View Single Post
Old 12-14-2010, 05:21 AM   #32
 
عوض خضر

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 4
المشاركات : 2,897
بمعدل : 0.56



عوض خضر is offline
Default

اضواء علي مشروع الجزيره 6

بعد اكتمال المشروع عام 1925م اعتبر صمام الأمان ضد التقلبات الاقتصادية وكل التعليقات عبرت الأمل والتفاؤل باستثناء جريدة التايمز اللندنية التي عبرت عن تشاؤم عميق اتجاه المشروع فمن رأيها أن هذا التنظيم الأوربي الحديث المكتمل لن يستمر بهذه الصورة والخيال يعجز عن تصور ما سوف يحدث في المستقبل خلال العشرين أو الخمسين سنة القادمة، وتساءلت الجريدة هل ستصبح الشركة متعهداً أو وكيلا للمزارع المالك، أم سيتحول المشروع برمته إلى مؤسسة تعاونية تعمل علي الاحتفاظ بهذا التنظيم المعقد ؟ وإزاء هذا كان من رأي الجريدة أن الوضع السليم هو تعليم السكان أساليب تؤدي إلى زيادة الإنتاج وليس تحويلهم إلى أدوات إنتاج في تنظيم أوربي معقد ونادت الجريدة بزيادة مساحة القطن وزراعته في الأراضي المطرية، ولكن ظروف قلة السكان والخبرة والتجربة وعدم توفر الروح التجاري بين المزارعين أدى ذلك إلى اللجوء إلى عمليات السلفيات لتحريك عملية الإنتاج وارتباط الإنتاج بالربح من اجل سداد المبالغ المستحقة.

وكانت حكومة السودان متهمة بصورة ملحوظة بالأرباح والعائد السريع وليس بالسياسة التي نادت بها صحيفة التايمز التي تهدف إلى التحرك البطيء من اجل رفعة وطموحات لمستوي معيشي أفضل خاصة بالنسبة للمزارعين التقليدين.

و كتبت جريدة الديلي ميل البريطانية في ردها علي التايمز تقول أن البعض يرون أن الشركة ستستفيد وربما لذلك إذا ساعدها الحظ والواقع يشير إلى أن المزارع سيستفيد أكثر من غيره والتنظيم المعقد أمر لا مفر منه، لان زراعة القطن تختلف زراعة المحصولات التي تعود عليها المزارع السوداني والتي تحتاج إلى عناية مكثفة تحت إشراف فني مؤهل ولهذه الأسباب كان لابد من تأسيس الشركة البريطانية وساندت الصحيفة قيام الشركة ونظمها المقترحة لإدارة المشروع.

في عام 1924م بلغت الرقعة المزروعة خمسة وثمانين ألف فدان قطناً ربع هذه المساحة كانت بمشروع الجزيرة وبلغ دخل القطن 617 ألف جنيه وفي العام التالي( 1925م) قفزت المساحة إلى مائتين وخمسين ألف فدان وتحت السيطرة الكاملة لمشروع الجزيرة. وصادف هذا ارتفاع أسعار القطن وبلغ العائد أكثر من اثنين مليون جنيه وأصبح القطن يمثل أكبر نسبة للصادرات حيث بلغت 26% وفي عام 27/1928م بلغت النسبة 71% في عام 1929بلغت 76%.

علاقات الإنتاج:

بعد الحصول علي القروض بضمان حكومة السودان، أصبح ترك المشروع للشركة وإدارته والتحكم فيه بصورة مستقلة أمر غير وارد، والحكومة بوصفها الممول للمشروع لابد لها من القيام بدور هام في الإدارة وبالتالي الحصول علي ربح من العائد، وقد ساور القلق كتشنر وونجت من ترك المشروع نهائيا لشركة الزراعية وقال ونجت سيصبح السودان بمرور الوقت روديسيا وستصبح الشركة مسيطرة وصاحب سلطة ربما يمكنها من الحصول عليCharter (امتياز) من الحكومة، كذلك الخوف من احتمال سلفيات الشركة للمزارعين حيث تبلغ المديونية رقماً هائلاً شبيه للوضع في مصر يؤدي في النهاية إلى إثارة الاضطرابات وعدم الاستقرار والتمرد بل الثورة وكان السؤال كيف يمكن للحكومة أن تعيد سيطرتها واخذ زمام المبادرة من الشركة ؟

استعانت الحكومة بخبيرين أحدهم قانوني والثاني اقتصادي (كري وكارتر) وطلبت منهما دراسة الموضوع والتقدم لها بمقترحات مجددة وكان رأيهما أن تسترد الحكومة طيبة من الشركة وعلق ونجت علي هذا الاقتراح بقوله " انه فيه شيء من العنصرية للخروج من المأزق "

وفي عام 1913م سيطرت الحكومة علي طيبة وآلت المسؤولية علي قسم الزراعة ودخلت الحكومة مفاوضات من الشركة للوصول إلى اتفاق، والحكومة لم يكن في إمكانها تجاهل الشركة، خاصة وان الشركة فرع من فروع اتحاد منتجي القطن في بريطانيا، وسيطرة الحكومة علي الوضع لم يكن القصد منه إقصاء الشركة نهائيا إنما الهدف منه وضع اللائق بها وتحسين موقفها ونتيجة للمفاوضات التي أجريت بين الجانبين توصل الطرفان إلى اتفاق في أغسطس 1913م بتوزيع العائد الإجمالي علي أساس نسب:35%للحكومة 25% للشركة40% للمزارع.

الـ 35% للحكومة الغرض منها مساعدة الحكومة لدفع فوائد علي القروض وصيانة أعمال الحفريات وقنوات الري ودفع إيجار الأرض للسكان والـ 25% للشركة كانت لمقابلة تسويق القطن ودفع الرواتب والباقي أرباح لها والـ 40% للمزارع يدفع منها تكلفة العمالة الموسمية وتكلفة قنوات الري الداخلية والقنال الخارجي – أي كل تكاليف الحفر للقنوات ودفع ثمن الحيوانات المستخدمة في الحراثة وما يبقى للمزارع ( الحصاد والزراعة ).

والشركة كان عليها إيجار الماكينات للزراعة والحراثة والحصاد وهذه التكلفة تجمع وتقسم بين المزارعين والمجلس التنفيذي والرأي السائد أنها مستمرة من واقع الحياة السودانية والأعراف السائدة في المجال الزراعي قبل المشروع. ويري جيتسكل في هذا الاتفاق انه قوبل بارتياح بالغ من الحكومة لأنه ينطوي علي حماية تامة للمزارع وانه يدخل الحكومة والمزارعين في شراكه حقيقة في السراء والضراء وينال كل فريق نصيبه من الأزمات.


(7)

مع علاقات الإنتاج:

على إثر نشر الاتفاق الجديد في توزيع العائد بالنسب الموضحة (35%) للحكومة و (25%) للشركة و (40%) للمزارع.. وقوبل هذا الاتفاق بالسخط وعدم الرضا من المزارعين والذين لم تتح لهم فرصة المشاركة أو الأداء برأيهم في هذا الأمر الحيوي الهام والذي يتعلق بمستقبلهم وحياتهم ومستقبل المشروع نفسه وخاطب مدير الشركة في يوليو 1913م المفتش في طيبة (عليك إخطار المزارعين بالوظيفة الجديدة وأن حصتهم ستكون (40%) ويجب ألا يحاطوا علماً بالنسب الخاصة بالحكومة أو الشركة تفادياً لحدوث ردود فعل ومشاكل. ولكن بمجرد أن عرف المزارعون بتلك النسب ترك الكثيرون منهم العمل بالمشروع ورفعوا مذكرة للحكومة مطالبين بالنظام القديم الذي يعتمد على (الإيجار) فكان أول إضراب واعتراض بالمشروع وأبدى بعضهم رغبته في التنازل لقاء تعويض مناسب، وأكدت التقارير الخاصة بمديرية النيل الأزرق الإجحاف الذي طال المزارعين من هذه القسمة المجحفة وغير العادلة وذكر مدير مديرية النيل الأزرق في تقريره أن المزارعين على وعي تام بمصالحهم والشعور بأنهم ظلموا وقال أحدهم ربما يزج بنا غداً إلى السجون – ورغم تعاطف مدير مديرية النيل الأزرق مع المزارعين المبنية على الحقائق الواضحة إلا أن الحكومة والشركة رفضوا أي مناقشة أو تغيير للاتفاق ووضح ومنذ البداية أن علاقة الإنتاج لم تكن في صالح المزارعين بأن كانت على النقيض تماماً. وكانت بداية لازمة حقيقية استمرت بين المزارعين والإدارة منذ ذلك الوقت المبكر وتعاقبت الإدارات وظلت تلك الأزمة قائمة وحتى يومنا هذا وكان الذين هجروا المشروع من المزارعين أكثر بكثير من الذين واصلوا العمل بالشروط الجديدة ولكن لم يحدث فراغ وذلك لوجود مجموعات وافدة لمنطقة الجزيرة جاءوا بعد قيام المشروع واستقروا حول قرى المشروع ولم يترددوا في قبول الوضع الجديد.

  Reply With Quote