منتديات قرية فطيس

منتديات قرية فطيس (http://vb.futeis.com/index.php)
-   المنتدي الأدبي (http://vb.futeis.com/forumdisplay.php?f=13)
-   -   البئر - محمود درويش (http://vb.futeis.com/showthread.php?t=1874)

yasir alkhaliel 08-08-2010 03:28 AM

البئر - محمود درويش
 
أختار يومًا غائمًا لأمرّ بالبئر القديمة.
ربّما امتلأت سماءً. ربّما فاضت عن المعنى وعن
أمثولة الراعي. سأشرب حفنةً من مائها.
وأقول للموتى حواليها: سلامًا، أيّها الباقون
حول البئر في ماء الفراشة! أرفع الطّيّون
عن حجرٍ: سلامًا أيها الحجر الصغير! لعلّنا
كنّا جناحي طائرٍ ما زال يوجعنا. سلامًا
أيها القمر المحلّق حول صورته التي لن يلتقي
أبدًا بها! وأقول للسّرو: انتبه ممّا يقول
لك الغبار. لعلّنا كنا هنا وتري كمانٍ
في وليمة حارسات اللازورد. لعلّنا كنّا
ذراعي عاشقٍ...
قد كنت أمشي حذو نفسي: كن قويًّا
يا قريني، وارفع الماضي كقرني ماعزٍ
بيديك، واجلس قرب بئرك. ربّما التفتت
إليك أيائل الوادي ... ولاح الصوت -
صوتك- صورةً حجريّةً للحاضر المكسور...
لم أكمل زيارتي القصيرة بعد للنسيان...
لم آخذ معي أدوات قلبي كلّها:
جرسي على ريح الصنوبر
سلّمي قرب السماء
كواكبي حول السطوح
وبحّتي من لسعة الملح القديم...
وقلت للذكرى: سلامًا يا كلام الجدّة العفويّ
يأخذنا إلى أيّامنا البيضاء تحت نعاسها...
واسمي يرنّ كليرة الذّهب القديمة عند
باب البئر. أسمع وحشة الأسلاف بين
الميم والواو السحيقة مثل وادٍ غير ذي
زرعٍ. وأخفي ثعلبي الوديّ. أعرف أنني
سأعود حيًّا، بعد ساعاتٍ، من البئر التي
لم ألق فيها يوسفًا أو خوف إخوته
من الأصداء. كن حذرًا! هنا وضعتك
أمّك قرب باب البئر، وانصرفت إلى تعويذةٍ...
فاصنع بنفسك ما تشاء. صنعت وحدي ما
أشاء: كبرت ليلاً في الحكاية بين أضلاع
المثلّث: مصر، سوريّا، وبابل. ههنا
وحدي كبرت بلا إلهاتٍ الزراعة.
[كنّ يغسلن الحصى في غابة الزيتون. كنّ مبلّلاتٍ بالندى]...
ورأيت أنّي قد سقطت
عليّ من سفر القوافل، قرب أفعى. لم
أجد أحدًا لأكمله سوى شبحي. رمتني
الأرض خارج أرضها، واسمي يرنّ على خطاي
كحذوة الفرس: اقترب ... لأعود من هذا
الفراغ إليك يا جلجامش الأبديّ في اسمك!..
كن أخي! واذهب معي لنصيح بالبئر
القديمة... ربما امتلأت كأنثى بالسماء،
وربّما فاضت عن المعنى وعمّا سوف
يحدث في انتظار ولادتي من بئري الأولى!
سنشرب حفنةً من مائها،
سنقول للموتى حواليها: سلامًا
أيها الأحياء في ماء الفراش،
وأيّها الموتى، سلامًا!

عوض خضر 08-08-2010 05:56 AM

عندما نقرا عمل جديد علينا لمحمود درويش نصاب بالتاكيد بدهشة الاصطدام الاولي

لاسباب عده منها القصيده غالبا تسبح فوق الكثير من التلاطمات

التاريخ الجغرافيه العوده للنصوص المقدسه

استدعاء بعض الامثال المتداوله

جلب الكثير من الكلمات المكتنزه بمعاني تحمل اكثر من طريقه للاثمار

اي نص غالبا ماياتي بالجديد ليكون الناتج من الكلمات المستجلبه للنص ضخما اي الكلمات التي تطرق لاول مره شعرا

القصيده
تراكميه زاخره بمهارات عده منها القدره علي مزج الالوان من القاتم وحتي الاصباح

غالبا مايندس رايه في الصراع في النص احيانا علي استحياء واحيانا اخري يمارس السطوع وهذه غالبا مرتبطه بالمكان والزمان والانفعال وكنهه والحصار الذي مارسه هو علي تدفقه

ولكن المتفق عليه ان نص محمود درويش

نص ملئ بالرموز التي تؤدي غالبا الي اتجاه متعدد الروافد

فنص محمود درويش نص متخم باللغه الرشيقه ولكنه ايضا بارعا جدا في التعامل مع التاريخ المستجلب للنص

كما ان عمق ادراكه للقصص الاستدلالي في الكتب المقدسه

اضفي علي شعره في الفتره الاخيره اسقاطات ذات دلالات فلسفيه غايه في السطوع

yasir alkhaliel 08-08-2010 01:23 PM

شكرا عوض خضر....وانت تغوص في معاني محمود درويش العميقة لتفكك طلاسم اللغة وتعود بمضامين جديدة ومعان جديدة تقودك ألي قراءة النص من جديد وهكذا....هذا هو ثراء محمود درويش حقا


All times are GMT. The time now is 09:42 AM.

Copyright ©2000 - 2024, Futeis.com