كان اخر ركاب المركبه التي تزوم ايذانا بالمغادره
الحقيبه الصغيره التي لا تمت لفئته العمريه بصله تبدو لافته تثير السخريه
ومع ذلك كان يحاول ان يزدرد حسره قاومها لمدة ايام كانه لم يعي تماما انه لابد من الرحيل اول ما فعله كان التخلص من الحقيبه التي تجعله اكثر تحسسا من نظرات الاخرين ومن همساتهم
ارتفع نشيجه الداخلي بعيد ان ارتمي علي مقعده الوثير
رغم ان رحلته كانت بالنسبه اليه من قبل عوده لمراتع الصبا الا انه اكتشف لاحقا انه سيكون مضطرا ان ينبش في اشياء كاد ان ينساها بعد ان تراكم عليها غبار السنين
في البدايه عندما سمع خبر نقله لهذه الاصقاع استجابة لطلباته المتكرره فزع وساورته الشكوك في امكانية صموده
ولكنه تراجع عن ذلك فوجوده هنا لم يعد خيارا بعد ان اكتشف ان الاحلام التي تراوده حتي في صحوه ستظل مجرد جرعه لازالة الاحباط فقط
هاهي التي ظل ينتظر ان يصل اليها وكانت تغزل الحلم معه بعد ان ازالت مساحيق ضغوطات اهلها وانها مغلوبة علي امرها ترمي في وجهه تلخيصها لحاله المتردي
قائلة ان ما كان حلما مشتركا بينهما ليس الا سراب لايمت للواقع بصله
وانه ليس لديه القدره علي تحطيم قوقعة واقعه المرير بحثا عن محاوله جديده
كان هذا اخر حديث اجراه معها وكان كذلك اول صافره اطلقت لبدايه يجهل الي اين ستؤدي ولكنه كان يمني النفس بخيارات ستتواجد خارج نطاق الرؤيه الحاليه
رغم القسوه في تقرير مصير حلمهما
الا انه بعد فتره اكتشف ان كلماتها كانت محفز لا بد منه ليمارس الاستفاقه التي كانت حينذاك كئيبه حارقه
عاد الي الحافله بعد التحليقه القهريه واكتشف ان جارته ذات التقاطيع الدقيقه والعينان الواسعتين تتلصص علي سرحانه دون ان يعي
تسول الجريده التي تستعملها كمذبه لذباب غير موجود رغم معرفته الاكيده بان الجرائد التي تبدو كلوحات اعلانات هذه الايام ستزيده ضيقا
لكنه اراد كسر حاجز التباعد المتعمد لاثبات طهاره لاتثقبها كلمات جيران رحله طويله
مر علي كل شئ غير الاعلانات ولكنه ياللغرابه راي في كل ماقراه اعلانا ما اعلان عن تغيير منشود بمؤسسات خارت قواها في محاوله مستميته لاستدرار عطف القراء الذين ماعاد اصلا يعنيهم الامر
اعلان عن تحسن في دخل الفرد وتساءل اين هذا التحسن تحسس الجنيهات التي يحملها الي امه كي لاتوصمه بالخيبه
ثم عاد من حيث اتي تحرقه العوده الان لقد تعود علي كل شئ القطاطي الناس الحشائش البريه الشمس القاسيه الخريف المعطاء عيدان الذره حواف الاستغراق في المتعه
وجوه الصغار المسامره حتي وقت متاخر
كل ماكان يفعله الذين حوله يغسلون مع ثيابه الكثير من الالم يتسابقون علي فعل ذلك وفعل كل مايجعله مبهورا كل مايجعله ينغمس في الانتماء اليهم رويدا رويدا
ومع ذلك كان لابد له من اوبه حتي لا يلحق به الي هنا اخاه مرة اخري كما فعل قبل فتره فوجده غارقا في ما سماه هذيان اثم
تنهدت الفتاة بجانبه بحرقه فالتفت اليها وبدا يتحدث اليها دون سدود
حدثها عن كل شئ كانه يعرفها من سنين عن خيبته وعن استسلامه لفتره وعن فصول محو الاميه التي اوجدها وسط القطاطي وعن فكرة المستودع الذي يضعون فيه الفائض الجماعي وعن التعاونيه التي يزمع انشاءها
وعن بقراته المطيعات وعن قطعة الارض التي ستدر اليه بعد الحصاد مدخولا لا باس به وعن قطيته الاثيره ( النقاع) ( وكنش العصيده) ( والحله ) المسوده
وعن التلقين مع اوعية العسليه وعن اناشيد الحصاد بلهجات لم يفهمها بعد لكنها كانت تسري في فكرته عن العمل الجماعي والانجاز الخارق وتجعل ( النفير ) طقس تلاحمي حازق يجتاحه حتي في نومه
حدثها عن الرعود والقطرات التي تظل تجلد الارض لايام ومع ذلك تظل النيران مشتعله والقطاطي صامده
وعن خميس تاجر الحبوب الذي اظهر له الكثير من القرف تجاه محاولاته التي يعتبرها خرقاء وصبيانيه وبالتالي صار يسبب له الكثير من المتاعب
كان تنظر اليه بتفهم سري اليها الحماس صارت تقاطعه متساءله عن بعض التفاصيل استطاع ان ينقل اليها كل شغفه بتلك المناطق ماجعلها تضحك بطلاقه اثناء تدفقه
صارت تتعامل معه بعفويه نزقه تصاعدت الفه عابقه بينهما ترجلا لتناول الطعام رغم انهما كانا بمعزل عن الاخرين
صنعا حول احاديثه ستارا كثيفا جعلهما ينتميان الي عالم اخر
عندما وصلا اشعل سجاره من ضحكتها وتابط ساعدها وحملا سويا حقيبته الصغيره مع اصرار علي العوده معا الي هناك بينهما نبتت زغروده وصندل وقرمصيص واشياء اخري
اسم هذه المحاوله : صندل وقرمصيص واشياء اخري
|