القضايا الاجتماعية في* شعرها
* لجأت الشاعرة روضة الحاج إلى أسلوب الترميز الخفي* في* عرض القضايا الاجتماعية ويتضح هذا الترميز بالقراءة* الدقيقة لقصيدة* (وقال نسوة) ففيها قضية الخصومة اللطيفة بين الرجال والنساء وهي* بالطبع خصومة لا تصل حد العداوة وأكثر مظاهر هذه الخصومة هضم حقوق المرأة خاصة حق التعبير عن الذات،* ففي* هذه القصيدة رمز إلى أن زمان هذا الحرمان قد مضى وتحررت المرأة من قيودها كما أن في* القصيدة تذكيراً* للمرأة بخصائصها الوجدانية التي* لا تقل ضراوة عن خصائص الرجل وهذا واحد من عوامل انتشار شعرها لأن التعبير عن مثل هذه القضايا بالشعر* ،* أوقع في* النفس من التعبير الهتافي،* فاقتباسها لقصة سيدنا* يوسف عليه السلام إشارة إلى هذه القضية فإن النسوة عندما قطعن أيديهن عند رؤية* يوسف أظهرن هذه الخصائص الوجدانية تجاه الرجل من* غير وعي* وهنا تستنكر الشاعرة روضة الحاج استسلام النساء للأغلال الاجتماعية التي* تكبت مشاعرهن،* كان ذلك في* قولها: *
لو أنهنَّ سيِّدِي * وَجَدْنَ ما وجدتُ * حينما سرحتُ* يومَها * وضجَّتِ الحياةُ حين كنتُ ناظراً * وأجهشَتْ سَحابةٌ كانت تَمُـرُّ * في* طريقِها إلى البعيدْ * لو أنهن سيدي*...... * لقُطِّعتْ أناملٌ * مَشَتْ على الخدودْ (روضة الحاج، ب، 2006م )
* لكنها بعد ثورتها على هذه الأغلال الاجتماعية عادت مرة أخرى إلى الاستسلام النسائي* طائعة ولعل هذه الحالة تولدت من إحباط في* نفس الشاعرة صرفها عن الرمزية التي* أثارت بها قضية المرأة في* قصيدة* ( وقال نسوة*) فظهر هذا الإحباط في* قصيدة* (خاطرة خرساء*)
ومللتُ من دمعٍ* يزورُ مع المساءْ * وسئمتُ من طيفٍ* يزاوِرُ * سائلاً* قلبي* البقاءْ وكرهتُ أني* جئتُ من* جنسِ النساءْ(روضة الحاج، أ، 2006 ) * استخدام عناصر الطبيعة
* قد* يكون هذا ضرباً* من الرومانسية إذا عرفناها بأنها اللجوء إلى الطبيعة للتعبير عما في* النفس لكن اعتقد أن استخدام روضة الحاج لعناصر الطبيعة كان التماساً* لبداوة تحن إليها وتفقدها في* زحام المدينة وضجتها فقد تكررت عندها الأزمنة والفصول وعناصر الطبيعة الأخرى كالبرق والرياح والمطر*. * انظر تكرار هذه العناصر في* قصيدتها* (نشاز في* همس السحر)(روضة الحاج،أ،2006م)
* وغداً* تسافرُ كالمساءْ * وأظلُّ وحدي* للصقيعِ وللشتاءْ *............ * كيف احتباسُ الدمعِ بعدَكَ * عندما* يأتي* المساءْ *...... من لي* إذا عَبَسَ الشتاءْ؟ *............. * خوفي* إذا جاءَ المساءْ وما أتيتَ مع القمرْ * كذلك في* قصيدة* (عام مضى*)(روضة الحاج ،ب2006م) حيث ذكرت السنة بفصولها في* قولها* عامٌ مَضَى* بخَرِيفِهِ وبصيفِهِ * كلّ الفصولْ * لكنني* من أجلِ وجهِكَ * يا صفيَّ* القلبِ * أعلنتُ الطوارئَ* يومَهَا صيفاً * فحاورتُ الغُيومَ البيضَ والأنداءَ والعشبَ الجميلْ
* فهذه الصورة* يحس بها أهل الريف أكثر من أهل الحضر *
أثر العامية السودانية
* هذا أثر قديم* في* الشعر السوداني* ورائد هذا المنهج الراحل محمد المهدي* المجذوب*(عليه رحمة الله) فهو* يستخدم الأمثال الشعبية والحكم في* شعره فيصوغها بلغة فصيحة كقوله (المجذوب،1982م )*
قَلَما تَخِذتَ وهل* يُفِيدُ ولمُ* يُزِلْ* بَلماً* وَعِلـمُكَ لِصُّكَ المترَقبُ * ارْفَعْ* يديكَ عن التُّيوسِ وسِعْتَها* حَلْباً* يَطولُ وأيُّ* شييءٍ تحلُبُ
* واشتهر من هؤلاء أيضا* خليل محمد عجب الدور وله شعر كثير في* هذا المجال كقصيدته* (من وحي* القبوب بين الطين والربوب) في مجموعة(قصائد من الشرق )*وقد ضمنت روضة الحاج شعرها المثل القائل* (زمانو فات وغنايو مات*) حين قالت *
عندما* يشدُو المغنِّي * (بالصباح الباهي* لونك)*
أنت لن تأتي* إليّ*
ومُغَنَِّي* الحبِّ ماتْ
* ثم ضمنت الجزء الأول من هذا القول في* قصيدتها* (على الرغم مني*)
* وقد قلتُ للتوِّ * إن* (زمانَ الجراحاتِ فاتْ)(روضة الحاج، ج، 2006م )
* المدرسة الشعرية لروضة الحاج
ذكرت في* حديثي* عن لغة شعرها أنها انصرفت عن لغة الإغراب والغموض وأن هذا ما أتاح لشعرها الانتشار والذيوع فمدرسة الإغراب والغموض هي* التي* نفرت شيوخ الأدب واللغة من شعر التفعيلة في* بداياته،* لكن هناك شعراء نأوا بشعر التفعيلة عن الغموض ومزالق السخف المعنوي* وخير نموذج لهؤلاء الشاعرعبد القادر الكتيابي* فكانت مدرسته رداً* على مدرسة الغموض* ،* فقد ذاع* أمر ديوانه* (رقصة الهياج*) ذيوعاً* كبيراً،* والشاعرة روضة الحاج تأثرت كثيراً* بشعر الكتيابي* مع إبراز شخصيتها وأسلوبها الخاص فكثيراً* من أساليب الكتيابي* التي* ابتدعها في* الشعر جاءت في* قصائد روضة الحاج من ذلك إيراد المسائل اللغوية التي* اختلف فيها العلماء قديماً* وعدوها من شواذ الحروف مثل* ،* إدخال* (أل*) على الحرف وعلى الاسم الملحق به ضمير وبعضهم* يدخلها على الفعل كقول الفرزدق (ابن عقيل،1993م ،)
* ما أنتَ بالحَكَمِ التُّرضَى حُكُومتُه* ولا السديدِ ولا ذي* الرأيِ* والجَدَلِ * لتكون أل هنا بمعني* الذي،* لكن الكتيابي* أدخلها على الحرف والاسم* غير المجرد من الضمير في* قوله عن العيد ( الكتيابي، 2006م) * هلْ أنتَ ذاتُك ذاك الفي* طفولتِنا * كانت تُعدُّ* لهُ الساحاتُ والغرفُ * هل أنتَ ذاتَك ذاكَ الفَجْرُه ذَهَبٌ * الشَّمْسُهُ فِضَّةٌ ما شابَها كَلَفُ * أي* الذي* في* طفولتنا والذي* فجره ذهب والذي* شمسه فضة لقد استخدمت الشاعرة روضة الحاج هذه الظاهرة اللغوية في* قصيدة* (ما في* الجبة إلا الحب*)(روضة الحاج،ج،2006م ) فقالت*:
* ياجوقةَ الصبرِ التي
* غنت مع البحارةِ الضاعوا * مع المتشردين *.... *
أُحِبُّ جِرَاحَك الغارتْ * بذاكرتي
|