View Single Post
Old 04-21-2010, 08:07 AM   #42
 
عوض خضر

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 4
المشاركات : 2,897
بمعدل : 0.56



عوض خضر is offline
Default

عند العم حامد طه وامام اكوام الحبوب (المصوبره) يتبادل الرجلين الاتهامات ويتساءل العم حامد طه لماذا جئتم خربتم البلد ويرد المرحوم عبدالرازق نحن جينا وفعلنا الكثير ثم يتبادلان حديثا هامسا لايسمعه اغلب الموجودين ويهمز الناظر حمارته برجله التي تكاد تجر بالارض ويدخل السوق ممارسا نفس المزاح الفرح

ولاحقا عندما تقدم اكثر في السن تنازل عن هذه المتعه الصباحيه مرغما اذ لم يكن يقوي حتي علي ركوب الحماره البيضاء

ومازلت اذكر مركوبه الاحمر الذي يترك اثرا احيانا وهو علي ظهر الحماره

اما حمارته تلك فقد كانت ولفتره طويله حسناء الحمير بلا منازع اذ كانت بيضاء لا تشكو من قصر ولايعبيها طول وليست مكرشه عيناها في شبابها كانتا كاحلتين
لذلك كانت محط انظار الكثير من الحمير في المنطقه والكل يتنافس علي خطب ودها

لكنها مع تقدم صاحبها في السن ايضا ظهرت عليها اثار الزمن خاصة علي عينيها اللتان كانت تتغني بها ذكور الحمير المفتونه ردحا طويلا

فقد اصيبت عيناها بمرض جعل الرؤيه صعبه ومع ذلك احتفظ بها صاحبها الوفي ورعاها كافضل مايكون

اذ ظلت تقبع خلف منزله ترعي نجيل الجدول الجانبي او الحبوب التي يحضرها صاحبها

ولم يفكر ابدا في التخلص منها حتي رحيله ونفوقها

احيانا كان العم عبدالرازق يطيب له ان يحكي فتره سابقه قبل عمله بالسكه الحديد وكان يقول ان علاقته بفطيس بدات قبل السكه الحديد اذا كان له مقهي

جنوب السوق قد يكون قرب دكان ود النضيف الان
وكان يحكي عن هذه الفتره بشغف يطل من عينيه اللتين خبأت نظرتهما قليلا مع تقدم الايام

كانت هذه فترة شبابه الجامح جاء للمنطقه متعطشا للحياة محبا لكل تفاصيلها قد يكون لم يضبط اندفاعه الحيوي كثيرا لكنه كان يعشق

كل تلك اللحظات ويحكي عن اصدقائه في تلك الفتره حتي تدمع عينيه اذ ان جلهم توفاه الله

لكن لم احس ابدا انه منفصل عن تلك الفتره منكرا لها متباعدا عنها بل العكس كان يوحي اليك ان تلك الفتره الثره في حياته اضافت اليه الكثير

وغالبا مايظل ينبش فيها عميقا ليسترد شيئا من القه الذاتي

وحتي اخر لحظات عمله كان يمني نفسه بان يظل في المنطقه رغم بوادر الرحيل النهائي منها التي بدات تلوح في الافق

عندما غادر الناظر العجوز كان الكل صامتا وكانت دموعه تسيل دون توقف

لم يتكلم وانما شد علي يد كل منا بكفه الراعشه

ثم كان ينظر للذي يصافحه من بين دموعه كنت اري بين دموعه انه يعي تماما ان فراقه للمنطقه يعني انتظاره الموت ببطء قاسي

كان الرحيل من المنطقه يعني عنده النهايه كما كان عند الكثير من زملائه الذين سيرد ذكرهم لاحقا

اللهم ارحم العم عبدالرازق الدرديري رحمة واسعه واسكنه فسيح جناتك

ونواصل

  Reply With Quote