View Single Post
Old 01-23-2011, 06:04 AM   #43
 
عوض خضر

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 4
المشاركات : 2,897
بمعدل : 0.56



عوض خضر is offline
Default

- )دق(.
فيقول له عطا :
- مالك؟
فيقول القلب :
- دق .. دق .
فيرد عطا:
- ممنوع.
- )دقق.. دق(.
- كلا.
)دقق .. دق.. دق(.
خاف عطا وجن جنونه وهكذا أصبح وجوده مشروعاً في ذلك المستشفى.
وذات مساء سمع عطا نشرة محلية تعني بشؤون الموتى المفقودين )خرجت ولم تعد حتى الآن خادم الله جار النبي أوصافها كالآتي: خرج ولم يعد حتى مطلع الفجر سعد عوض، خرج عبدالمنعم، خرجت نعمات. خرج الخوارج.
دخل الدواخل(.
قفز عطا من سريره عارياً فتبعته أمه وتبعه أخوه هلعان وهما يصيحان:
- ارجع!
جرى عطا وقفز فوق السور العالي ثم قفز تجاه الشارع وصاح:
وجدتها وجدتها .
جرى وراءه رهط من الغرباء والممرضين. قال عطا :
- يا عالم وجدتها.. وجدتها.
قال غريب:
- وجدت ماذا؟.
قال عطا :
- وجدت الغازات السودانية. عثرت على أصلها وفصلها. وجدت سر اختفاء المفقودين سر خادم الله بت جار النبي.
وهز الجميع رؤوسهم أسفاً. ثم دلف خمسة أشخاص وممرض تجاه منتصف الدائرة حيث عطا. وأمسكوا به وهو زائغ البصر. رأت المشهد امرأة عجوز فضحكت وأبرزت سنيناتها حتى غضبت منها أم عطا. وقال عطا في سره.

- وتضحك مني شيخة عبشمية كأن لم تر قبلي اسيراً يمانياً
استسلم عطا لدموعه حين رأى عيني أمه الحزينة صاح فيها مشفقاً:
- كيف يجري نيلك؟.
كانت أم عطا من شاكلات الطير صبت في دجى بلعومه حين كان يافعاً، لون الصباح، وكان أبو عطا نهراً مرهوب الدواخل ولعطا صحب بهيون، عديلون، عنيفون، انتمائيون، من جنس الرياح وها هو الآن حطام شاب تمرده في لسانه لاغير. قال عطا:
- )يا للبشاعة
فلطمه رجل يتضايق من الكلمات وصاح فيه:
- اخرس.
ولكن عطا انهمر وهطل مطراً من الكلمات العنيفة. فصفعه الرجل حتى سكت عطا. لكن الرجل الغريب تمادى في اللطم والركل والصفع، لطم عطا ولطمه حتى وقعت من فكه سن مدمومة فأشار عطا لسنه المخلوعة على الأرض وصرخ:
- اتركني! وقع القمر.. وقع القمر!
ولكن الرجل الغريب ما تركه وقعت الأم من هول ما رأت على الأرض، بلا حراك وصرخ شقيقه وبعض السابلة بالصوت الجهير
- )لا(
ولكن الرجل الغريب ما ترك عطا.ضربه ضرب غرائب الأغنام.وهنا جاء الطوفان:
قال قلب عطا:
- دقق. دق. دق.
فقال عطا:
- ممكن.
قال قلبه:
- دقق. دق.
قال عطا:
- نعم
قال القلب:
- دق. دق
قال عطا:
- اخرجي .
قال القلب:
- دق.
ثم سكت. سكنت الحركة ذلك المساء. لا الشارع رأى عربة ولا العربات رأت زحاما.ً نام الناس قبل الكلاب. والقطط نامت قبل الفئران. تمدد النيل من الشاطئ للشاطئ ومد يديه فوق شبح المدينة النائمة وتثائب. عطف الحزن على الأزقة والحارات فغسلته الدموع.
في ذلك اليوم بكت السحب فوق طلل تلك المدينة بكاء الأطفال، ومع ذلك فإن سائل الحياة وماء ها يجري. وفوق ذاك فإن النيل ينيل، يرهد الرهد، ويدندر الدندر ويجيش القاش والعطبراوي يعطبر فهل من عاصم من التيارات ومن ملجم لهديرها؟ هيهات

• عبارة )والعطبراوي يعطبر( أضافها الأستاذ علي الملك، و)يجيش القاش( أضافها الأستاذ محمد
أحمد محمود كما أضاف الأستاذ أبوبكر الأمين كثيراً إلى صور ولغة هذه القصة وغيرها

  Reply With Quote