فرح ود تكتوك حلال المشبوك
 

يحكى أن الملك أونسة كان أهدي له جمل أصيل فأعجب به غاية العجب وخصص له جماعة من الخدم أوقفهم لخدمة الجمل وذات ليلة كان الملك بين ندمائه يتجاذبون أطراف الحديث عن المشايخ وكراماتهم هذا يطير في الهواء وذاك يمشي على سطح الماء وغير ذلك مما هو شائع في ذلك الزمان وفاجأهم الملك قائلا: طيب ياجماعة اذا كان الفقراء يفعلون كل هذا فهل يستطيعون تعليم هذا البعير القراية والكتابة فقالوا بصوت واحد طبعا" يستطيعون فقال اجمعوا الفقراء في الصباح وفي الصباح توافد الفقراء على قصر الملك ولما ادخلوهم على الملك حكى لهم المقدم السبب الذي دعوا من أجله وقال لهم: اها يالفقراء ياأهل الدايرة أبان وجوها" نايرة يالبتعرفو الراكة والطايرة طلب الملك منكم مو كثير فقط تعليم البعير فقال أحد الفقراء :نريد مهلة يومين فقبل الملك عذرهم ليومين فلا يكون بعدهن عذر ولاتأخير فلماخرجوا تلاوموا وتحاجوا من الذي رماهم في هذه الورطة؟فصاح بهم فقير حاضر البديهة وقال : مابيمرقكم من الورطة والشبكة دي الا فرح ود تكتوك فوافقوا جميعا" على قوله وانطلقوا اليه وحكوا له الحكاية فقال لهم الشيخ فرح الحكاية سهلة وأناأقوم بها عنكم وفي اليوم المضروب تجمهر الفقراء أمام القصر ونادى منادي أن ادخلوا الفقراء ولمادخلوا سألهم المقدم انشالله رجعتم بالأمر البيسر الملك فقال الفقراء نعم معانا فرح ود تكتوك فوقف فرح وخاطب الملك قائلا :أنا المسؤول عن أمر هذا البعير أمام مشايخي الفقراء وأمام الملك فالطالب عندنا بنعلمه القراية والكتابةفي اربع سنوات وكمان البعير بيدور له اربع سنوات فقال الملك فإن لم يتعلم ياشيخ فقال الشيخ يفعل الملك مايريد بالفقير فقبل الملك وسلمه البعير ومعه عدد من الخدم وخرج الشيخ محملا"بعبارات الشماته حتى وصل بلدته وبعد أيام ذهب اليه جماعةمن الفقراء يسألوه اكان جد أم هزل مافعله فقال لهم ابوك ياجاه الرسول أنا البطحاني العارف باطن زماني تمضي هذه السنوات الأربع وينفذ القدر اما في الأمير أو في البعير أو الفقير وقد حصل ماتوقعه فهلك الأمير ولحقه البعير وسلم الفقير

التحية لإبنتنا وفاء وبالجد الشيخ فرح ود تكتوك بحر من الحكم ومضرب الامثال في التقوى والورع ؛ ومرة من المرات مرته طلبت منه انه يرحلو من حلتهم قالت ليه حلتنا دي ماعامرة خلينا نمشي مكان عامر قال ليها سمح حزمو حاجاتهم وطلعو ومشو بعيد والمقابر كانت بعيدة من الحلة بس شاف المقابر قال ليها يلا نعمل راكوبتنا هنا ونسكن هنا ؛ طبعا المرة استغربت كيف ياراجل نسكن في المقابر مع الميتين؟؟ قال ليها إنتي مش قلتي ماشين مكان عامر؟؟ قال ليها الناس دي كلها بترحل من الحلة جوة وتجي هنا حصل مرة شفتي ليك واحد من هنا رحل مشى الحلة ؟؟ وقال ليها جيرانك هنا ناس طيبين وكل زول فيهم في حاله بس لابقطعو في زول ولا بجيبو سيرة زول وبعدين اي زول فيهم واعظ وبذكرونا طوالي بالاخرة
روعة في الحكمة .

مشكورة يا ابنتا وفاء على هذه القصة وتناولك لسيرة هذا الرجل العظيم ، وها أنا أعطيكم نبذه قصيرة عن هذا الشيخ ، عاش الشيخ فرح ود تكتوك في سنا ر في زمن مملكة الفونج وهو من قبيلة البطاحين وقد اشتهر بين قومه بالحكمة ، يحكى أنه نزل مرة في حلبة الرقص حين كان يوجد بعض السكارى والصعاليك الذين لعبت الخمرة بعقولهم ، فنزل يرقص معهم ، فأقبل عليه بعض محبيه يستفسرون عن السبب الذي جعله ينخرط في سلك هذه الشلة الفاسدة ، فأشار الشيخ فرح بأسلوبه الحكيم ، اصغوا أيها الناس إلى موسيقاهم وإلى ضربات نوباتهم كأنها تقول ، كم كبت وكم تكب وكم كبت وكم تكب وهكذا الشيخ يردد هذه الألفاظ ويرقص على نغماتها ، ولعل من هنا أتى المثل الشعبى ، يغنى المغنى وكل حد على هواه ، وبمرور الزمن صار الشيخ فرح كأنه شخصية اسطورية نسبت إليه كل كلمة صائبة وكل كلمة طريفة حتى ملأ صيته الآفاق ، ومما لا شك فيه أن شهرة الشيخ فرح هو نظراته الواقعية إلى الحياة وفهمه العميق لنفسية الناس وهو كان في تلك الفترة بمثابة فيلسوف القرية يعالج مشاكل الناس و هكذا حتى اصبح علماَ من اعلام السودان البارزين .