View Single Post
Old 03-10-2010, 07:03 PM   #10
 
خالد احمد محمد الحسن

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 12
المشاركات : 136
بمعدل : 0.03



خالد احمد محمد الحسن is offline
Default

الحسين الزهراء:


تقول كتب التاريخ عن الحسين الزهراء أنه عالم أزهري متفقه في الدين ملك ناصية البيان شعراً ونثراً وكان واحداً من مجددي الشعر في عصره ، يقول عبد المجيد عابدين عن شعره "وشعر الشيخ حسين بوجه عام ، أقل عناية بالمحسنات البديعية اللغوية".( ) أما عن بلوغ باعه في النثر فليس أدل من استعمال المهدي الزهراء كأحد كتابه الرسميين ، ومن اشهر الرسائل الرسمية التي كتبها الزهراء رسالة المهدي إلى أحد الزعماء الذين لم يؤمنوا بدعوة المهدي وهو صالح المك الشايقي. ( ) وقد علق عابدين علي نثر الزهراء وأشار إلى ما يميز هذا النثر من اقتباس وسجع وجناس ، وأسلوب الزهراء في تقدير عابدين هو "الأسلوب البديعي الديني (الذي) لقي رواجاً في عهد المهدية علي يد المهدي نفسه".( )
مهما يكن من أمر فقد أنخرط الزهراء في ركاب الدولة بعد حملة هكس التي هزمها المهدي في واقعة شيكان نوفمبر 1883 ،( ) وأعلن إيمانه بالمهدية لكنه أتهم الدولة الجديدة باحتقار العلم والعلماء وموالاة الجهلة ( )، ويقال أنه نصح المهدي بوجوب إسناد الوظائف إلى العلماء. ( ) ومع هذا وبسبب إيمانه بالمهدية عمل مع المهدي وناصره وبعد وفاة المهدي عمل قاضياً للإسلام وهو أعلي منصب قضائي في عهد الخليفة وقد حرص الزهراء أن يحكم بما يرضي ضميره "وكان ذا رأي مستقل في تطبيق الشريعة وكان لا يعمل بالمنشورات إذا تعارضت نوعاً ما كما أمر المهدي بذلك".( ) وكما هو واضح فإن الزهراء حرص علي نزاهة الحكم وعدالته ورفض أن يكون أداة في يد الخليفة ، تقول الروايات أن الزهراء "قضى بعدة مسائل علي خلاف ما أراد الخليفة".( ) ولا شك أن سلوكاً مثل سلوك الزهراء في ذلك الزمان البعيد وفي ظل دولة ثيوغراطية لم يكن بالسلوك المقبول علي ما ينطوي عليه من تمرد ، وكان بديهياً أن يلقي الزهراء جزاءه ثمناً لشجاعته وحرصه علي العدالة كما أقرها الدين والشرع ، فقد حبس في غرفة ضيقة بسجن الساير "ومنع من الطعام والماء إلى أن مات قهراً 1895".( ) ليس هذا فحسب بل أن الخليفة حرص علي تصفية فكر الزهراء وشبهه بالشجرة التي "وسط الزرع فإنها تأوي الطير الذي يفسد الزرع ، فما يستريح الزراع حتى يقطعها من أصلها".( )
ومن آسف أن شخصية الزهراء لا تجد الاهتمام اللائق بها ، فأغلب كتب التاريخ لا تتحدث عنه إلا بطرف خفي ، هذا إذا لم يتم تجاهل الشخصية تماماً ، حتى في الكتابات المعاصرة نلمس ذات التجاهل لشخصية الزهراء ، ففي كتابه الذي أرخ فيه لأكثر من ستين عالماً لا يشير صديق البادي للحسين الزهراء علي الرغم من تركيز الكاتب علي منطقة الجزيرة التي ينتمي إليها الزهراء. ( ) أما الشاعر والمفكر محمد المكي إبراهيم فهو لا يشير بوضوح للزهراء وموقفه الشجاع ، بل يتجاهل الأمر برمته ويشير له عرضاً ، نجد ذلك في معرض حديث محمد المكي عن مساوئ حكم الخليفة عبد الله الذي "علي يديه تم اضطهاد المثقفين والعلماء السودانيين والتنكيل بهم".( )
لم يكن غريباً أن يكون الشاعر والمفكر صلاح أحمد إبراهيم واحداً من القلائل الذين يتوقفون أمام سيرة الزهراء والإعجاب بها ، ففي معرض حديثه عن تكوين شخصية المثقف السوداني نجده يشيد بالتاريخ الناصع للشاعر والثائر الحسين الزهراء ، ويحاول صلاح قراءة العلاقة المتوترة بين الخليفة عبد الله وبين المفكرين مثل الزهراء ، فيقول: "لم يكن الخليفة عبد الله بحاجة للقلم فعنده ذهب المعز (...) ثم كان هناك الساير (السجن) حيث يسجن العالم والشاعر والكاتب الثائر الذي كان يحض الناس علي العصيان والثورة باسم مستعار يعرفه الفطن (بأخي الحسن

  Reply With Quote