View Single Post
Old 10-17-2010, 06:54 AM   #1
 
عوض خضر

تاريخ التسجيل: Feb 2010
رقم العضوية : 4
المشاركات : 2,897
بمعدل : 0.56



عوض خضر is offline
Default

اجراس الهواتف

يحيى فضل الله


كان (سليمان) قد هيأ نفسه للعودة مبكراً هذا المساء بالرغم من ان دخله من مشاوير هذا اليوم كان قليلا ، (سليمان) كان يشتغل كسائق للعربة (امجاد) التي اشتراها للاسرة اخاه (عبد الصمد) المهاجر منذ عدة سنوات في (استراليا) بفكرة ان يوفر دخل مضمون للاسرة متفادياً ارساله للدولارات من هناك ، نسبة لقلة الدخل في هذا اليوم قرر (سليمان) ان يقوم بجولة حرة في شوارع الخرطوم عله يلتقط بعض الركاب وبعدها سيعود الى البيت قبل مباراة اليوم بين الهلال والمريخ ليلحق بشلة الاصدقاء الذين تعودوا ان يشاهدوا مباراة القمة في ديوان بيتهم ،كان ذلك قبيل المغرب بقليل ، تحرك سليمان بعربته (امجاد) ليصل حتى شارع (ارباب العقائد) ، تسكع امام جامعة النيلين، وصل شارع المك نمر وحين كان قد عبر الى شارع الامام المهدي من جهة مستشفى الخرطوم اوقفه شاب انيق كان يتحدث في التلفون ، اوقف سليمان العربة امام الشاب المتهاتف .

(دقيقة بس يا منى – خليك معاي.. لو سمحت عايز امشي الدروشاب)..

برقت عيون سليمان لانه كان من سكان بحري وهذا يعني ان هذا المشوار سيكون مريحاً جداً .

- (جداً ، اتفضل.)

- (تاخد كم؟)

- (المناسب)

- (احسن نتفق ،خليك معاي يا منى ، عايز كم بالضبط؟ ،منى بس خليني اتفق مع بتاع الامجاد ده).

- (خمسة وعشرين الف)

- (الو الو يا منى معاك)

فتح الشاب الباب الامامي مما يعني انه قد وافق على السعر الذي حدده (سليمان) والذي إبتسمت دواخله لهذا المشوار ، صعد الشاب وجلس في المقعد الامامي وتحرك (سليمان) بالعربة بينما الشاب يتحدث في التلفون

( يا منى في الاساس انتي ما كان تقول ليهو الكلام ده، لا ،ما انا عارف انو.... ، لا ، ما كده ما ممكن لانو انا ما مستعد ،ايوه ، ما مستعد، انتي ليه قلت ليهو الكلام ؟ ، شوفي يا منى ده ما اتفاقنا ، كيف يعني ما اتفقنا على كده؟ ، الله الله يا منى ، انا قلت ليك الكلام ده من زمان ، المهم يا زولة......)

ظل (سليمان) يرمق هذا الشاب المتهاتف بطرف عينيه وهو يقود السيارة وحين عبرت السيارة كوبري المك نمر متجهة الى بحري كان (سليمان) ينظر الى ساعته مركزاً علي تبقى من زمن لبداية المباراة التي من المفترض ان تبدأ فيما اقل من نصف الساعة ، الامر الذي اقلق راحة (سليمان).

(يقول ليك يا مني ده ما اتفاقنا ، طيب يعني انا هسة اعمل شنو؟، ايوه اعمل شنو؟ ، انتي مستغربة من كلامي ده ؟ يا زولة هوي (ناهد) دي انا ما عندي بيها شغله ، منى ارجوك شيلي (ناهد) دي من دماغك ، يازولة خلاص بس ، هسه انا مورط مورط ، لا ، انا ما بقصد كده ، نعم؟ كيف يعني ما ورطة؟ انني استعجلتي يا منى..)

تبقى لبداية المباراة اقل من ربع ساعة و(سليمان) وعربته الامجاد تحت رحمة هذا الشاب المتهاتف لكن الشوارع الشبه خالية من العربات جعلت (سليمان) مطمئناً لعودته الى البيت مع بداية المباراة .

(شوفي يا منى انا ما عندي حل للورطة دي ، هي لكين انا اسوى شنو؟ ما عارف ، والله بالجد انا ما عارف اعمل شنو ، عليك الله يا ابن العم اقيف لي جنب السوبر ماركت ده).

وزفر (سليمان) زفرة متضايقة وهو يوقف العربة امام السوبر ماركت وينزل الشاب مواصلاً تهاتفه (منى انا ما بقدر الاقيك بكرة ؟ وانت عارفة ليه..)

اتجه الشاب المتهاتف بصوته المزعج نحو السوبر ماركت وادار (سليمان) الراديو نحو المحطة التي ستذيع مباراة القمة ،كانت المحطة تبث اعلانات مكثفة معظمها اعلانات عن شركات الاتصال المتعددة وظل (سليمان) منتظراً عودة الشاب المتهاتف الذي خرج من السوبر ماركت يحمل في يده اليمني اكياس ويده اليسرى تتحكم في هاتفه واقترب الشاب من موقع (سليمان) واقترب صوته المزعج .

(ما تقول لي انا بتهرب يا منى ، انا ما متهرب ، لكن انتي في الاول كان تشاوريني ، ايوه ، ماهو الخطوة العملتيها دي انا ما ..)

صعد الشاب المتهاتف في السيارة واغلق الباب بعنف يتناسب مع حدته التلفونية .

(ده كلام فارغ ، ايوه ، فارغ جداً ، نعم؟ ،لا ما صاح ، بقول ليك يا منى كده ما صاح ، عليك الله وطئ الرادي ده شوية).

لاحظ (سليمان) ان الشاب المتهاتف طلب منه خفض صوت الراديو الذي لازال يبث اعلانات ما قبل المباراة بنفس الحدة التي كان يتهاتف بها، خفض (سليمان) صوت الراديو بينما كان يرمق الشاب المتهاتف بنظرة فيها عدم ارتياح واضح.

(ياخي اقول ليك حاجة اعملي انتي العايزة تعمليهو، ايوه ، ده اخر كلامي ، بس خلاص ،خلاص لحدي هنا)..

واغلق الشاب المتهاتف تلفونه بغضب واضح ، رفع (سليمان) صوت الراديو وكان المذيع قد بدأ في اذاعة تشكيلة الفريقين وزاد (سليمان) من سرعة العربة ، رن جرس الشاب المتهاتف ، رمق (سليمان) الشاب بنظرة عدم الارتياح تلك.

(وطئ صوت الراديو لو سمحت).

خفض سليمان صوت الراديو ليعلو صوت الشاب .

(الو ،كيفك يا ناهد ؟ ، تمام التمام ، ايوه ، انا جاي عليك ، نعم ماسامعك ياناهد ، ما قلت ليك وطئ صوت الراديو ده)

وخفض (سليمان) صوت الراديو اكثر مع زفرة عدم ارتياح معلنة مضافاً اليها خبطة على الدركسون.

(خلاص كويس عارفك ما بتقصري يا حلوة ، انت ما عارفة انا ما بقدر ما اشوفك ، نعم ؟ والله يا ناهد ما سامعك ، لو سمحت اقفل الراديو ده...)

وقتها كان (سليمان) يتوافق مع الراديو الهامس ببداية المباراة ، اغلق (سليمان) الراديو بعنف ملاحظ وزاد من سرعة العربة.

(خلاص، انا جاي عليك ،ايوه ، جبت معاي العشاء ، خلاص يلا الله)

رفع (سليمان) صوت الراديو وكان قد مضى على بداية المباراة اكثر من خمس دقائق وقبل ان يستغرق (سليمان) في متابعة اذاعة المباراة ،رن جرس الشاب المتهافت.

(اقفل الراديو لو سمحت).

نظر (سليمان) الى الشاب المتهاتف بغضب واضح واغلق الراديو.

(اهلاً يا سلوى، انا وين؟ ، انا ماشي على اجتماع الحزب ، (وائل) مالو؟، عندو حمى من الصباح؟ ، ما ممكن تعملي الحاجة دي انتي؟، سلوى انت عارفاني مشغول وبعدين المركز الصحي قريب ، لا ، ما بقدر، بقول ليك انا ماشي اجتماع الحزب، نعم...)

انتهي رصيد الشاب المتهاتف وسرعان ما رفع (سليمان) صوت الراديو ليجد ان الهلال قد احرز الهدف الاول.

(لو سمحت اقيف لي هنا اشترى كرت اتصال)

اوقف (سليمان) العربة امجاد بغضب ملاحظ وواضح ونزل الشاب المتهاتف متجهاً نحو كشك في الجانب الاخر من الشارع فما كان من (سليمان) الا ان يقود عربته الامجاد في الاتجاه المعاكس وبسرعة ملاحظة متجهاً في اتجاه بيته تاركاً الشاب المتهافت الذي كان قد عاد الى مكان العربة وكان منهمكاً في ادخال كرت الشحن ولكنه لم يجد العربة امجاد في مكانها على جاب الشارع وقبل ان يستوعب الشاب المتهاتف هروب سليمان بعربته الامجاد من المشهد رن جرس تلفونه ودون ان ينظر الى صاحب الرقم استجاب للمكالمة

(الو، اي يا منى ، اسمعيني انا احسن اجيك من الاخر ، انا ما بقدر اقابل ابوك ، ايوه.. افهميها كده).

اغلق الشاب الخط واشار الى عربة امجاد اخرى وصعد اليها وهو يقول لزوجته سلوى : (يا سلوى خليك عملية ، ما تنتظريني ، ودي (وائل) هسه للمركز الصحي القريب ، يا سلام يا سلوى ، ما قلت ليك عندي اجتماع في دار الحزب).

بعدها كان (سليمان) قد انضم الى شلة الاصدقاء وهم يشاهدون المباراة المنقولة عبر التلفزيون وكان قد وصلهم وفي يده اكياس ذلك الشاب المتهاتف

  Reply With Quote