعي الكرم، فهذا يعني انه - في جوهره - بخيل، ولكنه يتظاهر بالكرم لسبب ما، ربما للرياء.. أما حين تقول : فلان من دعاة الفضيلة، فهذا يعني إقرارك بأن ظاهره يطابق باطنه.. وعليه، كان عليك تعريف زاويتك ب : ( هذه المساحة عبارة فضلت أن تكون نارا على دعاة الباطل ).. إذ ليس من العقل أن تصف البعض بأنهم أدعياء الباطل، أي أخيار ولكنهم لسبب ما يتظاهرون بالباطل، ولك أن تعلم بأن مدعي الباطل يجب ألا يحسب مع الأخيار.. راجع كتاب عصمة الأنبياء، للإمام فخر الدين الرازي، لتعرف الفرق بين الإدعاء والداعية وكذلك بين الدعاة والأدعياء ( الكتاب ده بيفيدك كتير في الحتة دي )،على قول مذيعات برامج المنوعات ..!!
** كما لم تحسن البداية، لم تحسن الخاتمة أيضا، ولكن نؤجل تصحيحها لحين الإنتهاء من تفكيك محتوى الأسطر.. لا أدري لماذا تباهيت بإتقانك للإنجليزية والفرنسية وغيرها من اللغات العالمية، رغم أن لغاتك لم تكن محور حديثي.. أي لم يرد أي ذكرعن الأخطاء اللغوية التي تصاحب تحليلاتك السياسية في الفضائيات، ولم إنتبه لتلك الأخطاء ولم أرصدها، لأنها ليست ذات جدوى لمن يهتم بمحتوى التحليل..فقط، قلت - ولازلت - بأنك لاتتقن التحليل السياسي ولاتعرف قواعده ، بل لازلت في محطة يونس محمود الذي كان يسمي حديثه ذاك بالحديث السياسي، ولم يكن سياسيا ولا هم يحزنون، بل كان محض صياح للتعبئة ، وأقرب إلى التهريج، وتجاوزه وعي الناس.. ولكنك لم تتجاوز ذاك النوع من التهريج في الفضائيات التى تستضيفك بصفة : المحلل السياسي..لقد وثقت لك نموذج تهريج عندما إستضافتك الجزيرة لتحلل خطاب الرئيس بالقضارف، إذ قلت نصا ( لن نتزحزح قيد أنملة عن ثوابتنا)، فأدهشت المذيعة ثم أحرجتنا يا خبير يا وطني..إذ تلك جملة قد تليق بالساسة في خطبهم الحماسية التى تخاطب الحشود المحلية لزوم ( الخم السياسي ).. ولكنها لاتليق - إطلاقا - بالمحلل السياسي الذي يخاطب الرأي العام العالمي والإقليمي..ولذلك- لذاك النموذج وغيره كثر- نصحتك بأن تخاطب عقل الرأي العام بشئ من التقدير وليس التهريج، أي كن واقعيا وعميقا في تحليلك للواقع السياسي، بلا إدعاء أو رياء أو (عنتريات )..!!
** ولغتك - إنجليزية كانت أو فرنسية أو عبرية - لاتهمني كثيرا، فاللغات كلها محض وسيلة للمعرفة والتواصل، وهي ليست بغاية في حد ذاتها.. وإن لم تتقن تلك المعرفة وتكتشف سر التواصل الإيجابي مع الناس، تصبح لغاتك غير ذات جدوى ولوكانت بعدد اللغات التى أتقنها سيدنا سليمان عليه السلام ..هل تعرف اللغات التي كان يتقنها؟ أم أساعدك بمرجع يفيدك بانه كان يتقن حتى لغة الطير؟.. وعليه، كما أتقنت الإنجليزية والفرنسية، أنصحك بان تتقن التحليل السياسي ، وإن أتقنت هذا سوف نسمعك بصدر رحب وعقل مفتوح حتى ولو تحدثت ب (عربي دنقلا )..وتلك النصيحة بمثابة طلب أرفعه لوزير الإعلام كمال عبيد، بان يحول بند ( حقن الجنوبيين) إلى بند ( تعليم مستشاره قواعد التحليل السياسي ).. وبالمناسبة ،الآن عرفت سر إستفزاز الوزير لأهل السودان عندما هدد أهل الجنوب بحرمانهم من ( حق الحقنة ) بعد الإنفصال ؟.. أنت مستشاره، ومن يستشيرك - يا خبير يا وطني - حتما يتجرد من إنسانيته ولا يخاطب الناس إلا بهذا النوع من (الخطاب الأشتر) ..!!
** ثم ارأك أشدت بتقوى البروف الزبير بشير طه وبزهد البروف أحمد علي الإمام، ثم هاجمتني بمظان الدفاع عنهما..ماهكذا الدفاع يا خبير يا وطني، ولكي تحسن الدفاع بشكل جيد كان عليك تفكيك الأسطر التي تناولت قضايا عامة ذات صلة بالرجلين..نعم هي حزمة قضايا عامة، إحداها عكست ووثقت واقعة فساد وقعت بجامعة الخرطوم، كان على الفاسد أن يدفع ثمن فساده بالقانون ولكن لم يدفع، لأن مدير الجامعة إنتهج معه نهج ( إذا سرق الموالي ستروه و رقوه )..هكذا كتبت، فخاطب قرائي بنفي هذه الواقعة، إن إستطعت إلى ذلك سبيلا، وهكذا تكون دافعت عن البروف الزبير.. ثم قضية أخرى كانت محض رأي، قلت فيه بالنص : منصب مستشار التأصيل منصب هلامي ولاجدوى له ويستنزف المال العام ، حيث بالدولة وزارة للدعوة والإرشاد وكذلك هيئة مختصة بالفتاوى، فلماذا مستشار للتأصيل؟.. ويجب إلغاء هذا المنصب، ما لم يكن منصبا مراد به إرضاء أحمد علي الإمام وليس المصلحة العامة..هكذا قلت ولازلت ، كان عليك أن تناقشني فى ذاك القول فقط ، بدلا عن زهد أحمد علي الإمام وتقواه وعلمه.. ولكن هدفك ليس هو إدارة حوار حول ترهل مؤسسات الدولة وإهدار المال العام لإشباع كوادر الحزب ، بل تريد الدفاع عن تلك الكوادر التي لم تشبع من المناصب ومزاياها بعد.. ولذلك، أنصحك للمرة الثانية بأن تتقن كيفية مخاطبة الرأي العام بقضاياه ومصالحه وليس بأجندة وأطماع شخصية.. هذا ما لم تكن مهمتك في الدولة هي الدفاع عن إمتيازات كوادر الحزب وليس الدفاع عن مصالح الناس والبلد ..!!
** أما تحديك بمناظرتي بالإنجليزية والفرنسية وغيرها في الفضائية، فهو مضحك ومدهش.. لم أفهم معنى هذا التحدي، ثم ( أناظرك في شنو؟).. في علم الفلك مثلا، ولا في علم الذرة ولا قصدك في ( الثورة الفرنسية وأثرها في إنهيار الجنيه السوداني ؟)..بمعنى لم تحدد موضوع المناظرة، ولذلك أحيلك إلى أرشيف الزاوية لتختار ما تشاء من القضايا - فساد أوغيره - ثم أطرحه موضوعا للنقاش .. عفوا ، وجدتها ..لماذا لاتحدث القارئ عن معنى الخبير الوطني ومزاياه وإمتيازاته وجدواه في حياة الناس ؟..أي، ما الذي يميزك عن الآخرين، بحيث يلقبونك بالخبير الوطني ؟..وكم مثلك في أجهزة الدولة بدرجة - ومخصصات - وزير؟..أليس معيبا - وإهدارا لمال الناس والبلد - بأن يكون بالوزارة وزيرين ووكيل ثم خبير وطني؟..في تقديري، هذا أمر يهم الناس، فليكن محور مناظرة.. أها، شن قولك..؟
** وأخيرا، لقد أخطأت حين ختمت زاويتك بالنص الآتي ( وأخيراً أقول بأنني لا أكر ممن يفر ولا أفر ممن يكر )..خطأ فادح، لغة ومعنى..فالصحيح هو ( لا اكر علي من يفر و لا افر ممن يكر) .. هذا يكفي يا مستشار وزارة إعلام الدولة السودانية، فالوقت لأصدقائي وقضاياهم وليس لتدريس الخبير الوطني.. وما كان هذا الدرس إلا لإصلاح حال وزارة الإعلام ، لكن ( ما أظن يتصلح )..!!
..............
نقلا عن السوداني

[عوض خضر]

اللهم لاتغيرنا ولاتبدلنا