View Single Post
Old 02-21-2010, 04:56 AM   #1
 
عوض خضر

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 4
المشاركات : 2,897
بمعدل : 0.56



عوض خضر is offline
Default المرعي اخضر لكن العنز مريضه











المرعىأخضر و لكن العنزة مريضة
د. عائض القرني
أكتب هذهالمقالة من باريس في رحلة علاج الركبتين وأخشى أن أتهم بميلي إلى الغرب وأنا أكتبُعنهم شهادة حق وإنصاف ، ووالله إن غبار حذاء محمد بن عبد الله ( صلى الله عليه وسلم ) أحبُ إليّ من أميركا وأوروبا مجتمِعَتين . ولكن الاعتراف بحسنات الآخرين منهجقرآني ،

يقول تعالى: « ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة ».
وقد أقمت في باريس أراجع الأطباءوأدخل المكتبات وأشاهد الناس وأنظر إلى تعاملهم فأجد رقة الحضارة ، وتهذيب الطباع ،ولطف المشاعر ، وحفاوة اللقاء ، حسن التأدب مع الآخر ، أصوات هادئة ، حياة منظمة ،التزام بالمواعيد ، ترتيب في شؤون الحياة ، أما نحن العرب فقد سبقني ابن خلدونلوصفنا بالتوحش والغلظة ، وأنا أفخر بأني عربي؛ لأن القرآن عربي والنبي عربي ،ولولا أن الوحي هذّب أتباعه لبقينا في مراتع هبل واللات والعزى ومناة الثالثةالأخرى . ولكننا لم نزل نحن العرب من الجفاء والقسوة بقدر ابتعادنا عن الشرعالمطهر.
نحن مجتمع غلظة وفظاظة إلا من رحم الله ، فبعض المشايخ وطلبة العلموأنا منهم جفاة في الخُلُق ، وتصحّر في النفوس ، حتى إن بعض العلماء إذا سألتهأكفهرَّ وعبس وبسر ، الجندي يمارس عمله بقسوة ويختال ببدلته على الناس ، من الأزواجزوج شجاع مهيب وأسدٌ هصور على زوجته وخارج البيت نعامة فتخاء ، من الزوجات زوجةعقرب تلدغ وحيّة تسعى ، من المسؤولين من يحمل بين جنبيه نفس النمرود بن كنعانكِبراً وخيلاء حتى إنه إذا سلّم على الناس يرى أن الجميل له ، وإذا جلس معهم أدىذلك تفضلاً وتكرماً منه ، الشرطي صاحب عبارات مؤذية ، الأستاذ جافٍ مع طلابه ، فنحنبحاجة لمعهد لتدريب الناس على حسن الخُلُق وبحاجة لمؤسسة لتخريج مسؤولين يحملونالرقة والرحمة والتواضع ، وبحاجة لمركز لتدريس العسكر اللياقة مع الناس ، وبحاجةلكلية لتعليم الأزواج والزوجات فن الحياة الزوجية.
المجتمع عندنا يحتاج إلى تطبيق صارم وصادق للشريعة لنخرج من القسوةوالجفاء الذي ظهر على وجوهنا وتعاملنا . في البلاد العربية يلقاك غالب العرب بوجوهعليها غبرة ترهقها قترة ، من حزن وكِبر وطفشٍ وزهق ونزق وقلق ، ضقنا بأنفسناوبالناس وبالحياة ، لذلك تجد في غالب سياراتنا عُصي وهراوات لوقت الحاجة وساعةالمنازلة والاختلاف مع الآخرين ، وهذا الحكم وافقني عليه من رافقني من الدعاة ،وكلما قلت: ما السبب ؟
قالوا: الحضارة ترقق الطباع ، نسأل الرجل الفرنسيعن الطريق ونحن في سيارتنا فيوقف سيارته ويخرج الخارطة وينزل من سيارته ويصف لكالطريق وأنت جالس في سيارتك ، نمشي في الشارع والأمطار تهطل علينا فيرفع أحد المارةمظلته على رؤوسنا ، نزدحم عند دخول الفندق أو المستشفى فيؤثرونك مع كلمة التأسف ،أجد كثيراً من الأحاديث النبوية تُطبَّق هنا ، احترام متبادل ، عبارات راقية ،أساليب حضارية في التعامل.
بينما تجد أبناء يعرب إذا غضبوا لعنوا وشتمواوأقذعوا وأفحشوا ، أين منهج القرآن: « وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن » ،
« وإذا خاطبهم الجاهلون قالواسلاما » ، « فاصفح الصفح الجميل »
، « ولا تصعّر خدّك للناس ولاتمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور ، واقصد في مشيك واغضض من صوتك إنأنكر الأصوات لصوت الحمير » . وفي الحديث: « الراحمون يرحمهم الرحمن » ، و « المسلممن سلم المسلمون من لسانه ويده » ، و « لا تباغضوا ولا تقاطعوا ولا تحاسدوا » . عندنا شريعة ربّانيّة مباركة لكن التطبيق ضعيف،

يقول عالم هندي: ( المرعى أخضر ولكن العنزمريضة) .

  Reply With Quote