كان السفر في تلك الايام معاناه حقيقيه
وهذه المعاناة تشمل سبل المواصلات والطرق والهم الاكبر مفارقة الديار لنهار او ايام او حتي شهور في حالة الدراسه وهنا المقصود المرحله الثانويه والجامعيه رغم قلة المسافرين لهذا الهدف الاخير
حينها
فقد كان السفر لمدينة ودمدني يعني يوما كاملا اذ تخرج في الصباح الباكر وتعود والشمس اذنت للمغيب
في الاول كان البص من ماركة مرسيدس الشهير وسائقه المشهور له الرحمه ان كان حيا مازال اوميتا حسن بابكر
ومازلت اذكر الرجل اقرب لطول القامه وعمامته التي تبدو وكانها مرسومه عليه لاتنزع ابدا ووجهه المتجهم دوما وساعته البيضاء وطريقته البطيئه جدا في القياده
وكان البص حسب ما اذكر مملوكا للفناقله وكان يقل لمدني تقريبا جل المسافرين لمدني من فطيس والضباب وتنوب والجزولي وشادلي وقوز احمد نور وكل القري علي الكنار حتي مشارف مدني
المسافرين ودجاجهم وكميات وافره من الجلود واحيانا الحبوب الغذذائيه
وللدجاج في هذا البص حكايات غريبه اذ يظل الدجاج الريفي المنهك اصلا من الامراض والتغذيه الرديئه معلقا من رجليه
ومنذ صعود صاحبه للبص المكتظ ورفع الدجاج في الاعلي يبدأ في احتجاج طويل الامد ينقطع احيانا لكنه يعود حتي الوصول
والبص عادة يكون مكتظ بالداخل ومحمل في اعلاه بالجوالات والدجاج والكراتين والجلود
ويظل البص يئن تحت ثقل هذه الاحمال يتوقف ليضيف اليها ونادرا ما تنقص حمولته اثناء الطريق في قريه قبل مدني
واظن ان رابع كان هو المساعد الاشهر علي المرسيدس وبعد ان تقاعد العم حسن بابكر
كان رابع يقود المرسيدس ردحا طويلا
استمر هذا الوضع طويلا ثم ظهرات السيارات الاصغر والاسرع فتضاءل دور البص الشهير واضمحل ثم توقف تماما
لكل ماتقدم كان السفر هم كبير
ونواصل
|