View Single Post
Old 06-12-2012, 02:42 PM   #1
 
مصطفي احمد القرشي
زائر

رقم العضوية :
السكن: السعودية - الرياض
المشاركات : n/a
بمعدل : 0



Default نحو تجفيف وزارة التعليم العالي

نحو تجفيف وزارة التعليم العالي

بروفسير مأمون محمد علي حميدة

تقديم خدمة صحية متكاملة تؤدي في النهاية الى أمة من الأصحاء القادرين على العمل والعطاء تتطلب إستراتيجية من ثلاث شعب، خدمات علاجية تفي باحتياجات المرضى عند ظهور المرض وتتناول التشخيص، العلاج والتأهيل وإعادة المرضى إلى دائرة العمل والإنتاج وشعبه للحفاظ على صحة الأصحاء بالمراجعة الدورية خاصة للامهات الحمل والاطفال في مراحل النمو المختلفة ومعالجة الامراض المزمنة كضغط الدم وامراض السكري قبل ان تستفحل منعا للمضاعفات وهذا ما يعرف في قاموس اليوم بطب الأسرة وشعبة اخيرة هامة هي صحة المجتمع وأهم مقوماتها ضمان ماء الشرب النظيف والتخلص من النفايات ومخلفات الإنسان والحيوان وضمان الغذاء الموزون خاصة للأطفال والنساء الحمل ومكافحة نواقل الأمراض والتطعيم والتوعية الصحية، إهمال أي من هذه الدوائر يعني الاختلال في تقديم الصحة. والعمود الفقري الذي تقوم عليه هذه الدوائر هي الكوادر البشرية – عددًا وتدريبًا. وقد فشلت كل الخطط الصحية في السودان وفي أفريقيا جنوب الصحراء لعدم إدراكها لأهمية الكوادر الصحية كمرتكز لتقديم خدمة صحية متكاملة ، بدءً فان الأعداد قليلة في هذا الجزء من العالم الأفريقي والذي ينوء بـ 50% من الأمراض في خارطة العالم الصحية وللاسف نجد ان اعداد الكوادر الصحية فيه لا تتعدى الـ 14% من مجموع الكوادر الصحية في العالم – هذا بالمقارنة (حيث لا يوجد أساس للمقارنة) مع امريكا والتي تتحمل 11% من مجموع الامراض في العالم ولكن تخدمها 42% من الكوادر الصحية في العالم، ولا نتحدث عن التدريب هنا وهناك ومقدرة هؤلاء واولئك فهذا لا يحتاج الى تعمق او بحث لرؤية الفوارق، ثورة التعلم العالي في السودان والتي اجتاحت البلاد عنت بمحو الامية الجامعية ولم تعنى بتدريب الخريجين او تأهليهم لسوق العمل بل أُسست على نظرية العلم من اجل العلم – وليس غريباً اذن ان نجد صفوف العاطلين من الاطباء والصيادلة وفني المختبرات ناهيك عن جيوش العاطلين من خريجي الزراعة والبيطرة والعلوم الانسانية ولضعف التدريب ضاقت فرصة العمل خارج السودان لان المنافسة في الخليج العربي اصبحت ايضا حادة والتمكن من اللغة الانجليزية اصبح اساسياً كشرط للعمل في معظم انحاء العالم، لم تراع سياسة التعليم العالي احتياجات البلاد من الكوادر الصحية فعمدت على إنشاء كليات الطب حسب رغبة المواطنين \"على نمط ما يطلبه المستمعون\" واهملت الكوادر الطبية المساعدة حتى انعكست النسبة في انتاج الكوادر الصحية 5 ممرضين لكل طبيب، أصبحنا نخرّج 5 أطباء مقابل ممرض واحد والطب الحديث قوامه المعدات المتطورة في التشخيص والعلاج والاستفادة من هذه المعدات تحتاج الى فنيين مهرة ذوي علم ومقدرة. كنّا نأمل أن ترسم خارطة لتأهيل الكوادر الفنية تأتي موجهاتها من المجلس القومي للتعليم العالي لتتحول الى مشاريع كليات فنية تنفذها وزارة التعليم العالي عبر الجامعات. ونشكر لبروفسور مبارك المجذوب وزير التعليم العالي الأسبق لاهتمامه بالكليات التقنية ودعمها لتصل الى عشرين كلية معظمها في المجالات الهندسية ولقد كان هذا جهدًا مقدرًا إلا أنه لم يستمر كسياسة في التعليم العالي لأن الوزارة فقدت مكوناتها كوزارة استراتيجية تستجيب لاحتياجات العمل في السودان لانشغالها بادارة الجامعات حتى اصبح انشاء قسم في كلية في جامعة كالقضارف لا يتم الا بتصديق من وزارة التعليم العالي الامر الذي لا يحدث حتى في المدارس الثانوية والامر يشير بوضوح لعدم ثقة الوزارة في امكانية هذه الجامعات ومجالس اساتذتها في ان تؤدي وظائفها الاكاديمية وان تكون خلاّقة ومبادرة للاستجابة لاحتياجات السوق من العمالة الفنية او القيام بالابحاث حلا لمشاكل الانتاج. وفي ظل هذه السياسة القابضة لجأت وزارات كثيرة بتدريب منسوبيها وبعضها نهض بمراكز التدريب هذه لتنشئ كليات تمنح درجات البكالوريوس – فكانت جامعة الرباط – الشرطة – ومعهد الزكاة – ديوان الزكاة – اكاديمية السودان لعلوم الاتصال – وزارة الاعلام – الاكاديمية الصحية – وزارة الصحة الاتحادية – ومعهد المصارف – بنك السودان والبنوك التجارية الاخرى – واكاديمية العلوم – وزارة التقانة – وجامعة كرري – القوات المسلحة، وليس هنالك اعتراض على قيام كليات او جامعات تملكها الدولة او وزاراتها اذا جاء انشاؤها ضمن خطة واستراتيجية محددة للتعليم العالي في البلاد واحتياجات العمل – وتحاشيا لتعميق وزيادة حجم العطالة من خريجي الجامعات بعد الضمان الا تنصرف هذه الوزارات عن مسئولياتها الاساسية. ثم جاء تكوين المجلس القومي للتعليم التقني والتقاني كمسار مستقل عن وزارة التعليم العالي وبدفع قوي من رئاسة الجمهورية على مستوى نائب الرئيس وقد اثار هذا القانون جدلا واسعاً ومازالت هنالك ضبابية في اهداف المجلس وطريقة تنفيذ هذا المسار المستقل وللاسف تجاذبت هذا المجلس قوى مؤثرة هنا وهنالك.

يتبع......

  Reply With Quote