لن نبتعد كثيراً عن الواقع حين نؤكد ان التطورات الاخيرة في السودان واقصد بذلك قضية انفصال الجنوب هي نتاج تراكمات تاريخية استمرت مايقارب قرنا من الزمان ادت في نهاية المطاف الى الاقرار بحتمية الانفصال الذي سيجري الاقتراع عليه في يناير المقبل .... الاحتلالات الاجنبية التي عانى منها السودان لحقب طويلة وجدت من مصلحتها ان تجعل التركيبة الفسيفسائية عبئاً على طبيعة ومفهوم المواطنة فعممت كل مامن شأنه ان يخلق التمايز بين الشمال والجنوب بما في ذلك تعزيز المواقف العنصرية بين الجانبين و كان بالامكان في ظروف طبيعية ان تكون هذه اللوحة الفسيفسائية التي يذخر بها السودان مصدر إثراء وتخصيب لثقافة الشعب السوداني بدلاً من ان تكون عبئا عليه ومصدراً للمنازعات والشقاق.....
انفصال الجنوب كدولة مستقله هو الفرصة الذهبية لتمزيق اوصال السودان والقفز به عنوة داخل دوامات ودوائر المجهول فالانفصال ليس سدرة المنتهى ولا هو قارب النجاة لشعب الجنوب للوصول نحو مرافئ الامان بل هو تدشين للدخول الى بوابات الصراعات اللانهائية المخضبة بدماء ابناء السودان وفتحاً لجروح ادمت السودان زمناً طويلا" ....يقيني ان القوى الغربية تحث الخطى من اجل الانفصال لتحقيق فكرة الاستعمارية القديمة بتقسيم الدول الى دويلات هشة حتى يتسنى للكيان الصهيوني والادارة الامريكية الهيمنة على مقدرات وثروات الجميع عرباً وافارقة هذا ما لاجدال فيه فهذه واشنطن تهدد بشكل مباشر بان عدم اجراء الاستفتاء في موعده سيكون سببا كافيا للتدخل الامريكي المباشر في اطار حملتها الدولية ضد الارهاب وتمني الجنوبيون بالمن والسلوى ان هم انفصلوا وتصور لهم الانفصال خيارا" اكثر جاذبية من الوحدة مستفيدة من الاخطاء التاريخية التي وقعت عليهم
ولكني ارى ان هشاشة البنية المجتمعية وضعف مقاومة هياكل الدولة هو الذي يمكن القوى الخارجية من تحقيق هذا الاختراق لشوؤنها والتحكم في قراراتها