View Single Post
Old 08-23-2011, 06:14 PM   #2
 
مصطفي القرشي
زائر

رقم العضوية :
السكن: السعودية - الرياض
المشاركات : n/a
بمعدل : 0



Default

أخوتي في الله : ولى شهر رمضان ولا ندري أندرك الشهر الأخر أم لا: (عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى) (طـه:52) كم من مستقبلٍ يوماً لا يستكملُه ومؤملٍ غداً لا يدركُه..
أيها الأحبةُ : إنَّ لنا في انقضاءِ رمضانَ عبرةٌ وعظةٌ ، فقدْ كُنا نعيشُ أيامَهُ فرحينَ متنعمينَ بها ثُمَّ انقضتْ تِلكُمُ الأيامُ وكأَنها طيفُ خيالٍ .. مضتْ تلكَ الأيامُ لِنقطَعَ بها مرحلةً مِنْ حياتِنَا لَنْ تعودَ إلينا أبداً وإنما يبقى لنا ما أودعنَاهُ فيها مِنْ خيرٍ أو شرٍ، وهكذا الأيامُ التي تمرُ علينا تُنقصُ منْ أعمارِنا ، وتقربنا مِنْ آجالِنا قال الحسن البصريُ رحمه الله: ابن آدم إنما أنت أيام إذا ذهبَ يومكَ ذهبَ بعضكَ.
تمرُ بنا الأيامُ تترى وإنما * نُساقُ إلى الآجالِ والعينُ تنظرُ
فلا عائدٌ ذاكَ الشبابُ الذي مضى* ولا زائلٌ هذا المشيبُ المكدرُ
أيها الأحبة في الله : إذا تولى ربيع الطبيعة خلف وراءَه في الأرض الخِصْب والنماء والخضرة والنضارة والأنداء والأنسام اللطيفة فيرتع في خيره الإنسان والحيوان سائر العام كُلِهِ، لقد كان رمضان بحق ربيعاً وواحة خضراء وحديقة غناء يتمتع فيها الصائم بملذات الحس ومسرات النفس وكان ذخيرةً للنفوس المؤمنة تتزود فيها بوقود الطاعة وتتغذى بزاد التقوى زاداً يقويها ويبلغها بقية العام حتى يعود إليها...
لقد كان الشهرُ الراحلُ ميداناً لتنافس الصالحين بأعمالهم, ومجالاً لتسابق المحسنين بإحسانهم ، وعاملاً لتزكية النفوس وتهذيبها وتربيتها.. لكن بعض الناس ما إن خرجوا من رمضان إلى شوال حتى خرجوا من الواحة إلى الصحراء ومن الهداية إلى التيه ومن السعادة إلى الشقاوة لذا كان الناس بعد رمضان على أقسام أبرزها صنفان هما جدُ مختلفين:
صنف تراه في رمضان مجتهداً في الطاعة فلا تقع عيناك عليه إلا ساجداً أو قائماً أو تالياً للقرآن أو باكياً حتى ليكادْ يذكرك ببعض عباد السلف وحتى إنك لتشفق عليه من شدة اجتهاده وعبادته ونشاطه.
وما إن ينقضي الشهرُ حتى يعودَ إلى التفريط والمعاصي فبعد أن عاش شهراً كاملاً مع الإيمان والقرآن وسائر القربات يعود إلى الوراء منتكساً أو مرتداً والعياذ بالله وهؤلاء هم عباد المواسم لا يعرفون الله إلا عند المواسم أوعند نزول النقم بساحتهم فإذا ذهبت المواسم أو زالت النقم وحُلت الضوائق ذهبت الطاعة موليةً ألا فبئس قومٌ هذا ديدنهم

  Reply With Quote