View Single Post
Old 01-13-2011, 05:35 PM   #11
 
yasir alkhaliel
زائر

رقم العضوية :
السكن: University Petronas-Malaysia
المشاركات : n/a
بمعدل : 0



Default

الجماعات الباطنية (9)
مصر .. في الفخ !

الحكومة المصرية بدورها هللت للانقلاب العسكري .. وكمان اعتبرتهم أولادها! فانطلت عليها خدعة الجماعات الاسلاموية البارعة في المكر والخديعة. لكن محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك، مثل غزو الكويت، كشفت استهداف الجماعات الاسلاموية لمصر عن طريق خلق فوضى سياسية، ومن ثم فتح جبهات عنف داخل المجتمع المصري وفق خطة إطباق تعقب الفوضى. ثم إن اختلاف جنسيات العناصر التي شاركت في محاولة الاغتيال قدمت الدليل المادي على تواجد خلايا الجماعات الاسلاموية من شتى أنحاء العالم داخل السودان علاوة على سيطرة الجماعات على مفاصل القرار وتمتعها بحرية الحركة والفعل مهما كانت درجة خطورته.

وبعد فشل المحاولة بذلت الجماعات ظهرها وبطنها ودموعها لمصر لعلها ترضى، فرضيت مصر! تركوا لها حلايب وبنوا لها سد مروي وغيره لتخزين حصة مصر من مياه النيل وتمرير الطمي ورفع الضغط عن السد العالي، ثم وقفوا يساندون مصر أمام أقطار حوض النيل وأفردوا لمصر ملايين الأفدنة في أطيب أراضي السودان الخصيب في مشروع الجزيرة والشمال وغيره وفتحوا الأبواب أمام العمالة المصرية غير المدربة. وهكذا استبشرت مصر بالخير الوفير والماء والزرع والضرع السوداني الذي سوف يحل ضائقات أمرها. لكن الواقع أن مصر قد بلعت الطعم وأدخلت رأسها في حلقة حبل الشرك الذي نصبته لها الجماعات الاسلاموية بعناية، ومصر تظن أنها تحقق مكاسب في السودان! ذلك أن محاولة دخول الجماعات الاسلاموية دخولا مباشرا للسيطرة على مصر من شأنه أن يخلق ردة فعل قوية مصرية وعالمية. لذلك كانت خطة الجماعات هي إدخال مصر للسودان بإغراء مصر و"تمييع الحدود" وبالتالي فإن دخول مصر السودان يعني تلقائيا دخول الجماعات الاسلاموية إلى مصر بلا حدود ولا غربال! وأشد ما يحيرني أن مصر لم تدرك إلى اليوم أنها هي الهدف الاستراتيجي للجماعات الاسلاموية انطلاقا من السودان.

فماذا أنتم فاعلون يا أقطار الجوار؟ !


مصر معقل الكثافة السكانية ذات الموقع الاستراتيجي وأقطار الخليج ذات النفط تظل الهدف الأساسي لهذه الجماعات وليس السودان. والواقع وحقائق التاريخ تؤكدان معا أن احتلال الجماعات الباطنية للسودان هو احتلال تكتيكي لأن السودان بتنوع اثنياته ونزوع مجتمعاته للديموقراطية والحرية كمطلب أول وأزماته الاقتصادية خاصة بعد انفصال الجنوب الوشيك، ثم تراث الحكم في السودان الذي لا يقبل تفرد شخص أو فصيل واحد بالحكم، كلها عناصر تجعل في حكم المستحيل استمرار احتلال السودان لفترة طويلة. فقد فشل "التمكين" والشعب يدفع بقوة نحو الحرية حتى لو تصدّعت البلاد كما قشرة البيضة.
مأزق أقطار الجوار أن السودان يشكل اليوم الأرض الثابتة لهذه الجماعات للانقضاض ولو بعد مائة عام على الأهداف الإستراتيجية في أقطار الخليج حيث النفط كسعلة ذات مردود وسلعة ضغط على القوى الدولية، علاوة على الموقع الاستراتيجي. وبذات المستوى سوف يظل الخطر يتهدد مصر ذات الموقع التاريخي والجغرافي والكثافة السكانية طالما ظلت شبكه الجماعات الاسلاموية تستعمر السودان. ذلك أن وقوف هذه الجماعات على أرض صلبة في السودان يجعل خلايا الجماعات الاسلاموية في مصر تقف على نفس الأرض الصلبة، فهي جماعات لا تعترف بالحدود ولا بالهوية القطرية .. وما أقصر المسافة بين قصر عابدين والقصر الجمهوري عند مقرن النيلين! والمشكل مع هذه الجماعات أنها لا تحيد عن أهدافها مهما بلغ حجم الترضية المادية المبذولة لها، فهي تريد "الأصول الثابتة" وليس فائض القيمة ولا تقبل بالقسمة! فلا تغرنكم دعوات "دولة العروبة والإسلام وشرع الله واللغة العربية" فهي حبل من مسد! والهزات العنيفة التي أخذ يتعرض حكم الجماعات للسودان سوف يدفعها دون شك إلى الإسراع في تنفيذ خططها في المنطقة قبل أن تصبح بدون ارض. وإذا جانبني الصواب في هذه القراءة، فإنني أفضل أن أقولها اليوم عن الندم على عدم قولها في حينها الآن .. خذوا حذركم على الأقل، ولا تعينوا المحتل على شعب كريم نبيل ... فالأيام دول!

أميريكا وأوروبا

الحقيقة المهمة التي يجب أن لا نغفل عنها لحظة واحدة أن الإدارات الاميريكية هي التي استنهضت الجماعات الاسلاموية وسلحتها ودعمتها بالمال والإعلام لكي تحارب نيابة عن أميريكا في أفغانستان. وفي السياق فإن حركة حماس تمت صناعتها من طينة الجماعات الاسلاموية كمعادل لحركات تحرير فلسطين آنذاك، وقد اعترفت إسرائيل بدور الموساد في صناعة حركة حماس. لكن الحركات الاسلاموية شبت عن الطوق وتمددت وكبرت وبدأت تبحث لنفسها عن قاعدة ثابتة في قطر تحكمه وتتحكم فيه وتنطلق منه. ومن حيث أن الثابت في سياسات الإدارات الاميريكية هو الإبقاء على نوع من التواصل حتى مع أعدائها مثل العلاقة القائمة بين طهران وواشنطن، فقد أبقت واشنطن الجسور قائمة والقنوات مفتوحة بينها وبين هذه الجماعات إلى اليوم وباكر سواء مع تنظيم القاعدة أو غيره من الجماعات الاسلاموية. والملفات التي نقلتها الجماعات الاسلاموية جوا من الخرطوم للمخابرات الاميريكية تؤكد العلاقة، وفي نفس الوقت تدحض أي مسعى لدى الإدارات الاميريكية للقضاء المبرم على هذه الجماعات لأن الملفات كانت هامشية ولم تلمس اللحم الحي لهذه الجماعات. وفي معطى هذه التوافقات بل والتنسيق بين الأجهزة الاميريكية وبين الجماعات الاسلاموية، والتي تبدو بعض جوانبها مثل أفلام الخيال الهوليودي زمن الحرب الباردة، تم "تلبيس" تنظيم القاعدة مسؤولية ضرب مركز التجارة الدولي، وهو عمل خارق لا يقدر تنظيم القاعدة ولا حتى كل أوروبا تنفيذ مثله داخل الأراضي الأميريكية. فقد ثبت بكل القرائن المادية والشهادات أن حادثة 11 سبتمبر "صناعة منزلية" أميريكية خالصة النكهة والتوابل. لكن تنظيم القاعدة قبل تحمل المسؤولية الذي لا يضير تنظيم القاعدة في شيء!

في ضوء هذه العلاقة "الباطنية" بين الإدارات الاميريكية والجماعات الاسلاموية نقرأ موقف الإدارة الأميريكية الذي يبدو في ظاهره مناهضا لحكومة الجماعة الاسلاموية في السودان. لكن بتدقيق النظر في مستويات العقوبات والمواقف الاميريكية، يتضح أن العقوبات الأميريكية هي نوع من الدعم لحكومة الجماعات الاسلاموية في الخرطوم، وأن العقوبات الأميريكية لا تعدو كونها وسيلة جيدة لتضليل للرأي العام السوداني والأميريكي! قد يبدو ذلك غريبا للوهلة الأولى، لكن إدارة أوباما عقدت مع حكومة الجماعات الاسلاموية أخطر صفقة في تاريخ السودان الحديث وذلك بمقايضة تمرير واشنطن للانتخابات المزورة، أي الإبقاء على استعمار الجماعات الاسلاموية للسودان، مقابل تمرير كل الأجندة الاميريكية في السودان وأفريقيا والشرق الأوسط، وعلى رأس هذه الأجندة طرد فرنسا وأوروبا عن مناطق الثروات الأفريقية وتخليق كيان قطر في جنوب السودان تريده أميريكا كقاعدة متقدمة في الحزام الأفريقي في ضوء تآكل الحكومات الأفريقية التابعة للمجرّة الأميريكية مثل الحكومة الأوغندية. فقد نزلت أميريكا بكل ثقلها وكارترها ومندوبيها لتمرير التزوير، وحصلت على دولة جنوب السودان. فأميريكا لن تجد أفضل من حكومة الجماعات لتمرير هذه الصفقة الفادحة .. طبعا دون أن تعتد واشنطن، حامل لواء الحرية والديموقراطية، بما يصيب الشعب السوداني على يد هذه الجماعات من قمع وتقتيل ودكتاتورية مفرطة وإفقار وتجويع وترويع. زد على ذلك أن الإدارات الأميريكية تبقي على هذه الجماعات كذريعة لدخول المنطقة في أي وقت "لمحاربة الإرهاب" كما يحدث الآن في اليمن، وأيضا كأداة لتخويف الأقطار المجاورة في الخليج ومصر. ففي التاريخ القريب كانت واشنطن وتل أبيب تنفذان العمليات تحت اسم التنظيم الوهمي "الجهاد الإسلامي" واليوم تنظيم القاعدة موجود ومعترف به دوليا .. يصطاد السياح الأوروبيين ويحولهم إلى رهائن .. وأميريكا يعميها ما شافت!

  Reply With Quote