Go Back   منتديات قرية فطيس > المنتديات الأدبية > القصص والحكايات
FAQ Community Calendar Today's Posts Search

 
 
Thread Tools Display Modes
Prev Previous Post   Next Post Next
Old 03-08-2011, 07:33 PM   #1
 
yasir alkhaliel
زائر

رقم العضوية :
السكن: University Petronas-Malaysia
المشاركات : n/a
بمعدل : 0



Default مشلهت

مدخل:

هذا هو ا لجزء الثاني من رواية الكاتب د. محمد عبدالله الريح الثلاثية (تغريبة بني شقيش وفارسهم الهمام المشلهت الدياسبوري) الجزء الأول بدأ من البيان الأول لإنقلاب نميري 25 مايو حيث بدأ عهد الإغتراب أول خطواته.

الجزء الثاني بعد رجوع مشلهت.
الجزء الثالث يمتد في حقبة زمنية تقوده حتى جوانتانامو.
(أجزاء حسب تقسيم المؤلف بينما تقسيم الرواية لأجزاء في المنتدي حسب مناسبتها لحجم المشاركة و الفواصل المنطقية للمشاهد )

نص:
مشلهت والضياع الكبير:

كان إنت عاضيك كلب ، أنا راميني جمل !

أ.د. محمد عبدالله الريح



هل هذا الصوت آذأن لصلاة الصبح ؟
يبدو أنه هو … لابد أن يكون موعد الصلاة قد اقترب إذ أن الآذان كرر مرتين أن الصلاة خير من النوم …. ولهذا نهض مشلهت وتوضأ وارتدى ملابسه وخرج في طريقه الى المسجد … الصف الأول والثاني والثالث … نفس الوجوه التي اعتادت أن تصلي الصبح في المسجد … بزيادة عدد بسيط أو نقصأن شخص أو شخصين من الأمور الروتينية التي اعتاد مشلهت أن يلاحظها … فليس هناك شئ غير عادي ولكن عندما خرج من المسجد فلم يجد حذاءه … كان هذا أمراً غير مألوف … او علي الأقل غير مألوف لديه … فمن وقت لآخر يفتقد أحد المصلين حذاءه ويشارك الجميع في تعزيته وذلك بإظهار استنكار وقتي وأن المساجد أصبحت في الآونة الأخيرة أماكن لسرقة الأحذية من بعض ضعاف النفوس … ولكن من غير المألوف أن يحدث ذلك له … فلم يحدث أن فقد حذاءً من قبل والأمر لا يتعلق بسرقة الحذاء من حيث أنها سرقة وأنه حذاء ولكن للأمر وجهاً آخر . فقد وصله الحذاء من ابنه حيدر المغترب في السعودية مع عدد من الأشياء والمصاريف الشهرية … ولأن إبنه يعرف أن والده مصاب بمرض السكر وأنه يشكو من نقرس يؤدى أحيأنا لتورم في إصبعه الكبير فقد طاف بعدد الصيدليات التي تبيع أحذية طبية واختار الحذاء الذي أرسله مع أحد الأشخاص بواسطة صديقه هاشم وقد بر هذا الشخص بوعده إذ أنه سرعأن ما اتصل بمشلهت هاتفياً بمجرد وصوله الى أهله في الكلاكلة صنقعت وأعطى وصفاً دقيقاً مما سهل على مشلهت الوصول إليه واستلام الكيس الذي يحتوي على الأغراض التي أرسلها إبنه وكذلك الخمسمائة ريال … وهو يدعو لإبنه عقب صلواته أن يوفقه الله ويحفظه ويغطيه من كل شر وبليه .
في المساء كان مشلهت ينتعل الحذاء فيشعر براحة عميقة وكأن قدميه تتنفسان الصعداء … وكأنهما عادتا شابتين قويتين تستطيعأن حمل ذلك الجسم دون أن تتأوها … شعور مريح أن تشعر أنك تملك قدمين لا تنبعث منهما نارية أو يشكوان من آلام غير محددة .
ولم يساوره أدني شك أن فرحته لن تدوم طويلاً عندما وضع قدميه داخل ذلك الحذاء الطبي وهو يتجه نحو المسجد … ولكن ضاع كل شئ الآن … وأدخل غمامة من حزن دفين هبط عليه في ساعة الفجر تلك فهو يسمع أصوات المصلين وقد تركت توجيه لعناتها للسارق وأخذت تصب جام إنتقاداتها نحوه .
• لكن يا حاج مشلهت … إنت ذاتك غلطان … هسع دى جزمة الواحد يجئ بيها الجامع ؟ … كدي شوف كلنا لابسين براطيش بس … ومافى زول يجي لابس جزمة …
ويتطوع أحدهم ليقص قصة في اختصار تعنى أنه فقد حذائين من قبل ولكنه اتعظ فأنضم الى جماعة البرطوش … وحارس المسجد وبعد أن لعن اللصوص جملة وتفصيلاً اخذ يحكى عن عدد الذين فقدوا أحذيتهم في عقد قرأن ابنة أحد رواد المسجد وذلك بعد صلاة العصر يوم الخميس الماضي … وهو يعتقد أن الخطأ يكمن في دائرة الذين لا يحملون أحذيتهم في أيديهم ويضعونها نصب أعينهم .
ولأن السارق ويبدو عليه أنه من النوع الذي يقصد السرقة من اجل عائدها فلم يترك خلفه أية سفنجة أو شيئاً تنتعله الضحية ولهذا كان على مشلهت أن يعود حافياً الى منزله في تلك الساعة المبكرة من الصباح .
منزله يقع في نهاية الأحياء التي تحيط بالمسجد وعليه أن يسير بحذر على أطراف أصابعه حتى لا يتعرض لجرح وهو مريض بالسكري فيؤدى ذلك إلى عواقب وخيمة …… وقبل أن يصل الى نهاية المربوع وبما أنه يعانى من ضعف في النظر بسبب السكري المذكور لم يتبين حجراً مغروساً بالقرب من جدار فكاد أن يصطدم به ولكنه تحاشاه في اللحظة الأخيرة مما جعله يترنح ويفقد بعضاً من توازنه .
حركته غير المتوازنة في تلك الساعة من الفجر أخافت كلباً كان رابضاً في مكان قريب فكشر عن أنيابه وهجم على رجل مشلهت وتركها والدم يتدفق منها غزيراً… باغتت المفاجأة مشلهت فتراجع الى الخلف وقلبه يكاد يقفز من بين ضلوعه وهو يصيح :
• آخ … آخ … الله يأذيك … يا أخوأنا الكلب عضاني .
لا حول ولا قوة إلا بالله
وسمع صيحته بعض المصلين الذين سبقوه الى نهاية الشارع فعادوا وهم يتساءلون :
• شنو الحكاية يا مشلهت ؟
• عضاني كلب .
• لا حول ولا قوة إلا بالله … الكلب كمان الجابك ليهو شنو ؟
لم يعجب ذلك السؤال مشلهت فصاح في ضيق :
• يا أخي الجابنى ليهو أنا شنو ولا الجابو هو لي شنو ؟ أنا ماشى في دربي يا أخي يقوم يهجم علي ويعضيني ؟
وتساءل أحدهم :
• هو دا كلب منو؟
ويجيبه أحدهم
• يا أخى منو العارفو كلب منو؟ … ماهي كلاب ضالة مالية الشوارع… والمحلية ما شايفة شغلها … ويأخذ أحدهم زمام المبادرة في هذه النقطة :
• هو المحلية ما شايفة شغلها في حالة الكلاب بس ؟ دى ما عندها شغل غير العوايد والموية … وغيرها … في اقل حاجة يجيك انذار بالقطع وبالمثول أمام المحكمة … وما شايفين حالة الشوارع دى ولا الحفر ولا المواسير المكسرة والموية المدفقة … وصحة البيئة كيف شكلها؟
ولكن كل ذلك لا يعنى مشلهت في هذه اللحظة . كل الذي يعنيه هو ماذا يفعل وقد عضه كلب وضربه (حجر دغش) وهو الى تلك اللحظة لم يكن يدري ماذا يعنى عندما يتساءل أحدهم (أصلو ضاربو فيها حجر دغش؟).
وهاهو حجر الدغش وببيانه العملي قد ضربه … فترنح فهجم عليه الكلب وعضه … والقوم الذين تجمعوا حوله تركوا أمر حجر الدغش وتركوا أمر الكلب وعقدوا مؤتمراً سريعاً للحديث عن قصور المحليات .
• يا أخوأنا … هسع اعمل شنو …
أحد جيرانه رجل شهم تطوع بإخراج عربته من الجراج ليأخذه للمستشفى .. وفكر مشلهت أن يصل الى منزله ليخبر الجماعة بما حدث له الا إنه صرف تفكيره عن هذه الخطوة حتى لا يزعج الجماعة في البيت واحضر له جاره سفنجة لينتعلها .
الساعة تشير الى السادسة والنصف صباحاً في زمن البكور هذا ولكنها بالتوقيت الجغرافي هي الخامسة والنصف … وذلك عندما توقفت العربة أمام قسم الحوادث بالمستشفى … واصر مشلهت على جاره بالإنصراف لأنه يعلم أن موعد عمله يبدا في السابعة والنصف … وبما أنه من غير المحدد كم يبقى مشلهت في قسم الحوادث … فلن يكون صائباً أن يبق جاره معه .
الجرح كان ينزف بغزارة الا أن الدم توقف بعد أن اختلط بالغبار وبشوائب الطريق فبدت قدم مشلهت غبشاء يغطى أجزاء منها الدم المتجمد ذو اللون الداكن …

ردهة طويلة تقع أمام قسم الحوادث اكتظت ببعض الناس الذين يشكون من أمراض وحوادث هبطت عليهم فجأة في ليلة البارحة وصباح اليوم … فهناك الذي يشكو مغصاً كلوياً والذي جاءوا به بعد أن أوسعه أحدهم ضرباً على الرأس فسالت دماؤه وغطت وجهه ولطخت ملابسه فبدأ منظره وكانه يعاني من إصابة خطيرة وفى الواقع كما تبادر لذهن مشلهت فإن الحوادث تبدو اكبر من حجمها الطبيعي … ضربة صغيرة يسيل لها دم كثير … وتولول النسوة ويتجمع المارة.

جلس مشلهت بالقرب من رجل عجوز … يبصق من وقت لآخر وهو يضغط على بطنه … وكان الفضول لديه اكبر من الأزمة الصحية التي يمر بها ويبدو عليه أنه سأل جميع الموجودين في العيادة عن أمراضهم ولم يبق الا مشلهت ولأنه جاء لتوه فلم يسأله وهاهو يلتفت نحو مشلهت قائلاً :

• مالك يا خوى … نعل مافى عوجة؟
• عاضينى كلب .
• يا الشيخ الطريفى … خشيم السعر وجاموس الوعر .. والكلب دا يا أخوى الجابك ليهو شنو لحدي ما يعضيك كدي ؟
الغريب في الأمر أن كل الذين إلتقى بهم سألوه نفس السؤال وكأنه هو الذي جاب نفسه للكلب … فقال للشيخ ؟
• كنت مارق من الجامع ولاقاني في السكة .
• ولى شنو ما بتشيل معاك عصاية تضربوا بيها ؟ والله عاد يا ناس المدينة بقيتو لا بتسعوا عصاية ولا بتسعوا سيف ويقبض الرجل على بطنه وهو يصر وجهه من الألم …فيدخل معه مشلهت في سين وجيم :
• وإنت مالك يا أبوي .. الحاصل ليك شنو ؟
• أنا ؟
• أي ..
• والله باقي شربت لي لبينة غلتت عليّ وهسع بطني دى كلها ماسكاني .. قلت اجى الإسبتالية هني كان ألقى لي علاج .
• وجيت هنا متين ؟
• جيت بعد ما صليت العشا .
• من العشا إنت في الحالة دى ولا في أي زول كشف عليك ولا شافك ؟
• والله من العشا أنا هني … والناس دى تدخل وتمرق وما فى زول أداني التكتح دي … ولا زول قال لي حاجة وكل ما أقول ليهم يا أخواني عالجوني يقولوا لى أصبر نحنا مشغولين بركاب البص الإنقلب في الخوجلاب .
ويهب مشلهت واقفاً لينظر داخل إحدى الغرف فيرى عدداً من الناس وكانهم بقايا معركة داحس والغبراء … فيدرك أن إقامته داخل قسم الحوادث ستطول … فيستنجد بأحد أشبال الأطباء فيساله الطبيب :
• وإنت مالك؟
• أنا عاضينى كلب ؟
• هو إيه الحكاية؟ … إنت عاضيك كلب … ودا راميهو جمل الحكاية شنو؟
وادرك مشلهت أنه لن يصل الى قرار مع ذلك الطبيب فقال له :
• الحكاية إنو سرقوا جزمتى
ويصيح الطبيب :
• والله حكاية … سرقوا جزمتك ؟ نحن فى نقطة بوليس ؟ ما تمشي تفتح بلاغ هناك … شوف المصايب النحنا واقعين فيها ..
ويقاطعه مشلهت :
• مافى مصايب إنتو اقعين فيها … المصايب واقعين فيها نحنا .
• طيب اقدر اعرف آيه علاقة سرقة جزمتك بي أنا أو بجيتك هنا؟
• لو ما سرقوا جزمتى أنا ما بكون هنا ..!!
• يا أخي إنت عايز تجنني ؟ كيف يعنى لو ما سرقوا جزمتك إنت ما بتكون هنا ؟
• لما سرقوا جزمتى من الجامع أنا رجعت البيت حفيان وفى السكة عترت فوق حجر كان تحتو كلب قام عضاني .
ويهدأ الدكتور قليلاً ويقول :
• وينا العضة ؟
• اهى دى .
ويتفحص الدكتور العضة ثم يقول له
• طيب تعال معاى ..
وياخذه الى غرفة غيارات حيث كإنت توجد ممرضة ممتلئة الجسم لا يبدو عليها أي هظار بل صرامة تامة … ولا تتحدث الا بهمهمات تجعل اتخن تخين يسألها مرتين وتلاتة قائلاً :
• قلتي شنو؟
فطلب منها الدكتور أن تسعف مشلهت .. ولم ترفع رأسها عن المريض الذي كانت تلف يده بشريط أبيض إلا إنها قالت :
• امش جـ … ش … شر .. رات … ويستفهم مشلهت
• قلتي شنو ؟
وتصرخ الممرضة :
• إنت ما بتسمع ولا شنو ؟ قلت ليك أمشي جيب شرايط وغيارات .
• من وين؟
• أنا عارفة من وين ؟ما تشوف الناس بجيبوهم من وين وتمشي تجيب زي ما الناس بتجيبهم ويخرج مشلهت من غرفة الغيارات ويقابل فى طريقه ذلك الطبيب الذي جاء به لغرفة الغيارات
• اها عملت شنو ؟
• قالت لي أمشي جيب غيار وأنا ما عارف الغيار بيجيبوه من وين …
• يا اخى أمشي قدام الاسبتالية تلقى واحد عنده طبلية عنده الغيارات والحقن وأي حاجة .
وبعدين طبعاً لازم تمشوا تجيبوا حقن بتاعة سعر … يعنى مصل مضاد للسعر .
• ودا أجيبوا من وين كمان ؟
• فى السوق قالوا في مصل فرنساوي أسمو فيرنا بس ما تجيب التايلأندي…
• ويصاب مشلهت بنوبة سخرية فيقول :
• وهو ناس تايلاند قاعدين يجحموا ؟ أنا قايل السعر دا عندنا هنا بس .
• أمشي … أمشي بطل الغلبة … جيب حاجاتك وتعال .
نسي مشلهت إنه فى زحمة ما حدث له لا يحمل نقوداً فالجلابية التي يلبسها تناولها من الشماعة ليحصل بها صلاة الصبح وقد كإنت جيوبها فارغة ثم إن جاره هو الذي نقله الى المستشفى … فماذا يفعل ؟
لو حاول أن يتقدم لأى شخص ليقول له إنه لا يحمل نقوداً وإنه جاء إلى المستشفى بعد أن سرق منه حذاءه فتعرض لعضة من كلب كان يجلس خلف حجر تعثر عليه مشلهت لما صدقه أحد ولظنوه محتالاً مثل غيره من المحتالين الذين يتحاومون داخل وأمام المستشفيات ولذلك أخذ يفكر في وسيلة لتأخذه لمنزله … وعلي الأقل يخبرهم بما حدث .
ومرة أخري لمحه ذلك الطبيب فبادره الطبيب قائلاً :
• وإنت لسع بتتحاوم بجاي ما مشيت جبت الغيارات ولا المصل ؟ شوف السعر دا مرض فظيع جداً … ولازم تلحقه بسرعة وكلما تتأخر ما بكون في صالحك والفيروس ممكن يصل المخ وبعدين ما بتحلق ….

  Reply With Quote
 


Posting Rules
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is On
Smilies are On
[IMG] code is On
HTML code is Off

Forum Jump


All times are GMT. The time now is 09:41 AM.


Copyright ©2000 - 2024, Futeis.com