(4)
حكايات احلام حسب الرسول (احلام الصول)ا جلس فى عيادة (احلام تادروس) اتصفح عددا قديما من مجلة (حواء) المصرية .. كالعادة العيادة بسيطة وانيقة مثل صاحبتها .اول ما لفت نظرى فيها هو انها مسيحية .. لم اعرف قبطية قبلها .. اعجبنى الصليب الذهبى الصغير .. والتهذيب العالى , الانسانية التى تشع من العيون .. عرفنا بعد فترة من صداقتنا انها تنتمى الى اسرة غنية لديهم مصنع زجاج كبير .. ذات مرة شاهدتها تركب سيارة مرسيدس فارهة , نادتنى فى تهليل - ده بابا .. دكتور تادروس ميخائيل .. دى صحبتى يا بابا فى الجامعة واحدة من الاحلامات الحكيت ليك عنهم .اخبرتنى بعدها- ما بحب زول يعرف انى غنية .. عايزة اكون زيكم بدون فرق .- ابوك دكتور ؟ .- لا .. ما طبيب .. عندو دكتوراة فى الجولوجيا .. خلى التدريس فى جامعة الخرطوم واتفرغ للعمل الخاص .- عندك اخوان ؟ .- عندى اخت واحدة , طبيبة امراض نساء واخ اتوفى قبل ما ادخل الجامعة كان اسمو (حنا) .- وامك ؟ .- طبيبة اسنان .- ماشاء الله .. انتو اسرة راقية شديد .- لا .. عادى خالص , نحنا اسرة عادية جدا .متواضعة بشكل لا يصدق .. مثقفة - دى رواية فرنسية ؟ .- البؤساء بتاعت فيكتور هيجو .- بتعرفى فرنسى ؟ .- يعنى , شوية , شوية .اتذكر الايام التى ماتت فيها شقيقتها (ماريا) , انقلبت بها السيارة وماتت بنزيف حاد فى المخ .. كان عندى شغف ان اراها , وعدتنى اكثر من مرة ان نذهب لها فى العيادة - اقول ليك سر يا بت الصول ؟ .- سرك فى بير .- ماما ما بتحب مسلم يخش عندنا فى البيت .- ليه كده ؟ .- ما عارفة , هى ما بتحب السودان , وما بتحب نصاحب المسلمين .عندما ماتت (ماريا) تغيرت هى كثيرا - انا يا بنات نويت امتحان شهادة سودانية علمى .. واخش طب وامسك عيادة ماريا .(احلام السمحة) لا تحب الشخص الطموح - بالله عاينى الاقباط ديل جبارين كيف , ما عايزة تفك عيادة اختها . - ده اسمو وفاء وطموح . قبل سنة جاءت تزورنى فى الجامعة - عارفة , انتى الزولة الوحيدة الشجعتينى امتحن واخش طب .. ومتذكرة يوم زغردتى لى عشان نجحتا .- يا بت ده كان زمان .- فى حاجات ما بتتنسى لو مرت مليون سنة .لمحت نظرة الامتنان واطياف دموع قادمة فى العيون المسيحية الطيبة .. عرفت كم هى وحيدة وفى حوجة الى قلب قريب منها .. قررت ان ازورها بشكل منتظم كل اسبوع .. وها انا بعد سنة كاملة اجلس فى عيادتها .خرجت (احلام جلكنة) بجسدها الذى ترهل وخلفها كانت (احلام القبطية) وهما تضجان بالضحك - يا بت الصول شفتا قلة الادب بتاعت جلكنة .- حظك .- يا بنات ما تعملوا لى عقدة نفسية بلاش مسخرة فارغة معاكم .عنما ذهبت الى الحمام , تنهدت (احلام تادروس)- عندها ورم فى الرحم لازم نعمل عملية ازالة للورم وتحليل .- اتكلمتى معاها ؟ .- بعد برنامج بكرة عشان ما تدبرس . ونحن فى طريق العودة الى البيت , قالت (جلكنة) - احتمال يكون عندى المرض الكعب ؟ .- المرض الكعب ده كمان شنو ؟ .- السرطان . - لا حول ولا قوة .. انتى بقيتى دكتورة واحنا ما عارفين ؟ .- لا بالجد شايفة وش بت تادروس اتغير وهى قاعدة تكشف على . - يا بت مافى سرطان بتعرف بالكشف كده ساكت لازم الزول يعمل تحليل وهيصة طويلة .- انا الحاسة السادسة عندى ما بتغلط .- عليك الله بطلى هبالة وجرسة .وضعت شريط (زيدان ابراهيم) على الة تسجيل العربة .. اندلع الصوت السكران يترنح مع نغمات العود .. اغمضت (جلكنة) عيناها واراحت راسها على حافة المقعد - حليلك يا زيدان وحليل ايامنا .كنت اقود سيارتى وانظر لها بطرف عينى .. وجهها الرجولى الاسود كان يلمع مع اضواء السيارات القادمة فى الاتجاه المعاكس .. قلت فى سرى - ربنا معاك يا احلام .. ربنا معاك .