والمرحوم عبدالرازق الدرديري رجول طويل القامه حاضر النكته جهور الصوت تدرج قليلا قليلا في السكه الحديد حتي وصل وظيفة ناظر اول محطه وكان مسئولا قبل معاشه عن محطة الضباب وله ثوابت لا يتزحزح عنها ابدا
كحبه للاشجار ودفاعه عنها وكذلك حبه للشاي ومازلت اذكر خطوات طقس الشاي عندما يحضر اليه من بيته في منتصف النهار في حافظه ذات غلاف معدني وبجوارها كوب زجاجي لامع فور تسلمه يبدا في صب الشاي بتأني والابخره تتصاعد
من بين اصابعه ثم يرفع رجليه علي المكتب الخشبي الذي يبدو اقدم من الكثير من الحكايات التي يحكيها عمنا المرحوم عبدالرازق يتأمل كوب الشاي قليلا
ثم يعدل جلسته ويبدأ في رشف الشاي رشفات طويله متمهله ونظراته ساهمه بعيده كأنه خرج من نطاق المكان محلقا ويفعل ذلك دون ان ينبث ببنت شفه اذ كان دائم الصمت في حضرة الشاي
ورشفاته عالية الصوت كانت تلفت حتي الذي يمر قرب المكتب ويدلف ( للمزيره ) الصغيره ليروي ظمأه كثيرا مالاحظت من خلال النافذه ان احدهم يلتفت بشكل مفاجئ ليتابع صوت الرشفه حتي مكتب الناظر العملاق
وبعد ان ينتهي طقس الشاي المحبب لدي العم عبدالرازق يترك الكوب الزجاجي علي الخشب ذو التجاويف المنتظمه فيخلف الكوب بعد رفعه دائره غير منتظمه تضاف لدوائر اخري وتتداخل معها
كأن كل دائره تؤرخ لعلاقه وطيده بين المشروب الساخن والناظر الطاعن في السن
ورغم اصابعه المرتعشه كان يستخرج منفستو القاطرات بنفسه ويعبئ بوالص الشحن ثم يرفع صوته مناديا علي الكمساري او السائق مازحا ببزاءات محببه للكل
وكان العم عبدالرازق منتظما تماما كساعة يده البيضاء والتي تبز ثوبه بياضا يحضر صباحا علي ظهر حمارته البيضاء يقوم بترتيب الاعمال ويعرف مواعيد القاطرات ويصدر التعليمات بشكل هازئ للمحولجيه ولمساعد الناظر
ثم يعتلي ظهر الحماره البيضاء الي السوق
ولا يترك احدا في الطريف الا و داعبه ناشرا الابتسام طول المسافه للسوق وعند وصوله السوق يبدا الكل في انتظار قفشاته ونكاته التي لا تحتاج منه لجهد يذكر
والحماره البيضاء تتوقف بتلقائيه في المحطات التي دائما تكون محببه لصاحبها اول محطه كانت عند الاكشاك امام السوق فيصيح مداعبا النساء المتقدمات في العمرمثله ثم هناك محطة العم حامد طه
وهذه محطه مهمه جدا اذ يمتاز كل من الرجلين بسرعة البديهه واجادة صناعة المزحه البريئه والالمام الكامل بتفاصيل الاحداث في المدي المنظور لهما او المنقول
ونواصل
|