View Single Post
Old 10-20-2011, 08:56 PM   #5
 
منذر مصطفى
زائر

رقم العضوية :
المشاركات : n/a
بمعدل : 0



Default

القضية الثالثة : زوجتي تكذب ..

لاشك أن الكذب خلق سيء وعادة خبيثة ، والكذابون ممقوتون من الناس ، بعيدون عن الله والجنة ، قريبون من الشيطان و النار ..

وآفة الكذب أنه يمكن أن يصبح عادة ، فالكذب مرة ثم مرة يحيله إلى عادة من الصعوبة بمكان التخلص منها ، وإلى هذا يشير الحديث الشريف : ( إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ، وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ) . صحيح الجامع برقم ( 1665 ) .

والكذب يعود إلى فقدان الثقة في الشخص الكذاب حتى وإن كان ما يقوله صدقاً ، والزوجة التي تكذب على زوجها تدفعه لفقدان الثقة في أقوالها عامة ، والكذب هو تزييف الحقيقة أو إخفاء بعضها ، فإخفاء بعض الحقيقة كذب أيضاً وتزييف ، فالمرأة التي تذكر الشيء على غير حقيقته أو تخفي شيئاً مهماً قد يؤثر في فهم الموضوع فإنها بذلك تكذب .

• ولكن هل جميع الكذب حرام ؟!

عن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها قالت : ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث : ( الرجل يقول القول يريد به الإصلاح ، والرجل يقول القول في الحرب ، والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها ) . البخاري مع الفتح ( 5/299 ) .

والكذب في حديث الزوج زوجته والزوجة زوجها المشار إليه آنفاً إنما هو الكذب الذي يقوي رابطة الحب بين الزوجين ويدفع عنهما مشكلات الحياة الزوجية العارمة ، كأن يمتدح الزوج زوجته ويذكر من حسنها وجمالها ولطفها ورقتها وعذوبتها .. وقد تكون على غير ذلك لكنه بهذه الكلمات يكسب قلبها ويليّن خلقها ، ويزيد مساحة الود والتفاهم بينهما ، ونسمي ذلك مجاملة وهي مطلوبة ، فكثيراً ما نحب أن نسمع كلمات المديح والثناء ممن نحبهم ، فنشعر عندها بالرضى والثقة في النفس ، وهذا ما يحدث للزوجة بالفعل .

كذلك فإن الزوجة يمكن بل يجب أحياناً أن تمدح زوجها وتذكر من حسن خلقه وسعة صدره وإخلاصه وحسن رعايته بيته وأولاده ، فهي بذلك تكسب قلبه أيضاً وتشعره برضاها عن عيشتها معه ، فتملأ قلبه بالحب لها والتقدير والاحترام ويكون ذلك درءاً لكثير من المشكلات .

• ولكن : ما هي دوافع الكذب عند الزوجة ؟! أو بمعنى آخر : لماذا تلجأ الزوجة إلى الكذب ؟!

1- التنشئة الغير سوية للمرأة في بيت أبيها ، فقد تكون قد تعودت الكذب عن طريق الأب أو الأم أو الأسرة كلها ، وهذا يدعونا إلى الرجوع إلى القول بحسن الاختيار وعدم التسرع في ذلك .

2- تقليد ومشابهة سلوك الأم مع الأب ، فقد تكون الأم غير كاذبة ، ولكن مع زوجها فقط تتخذ هذا الأسلوب للحصول على بعض المكاسب المادية – وقد لا يرجع ذلك لبخل الزوج ولكن لشره الزوجة – وقد يرجع لبخله أيضاً أو عدم كفاية مطالبها .

3- كذب الزوج نفسه ، كأن يعدها بأمور ثم يخلف وعده ، أو يقترض من زوجته مبلغاً ثم لا يقم بتسديده ويستحله ، أو لا يدفع لها ما دفعته من مال لشراء أشياء من المفترض أن يشتريها الزوج ، على أن تكون قد أخبرته من قبل بنيتها في الشراء ووافق الزوج على ذلك .

4- الكذب خوفاً من رد فعل الزوج ، لأن العصبية الزائدة والتهور في معالجة الأخطاء الصادرة عن الزوجة وعدم أخذ الأمر بهدوء أعصاب ، وعلاجه بما يستحق دون ثورة أو انفعال ، كل هذه الأمور تدفع الزوجة إلى الكذب على زوجها في أمور كثيرة خوفاً من سلوك الزوج .

• وقفة جانبية : نحن أحياناً ندفع زوجاتنا للكذب ..

إن الزوج الذي يقلل من قيمة كل شيء تشتريه الزوجة ويبخس ثمنه ، أو يوهمها بأنها قد خُدعت في شرائه ، كثيراً ما يضطر هذا الزوج زوجته إلى الكذب عليه وإخفاء الحقيقة حتى لا تسمع سخريته أو تتجنب تهكماته ، كذلك الزوج الذي يتعمد سؤال زوجته بعض الأسئلة المحرجة بالنسبة لها ، فهو يدفعها دفعاً نحو الكذب عليه وإخفاء الحقيقة ، والزوج الذكي هو الذي لا يضطر زوجته للكذب ، وهو الذي يستطيع أن يتعرف على مدى صدق زوجته وعلى المواطن التي لا ينبغي الاقتراب منها ، وهي تختلف من امرأة لأخرى حسب اهتمامات كل واحدة .
مع أن المرأة قد تكذب في مواطن كثيرة ولاتعتبر ما تفعله كذباً ، ولكن درءاً للحسد وذراً للرماد في العيون ، مع أن كل من حولها يدركون تماماً حقيقته ويعرفون أنه كذب ، خاصة فيما يخص الأولاد وأكلهم وشربهم .. إنها طبيعة في كل النساء !!

• خطوات نحو العلاج ..

هذا الكذب يمكن أن يعالج في جو من الحب والتفاهم وتوافر الثقة بين الزوجين ، والمصارحة بين الزوج وزوجته وعدم أخذ الموضوع بحساسية شديدة بل عليه أن يتغاضى عن الهفوات ، فالمرأة بطبعها ضعيفة وقد تتخذ من الكذب في بعض الأحيان وسيلة دفاعية لدرء ما تخاف حدوثه من مشكلات في بيتها ومع زوجها ، فعلى الزوج أن يفهّم زوجته برفق أن هذا الكذب لا يجوز وأنه قد يخلق جواً من عدم الثقة بينهما ، وأنه من الأفضل أن تصارحه مهما كانت الظروف ، وهو قادر إن شاء الله على تخطي العقبات ولن يثور عليها بل سيعالج ما يطرأ بحكمة وصبر ، وأنه لابد أن تصارحه بما تحتاج إليه ولا تتحايل على الأمور حتى تأخذ ما تريد لأشياء قد تكون مرفوضة من قبل الزوج ، فعليه أن يتفاهم معها ، ويصلا إلى حل وسط لما يختلفان بشأنه ، فالإقناع والحب هما أفضل وسائل العلاج ، وكذلك القدوة الصالحة وضرب المثل الطيب في الصدق .

  Reply With Quote