View Single Post
Old 10-18-2012, 06:48 AM   #5
 
محمد المامون
زائر

رقم العضوية :
السكن: السعودية جازان
المشاركات : n/a
بمعدل : 0



Default

5- دينا رمضا

- وداع اخير
أرسل لها... رسالته الأخيره. أخبرها فيها كثيراً، أنها ستظل أخته الغاليه، وأعز صديقه له فى الوجود. تكلم كثيراً... وكتب كثيراً. وقد كانت حروفه المبعثره، على الورقه، تُنبى بأنه على عجالة من أمره. وأخيراً... خط لها كلمة وداع، ذات الأربع حروف، الصغيرة... المضمون، الغائرة... الألم. وكأنه أهداها أخيراً... مديه مسمومه. ربما أرادها أن تقتل بها... ذكراه، وتجتثه من أعماقها. لكنها... لم تفعل. فقط... تقتل بها نفسها، كل يوم ألف مره... ولا تموت.
وكأنه أراد بخطابه الدامى هذا... أن يُحلها من أى عهد... يربطهما. ويُذيب كل النيران المؤججه بينهما. لكن... كيف ذلك؟؟! حاولت الإتصال به، والسؤال عنه. ودون جدوى، فما من أحدٍ يعلم عنه شيئاً. أخذت تعرج فى كل الدروب والمسالك، التى قد جمعنهما، وإحتضنتهما ذات يوم. وما من نفحة غبار، تدلها عليه. كادت أن تنزلق إلى... هاوية الجنون. أبهذه البساطه... يموت كل ما كان. أبهذه البساطه... يموت كل الإيمان الكامن، والحب المجنون. وتموت... النبته... المخمليه... المترفه بدلالهما. التى... سقاها بدمهما... دموعهما... وضحكاتهما الصافيه الرقراقه. أبهذه البساطه... تموت؟؟؟!
يالجبنه... يالكذبه... يالنفاقه... يالنذالته... يالحقارته. أهكذا يُلوى هارباً. ويكون نصيبها منه، هذه... الوريقه الحقيره، ممزعة فؤادها الغض. حتى أنه لم يتجرأ بمواجهتها. شهور ولت... دون أن تعرف عنه شيئاً. وبرغمها... وبرغم حُنقها، لم تستطع تمزيق الرساله. لتُصبح بصمة ألم بحياتها. وصفعه لم تستطع ردها!
ومن بين دموعها، وذكرياتها اليتيمه. تزوجت... ورُزقت بطفلةٍ جميله. كانت لها... كنسمه فى لفح الهجير. ولقد قامت بدورها... كزوجه وأم، على أكمل وجه. لكن.. كل هذا، ولم يُنسها حزنها الدفين، فى إحدى دهاليز ذكرياتها القصيه. وقد إتخذت من دموعها... الصامته الخرساء... ملاذاً، لمثكول... محكوم عليه، بالإعدام المؤبد دون الموت.
ومع الأيام... تحول كل الألم والتساؤل المخذول إلى... نقمه. وكل الحب الدفين إلى... كراهيه، تُضمرها حياله. ذلك... المأفون ... الجبان.
وفى ذات يوم، قرأت فى آخر جزعٍ لصحيفه. بحروفٍ صغيره:
إنتقل إلى رحمة الله تعالى
المغفور له/................................
مساء الأمس، بعدما تجرع من آلام الموت أمرها، على يدى السرطان الفاتك.
"إنا لله وإنا إليه راجعون"
وقد كانت وصيته الأخيره. أن أنشر هذه الكلمات، فور موته:
حبيبتى الغاليه...
صدقينى...! فما أحببت سواك بشراً. وبكل الحب أحببتك حبيبتى. غاليتى... إننى ما تركتك، إلآ لعلمى ... أنى لن أعيش لغدٍ. أردت أن أترك لك الحياه بكل طيبها وهنائها... لتنعمى. لذا إعتزلت عنكِ. فأنا لم أشأ أن... أجرعك معى غصصى. فما أنتِ التى خُلقتِ... لتشقى وتعانى. أعلم أن رحيلى... آلمك. لكنى عزيت نفسى بأن غذاً... ستقنتين. ولا أود أن أقول ... أنكِ ستنسين. لأن هذا الإحتمال... كان يقتلنى ألفاً. فى غربتى عنك.
وها قد إطمأننت على حياتك، وكيف تسير. فأشعر بالسعادة والرضا. لأنى ... أحسنت فى إختيار... أى مسالك دروبى أعرج. حبيبتى... لا تحجبى شمس إبنتك. دلليها... كما دللتنى دوماً. وأحبيها كما أحببتنى... وأكثر. إنفخى فيها... من روحك وسحرك. وأرى فيها دوماً... آمالك وأحلامك... وإن لم تكتمل. أرينى فيها... حبيبتى. وإعتنى... بزوجك. فهو... شهماً رائعاً و.... يستحقك. آآسف جداً... إن إقتحمت حياتك... ودلفت لك من ورقةٍ مطويه. وآآسف مجدداً... إن أطلت. وسامحينى...! أظنها ... يقظة ماقبل الموت. فقد أردتُ أن ... أحمل كلماتى ... بكل ما يعتمل صدرى من... حب وموده لكِ. علىّ أستطيع ... محو وصمة جبنى لديك. أردت أن أتكلم آخر مره. قبل أن... تسكتنى ... كف القدر. بعدما... حُل لسانى. ولم يعد لى ما أهابه وأخسره.
وها أنا أودعك ثانية... أودعك الآن... لحياة جميله. أودعك... الوداع الأخير. وعيناكِ... آخر ما أراه... حبيبتى...! لتكون بلسماً. يهون علىّ أوجاعى. التى... كادت أن تُفتت ضلوعى.
الوداع
ع/ فاعل خير

  Reply With Quote