View Single Post
Old 10-31-2010, 11:07 AM   #43
 
صادق محمد عوض

تاريخ التسجيل: Apr 2010
رقم العضوية : 90
السكن: السعوديه
المشاركات : 2,137
بمعدل : 0.41



صادق محمد عوض is offline
Default

( ‬نقدٌ وتحليلٌ*)
‬ * ‬د*. ‬سعد عبد القادر العاقب*

قــراءة في شــعرِ روضــة الحاج*
( ‬نقدٌ وتحليلٌ*)

مستخلص
يتناول هذا البحث شعر روضة الحاج، باعتبارها إحدى الشواعر السودانيات في العصر الحديث، حيث تناولت الشاعرة ما لم يكن مألوفاً في الشعر النسائي، يدرس هذا البحث انتماء الشاعرة روضة الحاج إلى مدرسة الشعر الحديث، (التفعيلة)، كذلك يدرس تأثير القرآن الكريم، والأدب العربي القديم والشعراء السودانيين المعاصرين على الشاعرة، كما يبَيِّن البحث اللغة وآلات جودة الكلام في شعرها

Abstract
This article discusses the poetry of Rawda Alhaj a Sudanese contemporary female poet. She has been selected because she addresses issues never been tackled before by a Sudanese female poet.

The study also discusses her belonging to the modern poetry school. and the effect of the Holly Quran, old Arabic literature and previous Sudanese contemporary poets

Finally, the study reveals some of language, poetry tools and speech quality errors that Rawda has committed

مقـــدمة :
‬نعلم أن النساء أقل حظاً* ‬من الرجال في* ‬قرض الشعر ويشهد بذلك تاريخ الأدب العربي* ‬القديم، فقد بلغنا من العصر الجاهلي* ‬مئات الشعراء لكن لم تنبغ* ‬من الشواعر في* ‬ذلك العصر سوى عدد* ‬يسير منهن الخِرْنِق بنت بدر(المرزباني،1976) أخت الشاعر طرفة بن العبد والمخضرمة تماضر الخنساء(ابن حمدون،1996) التي* ‬كانت تغلب الرجال شعراً* ‬وبياناً،* ‬حتى في* ‬العصر الحديث كثر الشعراء الرجال ولم تشتهر عندنا إلا نازك الملائكة وفدوى طوقان،* ‬ويختلف الرجال عن النساء في* ‬الشعر قديماً* ‬فهم* ‬يقرضون الشعر في* ‬شتى أغراضه وتكتفي* ‬الشواعر الإناث بلون واحد هو مدح آبائهن وإخوتهن والفخر ببطولاتهم لاسيما شواعر السودان في* ‬عصور متقدمة مثل مهيرة بت عبود وشغبة المرغمابية وبنونة بت المك نمر والحرم بت عِبْدِ* ‬اللاه،* ‬ولعلّ* ‬انصراف الشواعر الإناث عن ضروب الشعر الأخرى كالوجداني* ‬مثلاً،* ‬يعزى إلى قيود اجتماعية حرمت المرأة من التعبير عن خبايا نفسها ومشاعرها ولعل هذه القيود حرمتنا من أدب ضخم كانت تختزنه النساء السابقات ولكن هذه الأغلال قد تكسرت في* ‬العصر الحديث،* ‬فانطلقت الشواعر* ‬يقرضن الشعر في* ‬جميع ضروبه لاسيما الشعر الوجداني* ‬وشاعرتنا روضة الحاج واحدة من شواعر* ‬السودان اللائي* ‬كسرن هذه القيود وهذه نظرات في* ‬شعرها ومحاولات نقدية*.‬

منهج الدراسة
اتبعت في هذه الدراسة النهج النقدي التحليلي الذي يقوم على استقراء النصوص، ثم الحكم عليها بالمعايير النقدية المعروفة في الشعر ، حيث تتضمن هذه المعايير جوانب عديدة ، أهمها اللغة ، والمعاني والموسيقا ، والتقليد والتأثر وغير ذلك مما تعارف عليه النقاد ، وقد اعتمدتُ في الدراسة على ثلاثة دواوين للشاعرة روضة الحاج هي: (عِشْ للقصيد) و(للحلم جناح واحد) و (في الساحل يعترف القلب)، وقد اخترت مقطوعات من هذه الدواوين الثلاثة ، لإثبات ما ارتأيت من آراءٍ نقدية في الدراسة

النتائج والمناقشة

لغة الشاعرة*:
* ‬مما* ‬يحمد* ‬لشعر روضة الحاج أنها اجتنبت اللغة التي* ‬تدور كثيراً* ‬هذه الأيام بين أدعياء الحداثة والتجديد تلك اللغة التي* ‬تتعمد الإغراب والغموض،* ‬فتحول بين القارئ والنص وهذا أول عوامل فشل تلك اللغة فبعض النصوص الغريبة المعنى والأسلوب لا* ‬يفهمها حتى كاتبها نفسه،* ‬لكن الشاعرة روضة الحاج سلمت منها وهذا من أسباب انتشار شعرها في* ‬أرجاء السودان وبقية بلاد العرب،* ‬فهي* ‬اتخذت السهولة بابا ولجت منه إلى مدينة الشعر،* ‬وهي* ‬سهولة في* ‬غير ركاكة،* ‬فمنهجها في* ‬اللغة أن* ‬يكون المعنى جيداً* ‬واللفظ سهلاً*، ‬أنظر قولها في* ‬قصيدة* (‬نشاز في* ‬همس السحر) ‬ *
‬وغداً* ‬تسافرُ* ‬كالمساءْ * ‬وأظلُّ وحدي* ‬للصقيعِ وللشتاءْ * ‬أوَّاهُ لو تدري* ‬صديقَ العمرِ * ‬كيف* ‬غداً* ‬أكونْ * ‬والناسُ حولي* ‬يضحكونَ ويمرحونْ * ‬وحدي* ‬مع الأشواق أبقي والشجون) (روضة الحاج ،أ – 2006 (
* ‬ومن مظاهر جودة استخدام اللغة عند الشاعرة،* ‬استخدام الكنايات التي* ‬تجسد بعض ما* ‬يصيب النفس الإنسانية من حالات وعواطف فقد عبرت عن الحيرة التي* ‬يسببها الحزن بالاستفهام،* ‬يتضح ذلك في* ‬رثاء ليلى وهيام المغربي* ‬في* ‬قصيدة* (‬الآن* ‬ينكسر القصيد)
* ‬أَبِكُلِّ عامٍ* ‬يا جراحْ؟ * ‬ستثقُبِينَ على جدارِ القلبِ مِزراباً * ‬وتنتظرينَ إعصارَ الشجونِ بِكُلِّ عامْ * ‬أَبِكُلِّ عامٍ سوفَ نَضْحَكُ خيفةً * ‬ونظلُّ نَرْقُبُ خوف أنْ تأتينَ * ‬في* ‬الوقتِ الحرامْ؟) (روضة الحاج أ ، 2006 )
* ‬كذلك هناك ظاهرة لغوية* ‬يحرص شعراء العربية منذ العصور الأدبية الأولى أن تكون في* ‬شعرهم وهي* ‬تزيين أشعارهم بآي* ‬القرآن الكريم، وهو الفن الذي* ‬يعرف عند البلاغيين بالاقتباس فقد تناثرت ألوان الاقتباس في* ‬شعر روضة الحاج وهذه بعض النماذج في* ‬قصيدة* ( ‬الدوار*) ‬
أسفاً* ‬على ذاك الذي * ‬رحلت خطاه بَخَعْتُ نفسي* ‬وانطويت (روضة الحاج، أ 2006)
فهذا مأخوذ من قوله تعالى* في سورة الكهف: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا)، الكهف، الآية 6 ‬وقولها أيضا* ‬في* ‬قصيدة* ( ‬ما في* ‬الجبة إلا الحب)*
* .. ‬أُرِيدُكَ جَنَّةً * ‬بنمارقٍ مبثوثةٍ * ‬ما في* ‬الصدورِ سوى الصدورِ * ‬تقابُلاً*، ‬روحي* ‬على سُرُرٍ * ‬وتجري* ‬تحتَنا* ‬الأنهار (روضة الحاج، ج ، 2006 )
* ‬ففي* ‬هذا المقطع اقتباس من قوله تعالى* (وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ ، وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ) (سورة الغاشية آية 15 – 16 ، وقوله تعالى* (‬عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِيْنَ)(*سورة الصافات) آية 44 و(سورة الحجر آية 47) ‬وقوله تعالى* (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأنهَارُ.)( سورة الأعراف آية 43 )، ‬لكن الاقتباس من صورة الغاشية لم* ‬يكن دقيقاً* ‬فالنمارق في* ‬القرآن مصفوفة لا مبثوثة* ‬
*‬ التأثر بالتراث الأدبي* ‬القديم
* ‬لا شك أن التراث الأدبي* ‬القديم هو أساس الآداب التي* ‬أعقبته خاصة في* ‬الجوانب البيانية البلاغية، ولا شك أن هذا التراث* ‬يعكس صورة للمجتمع العربي* ‬القديم اجتماعياً* ‬وسياسياً* ‬ووجدانياً،* ‬لذلك ضمن شعراء العصر الحديث دواوينهم كثيراً* ‬من التراث الأدبي* ‬القديم،* ‬وقد نجحت الشاعرة روضة الحاج في* ‬استخدام كثير من نصوص الأدب القديم وتضمينها قصائدها بما* ‬يوافق الواقع المعيش للعرب،* ‬ففي* ‬ذلك أنها أظهرت أساها وحزنها علي* ‬الواقع العربي* ‬الحالي،* ‬فرمزت لحزنها بمخاطبتها* (‬الخنساء*) ‬واختارت الخنساء لأنها من صاحبات المآسي* ‬في* ‬عصور عربية ماضية، حيث فقدت أخويها صخراً* ‬ومعاوية (المبرد،1976 )،* ‬فالشاعرة روضة الحاج تلتمس عزاءً* ‬لنفسها ولكل الذين* ‬يحزنهم حال العرب من الهوان الذي* ‬هم فيه،* ‬وفي* ‬ذكرها طرفاً* ‬من قصة الخنساء،* ‬استنكار لأن* ‬يموت العرب مُغاراً* ‬عليهم لا مُغيرين ذلك في* ‬قصيدتها* (‬برقية عاجلة إلى تماضر الخنساء*)
وطرقتُ* ‬يا خنساءُ بابَكِ مرةً أخرى * ‬وألقيتُ السلامْ* ‬ * ‬ردي* ‬عليَّ تحيتي* ‬قولي * ‬فإني* ‬لم أعد أقوَى على نارِ الكلامْ * ‬فلقد بكيتِ* ‬خُناسُ* ‬صخراً* ‬واحداً * ‬والآن أبكي* ‬ألفَ صخرٍ كلَّ عامْ (روضة الحاج، ج، 2006 )
* ‬ثم تمضي* ‬الشاعرة في* ‬تصوير الهوان العربي* ‬والانصراف عن القضايا المصيرية إلى أمور توافِه،َ ذاكرة أسماء قبائل عربية كانت ذات بأس وسطوة في* ‬تاريخ العرب في* ‬قولها: *
‬ذهبتْ قريشُ لمهرجانٍ في* ‬الغناءْ * ‬وبنو تميمٍ سافروا للسِّينِ* ‬يصطافونَ* ‬ هذا العامَ * ‬لا* ‬يأتونَ إلا في* ‬الشتاءْ * ‬ولعلهم قد أبرقوا * ‬أعنى* - ‬بنو ذبيان* -‬ * ‬أنَّ زعيمَهم خَسِرَ المضاربَ * ‬في* ‬الرِّهانِ * ‬وأنهم سيُراهنونَ على النساءْ(روضة الحاج، ج، 2006 )
* ‬ومن مظاهر استخدام التراث العربي* ‬القديم تكرار جملة*(سقط النصيف*) ‬التي* ‬جاءت في* ‬شعر النابغة في* ‬قوله(النابغة الذبياني، 1960):

سَقَطَ النَّصيفُ ولم تُرِدْ إسقاطَهُ فتناولتـْهُ واتَّقِتْنـا باليدِ* ‬واستخدام هذه الجملة من القصيدة كلها، فيها إشارة ذكية من الشاعرة إلى انكشاف عورة العرب،* ‬ممثلين في* ‬المرأة التي سقط عنها قناعها وبان رأسها وهذا من العيوب التي* ‬ينفر عنها العرب،* ‬فهذا تعبير عن استباحة العدو لحرمات العرب جاء ذلك في* ‬قصيدتها* (‬بلاغ* ‬امرأة عربية) *
عبثاً* ‬أُحاوِلُ أن أزوِّرَ * ‬محضرَ الإقرارِ * ‬فالتوقيع*ُ ‬يُحْبِطُ حيلتي * ‬ويردُّني* ‬خَجَلي فقد * ‬سقطَ النَّصيفْ * ‬أنا لم أُرِدْ إسقاطَهُ * ‬لكنَّ كفي* ‬عاندتْني * ‬فهي* ‬في* ‬الأغلالُ ترفُلُ * ‬والرفاقُ بلا كُفوفْ (روضة الحاج ،أ، 2006)
* ‬هناك أيضا* ‬تأثر ببعض المعاني* ‬الشعرية القديمة،* ‬وإن لم ترد في* ‬شعرها نصاً* ‬ولكن المعنى الحديث عندها مطابق للقديم كقولها في* ‬قصيدة* (‬في* ‬مقام الحزن المترف)
‬حِرْصي* ‬على عينيك* ‬يمنعُني* ‬البكاءَ * ‬لأجْلِها أقتاتُ أحزانَ النَّهارِ * ‬وحيدةً* ‬ وأدُسُّ* ‬أنَّاتِ المساءْ ((روضة الحاج ،ب، 2006 )

‬فهذا القول شديد الشبه بقول الشاعر العذري* ‬عروة بن حزام (البغدادي، بدون تاريخ )
* ‬وحُمّلتُ* ‬زَفْرات الضُّحى* ‬فَأَطَقْتها* ‬* ‬ومـالي* ‬بزفْراتِ العشيِّ* ‬يدانِ
أوزان الشعر عند روضة الحاج
‬جاء أكثر من ثلثي* ‬قصائدها في* ‬الدواوين الثلاثة بوزن الكامل بتفعيلة* )‬متفاعلن*) ‬ففي* ‬ديوان* (‬في* ‬الساحل* ‬يعترف القلب*) ‬تسع قصائد ست منها بوزن متفاعلن وواحدة بوزن الرمل* (‬فاعلاتن*) ‬وواحدة بوزن الرجز* (مستفعلن*) ‬وواحدة جاءت بوزن المتقارب* (فعولن*) ‬هي* ‬قصيدة في* ‬الساحل* (‬يعترف القلب*) ‬أما ديوان* (‬عش للقصيد*) ‬فمجموعه ثلاث عشرة قصيدة كلها جاءت بوزن الكامل* (‬متفاعلن*) ‬إلا قصيدة*(قدر*) ‬التي* ‬جاءت بوزن الوافر المقطوف* (‬مفاعلتن مفاعلتن فعولن *)‬وقصيدة* (‬هل جهات الحزن أربع) ‬التي* ‬جاءت بوزن الرمل* (فاعلاتن*) ‬وديوان* (‬للحلم جناح واحد*) ‬يحوى ثماني* ‬عشرة قصيدة جاءت تسع منها بوزن الكامل والتسع الأخريات بأوزان مختلفة*.‬ * ‬ندرت في* ‬شعر روضة الحاج القصائد المقفاة التي* ‬تجري* ‬علي* ‬بحور الخليل بن أحمد الفراهيدي* ‬إلا ثلاث قصائد هي* ‬قصيدة* (أجرني*) ‬وهي* ‬من بحر الوافر(التبريزي، 1986) ومطلعها(روضة الحاج، ب،2006) * ‬أَجِرْني* ‬إذْ أجئُ إليكَ وحدِي* ‬وخَلْفِي* ‬تركُضُ الأيَّامُ رَكْضَا * ‬وهي* ‬في* ‬ديوان للحلم جناح واحد وقد اختارت لها روي* ‬الضاد العسير لذلك جاءت القصيدة مقطوعة قصيرة والقصيدة المقفاة الثانية عندها* ‬،* ‬أيضا* ‬من بحر الوافر وهي* ‬قصيدة*(‬قدر*) ‬ * ‬(روضة الحاج ،أ، 2006 ) * ‬وتَثْقُِلُ بعدَك الأيَّامُ خَطْواً* ‬ويثْقُلُ كاهلي* ‬شوقاً* ‬وشوقا * ‬والثالثة من بحر البسيط الذي* ‬وزنه* (‬مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن*) ‬وهي* ‬قصيدة* (‬أواه* ‬يا كسلا) ‬في* ‬مجموعة* (قصائد من الشرق) ‬التي* ‬جمعها الأستاذ الشاعر حسان أبو عاقلة أبو سن،* ‬لعدد من الشعراء ولم أجد القصيدة في* ‬دواوينها الثلاثة ومطلعها* ‬(أبوسن، بدون تاريخ)
* ‬يا صادحاً* ‬بضفافِ النيلِ* ‬غنيني* ‬واذكُرْ ديارَ أليفٍ جِدِّ مفتونِ

  Reply With Quote