View Single Post
Old 08-08-2010, 06:02 AM   #8
 
عوض خضر

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 4
المشاركات : 2,897
بمعدل : 0.56



عوض خضر is offline
Default

أسس وركائز وتطبيق الديمقراطية
4
نمو وتطور الحياة الديمقراطية
"الناس سواسية في النظام الديمقراطي والنظام الاستبدادي.
في الأول لأن الناس هم كل شيء وفي الثاني لأنهم لا شيء"
مونتسكيو 1755-1689
يقال إن العرب لا يمكن أن يصيروا ديمقراطيين. هذا حكم صارم وباطل. فهو يخلط بين الكيان والوجود. كأن كيان العربي كعربي شيء جامد يحمل في تكوينه الداخلي عنصرا سلبيا ينفر من الديمقراطية بشكل دائم. أما الوجود الواقعي للناس بكافة قومياتهم فهو وجود متحرك أي يتبدل ويتطور في الزمان والمكان.
الديمقراطية بمفهومها الحديث بعيدة عن مفهومها الأصلي عند اليونان الذين اوجدوا هذا التعبير. الديمقراطية كان يمارسها بشكل مباشر قلة من "المواطنين" في مدن قليلة السكان. أما عند العرب فمفهوم الديمقراطية لم يكن واردا أصلا في تاريخهم. الحكم العربي بفي غالبيته كان فرديا. يتولى الحاكم حكمه إما عن طريق المبايعة أو عن طريق القوة. سلطته مطلقة يدعي مصدرها من الله مباشرة دون أي مساءلة أمام من بايعوه ومن رضخوا عنوتا لإرادته. مساءلته أمام الله فقط . أما الشورى، التي يحاول البعض مغالطة تشبيهها بالديمقراطية، فلقد كانت تعني في أحسن الاحوال الأخذ برأي الفقهاء والعلماء وشخصيات لها اعتبارها في المجتمع. لكن هذه الشورى لم تكن ملزمة للحاكم. الشورى كانت بمثابة الاستشارة كما نراها اليوم.
وضع الديمقراطية في الغرب قبل الثورة الفرنسية ،التي فصلت الدين عن الدولة، لم يكن أفضل من وضعها عند العرب. كان الحكام يدّعون هم أيضا بالسلطة الإلهية وعدم المساءلة أمام الناس.
الواقع العربي الحالي ليس بعيدا عن هذا التاريخ القديم. فتراثنا الثقافي والديني وتربيتنا الضحلة في احترام الحريات السياسية والمدنية للأفراد، غير كافية وغير مؤهلة لتطبيق نظام ديمقراطي مع كل ما يتطلبه من مرونة في التفكير والسلوك. مفهوم الدولة في البلاد العربية غير ملائمة للديمقراطية فهي في أغلب هذه الدول إما عائلية أو عشائرية أو فئوية أو دينية أو شعوبية أو شمولية أو خليط من هذا وذاك مع لاعقلانية وعشوائية في التصرف السياسي والاجتماعي والاقتصادي والمالي...
رغم ذلك لا يمكن الجزم بمستقبل العرب في هذا المجال. ففي أعماق كل إنسان نزعة إلى الحرية الفردية للعيش في مجتمع من الأحرار. فالديمقراطية كما نراها في كثير من الدول المتمدنة، تبدو لنا جليا، أفضل وسيلة لتعايش الحريات بعيدا عن العنف والغوغائية. بتبدل الأوضاع الثقافية والمعيشية للإنسان العربي وإفساح مجال الحريات العامة أمامه، سوف يتقدم في مجال الديمقراطية ككثير من الشعوب التي لم يكن لها تاريخ عريق فيها.
الديمقراطية فكر وسلوك، ثقافة وتنظيم سياسي واجتماعي. تتطور تبعا لمفهوم الناس عنها وتبعا لسلوكهم الجماعي مع بعضهم البعض.الديمقراطية عملية متواصلة تحتاج إلى وعي من المواطنين للحفاظ والدفاع عنها وتطويرها. أول الطريق هو في تربية الأجيال الناشئة على القيم الديمقراطية والسلوك الديمقراطي.
لا ضمانة تلقائية لبقاء الديمقراطية. فالتاريخ يظهر أنها يمكن أن تصعد وتهبط وتضمحل كأي قيمة إنسانية. الديمقراطية هي أفضل صيغة للحكم لأنه نظام لشعب راشد أو لشعب يبغي الرشد والنضج ويتحرك ضد انهياره الأخلاقي في السياسة وضد حكم الوصاية عليه

  Reply With Quote