صديق لي كان يتسمّر عند اغنية نور العين وان كنت اراجع بيني وبين نفسي كلمة يتسمر هذه واقيسها بالمتراكم عن علاقته بوردي فاتشكك قليلا في ايفاءها
وصف طريقة هذا الصديق في التعاطي مع الاغنيه
الفضفاضه كما كان يقول عنها احيانا
يأتي احيانا بجهاز تسجيل صغير واضعا سماعات صغيره علي اذنيه محتكرا الاغنيه التي يعتقد اننا لانبذل جهدا كافيا لسماعها
ثم تدرج في عشقه لغناء العملاق وردي فاضاف لنور العين بعد حين الود وهذه الاخيره جعلته ينزلق دون ان يشعر الي عوالم
لم تكن ضمن رؤيته اذ تمدد عشقه وشمل الكثير من المصطلحات ومن الايماءات ومن التعابير اذ انتقل الي عوالم الدوش المكتنزه
بالتجديد
أعيشهْا معاكَ لو تعْرف
دموع البهجَهْ والأفراح
أعيشهْا معاكَ واتأسّف
على الماضى اللّى ولَّىَ وراح
على الفُرْقَهْ الزمان طويل
على الصبر الّى عِشْنَاهو
مع طُول الألم والليل
زمان كُنّا بنَشيل الوُّد
ونَدِّى الوُّد
وفى عينينا كان يكْبَر
حناناً زاد
وفات الحدَ
زمان ما عِشْنَا فى غُرْبَهْ
ولا قاسينا نِتْوحّد
وهسَّع
رُحْنا نتْوجّع
نعيش بالحسرَهْ نتأسّف
على الماضى اللِّي ما بِرْجَع
أحبَّك
لا الزمن حوّلْنى عن حُبّك
ولا الحسرَهْ
وخوفى عليكَ يمْنَعْنى
وطول الإلفَهْ والعُشْرَهْ
وشوقى الليك من طوَّل
لسّه معاي
ولى بُكْرَهْ
وبين اسماعيل والدوش يكمن تطور القصيده الدراجه السودانيه كما كنا ننظر وحتي لانكون محصورين يجب ان نقول قصيدة الوسط فالأول نقل بتأني وبالتدريج
مع اخرين سبقوه واتوا بعده القصيده من عجينة الحقيبه الخام الي اطار جديد اطار بالتاكيد استوعب كل المستجدات التلاقح والانفتاح علي الاخر
وتنامي الوعي وانتشار وسائل الاتصال ومنهجية التاليف الموسيقي وغير ذلك من عوامل والثاني جاء ليخرج القصيده العاميه
الي فضاءها الفسيح الحالي ولكن العملاق وردي كان يمثل الصله بين هذا وذاك
كان يمثل المتنفس الامثل لشعر الاثنين عبر موسيقاه التي سحرت الجميع
وفي نور العين كان صديقي يصاب بالذهان كما كنا نطلق علي حاله تنتابه احيانا وسط تعرجات الاغنيه عند
قلبي الحابك ما خان لياليك
ما ناسي الماضي ماتقول ناسيك
ما بدل حبو ابدا ماتنكر ليك
لكن الأشواك والنار حواليك
كنا نتغامز وهو غارق في حالته تلك اذ كنا نعرف اشواكه تماما
ثم بعد ان استوقفته اغنيه الود ردحا طويلا من الزمن حتي ذات اجازه عدت ووجدته قد انتقل لمرحله جديده
بناديها
وبعْزِم كُلّ زول يرتاح
على ضحكَة عيون فيهَا
وأحْلم اني في أكوان
بتْرحَل من مراسيها
عصافير
نبّتَت جِنْحات
وطارت
للغيوم بيهَا
اذ انه اكتشف عبر وردي الدوش في موضع آخر بغض النظر عن الترتيب الزمني اذ لم نكن نعرف اغاني وردي بترتيبها الزمني لكنا كنا نعرفها
بمراحل وضعناها بانفسنا كمرحلة اسماعيل حسن ومرحلة الدوش ومرحلة الحلنقي
وفي بناديها كان صديقي يبدو وكأنه نبتت له هو الاخر جنحات يغمض عينيه يترك نفسه ينساب مع الصوت المتفرد يتقافز مع الانغام بحركه
سريعه تشمل اجفانه المغلقه وتمتد حتي اصابع اقدامه جعل من هذه الاغنيه قالبا يقيس به غناء الاخرين
يتحسس به الجهود المبذوله في اي اغنيه تمر عليه جعل منها منجما لاينضب يستخرج منه بين كل فتره واخري معني جديد
يحاول ان يتعمق في معرفته بالموسيقي ليرتفع لمستوع الاغنيه تركته في تلك الحاله الهائمه
فهو ينظف الحشائش عن زراعته مرددا كلمات الاغنيه وهو يحلب بقراته يتوقف ليترك الفرصه لصفير متقن يخرج محاكيا انغام تلك الاغنيه
يستلقي ليلا والسماعات علي اذنيه تمطره بوابل لاينقطع من تلك الاغنيه
تفرقت بنا سبل ثم تواعدنا بعيدا عن الموطن في منافي اخترناها اسرعت الي لقاءه وكلي تساءل
باي مرحله الان يمر صديقي من عشقه لوردي
عندما وصلت الي مكان اللقاء عرفت انه اضطر للمغادره لظروف تخص عمله
ولكنه ترك لي قصاصه مكتوبه بخطه الواضح
تقول
لما عرفتك اخترتك سعيد البال
وخت شبابي متيقن عليك امال
لا جيتك قبيلة .. ولا رجيتك مال ولا مسحور
يوم ما كنت في عيني اجمل من بنات الحور
جيتك عاشق بتعلم من الايام ومن سام الليالي البور
ومن اسر الولف كتال
لقيتك في طشاشي دليل وفي حر الهجيرة مقيل
لقيتك في حياتي جذور بنية اتلفحت بالنور
مهجنة من غنا الاطفال ومن سعف النخيل والنيل
ومن وهج الشمس موال ...
وانا اخترتيني انسانا عزيز النفس بتمني وبسيط الحال
علي حرمت زرعا ما سقيتو حلال وما فصد حصادو قفاي
وبيني وبينك الضحكة ورحيق الشاي وطعم الخبز والسترة
ومساء النور وعمق الالفة بين النهر والنخلة وغنا الطمبور
وصدق العشرة بين الارض والانسان
بيني وبينك الفكرة وجمال الذكري والنسيان وحسن الظن
مشوار الحياة اليوماتي ما بين الجبل والسهل وما بين الصعب والسهل
عز الليل في سكة مطر بكاي فلا هما تشيلي براك ولا جرحا اعاني براي ولانا علي بعض نمتن
وتزعلي يوم وازعل وننفعل مرات ومرات تقبلي مني واتوسد ضراعي سكات
والفينا حنينة تتشابك مودة تشابك الغابات
ونحن اذا اختلفنا سوا بنطيع الصاح ولو بتنا القواء بنرتاح
اذا تمن الملح والعيش رضا الشمات
|