View Single Post
Old 03-06-2011, 05:20 AM   #44
 
عوض خضر

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 4
المشاركات : 2,897
بمعدل : 0.56



عوض خضر is offline
Default

الكتاب الثاني

أزرق اليمامة

د.بشرى الفاضل

الاهداء

إلى والدي الفاضل بخيت قرجة الذي رحل عن دنيانا في الخامسة والخمسين عام 1967 م
وإلى الأستاذ على المك الذي رحل عام 1992 في الخامسة والخمسين

إهداء

شاعران رحلا مبكراً في سن واحدة، لكن ماتركاه في وجداني وفي نفوس الكثيرين لن يرحل.

ولقد سئمتُ العيشَ مُراً بعد أن
دخلَ الكشامرُ حِلةَ الباجوري
خليل عجب الدور
انظري..
كلما نمنح الأرضَ حُبنا
تصبح الأرضُ منفى لنا
ولأشواقنا..
عبدالرحيم أبو ذكرى
ها أنتِ يا رزقاءْ
وحيدة عمياءْ
أمل دنقل

تقديم

ألعاب اللُّغة
عبر أحداث روائية مندغمة في نسيج الحياة اليومية ويتنوع المشاهد والمواقف والشخوص يظْهر بوضوح افتتان بشرى الفاضل الجّم باللغة، بطرائقها المركبة وديناميتها الواسعة بناء وصوتاً ومعنى. فهو يغوص بلا آخر في عمق طبقاتها المعجمية والدلالية، وتنوعاتها الصوتية، مبتكراً صيغاً جديدة ومجترحاً مفردات وتعابير ماهرة يخرجها من فورها لشرعية التداول دون أن تخضع لأي سلطة قاموسية أو بنائية. لنرى المنتخبات التالية من مجموعة "
أزرق اليمامة" ففي أقصوصة " المشنقة الأفقية" تطل مفردة "الطفابيع" وهي كائنات قميئة مصاصة دماء تحكم مدينة القصبة وتفتك بسلام أهلها، ومن ثم يذهب الكاتب إلى تصريف الكلمة بصور تأتي وكأنها اشتقاقات طبيعية، مستخدماً حسه اللغوي المرهف للوصول لظلال صوتية تدل على محمولات معنوية سالبة تنتجها أصوات الحروق "ط. ف. ب. و. ع" للوصول للمعنى القميء للكلمة ويستخدم ذات التأثير الصوتي الدلالي لاقتراح مفردة " الدواء -خانة" التي لا توفر أي دواء وبالتالي تتحول إلى "دواخانات" بكل درجات
الإشارة للمعنى الرديف. وتؤمن ألعاب اللغة تلك وسيلة أخرى للمعنى عن طريق استيلاد مفردات بخلق مشتركات توفيقية، فهو مثلاً يصف الدابة الحديدية التي يمتلكها الطفابيع
بأنها حيوان وآلة ليصل إلى "حيوالة". وفي حكاية أخرى تصحو مدينة ما وهي في حالة من الصياح والفوضى، فيندغم الهلع مع البسالة لينتج "الهبالة" ويمضي بشرى الفاضل متعمقاً في تلك الحيل اللغوية، ففي حكاية "زهرة" تنتظر الطفلة الحزينة شقيقها الغائب الذي صهين وصهين حتى أصبح " صهيونياً". ويذهب أيضاً ليخبرنا في حكاية أخرى أن "قلب إيناس عاقل وعقلها مقلوب" معتمداً على فنية هذا الشكل وقدرته الهائلة الإلماح. وهو كذلك يستخدم البعد التقني لصوت الحرف في محاكاة بيئية محضة للصوت حتى يخيّل لنا أننا نسمع صدى الكلمات والحروف عندما تكح حاجة السرة "كحة مضمومة أُه أُه" وعندما يلتفت البعير "باذل" والناقة "بازلاء" في قلب القحط والخواء كمن يستنكر أو
يسأل "آ. آ؟". وهو كذا لا يغفل خاصية الاقتصاد اللفظي في العامية بإطالة وتمديد الصوت للتعبير عن الاستغراق والإمعان في الصفة، فالبحر مثلاً شديد الزرقة " أزراااق" وحاجة السرة الخرفة "عجوووز".
لعل ما يعطي كتابة بشرى الفاضل تلك النكهة الأسلوبية الخاصة هو أن العامية تحضر في النصوص كقوة مضافة للغة القص، بما يجعلها تقف بكبرياء موقف الند أمام الفصحى، حتى أن الكاتب يكون نزاعاً إلى استخدامها لتوجيه موقف القارئ وللوقوف على الجزئيات بأناة محكمة، ولكشف العوالم الداخلية لشخوصها مما يضفي غنى وتعقيداً لبنية المعنى. كما أننا كثيراً ما نقع عليها مقترنة بتصاعد الخط الدرامي كأن يأتينا صوت محمود زاعقاً في "انفصال" : خلاص قفّلي ولا كلمة.
بتلك الممارسة الجمالية الواعية يسعى بشرى الفاضل إلى إعادة تعريف العامية كمنفذ خصيب للتعبير يسهم بقوة في تجويد البناء الداخلي للنص ويعمل على تماسك ملامحه، فاستخدام العامية في نصوصه لا يأتي كقطب مواز للفصحى وبالتالي كخصم يعمل على تصديع نسقها، وإنما تتمفصل قدرة اللغة ككيان جامع يتسع لثنائية الفصحى والعامية لتعملا معاً بتساوق تام يناسب مقتضى الفعل، حتى أننا نكاد نحس أنه ليس هناك قداسة لكيان الفصحى الآحادي وليس هنالك، كذلك، تنكر بيئي وتنازل ثقافي عن العامية، فالقاص يسترفد من معجم العامية بكل أناقة حضورها الإنساني كهوية لسانية ثقافية
شديدة الفصاحة والنفاذ، حتى أن المعنى الذي تؤديه المفردة العامية لا يمكن
أن يعوض بغيرها. ففي نص "عبدالقيوم الرأسي" بروحه الفانتازية العجائبية ينهض الجسم الفصيح من على سطح الماء «بشيش .. بشيش » وفي " ساقية جحا" يوصف الهادي معلم المرحلة المتوسطة بأنه «تمامة عدد » في تنظيمه السياسي، وفي نص آخر تنزل دموع الطفلة «كُبار.. كُبار » ، وهناك الحمار المنتحر المحتج على رهق العالم والذي يدخل النهر «تُوش »، وتطل أيضاً حاجة السرة التي تقف «دُتْ » في خاطرة السفر.
إنها شذرات من مدارات بشرى الفاضل المكتنزة والتي هي أداته الجمالية السحرية للمتعة والإفادة.

د. لمياء شمّت
عن جريدة الصحافة السودانية



أزرق اليمامة ...
أزرق الكتابة
أي المحاور منذورة لاكتمال الأحاديث في الروح أي المحاورات منذورة لافتكاك المواريث من رصد الصمت والصميم المحجر في رمم الوارثين حبر المحارات مخضوضر يتحلزن فيه وجيب الدواثر ولا صيد لي - في صباح الخليقة هذا - سوى غمغمة الدوى وثرثرة البحر
"طردية"
"محمد عفيفي مطر"


• ذات الكتابة تسعى نحو المعرفة لأنها منخرطة في التجربة والممارسة، وهي بذلك ذات مادية، غير محايدة، فاعلة في تحديد جهة التأريخ. ولأنها أرضية لاعلوية فهي اجتماعية، تحترف الانشقاق والنقصان . تهدف الكتابة إلى بلورة رؤية مغايرة للعالم، تستمد من المواجهة والتأسيس بنيتها الرئيسة .

محمد بنيس


"بيان الكتابة"
• في الليل كانوا يرسلون جماعات السجناء ليستروا بالطلاء الأبيض كلمات الاحتجاج التي كانت تكسو، في أوقات أخرى، جدران المدينة. غير أن المطر المتواصل، المثابر، يبدأ في إذابة الطلاء الأبيض. وهناك شيئاً فشيئاً تبزغ الكلمات العنيدة مرة أخرى.

"إدواردو جاليانو"

  Reply With Quote