View Single Post
Old 08-11-2010, 07:08 AM   #13
 
عوض خضر

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 4
المشاركات : 2,897
بمعدل : 0.56



عوض خضر is offline
Default

أسس وركائز وتطبيق الديمقراطية
7
الديمقراطية والمجتمع المدني
للديمقراطية أبعاد اجتماعية عدا أبعادها السياسية. المجتمع المدني بتنظيماته أو جمعياته التي يكونها الناس بعيدا عن السياسة في الدول حديثة العهد مع الديمقراطية، يوجد توازنا بين قوة الدولة وقوة الأفراد، بين القانون في التشريع وبين حق الفرد في التفكير والتعبير الحر. ويخلق علاقات اجتماعية بين الأفراد بعيدة عن الدولة تكون بمثابة صمام أمان ضد جبروت الدولة التي تبغي الشمولية أي السيطرة على كافة نشاطات المجتمع.

من مصلحة الدولة والمجتمع أن يكون لهذه الجمعيات صوت حر ومسموع لأنها تعكس اهتمامات المواطنين المباشرة في كافة نشاطاتهم العامة. فهم يحملون تجارب وخبرات هائلة يمكن أن تنمي المجتمع وتساعد أيضا الحكومة على اتخاذ قرارات صائبة. على الحكومة أن تأخذ جديا بعين الاعتبار ما يصدر عن المجتمع المدني ليس بالشكل المتسرع وغير المشروط ولكن باختيار أفضل المذكرات المرفوعة إليها لدراستها والاستفادة منها للمصلحة العامة. أما الجمعيات المدنية فعليها واجب بناء "شرعيتها" على مصداقية مشاركتها الجدية لرفع مستوى الحوار وتقديم مساعداتها وخبرتها لخير المصلحة العامة.

لكن المجتمع المدني هو خليط غير منسجم ومتعدد الاتجاهات وقد يتناقض مع بعضه البعض حتى في الأمور المشتركة. فكل طبقة اجتماعية تعتبر مصالحها متطابقة مع المصلحة العامة. إن جمعيات المجتمع المدني تعكس وجهة نظر أعضائها فقط وليس لها أي تفويض عام كما هو الحال في الحكومات الديمقراطية المنتخبة من الشعب والمسؤولة عن تسيير دفة الدولة. تقوية المجتمع المدني يجب ألا يبقى تنفيسا عن مشاكل الشعب وألا ينوب عن العمل السياسي المباشر عن طريق الأحزاب. العمل السياسي لإصلاح شؤون الدولة والمجتمع هو الوسيلة الأكثر نجاعةوالأكثر ديمقراطية.

انتشار الجمعيات المدنية في الديمقراطيات الغربية ظاهرة أساسية في الحياة العامة. يوجد في كندا مثلا والتي تحوي نحو31 مليون نسمة، تسع مئة ألف (900000) جمعية مدنية. منها الجمعيات الكبيرة ذات النفوذ الواسع كالنقابات وجمعيات رجال الأعمال ومؤسسات عالمية مثل العفو الدولية... إلى جمعيات صغيرة تدافع عن قضاياها من بيئية إلى فنية أو دينية...
نموذج عن تأسيس جمعية مدنية
ليس من السهل تأسيس جمعيات عربية أو العمل فيها تبعا للمفاهيم والقواعد الديمقراطية. المجتمعات العربية تستند غالبا على الزعامات من حيث الحكم والتي تعتبر نفسها مالكة للسلطة. هذه الزعامات العائلية أو العشائرية أو الدينية أو الطائفية... أصبحت كشيء بديهي في التفكير الاجتماعي والسياسي. كيف التوفيق بين العقلية الأولية والعقلية الحديثة في تأسيس الجمعيات العربية؟ ما مصدر السلطة، ما هي حقوق وواجبات الأعضاء، كيف يتخذ القرار، ما هي آلية "طبخ" الأمور لتنضج وتصبح جاهزة، كيف يتحاور الأعضاء مع بعضهم، هل هناك طرقا سليمة وفعالة للحوار..؟
الجمعيات فيأي مجتمع ديمقراطي ، ليست ملكية فردية أو ورشة خاصة يتحكم بها الإداري كما يشاء. العمل الجماعي هو من خصائص هذه الجمعيات، وهو من أصعبها خاصة بالنسبة لأفراد يعملون في المجال الخاص. لأن عقلية العمل الجماعي هي عقلية منفتحة بالضرورة على الآخر. الهدف هو الوصول إلى أفضل الحلول وليس إلى حل مقدم من فلان استنادا إلى مركزه الاجتماعي أو الإداري أو المالي. تلاحم الأفكار والإرادات في العمل الجماعي هو من الضمانات الأساسية للنجاح. والإمعان في الرأي الآخر مفيد جدا، ولو كان مخالفا أو ناقضا أو معدلا لما يقوله البعض. بهذه الطريقة تتطور الأمور. فتناحر الأفكار وحوارها يؤدي، إن تم بشكل سليم، إلى فهم أفضل للأمور من حيث أننا نأخذ بالاعتبار جملة أبعاد الموضوع لتوسيع الرؤية واستنباط حلول أفضل.
السلطة والإدارة ضرورية في تسيير الأمور، ولكن السلطة عوضا عن أن تكون خدمة للناس قد تتحول إلى تسلط بخروجها عن قواعد العمل الجماعي. لذا يجب أن تحدد المسؤولية بشكل واضح في نظام داخلي كي لا يختلط الحابل بالنابل وتميل الأمور إلى صراع على السلطة وتفتح الأبواب أمام الحيل والمناورات الهدامة. فالسلطة هي بمثابة تفويض من أعضاء الجمعية تعطى إلى الإداريين لتسيير الأمور بأفضل ما يمكن حسب تطلعات الأولين. لكن حين تنفصل الإدارة عن قاعدتها وتتحرك دون أي اعتبار لها، تتجه بذلك إلى منزلق خطير قد يطيح بالجمعية ككيان جماعي.
العمل الطوعي في هذه الجمعيات غير النفعية خاصة، هو بمثابة العامود الفقري لها. هذا العمل المجاني يتطلب من إداراتها أن تحس به وتقدره كل التقدير. فشعور المتطوعين بأنهم حققوا شيئا ما لخير الناس هو إحساس يغني النفس. من الضروري تشجيعه لفائدة الجمعية وبقائها ونموها. لكن عندما تدخل في هذه الجمعيات * النيّات النفعية بكافة أشكالها تصبح القضية لا أخلاقية ومكيافيلية لأنه تحايل على المبادئ المعلنة. هذا السلوك يصبح أكثر قبحا عندما يصدر عن الإداريين المنتخبين والحائزين على ثقة الأعضاء. عندها تتسبب الإدارة في انهيار معنويات المتطوعين في العمل الجماعي للأسباب المذكورة، يصبح من الضروري على الجمعية العامة، المطالبة في تغيير سلوك الإداريين أو فصلهم في اقرب فرصة وانتخاب أفراد أكثر إحساسا بواقع الأمور وأكثر ديمقراطية، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. من السهل نسبيا تخريب الجمعيات ومن الصعب جدا إعادتها إلى الحياة.
هناك مبدأ هام آخر في السلوك الديمقراطي، من الضروري أخذه على محمل الجد، وهو انه يمكن خسارة معركة انتخابية أو تصويت ما في لجنة أو جمعية عامة أو مجلس إدارة لصالح الآخر دون الخجل من ذلك أو الشعور بالإحباط أو المذلة لأن العملية تمت بشكل واضح وسليم. إن إرادة الأعضاء هي التي تقرر النتائج في النهاية وليس من المشين الرضوخ لإرادة الأغلبية.
مبادئ الجمعيات بلا أهداف نفعية
إن تأسيس الجمعيات بلا أهداف نفعية في المجتمعات الحديثة هو من أهم أركان ممارسة الديمقراطية المباشرة. هذه الممارسة تغني المجتمع المدني بأنواع لا تحصى من النشاطات السياسية والاجتماعية والفنية والرياضية... كل الدول الديمقراطية تحيط هذه الجمعيات بقوانين أساسية لكي تمارس فيها النشاطات بحرية سليمة. المبدأ الأساسي في أي جمعية بلا أهداف نفعية هو أن السيادة في إرادة أعضائها. هذه الإرادة تعبر عن نفسها وبشكل رسمي عن طريق اجتماعات الجمعية العامة. وقراراتها تعتبر كقانون لها وهي ملزمة لكل الأعضاء.
من جملة حقوق أعضاء الجمعية العامة:

  Reply With Quote