View Single Post
Old 08-20-2011, 11:23 AM   #15
 
صادق محمد عوض

تاريخ التسجيل: Apr 2010
رقم العضوية : 90
السكن: السعوديه
المشاركات : 2,137
بمعدل : 0.41



صادق محمد عوض is offline
Default

أما الوظائف التي يقوم بها الدماغ الواعي أي المخ فهي تنقسم إلى قسمين قسم يشترك بها الإنسان مع بقية الحيوانات وهي التي تتعلق بالحواس الخمس والحركات الإرادية والقسم الثاني هي التي يتميز بها الإنسان على بقية الحيوانات كالإحساس بالذات وقدرته على التفكير والتعلم والتكلم والتذكر والتخيل وكامتلاكه لمختلف أنواع العواطف والأحاسيس والمشاعر. وعلى الرغم من أن الحيوانات وخاصة الثدييات منها تمتلك حواسا خمسة كما في الإنسان إلا أن حواس الإنسان قد تم زيادة قدراتها بشكل كبير واحتلت مساحات في القشرة المخية أكبر من تلك التي للحيوانات باستثناء بعض الحالات. ففي حاسة البصر تم نقل العينين من جانبي الرأس إلى مقدمة الرأس بحيث يتم رؤية الأشياء بالعينين معا ومن ثم يقوم المخ ببناء صورة مجسمة للشيء المرئي من الصورتين المسطحتين اللتين تلتقطهما كل من العينين. أما عدد الخلايا الحساسة للضوء الموجودة في شبكية العين فقد تم زيادتها بشكل كبير جدا لكي تنتج صور عالية الوضوح ومتعددة الألوان للأشياء التي تراها العين. إن هذه التعديلات في تركيب عين الإنسان لا تكاد تذكر مع تعقيد البرمجيات الموجودة في دماغ الإنسان والتي تمكن الإنسان من الإحساس بصور الأشياء الموجودة في محيطه. وتحتل هذه البرمجيات البصرية أكبر مساحة من القشرة المخية حيث تغطي معظم مساحة الفص الخلفي ففي أقصى الفص توجد القشرة البصرية المرتبطة بشبكية العين من خلال العصب البصري أما بقية الفص فيحتوي على الذاكرة البصرية. أما حاسة السمع فلا تختلف من حيث التركيب العام عن تلك التي لبقية الحيوانات الرئيسية إلا أن البرمجيات المستخدمة في الدماغ البشري قادرة على تمييز طيف واسع من الترددات الصوتية ومزج تلك الترددات للإحساس بمختلف أنواع الأصوات الصادرة عن المحيط الخارجي لكي يستمتع الإنسان بسماع مختلف أنواع الأصوات الجميلة. وقد تم استخدام برمجيات في الدماغ لمزج الصوت القادم من الأذنين بحيث يمكن للمستمع تحديد الاتجاه القادم منه الصوت وكذلك تحديد بعد مصدر الصوت مما يساعد المستمع بالشعور بما يسمى التأثير المجسم للصوت. أما أكثر ما يميز النظام السمعي لدى الإنسان فهو قدرته على تمييز الكلام الصادر عن أجهزة الكلام في الإنسان والتي يمكنها إصدار عدد كبير من الأصوات التي تمثل الأحرف الهجائية والتي يتم دمجها للفظ الكلمات التي تحمل معاني مختلفة تم تدريب العقل البشري للتعرف عليها. وتقع القشرة السمعية في أعلى الفص الصدغي بينما توجد الذاكرة السمعية أسفل منها في نفس الفص ومن خلال هذه الذاكرة يمكن التعرف على آلاف الأصوات الخاصة بالأشخاص والحيوانات وغيرها.

وأما حاسة اللمس لدى الإنسان فقد تم تطويرها بشكل كبير بالمقارنة مع بقية الحيوانات وتعتبر من أكثر الحواس الخمس تعقيدا حيث يتوجب على هذه الحاسة إبلاغ الدماغ عن أي شيء يلامس جلد الإنسان وتحديد طبيعة هذا الشيء. وهذا يتطلب زرع حساسات مختلفة الأنواع على مسافات متقاربة على جميع أنحاء الجسم بحيث يمكن للإنسان تحديد الموضع الذي تمت عنده الملامسة بدقة عالية. وكما هو الحال مع حاستي السمع والبصر فإن التعقيد الموجود في ملايين الخلايا الحسية المزروعة في الجلد وملايين الأعصاب التي تنقل النبضات الحسية إلى الدماغ لا يكاد يذكر مع التعقيد الموجود في مراكز الإحساس والبرامج المخزنة فيها. ويستخدم الإنسان حاسة اللمس كغيره من الكائنات الحية للتعرف على درجة حرارة الجو المحيط بجسمه لكي يتخذ التدابير اللازمة لحماية جسمه من الحرارة أو البرودة الزائدة وكذلك التعرف على الأشياء التي تلامس أو تضغط على جسمه لكي يتخذ الإجراءات المناسبة. ويتميز الإنسان على بقية الكائنات الحية باستخدامه لحاسة اللمس للتعرف على خصائص الأجسام الملموسة كالصلابة والليونة والخشونة والنعومة والطراوة والقساوة والرطوبة والجفاف وخاصة من خلال خلايا الحس الموجودة في أصابع اليد. وتقع حاسة اللمس الابتدائية في مقدمة الفص الأوسط من المخ بينما تقع وحدات المعالجة الحسية خلفها على نفس الفص وتحتل أعصاب أصابع اليد والشفتان والوجه واللسان أكبر مساحة من المساحة الكلية لحاسة اللمس كما هو مبين في الشكل المرفق. أما حاسة الذوق عند الإنسان فيمكنها التفريق بين أربعة أنواع من الأحاسيس وهي الإحساس بالحلاوة والملوحة والحموضة والمرارة وذلك من خلال وجود ما يقرب من عشرة آلاف برعم تذوق على سطح اللسان ويحتوي كل من هذه البراعم على ما يزيد عن عشرة مستقبلات تذوق لها القدرة على قياس مستويات عديدة لكل واحدة من هذه الأحاسيس الأربعة. ويقوم الدماغ بمعالجة المعلومات التي ترسلها مستقبلات التذوق المختلفة عبر الأعصاب المتصلة بها ليعطي عدد لا يحصى من المذاقات والنكهات التي نتذوقها عند أكل وشرب مختلف أنواع الأطعمة والأشربة. ولهذا السبب نجد أن الإنسان يستطيع التفريق بين طعم آلاف الأنواع من الفواكه والخضراوات وبذور وزيوت النباتات ولحوم وألبان الحيوانات بل له القدرة على التميز بين طعم ثمار النوع الواحد من النباتات كما نرى عند تفريقنا بين طعم مئات الأنواع من التمور أو التين والعنب والتفاح والبرتقال وغيرها. وأما حاسة الشم عند الإنسان فقد لا تكون أكثر حساسية من تلك التي لبقية الحيوانات إلا أنه قد تم تعديلها بحيث يمكنها التمييز بين ما يزيد عن عشرة آلاف نوع من الروائح المختلفة وذلك من خلال وجود عشرة ملايين خلية شم مختلفة موزعة على رقعتين من النسيج الشمي موجودتين في سقف التجويف الأنفي والتي لا تتجاوز مساحة كل منهما سنتيمتر مربع واحد. وقد وجد العلماء أن هناك سبعة أنواع من مستقبلات الشم تستجيب لسبعة أنواع من الروائح الأولية ويمكن لحاسة الشم من خلال مزج هذه الروائح الإحساس بعدد كبير جدا من الروائح المختلفة كما هو الحال مع حاسة البصر التي يمكنها إدراك عدد هائل من الألوان من خلال مزج ثلاثة ألوان أساسية فقط. وبهذه القدرة الفائقة لحاسة الشم في التفريق بين مختلف أنواع الروائح تمكن الإنسان من الاستمتاع بمختلف أنواع الروائح العطرية التي تصدرها أزهار وثمار آلاف الأنواع من النباتات وكذلك الاستمتاع بأطايب الطعام من خلال تعاون حاستي الذوق والشم. وكذلك تساعد حاسة الشم الإنسان على تجنب مواقع المواد المتعفنة والتي تحتوي على أنواع كثيرة من الجراثيم الضارة بصحته وذلك من خلال إحساس الإنسان بروائح كريهة تنبعث من هذه المواقع. إن إحساس الإنسان برائحة محددة يتم من خلال تنفيذ برامج محددة مخزنة في مراكز الشم في الدماغ فالنبضات العصبية المنبعثة من مستقبلات الشم الموجودة في الأنف لا تختلف عن بعضها البعض من حيث الشكل ولكنها تثير عند وصولها لمراكز الشم الخاصة بها أحاسيس مختلفة في الدماغ.

أما بخصوص المراكز العصبية المتعلقة بالحركات الإرادية لدى الإنسان فهي تحتل مساحة أكبر بكثير في القشرة المخية من تلك التي لبقية الحيوانات. وقد جاءت هذه الزيادة لتلبي القدرات الحركية الهائلة لكل من يدي الإنسان ولسانه وشفتيه فاليدان هما آلة العمل والكتابة واللسان والشفتان هما آلة الكلام وهاتان القدرتان إلى جانب القدرة العقلية هي ما ميز الله سبحانه وتعالى الإنسان على غيره من الكائنات الحية. وتقع المراكز العصبية المسؤولة عن الحركات الإرادية في الجزء الخلفي من فص المخ الأمامي وهي تغطي مساحة واسعة منه. ويتبين لنا من الشكل المرفق كيف أن اليد بأصابعها الخمس والشفتان واللسان يحتلان مساحة كبيرة من المساحة الكلية المخصصة للحركات الإرادية في الجسم. لقد سوى الله سبحانه وتعالى الإنسان وعدله فأصبح يعتمد على رجليه فقط في المشي وأصبحت يداه حرتان طليقتان لتقوم بمهام جديدة ساعدته على التفوق على غيره من الحيوانات. وقد تم تصميم الأجزاء المختلفة لليدين بحيث يمكنهما القيام بوظائف عديدة وقد تم ذلك الأمر من خلال عدة تعديلات أهمها تصميم مفاصل اليد بحيث أصبحت تتحرك بكل سهولة وحرية في الاتجاهات المختلفة فمفصل الرسغ يسمح بحركة قبضة اليد في مستويين متعامدين ومفصل الكوع يسمح بحركة ذراع اليد كذلك في مستويين متعامدين إلى جانب إمكانية تدويره ضمن زاوية تزيد عن تسعين درجة أما مفصل الكتف فيسمح بتحريك كامل اليد في مستويين متعامدين وبزاويتين كبيرتين تزيدان عن تسعين درجة. أما التعديل الأكثر أهمية فهو الذي تم إجراؤه على كف اليد بحيث أصبحت قادرة على القيام بمهام مختلفة تمكن الإنسان من خلالها استغلال كثير من خيرات هذه الأرض. ولو أن يد الإنسان بقيت على الهيئة التي هي عليها أيدي بقية الثدييات لما تمكن من تصنيع أي شيء مهما كانت قدراته العقلية. فاليد هي الآلة التي تقوم بتنفيذ الأفكار التي يولدها العقل فما الذي يمكن أن يعمله حمار له عقل إنسان؟! ومن أهم التعديلات التي أجريت على كف اليد هو زيادة مساحة باطنها وزيادة عد الأصابع فيها إلى خمسة أصابع وبثلاثة مفاصل في كل منها وقد تم وضع أربعة منها في مستوى واحد بينما وضع الإصبع الخامس وهو الإبهام في وضع مواجه لبقية الأصابع. ويتميز الإبهام على بقية أصابع اليد إلى جانب وجوده في مواجهتها بقدرته على الحركة في مستويين اثنين بينما تتحرك الأصابع الأخرى في مستوى واحد فقط مما أعطاه الحرية للوصول بكل سهولة إلى جميع أصابع اليد وجزء من باطنها. وبهذا التصميم البديع لليد تمكن الإنسان من إمساك والتقاط وتحريك مختلف الأشياء التي تتراوح في أحجامها من حبات الرمل وبذور النباتات إلى قطع الصخور وجذوع الأشجار. أما الاستخدامات التي تظهر البراعة العالية لليد فهي الكتابة والرسم حيث يمكن لليد الإمساك بالقلم في وضعية معينة وتحريك رأسه في مختلف الاتجاهات بدقة عالية لكي يتمكن من كتابة الأحرف والكلمات ومختلف أنواع الرسومات وصدق الله العظيم القائل“اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)” القلم.

  Reply With Quote