View Single Post
Old 08-24-2011, 11:59 AM   #5
 
صادق محمد عوض

تاريخ التسجيل: Apr 2010
رقم العضوية : 90
السكن: السعوديه
المشاركات : 2,137
بمعدل : 0.41



صادق محمد عوض is offline
Default

ومن الفوائد الهامة من صلح الحديبية أن المشركين وأهل الفجور، إذا طلبوا أمراً يعظمون فيه حرمة من حرمات الله تعالى، أجيبوا إليه وأعطوه وأعينوا عليه، فيعاونون على ما فيه تعظيم حرمات الله تعالى، لا على كفرهم وبغيهم، ويمنعون مما سوى ذلك، قال الزهري : وذلك لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله، إلا أعطيتهم إياها ) .





وظهر في صلح الحديبية مدى حب الصحابة للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، يعبر عن ذلكعروة في قوله لقومه: ( أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ، والله ما رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ محمدا، والله ما تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ) (البخاري ).





ومن الحكم الباهرة من صلح الحديبية أنه كان بابا ومفتاحا لفتح مكة . ولئن لم ينتبه المسلمون لهذا في حينه، فذلك لأن المستقبل غائب عنهم، فقد اختلط المسلمون بالكفار ـ بعد عقد الصلح ـ وهم في أمان، ودعوهم إلى الله، وأسمعوهم القرآن، ولم يُكلم أحد بالإسلام يعقل شيئا إلا دخل فيه، ودخل في سنتين مثل من كان في الإسلام قبل ذلك بل أكثر .. فقد خرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الحديبية في ألف وأربعمائة، ثم خرج عام فتح مكة بعد عامين في عشرة آلاف، وهذا ما بشر به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصحابه أثناء رجوعه إلى المدينة بعد عقد المعاهدة والصلح، حينما قال: ( أنزلت عليَّ الليلة سورة لهي أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس. ثم قرأ: { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً } (الفتح:1) )( البخاري) .

قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ: ” إنكم تعدون الفتح فتح مكة، ونحن نعد الفتح صلح الحديبية ” .





إن عرض الإسلام والدعوة إليه في جو من الهدوء والأمان، وحرية الحوار بالحجة والكلمة الطيبة، كان له أبلغ الأثر، وذلك لأن الحق له قوة يظهر بها على الباطل، فإذا أحسن العرض والدعوة إليه، واختير القول والوقت المناسب، وكان الداعية عالما بما يدعو له، حكيما في دعوته، كانت النتائج أعظم ..

لقد كان صلح الحديبية غنيا بالدروس والحِكَم، التي ينبغي الوقوف معها والاستفادة منها في واقعنا ومستقبلنا كأفراد ومجتمعات …

  Reply With Quote