View Single Post
Old 07-20-2010, 09:12 AM   #28
 
عبدالمنعم
مشرف المنتديات الأدبية

تاريخ التسجيل: Mar 2010
رقم العضوية : 26
السكن: الكلاكلة
المشاركات : 1,175
بمعدل : 0.23



عبدالمنعم is offline
Default

العمدة الذي جعل من يوم الحزن والحداد العام يوم احتفال بضيفه الزائر الكبير وقد تداخل الحزن العام مع الحالة الخاصة بمحمد ود حنينة الذي يقبع في سجن العمدة الذي كان المدرس (طه ود خدوم ) أول زائريه في محبسه لإبلاغه أن (الحلة) قد امتنعت عن بكرة أبيها عن استقبال زائر العمدة (الكبير) وأنه:

(لا زول هتف

لا كف مشت بتلاقي كف

والعمدة زي همبول وقف)

(يتبع…. مع صالح (ود قنعنا) الخضرجي)

صالح ود قنعنا

قراءة ثانية

الشمس كالقمر في انسرابها لا محالة صائرة إلى محاق عند الغروب وليس أبلغ في التعبير عن تلاشيها و اضمحلالها وزوالها من تصغيرها:

(شميس المغرب الممحوق)

وهي في ميلها وغروبها لا تنسى أن تميل على وجه صالح ود قنعنا (الخضرجي) وتنعكس صفرة أشعتها على صفرة (سنيناته) فتكون الصفرة الأخيرة في غاية الإبانة والوضوح، وتبين معها إخفاقات وتعاسات وأحزان أخر وانعكاسات حياتية سالبة و(مقلوبة) لدى صالح (ود قنعنا) أهمها أن الأيام معه ليست على ما يرام وأنها لم تعطه ولم تنله شيئاً من رغد العيش ولينه ولا بعضاً من لطف الحبيبة وقربها. ولكثرة ما في شعر الدوش من إيحاءات فإنك تجد نفسك عاجزاً عن تتبعها ولكن لنأخذ مثالاً واحداً:

(ولا عاشرت هدماً زين..

ولا حتيت تراب السوق)

إن (حت) التراب في البيئة الرعوية والزراعية يعني (العرس عديل) الذي تتبعه النظافة والتهندم (والرونقة) لزوماً لأن الشاب في مقتبل العمر لا يأبه كثيراً وهو عازب في أي هيئة يكون ولا يتشذب إلا في المناسبات وذلك لأسباب شح المياه و الاهتمام بالأرض وكفاحها و لأنه يهب جل همه (للسعية) ورعيها ورعايتها وسقايتها ولا (يتصنفر) الفرد منهم إلا للزواج و ما بعده وتكون للعروسة اليد الطولى في هذه (الصنفرة) وتوظف فيها كل الوسائط الممكنة من الماء والصابون (بالكراشة) إلى (الدلكة) لتنعيم ما اخشوشن و(تمليس) كل (كشكة) سلفت بفعل تراكم التراب على العرق. ويستعمل التعبير (حتيت التراب وحتيت الشيب) كثيراً عند الزواج. فيقول الشاب (أحت التراب) أي أتنظف واتهندم بالزواج ويقول الشيخ المتصابي (أحت شيبي) أي أتزوج من صبية تخصيصاً فأعود شباباً كرة أخرى. فانظر كيف أوحى الدوش بكلمات قليلات في غاية البساطة:

(شميس المغرب الممحوق

تميل فوق وشك المحروق

تبين صفرة سنيناتك

يبين ضل الكلام مقلوب

تميل يا صالح الأيام

ولا عاشرت هدماً زين

ولا حتيت تراب السوق)

وكل متعلقات ( ودقنعنا ) غير كونه خفيف الظل، تنحو ناحية العطب و(العطلة) فهو كما سلف عازب (بوهيمي) ومع ذلك فجرجيره (بايت) وليمونه (باير) مثل حزنه وبعد ذلك يبيع، فيما يبيع ، تواريخ دمه (الفاير) مع سأم عمره في شكل (كيمان) وعند ما يتوالد (زهج خيلك) لا يلد فرادى ولكنه يلد التوائم ويتربى الأسف فوق كتفيك. ومع أن تركيبة الجملة تقول أن (زهج خيلك) هو الذي يلد التوائم فتفصل الخيل بينه وبين (الزهج) بل ينسب (الزهج) إلى الخيل أصلاً إلا أن المفهوم من السياق أن (خيل زهجك) هي التي تتكاثر فينتسب (الزهج) والضيق (والقرف) وضيق الخلق والدم (الفاير ) إليك مباشرة وحينها لا ينفع صبرك (الناير) ولكنك سوف تلعن الكل ولا توفر أحداً أو شيئاً. ومع في في هذه الصورة المسرحية من طرافة وجدة إلا أنني أجد صالح ود قنعنا أحد اثنين. إما أنه جاء إلى المهنة صدفة وراغباً عنها لا راغباً فيها أو أن ما يعانيه فوق طاقته وذلك لأن أهل المهنة (الخضرجبة) معروف عنهم الظرف واللطف وخفة الظل وهو مثبت (تفضل يا خفيف الضل) لأن التعامل مع الخضار كالتعامل مع العطر ينعكس على نفس ممتهنه بما للخضرة من أثر في الانشراح والانفتاح. فتبقى معاناة ود قنعنا التي هي فوق ما يطيق والتي تجعلة (متنرفزاً) على الدوام خلاف ما هو معهود عنه:

(تفضل يا خفيف الضل

ورشرش صبرك الناير

وارفع صوتك الحنضل

والعن ما يهمك زول..

أبوك يا سوق .. سليل الهم

أبو الطورية والمنجل

وخال الرجلة عم الدنيا

جد الفجلة والفلفل

وشكل القفة والكرتونة والجردل

والعن ما يفوتك زول..

من الشارين

من البايعين

وجنس اليرضى و اليزعل

واشتم يا خي إيه فضل؟؟
لأنك في غضبتك المضرية لن تقبل أن تميل النجمات مع القمر العنين الأهبل ولأن آمالك يمكن أن تميل وأن ترقص وأن تتعدل وأنه يحق لك بعدها أن تسخر من النيل الذي أصبح (مبولة) مع قناعتك الخالصة أن أمواجه لن تتبدل بالرغم من (البهدلة) الحادثة لها ولأن (سعاد)، وهذا هو الأهم، لا يمكن أن تتحول.

( دي ما شمس الضحى الأعلى

ومشية حنينة تحت الضل

وتكية طرية فوق رملة

دي أحلام جارية منبهلة).

وأكثر ما يطرب هذه المعرفة الثرة بلغة المهنة و مصطلحات (الخضرجية) وتوظيفها لخدمة النص أنظر:

(رش جرجيرك البايت)

(عد ليمونك الفضل)

(كوم حزنك الباير)

(بيع من غير تشاور زول)

(تفرش في الضحى الأعلى)

(تبيع سأم العمر كيمان)

(لافتات ، أوزان، أتمان)

(رشرش صبرك الناير)

(الطورية، المنجل، الرجلة، الفجلة، الفلفل)

(القفة، الكرتونة، الجردل)

(سعاد نعناع)




التوقيع
التوقيع عند النجار

  Reply With Quote