View Single Post
Old 07-20-2010, 09:21 AM   #29
 
عبدالمنعم
مشرف المنتديات الأدبية

تاريخ التسجيل: Mar 2010
رقم العضوية : 26
السكن: الكلاكلة
المشاركات : 1,175
بمعدل : 0.23



عبدالمنعم is offline
Default

والعمدة وولد العمدة هما أصل بلاء صالح (ود قنعنا) هما مصدر همه و(عكننته) المستدامة. فولد العمدة هو السبب الأساسي في وإيقاف أحلامه (المنبهلة) فيما (يخص) سعاد وهو الكيد الماثل بكرشه المتدلية و (المدردقة) في الحرير ولأنه ( يقدل ) تمساحاً في الفريق أبيح له الهمس والغمز واللمس وهو الشيء الذي (يحرق) دم صالح (ود قنعنا) ويجعل منه الخضرجي (المتنرفز) أما العمدة فهو الاضطهاد يمشي على قدمين وإمعاناً في اضطهاد ود قنعنا:

(والعمدة صاح:

يا ولد

يا إنت

يا صالح..تعال .. شد الحمار

وانده سعاد شد الحمار .. وانده سعاد

أنده ... س ع ا د … شد ا ل ح م ا ر)

ولكن بالرغم من عزة النفس التي (بركت) جراء الحب المطرز بالمراسيل والغبار، لا يهم إذا كانت نهاية (شد) الحمار هي ( شوفة ) سعاد.

( أديني بس يا عمدة

بس يومين صباح

وغروب طويل

أقدر ألملم فيها عفش الروح

واشد عصب المسافة

الواقفة بيني وبين سعاد

أدق يا عمدة بيني وبين حماك أوتاد

وارقد في ضواحي السوق

واحلم والعمر .. مشنوق)

(يتبع…. مع العمدة جابر ود خف الفيل)

عمر الدوش وضل الضحى

نهاية الوجيب بداية العمر …

(الأخيرة)

عمر (ود ستنا)

لم يكن طويلاً يتجاسر على ربعه ولا قصيراً يتقافز إلى منفعته ولكن كان بين ذلك ربعة بين الرجال وكان لونه بين القمح وبين العسل يتراوح حين العافية وحين الاعتلال قمحياً في الصحة عسلياً حين السقم. وحدثني من حدثني أنه في شبابه كان الوسامة تمشي على اثنين مهندماً أنيقاً (قيافة وفايت الناس مسافة) شكلاً ومضوعاً. كان بسيطاً في عمق ومتواضعاً في أنفة وضعيفاً في قوة وواضحاً وضوح الشمس رائعة النهار. يحب إمضاء العدل عليه وعلى غيره ويمقت الظلم على نفسه وعلى الآخرين. في حديثه لطف العارف المجرب وسخرية الزاهد المغادر. لغته اليومية بسيطة مفهومة ومدعومة بإشارات من كلتا يديه ولغته أقرب إلى لغة أهل القرية ويستطيع التحدث بلهجة أبناء المدينة و(المثقفاتية) إن أراد حتى لتظنن أنه من أعرق أولاد أم درمان. لسانه طلق في اللغة الانكليزية لا ( يتعنعن ) فيها إي يدخل كلمة (يعني) العربية في الجملة الانكليزية دأب بعض المثقفين السودانيين المتحذلقين ويحذق اللغة التشيكية كأنها لغة أمه ولكنه أحب أهل السودان وأرض السودان عن صدق لا عن تنطع وادعاء وتشربت بذلك روحه وجرى حبهما في مجرى دمه وفي شعره حتى نسبت إليه خلطة (الوطن الحبيبة 000 الحبيبة الوطن) . رقيق رفيق مخمص، سرته أقرب إلى (عظم ظهره)، لا بطن له ولا أوداج ولا ( ودك) من تتابع المسغبة وطول الطوى. يمشي على (عرجة) ظاهرة لقصر في ساقه الأيسر جراء انزلاق ذات خريف وكانت رجله تؤلمه إلى أن غادر الدنيا وتسببت له في مشاكل في العمل وكان يأمل في علاج وهو يري القوم (يؤردنون) نسبة إلى الأردن أو (يلندنون) نسبة إلى لندن ولكن ما كان ليتزلف أحداً ولكان سافر لو داهن وتملق وقريبه (الرئيس) وأهل قرابته أبناء عمومة وخؤولة من المتنفذين في كل موقع ولكن هيهات فقد كان نسيج وحده في الكبرياء واحترام الذات. كان ذكي الفؤاد لماحاً يفهم الجملة من الكلمة الأولى ويدرك المعنى من إشارته ويكمل لك ما كنت تود قوله ويضيف إلى معناك معنى جديداً ما خطر لك على بال. كان يحب الناس البسطاء ويتقرب إليهم يواددهم ويجلس إليهم الساعات الطوال لا يمل جلوسهم وكانت نظريته في ذلك أنه في كل امرئ من البشر معرفة من المعارف ليست لديك ويمكنك أن تصل إليها وأن تستكنهها إن أدركت إليها السبيل ولكن الفرق الفارق أن الناس البسطاء يمنحونك إياها هكذا عفواً حباً وكرامة دون تمنع ولا التواء ولا من. وأغلب شخوصه في شعره وفي أعماله المسرحية من هؤلاء البسطاء فمشروع تخرجه (نحن نمشي في جنازة المطر) يمشي في سياق الغلابة والمسحوقين و مسرحيته (دهشو) التي تخرج بها الطالب وقتها عاطف البحر، نالت الجائزة الكبرى والناس البسطاء لحمتها وسداها وعندما أعاد كتابة إحدى المسرحيات اختار مسرحية ( جوابات فرح) ليوسف خليل ومسرحيته الأخيرة (عبد الغفار) جسمت ما أراد عمر الدوش أن يقول للمسحوقين وعلى لسانهم حتى ظن البعض أن عبد الغفار انما هو عمر الدوش نفسه ثم انظر إلى شخوص معلقته (ضل الضحى) من أبناء أمهم محمد ود حنينة وعلي ود سكينة وطه ود خدوم وصالح ود قنعنا. والأطفال في شعر الدوش تجسيد حي لانتمائه للمساكين واليتامى وأبناء السبيل والمنسيين:

(حأكتب لى شجر مقطوع

مسادير ..يمكن يتحركْ

خطابات لى (طفل مجدوع)

يقوم00 يجري00 يقع00 يبركْ

رسالة لكل قمرية

إذا دم الشقا اتوزع على كل البيوت

ما تـركْ)

أو هم اليتامى الغلابى الذين اوكل إليهم إقالة عثرة تاجوج:

(يا يتامى

يا غلابى

شوفو لى تاجوج زمام)

( ولسة بترقد الخرطوم

تبيع أوراكا للماشين

تطل من فوق عماراتها

وتلز (أطفالها) جوة النيل)



وانظر هذا الوجيب وهذا النشيج:

(رقدت على البحر .. غنيت

مليت أحزاني بالأمواج

جرحت الدنيا بالدوبيت

جريت لى ساحة الشهدا

لقيتم لا وطن لا بيت

دخلت منازل الأمات

وطليت لى شقا الأخوات

لقيت (أطفالي) في الشارع

بيجروا على أمل واقع

رقدت على البحر غنيت

واتذكرت أهلاً لى .. ساكنين في سجن كوبر)

( وصاني ابوي

الموج بيهدم كل رخوة على الجروف

شد الضراع.. زي المراكبي مع الشراع

لازم تعرفوا الظلم جاي من وين عليك

وافتح عينيك

على زهور الغابة والأدغال.. على (الأطفال )

ولدى الدوش حزن وخوف أزليين على الأطفال من أن يصبحوا يتامى منسيين مسحوقين و (مجدوعين):

(جيت أسألك يا طفلة الألم الرضيع

تديني خاطرك شان أضيع

في شوق موزع في الزحام)

(إنت يا ليل المغنين

في صباحات اليتامى

في البشيل فوق كتفو يمشي

لما ترخي الخيل لجاما)

وكانت أغنية الحزن القديم قد أحدثت دوياً هائلاً عندما شدا بها فنان (عموم أهل السودان) الأستاذ محمد وردى رده الله إلى محبيه سالماً، ولكن سنام الفعل الدرامي والعاطفي فيها جاءت في مقطع بسيط في كلماته عميق في معانيه:

(بتطلعي إنت من صوت طفلة

وسط اللمة منسية)

وكانت أبرز صفاته الشجاعة دون تهور. كان لا يتوانى أن يجابه كائناً من كان بالحقيقة الساطعة لا يثنيه عن ذلك شئ. ولقد شهدت له جملة مواقف مع أقرب أهله ومع أغراب يفلقهم بالحق والرأي الشجاع في اللحظة التي ليس غيرها لحظة صدق فيصدعون له لا يستطيعون إلا أن يوافقوه على ما رأى في التو واللحظة. جاء (يضلع) إلى الدكان المجاور في الحي وهو من بعيد يسمع صراخ المشكل القائم بين صبي الدكان المسكين وصاحب (الكريسيدا) ذي النظارات السود والعمة (الشاش) والشال (الشاويش) والحذاء (النمري) ومازال الدوش يتكأكأ حتى وصل مكان الضجة وقد أدرك مسبقاً وتأكد تماماً أن صاحب الجلابية (السمنة) يفتري على صبي الكنتين بالفعل وبالقول فما كان منه إلا أن أخذ (عرجة) واسعة ووقف أمام كرش صاحب النفخة وقال بهدوء ولكن بصوت واثق آمر مسترسل لا يترك (فرفصة) للسامع:



(يا زول هوي.. من وين انت؟ والشمطة شنو؟ والا أقو ليك .. أنا عارف الشمط شنو.. أ ر ك ب ع ر ب ي ت ك وانكشح) وحينها ساد الصمت الواجب أن يسود وركب الرجل عربته لا يلوي على شيء وهو (يهضرب) دا منو ؟ إنت منو؟ فيعاجله الدوش ( أنا الجن الكلكي ولابس ملكي) فيتناقل الخبر الأطفال والصبيان والفتيات والفتيان ويضج الحي بالفخر والابتسام. ولقد حكى لي أنه حين توفي القائد العمالي قاسم أمين في الغربة لم يجد القوم من يرافق جثمانه سوى عمر الدوش وكان حينها طالباً في بلاد التشيك فوافق تواً وهو يعلم ما في ذلك من مخاطرة بمستقبله وربما بحياته والنظام النميري حينها أسعر من كلب ضال في ملاحقة أهل اليسار ولقد دهشت حتى قوى الأمن من جرأته فقالوا له في المطار (الآن وقد أتيت إلينا برجليك نسوقك الآن) قال لهم لا ليس قبل أن أسلم الجثمان إلى أهله وأحضر مراسم الدفن ثم أسلم نفسي لكم طوعاً وأعطاهم جواز سفره وكان ما كان.






التوقيع
التوقيع عند النجار

  Reply With Quote