منتديات قرية فطيس

منتديات قرية فطيس (http://vb.futeis.com/index.php)
-   المنتدي الأدبي (http://vb.futeis.com/forumdisplay.php?f=13)
-   -   عمر الدوش 0000 منجنيق العشق الحارق (http://vb.futeis.com/showthread.php?t=1535)

عوض خضر 07-05-2010 07:28 AM

عمر الدوش 0000 منجنيق العشق الحارق
 
عمر الدوش ... منجنيق العشق الحارق -بشير احمد اسماعيل


ياله منخارج.. كنت سادعوه "بالصعلوك" لولا سيل التراكم السلبي المخيف لظلال هذه الكلمة فيمفاصل تحولاتنا - وخطوط سيرنا - الثقافية عبر الزمن, وكنت سأدعوه بها لولا تعريفالعرب للصعلوك بأنه من يشذ او ينشز عن العرف, ومن لا يضع الأمور في نصابها! ماذايعنون؟ فقد تواطؤوا ضد السعة الجميلة وقصروا عن معنى لطيف وظلال مواتية تتيحللموصوف أختيار نصابه الخاص الذي غالبا ما يكون اكثر ثراءا وعمقا وصحة من النصابالعام... ألم يخرج جل من كتبوا سير التاريخ عن هذا النصاب الأجماع؟ خروج في الرؤيا, والتصور والفكرة يتبعها الموقف, والفعل الحيوي والأبداعي...والابداع هو خروج دائمعلى العادي والدارج و المألوف الذي يسجن نفسه ضمن زنازين القوالب التي أما انتكسرها او تكسرك. هذا الخروج "الدوشي" ينصبه متصعلكا - بطبعه - على قيم الأجماعالسلبي التي نلعنها سرا بينما نظل نلتزمها في العلن ظنا منا بان الجميع يلتزمونهاحقا وصدقا.... يالهذا الأجماع الزائف الذي يجيز علينا الأكذوبة ويسخر منا ونحن نقومبطلائها على انفسنا... فلنترك هذه الصفة وندعوه "بالهمباتي" بعد تنقية هذه الكلمةوفلترتها مما علق بها عفوا او الصق بها عمدا, فهي أكثر نقاءا..وكلتا الكلمتين يمكناستعماله بالمعنى الأجمل, لكن ... دعنا من هذه الكلمات ذات الدلالات المشتبهات... ألا ترى الى اي حد تكون اللغة اشكالية؟ لكن الدوش نفسه لا يقل اشكالية عنها, انهمتمرد شأن المبدعين, والشعراء منهم على وحه الخصوص... من امتلكتهم الغواية الشعريةفتسكعوا في اعماقها بحثا عن معنى, وحملوا جذوتها وصخرتها "سيزيفا" بعد الآخر.
هيليست شهادة اقدمها عن الدوش بالمعنى السردي التواتري, فهناك من هم اكثر قربا للدوشمني, وهي بالطبع ليست نقدا لشعره, فللنقد اهل اختصاصه وان استطالت بنا الكدد دون اننقرأ نقدا صميما للمطروح من ابداع, لكنها خواطر ومحطات استدعي فيها الدوش, زمنهومداراته من حياته, شعره, اخراجه.... وتقاطعاتي معه في هذا وذاك,
استسلمت لهذيان الذاكرة ويعض الأسترجاعات الجميلة وأنا التقي الدوش لآول مرة, كان يدرسنامادة تاريخ المسرح, ذاك الشاب العائد لتوه من تشيكوسلوفاكيا - الني قصدها لدراسةعليا في المسرح - بعد ان فصل من التدريس بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح, اذن هذاهو الشاعر الذي صادفناه في "الود" عبر صوت وردي فصادقناه صغارا ملأوا اواخرستينياتالقرن العشرين واوائل سبعينياته ترديدا صبيا استفزه اللحن فحفظه وسار به: " زمانكنا بنشيل الود" .. كنت اتعجب من الترديد الجميل لعبارة "شوقي الليك طول.. طول..طول" حتى اختلطت علي مع "شوقي عليك يمنعني" ولا علم لي حتى الآن لماذا! وعندالتحاقي بمدرسة بارا الوسطى وبداية تعلم اللغة الأنجليزية صرنا نردد "زمان كنابنشيل ال"wood" , كنا نتلذذ بهذا التحريف البرئ, اذ كنا نستدعي معاني "الغابة" او "الخشبة" لكلمة ال"wood", كما كنا نفهم كلمة "نشيل" بمعنى "نحمل" او "نذهب الى", وهكذا يكون المعنى "نحمل الخشبة" او "نذهب الى الغابة", ورغم براءة الترديد وقدمهألا أن الأيام جعلت منه معنى جائزا الآن اذا قال به من "شال الغابة" في الماضي, اوقال به مستخدما المعنى الاصلي مع سحب كامتي "زمان" و"كنا". لكن هذا لم ينفي أننيكات استغرب استغرابا سريا: لماذا نشيل الود؟ ولماذا ندي الود؟ وكيف؟ ولمن؟ لمتستحضر أجابتي لهذا السؤال زرقاء اليمامة او غيرها.. بل كان السؤال يحتار على عتباتطرب يغفل الردود ويكتفي بطرح اسئلة لا تجد اجاباتها حثيثا! لكن هذه "الخشبة" سارتمعنا حتى انشأنا نادي المسرح السوداني – بعد ان درسنا الدوش - واصدرنا مجلة - متخصصة في شئون المسرح - اطلقنا عليها اسم "الخشبة", وقد صدرت بعد عسر رغم أنفوزارة الثقافة والأعلام التي حاولت " دس المحافير", لكننا كنا نعلم أنه " قبر ابونا " نحن وليس وزارة الثقافة.

عوض خضر 07-05-2010 07:33 AM

هل هذا هو الدوش؟ رجل يبدو عابسا وضاحكا وساخراوطربا وجادا وبسيطا ومعقدا ومتواضعا ومتعاليا وعنيدا وصعبا وسهلا ولامبال وحزين فيذات الآن! تفاجؤك كل هذه الصفات - الثنائيات – وغيرها لدى الأنطباع الأول, الصفةوضدها, قلا تجد لشخصيته مفتاحا واحدا - أو لا تجده مطلقا - حتى تعبر اليه المساقةبين منصة التدريس ومقاعد الدرس, بين الشعر و اللاشعر, بين الكلمة " الفاضية" والكلمة الموقف, وعندما تتعرف عليه تجد كل هذه الصفات جائزة عليه احيانا, الا انالبساطة والعادية والسخرية والتمرد هي الصفات الغالبة والأصيلة لديه.
الدوشيحاضر: "عقدة الكترا وهي المقابل الأنثوي لعقدة اوديب لدى الرجال" سمعت هذه العبارةوغطست ثانية في سراديب الذاكرة الحاضرة, كان الزمن يمر باحدى قمم عنف دورات التسلط
التي عاناها الشعب السوداني.. وقفزت الي "الساقية", تلك الأغنية الخالدة التيظلت تقود تعبير الناس ضد التسلط منذ زمن بعيد, على الرغم من ان البعض ظل ينفي عنهاهذه القصدية, لكن الدوش نفسه يسعفنا بان "احمد هذا ولد في فترة مايو.. وعاش .. وتزوج قي تلك الفترة" وهذا قول قاطع لا يجدي معه حتى القول " بفتح النص على آفاقأرحب".
قدمه لنا الفنان محمد وردي عند أول اداء للأغنية "الحزن القديم" بالشاعرالمغترب, ولعله لم يكن يقصد اغترابه الى يوغوسلافيا طلبا للعلم, بل هو الاغتراب عنعالم تتمازج فيه الرداءات بالوقاحة والزيف وكل القيم الماحقة, وفي زمن كانت كلمةمغترب تحيلك مباشرة الى ليبيا "ام تأشيرة" والى دول الخليج, مع احالات اخرى تظهر فياشعار شعبية شاعت زمنا مثل:
الما بجيب لعياله مسجل
من مليط ويقبل
لذا كانعلى الدوش - الله يديه العافية كما يقول الأخ الأستاذ يحيى فضل الله - ان يتخذ نفسالطريقة التي غادر بها هذا العالم, فالموت نفسه لا يعدو ان يكون موقفا درامياساخرا- يمكن التواطؤ عليه او معه - لدى الدوش/مستودع السخرية, موقف "ينفض" به يده - وبنفس تلقائيته و بساطته في التعبير - عن الدنيا ..... الدنيا الكذب .... الدنياالوجاهات الزائفة ... الدنيا المين المستحكم والمتحكم في السلوك والتعبير .. كانيقيم قطيعته مع كل هذا العالم "بنفضة يد" الى واقع يحلم فيه بقيم الخير والصدقوالأنصاف والجمال... عالم يعيشه في دواخله على مستويات التصور والفعل الابداعي, فتأمله - بالله عليك - كيف يظهر في شعره:
بداية الحقلة دلوكة
نهاية الحفلةمتروكة
لأي صنم يشيل كرباج
يجلد الحق
يخلي الدنيا مربوكة
هذه الشاعريةتضعك على الفور امام انسان "يشعر بما لا يشعر غيره, اي يعلم" كما ورد في لسان العربمن تعريف للشاعر, وهو يصوغ ما يشعر ببساطة تذكرك ب"ريلكة" الذي ظل يردد بانه ينشدالعمق في البساطة فيجري هذه الرؤيا على شعره, لكن بساطة الدوش في التعبير ارتبطتبالمفاجأة والأنتقالات غير المتوقعة بما يحاورالفكر والحس الجمالي لدى المتلقي بلمثيرا ما يصدمه فيذكيه:
ياسعاد تعالي ولمي من كل البيوت
زخرفي الكونالجميل
عدة السفر الطويل
شخبطي الفجرالنهار
المغرب
الفجر
النجوم
في صرة وارميها البحر
خلينا فوق الشكنعوم
هذا مشروع يقيم قطيعة واعية مع اللغة الفخمة المطرزة بزخرف القول وتشكيلات " الثياب القشيبة", وهو

عوض خضر 07-05-2010 07:37 AM

مناهض للغة التطهرية الغارقة في دموعها, اللغة التي تكتفيبتاجيج العواطف واستفزازها لتكون محاورا اوحدا للنص معيدة انتاجه في هيئة ميلودراماشعرية غير مفضية, وهو ايضا مشروع تعبيري ذو موقف مواز للغة الأشارات الفامضةالمستغلقة, مشروع اكتشف سلطة اكلام فاعتمد التلقائي المباشر دون ان يسقط في فجاجاتاو اسقاطات من خارج السياق, وذلك وفق انهماك شعري خاص يلعب على اللغة الى حد العقوقاللغوي وهو ممسك باطراف حساسيتة الجمالية دون اهمال لتوازنات الشكل و الموضوع , ودون افلات لاشكال الحياة العادية في صوره الشعرية والتعبيرية التي تحتفل باليوميوتنغمس فيه لأستخراج مادة الشعر كي تمتزج بالفكرة ورؤيا الوجود, هنا يتجاور الريفيواليومي مع الرؤيا والفكر, فقد كان الدوش يلتزم جانب عامة الناس, وينحاز الىفقرائهم وبسطائهم منتضيا الكلمة الشاعرة سلاحا واي سلاح, ومتخذا أياها معبرا يكملالدائرة بينه وبين ذاته, كل ذلك في ايقاعية عالية الغنائية و التطريب, هذا الآتي من دهاليز المعاناة والتعب الحساس, الواصل الينا – تعبيرا - يتلبس كل لحساس عميق:
تككت سروالي الطويل
سويتلو رقعات في الوسط
في خشمي عضيتالقميص
اجري وازبد شوق وانط
لامن وصلت الحفلة زاحمت الخلق
وركزت
شان البت سعاد
اصلي عارف جنها في زول بيركز وينستر.
ولاستيفاء ما تفدم نورد من قصيدة اخرى:
يا تلاميذي العزاز
في يوم طويل مبطوح على صدر الزمن
اتلمت الحلة الحنينة
عشان وداعك يا غروب
حزن فارس
وكيف يصير في لحظة مولى
كيفيجوز
يا عمدة كيف؟
الذل مصان
والحب مهان
والسجن اولى
يتواصل الدوش مع ذاته, مع موضوعه ومع قرائه عبر شعر يفيض بالدرامية, درامية الموقف بكل تفصيلاته الدقيقة, الموقف الذي يتجلى فيه الصراع حتى يصل اعلى قممه عبر شخوص ومواقف تحسناصطيادها عين الشاعر, فتكثفها بما يهبها كيانها المؤثر, في حوارية – منتجة, لا تنفك - مع المتلقي, تحاصره بالأسئلة الصعبة, وتضعه امام االتناقضات الصاعقة والحادة التيتضغط ضغطا على زناد الفكر, ويقترن هذا بسخرية لاذعة هي احدى مكونات شخصية الدوش الحيوية والفنية:
وانا جايي راجع منتهي
لاقتني هي
قالت: تعال
كبرت كراعي من الفرح
نص في الأرض نص في النعال
الى ان يقول:
صحاني صوت العمدةقال:
(مسئول كبير زاير البلد)
قال لينا:
(وكت الزول يجي, لازم تقيفوا صفوف صفوف
وتهيجوا الخلا بالكفوف
وتقولوا عاش ... يحيا البطل)
صلحت طاقيتي الحرير
واتنحنح الحشا بالكلام
ورميتو من حلقي الوصل
قت ليهو يا عمدةاختشي
مسئول كبير في الدنيا غير الله انعدم
ما شفنا زول رضع صغار
ما شفنازول نجح بهم
ما شفنا زول لملم رمم
ويزيد من تكثيف هذه التناقضات وثرائها وروددائم لثنائيات منها اللفظية غير المتضادة مثل:
اتلخبط الشوق بالزعل
اتحاورواالخوف والكلام
ومنها اللفظية المتضادة مثل ثنائيات الظلمة والضوء, القومةوالفعدة, الفرة والعقدة, وغيرها من تضاد استطاع الشاعر توظيفه بما يهب الخط الدرامي للقصيدة نماءا وتصاعدا يجتاز التنضاد المجرد ويحوله الى فعالية تخدم الموقف الدرامي, وصدق من زاوج بين الدراما و الشعر, وعلى هذا النسق يجيئ تضاد الموقف وتناقضه في حالات مثل: "كبرت كراعي من الفرح" و
" ضاقت نعالي من الزعل", " احزانبتفرح وتشتبك" و " افراح بتحزن وترتبك ", لم تقتصر الدراما لدى الدوش على الشعر, انما تفرعت - اصلا – عن ممارسته اليومية, فقد كان يصوغ من حياته دراما متصلة كثيراما اعيت مقربيه, لكنها كانت تضج بالفعل والوعي المختلف. وقد تسربت هذه الدرامية حتىالى موته لتشدنا الى تعبير " العمر الهظار" في احدى قصائده.
الوطن حالة دائمةالحضور لدى الدوش, وهي احدى هواجسه التي وسمت شعره, فالوطن هو فضاء التفاعل, وهوالذي يتفاعل بدوره مع من فيه وما فيه, وقد زخر شعر الدوش بهذا التفاعل الحي معالوطن بوصفه وجودا, ومع اهله في جميع مناحي حياتهم حتى ارتبط ما هو وطني بكل موضوعيطرقه في شعره حد الحلول والاندغام, كيف لا والوطن هو عشق الدوش وحلمه المسيطر – حدالهلوسة - وفعله ابداعا ثريا وحياة, كما والدوش جزء مهم من ذاكرة هذا الوطن الحبيب. هاهو يقول:

عوض خضر 07-05-2010 07:50 AM

اعلق في جناح سفري
خطابات لي زمن فجري
وادخل من درب سري
لكل مضاجع الأحزان
واضفر من شجر بلدي
بروقا مارقة من صدري
...
....
واسأل يا وطن يا بيتنا
ليه شوقك مواجهني
ليه حبك مجهجهني
وليه تاريخ زمن خسران
موكر لسه في شجني؟
.....
.....
واصرخ يا وطن .. يا بيتنا!
ليه ما تبقى لينا الساس
لنترك الشعر جانبا, فالدوش - متعدد الابداعات والأبعاد- كان مخرجا مجيدا, ومالكا لأدواته الأبداعية في هذاالمجال, شهدته يخرج المسرحيات بطريقة سهلة وبسيطة تنسجم وطبعه الذي عرفنا, كانيناقش النص مع الممثلين بالتفصيل تحليلا لما يرد فيه من مواقف وافكار وشخصيات فيمايعرف ب" بروفة التربيزة" , لم يكن يضع جملته الأخراجية - او الهدف الأعلى للمسرحيةمباشرة, بل يصل اليها بالنقاش و الحوار, وعبر الممثلين انفسهم, وبعد ذلك يتجهونالى خشبة المسرح لأنتاج تلك الجملة, كل حسب تفاعله مع الشخصية وتفصيلات النص وعناصرالعرض التي تحتوي على كل ادواته بما فيها الممثل بوصفه كتلة حية, وخشبة المسرحباعتبارها فضاء لأنتاج الدلالة. بعد ذلك يرتاح مضطجعا على ظهره موسدا الرأس الساعدليراقب سير العرض, وعندما يرى فعلا يكسر اتساق عناصر العرض وانسجامها وتوافقها يرفعيده قائلا:
" اقيف آ بوي" او " اقيفي آآ مي".... لم يكن يلجأ لتمثيل الموقف امامالممثل, بل كان يقوده عبر توالي الحوار والأسئلة جتى يصل الى الطريقة المثلى لأداءالموقف الدرامي ونقل الأحساس. هكذا كان يخرج الدوش مسرحياته ناقلا – في الغالبشاعريته الى خشبة المسرح, حقا ليس هنالك دراما بلا شعر, والأخراج اجمالا هو النقلالصحيح والفعال للأحساس.
بقي شيئ اخير هو انني لاحظت – مؤخرا - شيئا من ضعفالتركيز لديه عندما كنا نتحاور في مجالس الأنس الطليق, ما ظننت انه لا محالة مؤثرعلى فنه شعرا ومسرحا, الشيئ الذي ربما لاحظه البعض, وقد عبرت عن هذه الملاحظةالهاجسة للأخ عوض حامد "كوبر" الذي بادرني - وهو يخرج ديوان "الساقية" من حقيبتهقائلا: " ده ديوان الدوش, وريني اي واحدة من هذه القصائد يظهر فيها ما تقول" .. لكني لا ازال اعتقد انه لولأ ذلك لكان شعر الدوش أكثر ثراءا .. هذه ليست نهايةالأمر .. لكن بالمقابل هل كان يمكن لذلك ان يحدث ويظل الدوش ذلك الشاعر والمسرحيالذي عرفنا؟ .. ربما

عارف عبد الرحمن 07-05-2010 09:30 AM

عمر الطيب الدوش الهرم المسكون بكل القيم النبيلة .. له مفردة خاصة جداً ومدرسة فريدة في التناول والسرد ..ويحاول كل الذين ظهروا في الساحة الأتكاءة علي نمطه ومحاكاته وتقليده ..شعره خاص جداً للعامة والكل يرتاح بين أذقة وحواري أشعاره .. عصافير الخريف التي يغنيها وردي ومن أشعار الحلنقي .. يقال أنه يوم كتب علي السبورة ..ليه ياعصافير الخريف ..فماكان من الحلنقي الا أن سار علي نمطها ..وهو مولود في شندي وعمل كما أسلف أخونا عوض أستاذاً بالمعهد العالي للموسيقي والمسرح..ومعلومة صغيرة له أهل في فطيس ناس الجقودي صدق أو لا تصدق ؟؟

تـــــــاجوج



تاجوج بتكْتب بالشمال

منحوتَهْ في شكل اكتئاب

بتْكحَّل الإبل النحيلَهْ

بالمشاوير النبيلَهْ

وتعشِّي ضيفان القبيلَهْ

بالأناشيد الطويلَهْ

موهوبَهْ زي كل البنات

في الأسى المنْسُوج خيال

واتخيّلَت

إنو المُحلَّق حابَّهَا

تاجوج بتحلب من غيوم كسلا المطر

وتوزِّع القش والشجر

بتفرِّق الهم والكدر

حفيانَهْ تجري ورا السراب

تاجوج بتكتٍب بالحراب

تاجوج بتكتِب بالشمال

وبتْرتِّق التوب والنعال

وتمْرُق الهم الموكّر

في قلوب كل الرجال

تاجوج سؤال

تاجوج غزال

تاجوج مُحال

تاجوج خيال

اتخيّلَتْ انّو المحلّق ساكّهَا

بي طريق شاقِي الغمام

يا يتامي

يا غلابَهْ

شوفوا لي تاجوج زمام

عوض خضر 07-05-2010 09:40 AM

ابو عبدالرحمن اشكرك علي المرور الذي اضاف بعدا اخر للموضوع

الدوش يعتبره البعض من نقل القصيده الدارجه السودانيه الي الحداثه التي نعايشها حاليا قد يصدق هذا القول في كثير من جوانبه وقد يتراجع في جوانب اخري ولكن الكثيرين يعتبرونه ابو القصيده العاميه الحديثه بالسودان

اسماعيل حسن تولي نقل القصيده من حقبة الحقيبه ومابعدها الي قصيدة حقبه وسيطه افضت اخيرا للدوش وليتمكن هذا الاخير بتجذر واكتناز من نقلها لحقبة القصيده الحاليه الكثيرين يعتبرون هذا القول اطلق جزافا

ولكن تلاميذ الدوش هم من ساروا بدربه ووصلوا بنا حتي عاطف خيري ومابعده اعتقد ان عاطف خيري ايضا فتح مسارب حقبه جديده وان لم يبتعد عن الدوش كثيرا حسب رؤيتي

كان جنوبياً هواها 07-05-2010 11:02 AM

عمنا عوض خضر -وعمنا كمان أبوعبد الرحمن (أبو العبد)
لكم التحية وأنتم تسعدون صباحاتنا بتلك الكلمات المضيئة الجميلة ... بردتم علينا الزعل والشوق لكم
واصلوا لينا في الغريق والكلام السمح متلو مافي ... يجازي محنكم


اشتقت ليك
اشتقت للحظة البتسرق عمري كلو تجيبو ليك
اشتقت للنجم البسافر في الخيال يرحل يجيك
اشتقت والشوق
مستحيل في دربو يتمرد عليك


يا سلام لو كنت تعرف انت ايه بالنسبة ليا
ما بقول ليك انت روحي
احتمال اكبر شوية
بس تاكد انو ريدك في الضلوع نيرانو حية
مستحيل في يوم حتخمد طالما الدم جاري فيا

yasir alkhaliel 07-05-2010 05:23 PM

التحية لكم: عوض, وابو عبدالرحمن وانتم تنقبون في (دهب بني شنقول) وتكشفون خبايا الكنوز...والحديث عن الدوش لا ينتهي ولا يمل: ومن أجمل ما كتب ايضا: سحابات الهموم:
سحابات الهموم .. ياليل

بكن بين السكات والقول

وباقات النجوم

الجّن ..

يعزن فى المطر

فاتن عزاك .. رجعن

فاتن عزاك .. رجعن

وشوق رؤياك زمان مشدود

على أكتاف خيول... هجعن

وصوت ذكراك .. مكان يجرى

يلاقى السيل ...

وسر مدفون بصدر النيل

**********

ولولا الذكرى مافى أسف

ولا كان التجنى ... وقف

**********

وصوت ذكراك

رزاز صفق

على خطوات بنات .. سجعن

وصوت ذكراك ..

حنين لى غيبة فى المجهول

ولولا الذكرى مافى ..وصول

ولولا الذكرى مافى .. إصول

ولولا الذكرى مافى شجن

********

سحابات الهموم ياليل

بكن

بكن

بكن

عوض خضر 07-06-2010 05:20 AM

كان جنوبيا وياسر الخليل مروركم رائع وخلونا ورا الكلام الجميل ومبدئيا تعالوا نركز علي الدوش ركيزة القصيده العاميه الحديثه

عاطف البدوي 07-06-2010 05:40 AM

يا عوض دا الكلام البكسر في الناس ضلع ارحكم ويا عارف وهو زاتو يبقي لي بشبه الجقودي

اعيشها معاك لو تعرف
دموع البهجه والافراح
اعيشها معاك واتاسف
علي الماضي الي ولي وراح
علي الفرقه الزمانا طويل
علي الصبر الي عشناهه
مع طول الالم والليل
زمان كنا بنشيل الود
وندي الود
وفي عينينا كان يكبر
حنانا زاد
وفات الحد
زمان ما عشنا في غربه
ولا قاسينا نتوحد
وهسع
رحنا نتوجع
نعيش بالحسرة ونتاسف
علي الماضي الي ما برجع
احبك
لا الزمن حولني عن حبك
ولا الحسره
وخوفي عليك يمنعني
وطول الالفه والعشره
وشوقي الليك طول
لسه معاي
ولي بكره

عوض خضر 07-06-2010 06:15 AM

Quote:

Originally Posted by عاطف البدوي (Post 6876)
يا عوض دا الكلام البكسر في الناس ضلع ارحكم ويا عارف وهو زاتو يبقي لي بشبه الجقودي


اعيشها معاك لو تعرف
دموع البهجه والافراح
اعيشها معاك واتاسف
علي الماضي الي ولي وراح
علي الفرقه الزمانا طويل
علي الصبر الي عشناهه
مع طول الالم والليل
زمان كنا بنشيل الود
وندي الود
وفي عينينا كان يكبر
حنانا زاد
وفات الحد
زمان ما عشنا في غربه
ولا قاسينا نتوحد
وهسع
رحنا نتوجع
نعيش بالحسرة ونتاسف
علي الماضي الي ما برجع
احبك
لا الزمن حولني عن حبك
ولا الحسره
وخوفي عليك يمنعني
وطول الالفه والعشره
وشوقي الليك طول
لسه معاي

ولي بكره

بالله ياودالبدوي الزول دا ما كأنو قاعد يتحدث عننا احسن مننا

كان جنوبياً هواها 07-06-2010 08:00 AM

عمر الطيب الدوش عاش مسكونا بوطنه السودان غني له وبه وبكي معه وله ...صدحت بكلماته حناجر أعظم الأصوات الغنائية السودانية.. ذهب الدوش وبقي في وجدان الشعب السوداني الذي يردد كلماته وأغانيه .. انفض سامره وتفرق الخلان والرفقاء وحتى في ذكراه تأخذهم مشاغلهم عنه إلا قليل استعان بالفضاء الأسفيري ليوقد شمعة في ذكراه ..ونحن لم يكن من رفقائه وخلانه وسامريه ولكن من الشعب الذي غني له ولاجله الدوش .
ولد عمر الطيب الدوش في مدينة شندي 1948م تخرج في معهد الـموسيقي الـمسرح قسم الـمسرح - عام(1974) وهي أول دفعه تتخرج في الـمعهد ومن زملائه هاشم صديق وإسحاق الحلنقي وصلاح الدين الفاضل وناصر الشيخ . وفي قسم الـموسيقي كان محمد وردي وانس العاقب وعثمان مصطفي و(بناديها – العملاق وردي) أتولدت هناك.. وكذلك رائعة (عصافير الخريف) للـمبدع الحلنقي..وهنالك افادة من صلاح الفاضل تقول إن الدوش قد كتب الـمقطع الأول لأغنية (عصافير الخريف) علي السبورة(..ليه يا عصافير الخريف ) ثـم قام الحلنقي وعلي ذات السبورة مجاوبا فكانت هذه الرائعة والتي تغني بها فنان أفريقيا الاول (وردي) .
أول أغنياته هي أغنية (الود) التي يتغني بها الفنان محمد وردي وقد كتبها في النصف الثاني من الستينات عندما كان طالبا بالثانوي (بناديها) أغنية قطعت الـمشوار حافية ما بين الأبيض وامدرمان . ركب كمبال وصديقه الدوش قطار الثامنة من الخرطوم إلي الأبيض بحثا عن بناديها ومرا بكل التخوم والـمدن التي ذكرها مكي ابراهيم في قطار الغرب وعندما وصلا للأبيض عرفا تـماما ان بناديها قد انسربت من بين اصابع الدوش وأنها قد تكاثفت كغيوم ستـمطر هناك...
وأفتش ليها في التاريخ وأسأل عنها الأجداد ...
وأسأل عنها المستقبل اللسع سنينو بعاد ...
في اللوحات محل الخاطر الماعاد ...
في احزان عيون الناس وفي الضل الوقف مازاد ...
بناديها وبعزم كل زول يرتاح علي ضحكة عيون فيها ...
الدوش كانت له اوزان تتحمل عبء هذا الدفق الشعري الوهاج ورحيل الدوش القى بظلال الحزن على كثيرين فمنهم من فتح نافذة الخيال و رثاهو وهو لم يزل حيا عندما احس بدنو زمن رحيله من هذه الفانيه .
هذا أقل شي نقدمه لشاعر في قامة الشاعر الدوش..وبدوري سأحاول ان اسجل كل ما أعرفه عن هذا الشاعر الاستثنائي .. ملقياً في ذات الوقت الضوء علي تلاميذه يحي فضل الله والرشيد احمد عيسي وقاسم ابوزيد والقدال وهاشم صديق . الرحمة والمغفرة لشاعرنا الدوش فقد كان بقامة وطن وكان لسان شعره السودان وهمه . رحل عمر الطيب الدوش وبقي فينا بكل حروفة واشعاره وهمومة علي بلد رايح
بشوف في جوابك التانى .. مُدُن مبنيّةْ متكيّهْ ...
بتمْرُق من شبابيكا .. عيون برموشَهْ مطفيَّهْ ...
شَرَك لي كُلِّ قُمريَّهْ .. وأماني كتيرَهْ مخصيَّهْ …
إنتَ يا ليل المغُنين .. فى صباحات اليتامى ...
فى البشيل فوق كتفو يمْشِى … لمَّا ترْخِى الخيل لِجامهْا ...
يا حمامَهْ .. ودِّعينى .. ودِّعى الارض البتزْرَع … فى جروف الحُب ضلامهْا ...
ارْخِى كتفِك .. واحْضِنينى .. وارْمِى فوق كتفى الملامه ...
سئل يحي فضل الله مرة في برنامج عن اجمل ما سمع من ابيات شعر , فاجاب "سحابات الهموم ياليل بكن بن السكات والقول" اجاب فاوفي وهي ايضاً من روائع الدوش والتي تغني بها الراحل الاستاذ مصطفي سيد احمد ورايي الشخصي ان قوة جمال الشعر تكمن في "فعل هذا الشعر فينا" ..والقياس "قوة الهزات بدرجات "ريختر" ومن الهزات ما يرتد.. "الضل الوقف ما زاد " ليست وقوفا للظل فقط .. فالظل اشارة الضوء .. واقوي الإشارات تاتي من "بنااااااااديها" مكتوبة علي قلوب كل الشعب السوداني

كان جنوبياً هواها 07-06-2010 08:01 AM

وهاك ياعم عوض الشغل ده -إنت وأبو عبد الرحمن -ود الخليل -والذوق عاطف


بناديها

بناديها
وبعْزِم كُلّ زول يرتاح
على ضحكَة عيون فيهَا
وأحْلم اني في أكوان
بتْرحَل من مراسيها
عصافير
نبّتَت جِنْحات
وطارت
للغيوم بيهَا
مسافرِ من فرح لس شوق
ونازِل
في حنان ليهاَ
أغنّي مع مراكب جات
وراها بلاد حتمْشيهَا
واحزَن لي سُفُن جايات
وما بْتلقَى البِلاقيه
بنادِيــــــهَا
ولمّا تغيب عن الميعاد
بفتِّش ليهَا في التاريخ
واسأل عنَّها الاجداد
واسأل عنّها المستقبل
اللسّع سنينو بُعاد
بفتِّش ليها في اللوحات
مَحَل الخاطر الما عاد
في شهقَة لون وتكيَة خط
وفي أحزان عيون الناس
وفي الضُّل الوقَف ما زاد
بناديــــــهَـا
والاقيـــــهَــا
واحِس بالُلقيا زي أحلام
حتصْدِق يوم
والاقيــــــهَــا
واحْلًم في ليالي الصيف
بَسَاهر الليل
واحجِّيـــهَــا
ادوبي ليهَا ماضيهَا
واطنْبِر ليها جاييــهَا
وارسِّل ليها غنوَة شوق
واقيف مرات واْلُوليهَا
بنادِيـــــــــهَــا
وبناديــــــــهــا
وبناديـــــهــا

كان جنوبياً هواها 07-06-2010 08:03 AM

الحفلة

(1)
بداية الحفلة دلوكة
نهاية الحفلة
متروكةْ
لأي صنم يشيل كرباج
يَجِلْد الحق
يخلي الحفلةْ مرْبوكهْ

نهاية الحفلة متروكه
لاى صبي يهز السيف
ويمْضَغ حسرتو
يلوكهْا
وبين السيف
وبين كرباج
مسافة تودي
أمريكا
(2)
بداية الحفلة
بالدوباي
نهاية الحفلة
بالهبباي
ِِبتمْرُق من قلوب الناس
عقارب
لا فهم لاراي
وتزرع في سما الحفلة
جهاجه وانتباه
وبراح

وتنعش معْشر السِّراي
وتبسط جملة الأفراح
(3)
بداية الحفلة مبديه
ومن وْلَدو الوجع
قامت
وصوت المادح المبلوع
يخربش فى الفضا الممنوع
طنين الفاجعه كان
مسموع
ويبدا الكلام
حتجوع
(4)
شنو الجدّ
عشان نتجارى بين القاهرة
وجدة
بين القومه والقعده
بين الفرهْ والعقدةْ
شنو الجدْ؟
وكنا هجين خيول الريح
تنسد ولاهمَاهَا تنقد
ولا رجعت اذا انسد
اهو المشوار
َوٍكت عرَّش حدانا ندم
براهو اتمطي وامتد
(5)
نهاية الحفلةْ دلوكهْ
نهاية الحفلةْ مبروكهْ
لأنو الحوت َفتَح خشمو
لأنو الزول عِرٍف أسمو
لأنو... لأنو
.............
يأخي أقيف
أهي الأمواج
وداك القيف

عوض خضر 07-06-2010 08:20 AM

كان جنوبيا رغم كثافة الساتر الذي تتخذه والذي يحول دون التواصل الكامل لك التحيه علي هذا الدفق وهذ ا الاثراء للموضوع الذي نحن بصدده وواصل مدك للبوست بالالق ولك الشكر

كان جنوبياً هواها 07-14-2010 03:48 PM

عمنا عوض سلام ليك وللجميع
لي بعض الملاحظات حول ما تكتبون وتنثرون في هذا البوح الجميل -منتدى فطيس
1- موضيعكم شيقة وجميلة ولكن تفتقر للتسلسل الإبداعي في تناول المواضيع
شرح:
عندما تبدأون البوست بموضوع جميل وشيق كهذا الموضوع الذي يتناول الدوش رحمة الله عليه - فجأة تتغير المواضيع وتنزل بوستات أخرى قبل أن يوثق للبوست الذي تم فتحه ولم يغلق
بمعني أن كل مواضيع البوست مازالت مفتوحة ومن فتحها لم يغلقها بعد أن أستوفت حقها من النقاش والكلام
2- ما الاحظه أن معظم الشباب يجتهد في فتح عناوين جديده وكأنما الإسم مهم مع وجود بوستات مفتوحة تشابه ما يرغب العضو في فتحه من جديد (حيث نجد أكثر من بوست يحمل مواضيع متشابه )
3- لابد أن يكون المنتدى في يوم ما مرجعاً لأحداث ومقالات تمت كتابتها وتاريخ تم سرده كألقك الجميل ف يموضوع المحطة الضباب والتي أتمنى أن يكون بوست ضربة البداية للمتصفح والزائر ولكن تغطيه في بعض لإيام بعض البوستات .......
4- اللهم هناك بوسك رائع كروعة صاحبه وهو عسل سوداني يتجادع فيه صادق مع عبد المنعم روائع من الكلمات السودانية عالية النقاء ايضا تخفيه في أحايين كثيرة بعض البوستات ولا تعليق عليها
5- أتمنى أن يكون كل عضو هو صاحب بوسته الذي قام بفتحة وهو من يقوم باغلاقه متى ما رأى .. حتى تتم عملية أرشفة للمواضيعه المنتهية

مرة أخرى أتمنى أن يكون حديثي لم يجرح أحد فانتم شامة في هامتنا وثغره وضاءة في جبيننا دوما

صباح خيرا يضوي عليك بشاشاتو
وحنين زولا يشيلك شوق يعطر بيك مساحاتو
صباح أمي وصباح دمي البتمرق من مضخاتو
صباح الخير شروق عمري وبداياتو
صبحت اليوم سمعتك في حسيس قلبي بتهتف من صباباتو
و

واتمنى أن تتم العودة لبوست الدوششششش فهو إن كتبنا فيه حتى نهاية العام لا ينتهي

عوض خضر 07-15-2010 06:35 AM

كان جنوبيا لافض فاك

لقد لخصت الحاجات والجمت التشتت المواضيع الرئيسيه كالكرسي الساخن او حكاية الضباب اوحتي بداية سرد اخونا عبدالله خيرالله او موضع فصل المرحوم الاستاذالهادي مواضيع ستستمر لفتره طويله اخري حسبما اعتقد

هناك مواضيع فتحناها ولم ترفع لانها لم تؤتي اكلها كموضوع نادي فطيس هناك مواضيع تم طرقها ويجب رفعها كموضوع الشيخ الحسين الزهراء

اما موضوع الاسماءا والطروحات المتشابهه فهذه مشكله كبيره وغالبا سببها عدم المتابعه اي الغياب والعوده دون البحث في المواضيع المشابهه قبل ان بيدا طرح الموضوع

ونتمني من اخونا عبده ان يوسع الخارطه الاداريه قليلا ليكون هناك تخصص في التوثيق وجرد المواضيع وحذف المكرر ومحاولة تجميع المتشابهات الامر يحتاج لشخص يملك وقتا اكبر للفحص والغوص عميقا

ومن ثم التشذيب موضوع الدوش الذي نحن بصدده لا اريد رفعه لاني مازلت اظن ان الامر يحتاج للمزيد من البحث

وبالذات في زاوية تغيير مسار القصيده العاميه علي يد الدوش

وكذلك للتدارس حول بعض اشعاره ورموزه التي اطلقها وصارت بدايات جميله كالبت سعاد و غيرها

عوض خضر 07-15-2010 06:40 AM

كاضافه لتنويهك هناك مواضيع اتمني ان لاترفع ابدا

كموضوع عسل سوداني وموضوع القصص الذي فتحه اسخليوس وكذلك موضوع الشعر لفطيس هذه مواضيع يجب ان لايتطرق اليها النسيان ويجب ان تظل دائما متالقه لانها تبدو لي لديها القدره علي التقدم

صادق محمد عوض 07-17-2010 08:41 PM

...... سلاااااااااااااااااام يا رايعين...... عوض يا فخيم..... ما تفأت تأتينا بالجمال.... تتفنن بالالق.... شاعرنا يا سيدي مات في بيته... لانه لا يملك ثمن علاجه... في بلد تمشدق الاخرون خيراته فللا ومالا وكنزوا من الذهب ما لم يكنزه قارون في زمانه..... وهو يدري سلفا.... معاناة شعب.... وها هو يتساءل عن بلد رايح....
حأسأل عن بلد رايح
وافتش عن بلد سايح
واسأل عن امانينا
اللي ما بتدينا
صوت صايح
وأسأل وين مخابينا
إذا جانا الزمن...
لا فح
واسأل عن بلد مجروح
وعارف الجارحو ليه جارح
وابكى على بلد ممدوح
وعارف المادحو
ما مادح
واحلم بي حلم مسروق
لا هو الليلة
لا امبارح
أعلق في جناح سفري
خطابات لي زمن فجري
وادخل من درب سري
لكل مضاجع الأحزان
واضفِّر من شجر بلدي
بروقاً مارقة من صدري
حأسأل عن بلد غاطٍ
لحدِّ الليلهْ في الوجعة
أَنط فوق سرجي واتْحزَّم
أقوم من وقعة
لي وقعة
أخُتْ ايدي البتوجِعْني
على السأم البراجِعْني
واسأل..
يا وطن يا بيتنا
ليه شوقك مواجهني
ليه حبك مجهجهني
وليه تاريخ زمن خسران
موكّر لسَّه في شجني؟
حأكتب لي شجر مقطوع
مسادير
يمكن يتحرك
خطابات لي طفل مجدوع
يقوم
يجرى
يقع
يبرُك
رسالة لكل قُمْريّة
إذا دم الشقا اتوزع
على كل البيوت
ما تْرِك
واسأل..
عن وطن رايِح
واديكم خبر جارح:
بأنو جميع جموع الناس
حيفضلوا لا كراع
لا راس
ونشترى في الدكاكين يوم
مسابح من دموع الناس
مساحيق من هموم الناس
زهج
يتْعَبّا في الأكياس
ونعلن في المزاد علنا
وترغي الجوقة والأجراس:
"نبيع الطفلة والكراس !"
واصرَخ
! ياوطن! يا بيتنا
ليه ما تبقى لينا الساس
قدر ما تجري فيك
أفكار...
يزيدوا الحبس والحراس
قدر ما تجري فيك الخيل
تدوس الهيبة
والإحساس
واسأل
يا وطن رايح
اذا كل القبور دخلت
بيوت الناس
بلا اسئذان
بلا صلوات
بلا أكفان
جريمة اسائل الدفَان؟
حريمة طلب تمن قبري
من البايع في أي مكان؟
واقولك يا وطن
رايح
واقولك يا وطن
آمر
سلام النفس ما كافر
ولا كافر
ولا كافر

عوض خضر 07-18-2010 07:25 AM

ياسلام يااسخليوس

وحااحكي ليك حكايه علي هامش البحث ذات يوم كنت بامبده مع الشفيع مصطفي دفع الله الاخ الاكبر لقاسم اذ اكان يقطن تلك المنطقه وعندما غابت الشمس قال لي تعال سااعرفك علي شخص لم تكن تتوقع
ان تتعرف عليه خرجنا من منزله وفي المنزل المواجه له طرقنا الباب لفتره طويله جاءنا صوت من بعيد كانه من بئر

ان تفضلوا ولجنا الحوش الكبير وفي منتصفه وعلي الاضواء الخافته تبينت عنقريب صغير عليه رجل ايضا صغير الحجم

جلب الشفيع سرير اخر وجلسنا امامه كان منهوكا يجلس بصعوبه

عرفني الشفيع عليه قائلا الشاعر المشهور الدوش
كانت الدهشه اكبر من الكلمات
تعامل بكل بساطه اوضح له الشفيع انني احب شعره

لم ينتظر كثيرا كان مستلقيا استرسل في قراءة اشعاره التي يحفظ جلها بصوت بدا خافتا ثم ارتفع تدريجيا لم نقاطعه

كان يتوقف قليلا ثم يواصل حتي احسسنا بانه تعب
فطلب منه الشفيع التوقف
تحدث معنا عن كل شئ وكان يبدو مازوما رحمة الله عليه كان يبدو علي غير وفاق مع زوجته وهي مسرحيه مشهوره

خرجنا من عنده والصبح بدا يتنفس ولكني لم انسي تلك الليله
اذعدت ثانية ووجدت وضعه لا يتحمل جلوسي اليه
ثم عدت مره اخري ولم اجده ثم رجعت للجزيره
عندما عاد الشفيع قال لي ان وضعه الصحي تحسن وان زوجته عادت اليه

لم اري مثل تلك البساطه والتلقائيه والتدفق يتوقف احيانا بين الاشعار عند كلمات بعينها كانه يعمل علي توضيح المعني للمستعمين او كانه يعيد مضغها ليستمتع بها

نسال الله له الرحمه

عبدالمنعم 07-20-2010 07:07 AM

يحيى فضل الله يكتب عن الدوش
صباح الخير ـ سلامة البيه
ـــــــــــــــــــــــ
نهايات اغسطس من الثامن و الثمانين استقبلتنا القضارف بخريفها المترع ، وصلناها عصرا ، كان عصرا تشع نداوته و يتباهي برائحة الدعاش ، استقبلنا وفد من الاخوة المعلمين من اعضاء لجنة النقابة بالقضارف اصحاب الدعوة لاقامة ليلة شعرية في دارهم ، كان معي الشاعر الصديق عمر الطيب الدوش ، اهدتنا القضارف بعد وصولنا الي حيث نزلنا بميز المعلمين ، اهدتنا ليلة مطيرة لها من البروق كرنفالات مضيئة و من الرعود ذلك الهدير الصخاب ،كان عمر الدوش في تلك الليلة في احسن حالاته ، متحالفا مع نشوته العميقة ، تلك النشوة التي يذهب بها نحو الديمومة ،يهرب عمر الدوش دائما من مغبة فعل الحياد ، كان في تلك الليلة يوزع ضحكاته الصاخبة علي الجميع ، كان اولئك المعلمون يخصوننا بنوع من تلك الالفة و الحميمية العالية ، التفوا حولنا و حركوا فينا بالحاحهم العذب الفة ان ننتمي للشعر و لم يملك عمر الدوش ـ الذي كان دائما ما يهرب من الفته العميقة مع الشعر لانه لا يحفظ اشعاره ـ لم يملك مع ذلك الالحاح العذب الا يخرج كراسته و ينحاز الي قصيدته ، لا زلت اذكر صوت عمر الدوش و هو يقرأ علي الحاضرين قصائده و قطرات المطر وهي تسقط علي زنك السقف و كأنها تدس اصواتها الصاخبة و الهادئة احيانا في نسيج المقاطع الشعرية التي يسربها صوت عمر الدوش المشحون بالشجن ، اذكر ان احد المعلمين قد سأله عن قصيدة لها اثر واضح في تكوينه الشعري، فأشار عمر الدوش الي الحاردلو و قرأ علي الحاضرين هذا المقطع الشعري من ذاكرته
يا خالق الوجود
انا قلبي كاتم سرو
ما لقيت اليدرك المعني
بيهو ابرو
قصبة منصح الوادي
المخضر درو
راحت قلبي تطوي
و كل ساعة تفرو

و هكذا تحالف الليلة المطير مع الشعر و الانس الجميل .
عادة ما يستيقظ عمر الدوش مبكرا جدا و كأنه علي موعد ازلي مع الفجر ، الفجر في اي مكان ، في حي الموردة عمر الدوش كان دائما يوقظني ليتابع اصوات المؤذنين لصلاة الفجر ، كان عمر الدوش يعرف عدد المؤذنين في المنطقة و يكاد يعرف عدد الديوك و هي تتصايح معلنة قدوم الفجر و له ثلاثية مسرحية عن هذه العلائق و هي ثلاث مسرحيات قصيرات تحت العناوين التالية ، زمن الديكة وزمن الكلاب و زمن ثالث لا اذكره لعله زمن الأذان ، للفجر مع عمر الدوش تلك العلائق التي تشير الي بداية الحياة.
و هكذا مبكرا جدا ايقظني عمر الدوش كي نتجول في صباح القضارف الندي ، عمر يتلبسه ذلك القلق الذي يبعث علي الحركة و له قدرو ان يحرق كل من و ما حوله ، قادتنا خطواتنا ذات اللاهدف الي احد احياء القضارف دون قصد وجدنا اننا نتجول في حي له اسم غريب،حي ـ سلامة البيه ـ كان عمر الدوش قد سأل احد المارة عن اسم الحي الذي نحن فيه وحين اجابه الرجل بدأ عمر الدوش يتساءل عمن هو هذاـ البيه ـ و يضحك بخفوت متهكم قائلا
ـ وسلامتو من شنو؟
سلامة البيه ، الصباح فيه مختلف ، حركة دؤوبة ، بيوت القش تبدو و كأنا تحاول ان تنفض عنها امطار الليلة السابقة ، ازقة ضيقة يصعب فيها المشي بسبب لزوجة الطين ، خلع عمر الدوش نعليه و لم املك انا الا ان افعل ذلك ، دخلنا بيوت و خرجنا من اخري وعمر الدوش يبحث وبالحاح جميل عن نشوته الصباحية تلك التي لا تستقيم الحياة بدونها، هكذا دائما عمر الدوش منتمي الي تألفه الخاص مع الحياة ، هارب من الثوابت الاخلاقية ، عاري الرغبات التي لا يكبحها كابح ، هو ككلمات قصائده حاضر في مطلق التفسيرات ، داهمتنا الظهيرة و نحن نتجول في حي ـ سلامة البيه ـ و عمر الدوش لم يجد حتي الان الاجابة عن من هو ـ البيه ـ و سلامتو من شنو ؟
بقلق خاص تجاه اصحاب دعوتنا بدأت احرض عمر الدوش علي الرجوع ، الرجوع الي ميز المعلمين و خاصة انهم لابد و قد افتقدونا و لكن عمر الدوش يصر علي البقاء متجولا بين القطاطي و الرواكيب و الكرانك ـ حاملا نعليه بين يديه ـ و بين الناس مصطادا حكاياتهم و احلامهم و معاناتهم و كلما الح عليه في الرجوع يجابهني عمر بهذه الجملة ـ يا اخي عندك شنو هناك و بعدين لازم نعرف البيه ده منو و سلامتو من شنو يا اخ.....ي ـ
و بعد الحاح شديد و ممانعة اشد رجعنا الي الميز وفعلا وجدنا ذلك القلق المنطقي علي غيابنا و في المساء كانت الليلة الشعريه في دار المعلمين و كما استقبلتنا القضارف بخريفها المترع كذلك استقبلتنا بجمهور حميم تجاه اشعارنا و بذلك النقاش الحي حول تفاصيل تجربة القصيدة الغنائية الجديدة .
في صباح اليوم التالي و علي البص المتحرك الي الخرطوم في الثامنة صباحا اخذنا مقاعدنا بعد ان اهدانا اولئك المعلمون ضجة من طقوس الوداع ـ قبل ذلك و مع صراع الخيط الابيض مع الخيط الاسود من الفجر ايقظني عمر الدوش وقال لي ـ ما نمشي نسأل عن البيه و سلامتو من شنوـ
تحرك بنا البص و صوت مغن يدعي ـ بلال موس ـ كان يجرح تأملات عمر الصباحية
القمر خالا و عمها
و الشمس تشبه امها
العزيزة عزيزة امها
في القضارف يتم سعدها

وحين كان عمر الدوش يتحدث لي و بمتعة عن طائر البطريق و كيف انه يختار زوجته بان يحمل حجراً و يضعه امامها فاذا اخذت الحجر فمعني ذلك انها قبلت به شريكا لحياتها و اذا رفضت فما علي ذلك الطائر الا ان يبحث عن قصيدة يكتبها علي طريقة شعراء الخيبة العاطفية في السودان و عمر الدوش كان دائما ما يقذف في اتجاهي بذلك السؤال الحميم ـ اها يا اخوي حجرك جدعتو وين الايام دي ؟ ـ
وذلك استنادا علي مرجعية تخص طائر البطريق
كان عمر الدوش يسقط احتمالات عشقه علي طائر البطريق حين دوت صرخة حادة من داخل البص ، شابة يانعة تصرخ و تولول و هي تحتضن بعنف امها التي فارقت الحياة و هي جالسة علي مقعد بقربها ، اوقف السائق البص ، اختفي قبل ذلك صوت المغني بلال موسي، ارتبك الحضور، كنا قد اقتربنا من محطة ـ الخياري ـ ، الشابة تصرخ ثآكلة و تعاون الجميع تجاه هذه المآساة و تم نقل الام التي ماتت بعد ان جهز بوكس كاشف لارجاع الجثمان الي القضارف كانت صرخات تلك الشابة تكثف في دواخل جميع ركاب تلك الرحلة غرابة معاني الموت المفاجئ .
نقص عدد الركاب و خلا مقعدان في البص ، مقعدي الام وبنتها وتحرك البص ، همس لي عمر الدوش حين تحرك البص
ـ تفتكر السواق حيشغل المسجل ؟
كنت لا املك الاجابة ، ولكن كان عمر الدوش يبحث عن نسيج درامي خاص لهذا الموقف ، ولم تمضي ربع ساعة علي تحرك البص حتي عاد صوت بلال موسي ممتهنا ـ عبد العزيز داؤودـ في اغنية المنديل

او تذكرين حبيبتي
او ربما لا تذكرين

و برقت عيون عمر الدوش منحازة الي الحياة .
________________
يحيى فضل الله

عوض خضر 07-20-2010 07:59 AM

حلوه يامعروف يارائع فيحي فضل الله امتداد طبيعي للدوش واعجبني قوله ان الدوش لا يتصالح مع الحياد فقد رايته رغم المرض وظروفه العائليه والحوجه الي رفيق يسترسل في الغاء شعره

واستغربت قوله انه لا يحفظ شعره فقد استمعت اليه ليله كامله في العتمه لم يكن لديه ورقه يتوقف كثيرا لكنه لم يستعين بورقه حتي تنفس الصبح

رحمة الله عليه

عبدالمنعم 07-20-2010 08:49 AM

الأخ عوض كل ماذهبت إليه أكده الرائع أيضاً محمد طه القدال حتى منزله الفسيح بأمبده وقد أكد أيضاً أنه كان يحفظ كل أشعاره

عبدالمنعم 07-20-2010 09:05 AM


عمر الدوش وضل الضحى ...نهاية الوجيب ...بداية العمر ..

محمد طه القدال

عاد من تشيكوسلوفاكيا وهو يحمل درجة الماجستير في مجاله متخصصاً في مسرح (بيرتولد برشت) والبعض ينطقها (برخت)، ولكنه لم يكن ليعبأ كثيرا بالألقاب يركل كل ما من شأنه أن يوسع له في (الزيط) ويرحب بكل ما هو ومن هو بسيط في حركته اليومية، غير المتنطع أو المتحذلق. كان يحب أو لا يحب الناس بعد التقائهم ولا يعبأ بأصحاب المقام وبمن تسبقهم الألقاب كما كان المتمرد الفذ ذلك الجنوبي (أمل دنقل). لقد أراني الصديق الشاعر عبد الرحمن الأبنودي قطعاً أعلى حاجبه نتاج غضبة مضرية من دنقل، ولكن للدوش في تمرده مسالمة ووداعة ونصحاً. عاد من (التشيك) وما (داح) بالقرى والدساكر يعلى من صيته الشخصي ولكنه كان متواضعاً وواضحاً مثل (فلق الصباح) وشجاعاً شجاعة أخذها من أهله وهو له ذوق (اتيكيت) ورقة جلبهما من السفر في الدنيا العريضة و له معرفة لقدر نفسه ودراية بأقدار الآخرين. شد ما كان يكره الإدعاء وخاصة ادعاء العاطلين من كل موهبة. كان يعجب بالقصة التالية يحكيها كلما جاءت السانحة. يحكي أن جلسة ضمت الشاعر الشيخ الرئيس محمد المهدي المجذوب والشاعر الكبير النور عثمان أبكر والشاعر الصديق محمد محمد خير وآخرين وقد دخل عليهم شاب يريد أن يستمعوا لما كتب واعتقد جازماً أنه الشعر. طفق الشاب يلقي قصيدته ولكن الشاعر النور قد فطن إلى اضمحلال الشعر عند الشاب والشيخ المجذوب قد طأطأ الرأس يستزيده حتى أتى على آخر القصيدة فصمت الجميع وفجأة بادره المجذوب (يا بني .. أنت نبي) ولما ذهب الشاب إلى حال سبيله سأل النورُ الشيخَ لماذا تسبغ علية النبوة وهو على ما هو عليه من ضعف في الوزن والصرف؟ فأجابه المجذوب بجملة واحدة: ( ما علمناه الشعر وما ينبغي له). وكان الدوش يعجب بالرصانة و(يتسلطن) وهو يلقي أبيات الحاردلو الكبير:

(يا خالق الوجود أنا قلبي كاتم سرّو

مالقيت دارك المعنى وعلية أبرّو

قصبة منصح الوادي المخضر درّو

قعدت قلبي تطوي وكل ساعة تفرّو)

كان يصرخ هزجاً ويقفز طرباً ويتمدد على السرير وينتصب جالساً مرة أخرى وهو يجمع إليه يديه ويرسلهما يمثل حركة (الطي والفر) ثم يضرب موضع قلبه براحته ويصيح ضاحكاً: (العربي مجنون .. علي الطلاق العربي مجنون .. بت الكب .. يا القضارف). كان يستزيد من شعر (الدوبيت) ويطلب عيونه وكان يكتب قصيدته المعلقة (ضل الضحى) عبر الأيام والشهور والسنين ولقد سمعت أول ما سمعت من أبياتها عند بداية قدومي من قريتي إلى العاصمة في بداية السبعينات:

( وانا كنت راجع منتهي

لاقتني هي ..

كبرت "كراعي" من الفرح،

نص في الأرض ونص في النعالْ)

كنا نطرب لها يلقيها علينا الشاعر المتمرد الأكبر عادل عبد الرحمن رد الله غربته وكنت أظنها من شعره حتى نسبها إلى الدوش وما كنت قد التقيته قبلها. كان يكتب جزءً على ورقة بيضاء وبيتاً على ورقة صحيفة وهكذا ، وكان يضع ما يكتب في أي مكان لا يأبه أن يضيع .. وكان يقرأ على مهل ما يكتب على مهل وينهي قراءته مشيحاً بيده وضاحكاً ضحكته الساخرة ذات ( الشرتاب) . كنت أقول له إن لكل شاعر معلقته التي سوف يدور حولها معظم ما يلي من شعره وتكون الرؤى والأخيلة والصور استنساخاً بشكل أو بآخر لما دار في تلك القصيدة المعلقة وغالباً ما تكون تلك القصيدة في أول حياة الشاعر .. ولكنك الآن تكتب معلقتك وقد كتبت قبلها كل هذا الإرث العظيم فكأنك تقلب على الشعراء ما درجوا عليه وتحملهم ما لا طاقة لهم به. كانت إجابته دائماً سؤال التواضع الصادق: (تفتكر دي قصيدة كويسة؟) . كان يعيش بكل الصدق مع شخوص القصيدة. كان يرى العمدة رأي العين ولا يستسيغه ويقف منه موقفاً يقفه دائماً ضد المتجبرين ومع الضعفاء ولذلك فهو يعرف (ناس الحلة) فردا فردا. كانت علاقته بسعاد علاقة أزلية وتعاطفه إنسانيا مع علي ( ود سكينه) و طه المدرس ( ود خدوم) وتحريضه المستمر لهما ليتمردا على العمدة. ثم الشخصية الهامة لأقصى درجة (الراوي) وعلاقته بعمر الطيب الدوش .....و..

دقت الدلوكة .. قلنا:

(الدنيا ما زالت بخير .. أهو ناس تعرس .. وتنبسِطْ)

تكَّكتَ سروالي الطويل ..

سوّّيتلو رقعات .. في الوسِط.ْ

في خشمي .. عضيت القميصْ

أجري و أزبّد..

شوق..وانطْ.

لامن وصلت الحفلة ..

زاحمت الخلقْ.

وركزتَ..

شان البِتْ سعادْ.

أصلي عارف جـِنّها

في زول بيركزْ ... وينسترْ.(يـتـبـع)

محمد ود حنينة

----------------------------



عبدالمنعم 07-20-2010 09:07 AM


عمر الدوش وضل الضحى ...نهاية الوجيب ...بداية العمر ..

محمد طه القدال

عاد من تشيكوسلوفاكيا وهو يحمل درجة الماجستير في مجاله متخصصاً في مسرح (بيرتولد برشت) والبعض ينطقها (برخت)، ولكنه لم يكن ليعبأ كثيرا بالألقاب يركل كل ما من شأنه أن يوسع له في (الزيط) ويرحب بكل ما هو ومن هو بسيط في حركته اليومية، غير المتنطع أو المتحذلق. كان يحب أو لا يحب الناس بعد التقائهم ولا يعبأ بأصحاب المقام وبمن تسبقهم الألقاب كما كان المتمرد الفذ ذلك الجنوبي (أمل دنقل). لقد أراني الصديق الشاعر عبد الرحمن الأبنودي قطعاً أعلى حاجبه نتاج غضبة مضرية من دنقل، ولكن للدوش في تمرده مسالمة ووداعة ونصحاً. عاد من (التشيك) وما (داح) بالقرى والدساكر يعلى من صيته الشخصي ولكنه كان متواضعاً وواضحاً مثل (فلق الصباح) وشجاعاً شجاعة أخذها من أهله وهو له ذوق (اتيكيت) ورقة جلبهما من السفر في الدنيا العريضة و له معرفة لقدر نفسه ودراية بأقدار الآخرين. شد ما كان يكره الإدعاء وخاصة ادعاء العاطلين من كل موهبة. كان يعجب بالقصة التالية يحكيها كلما جاءت السانحة. يحكي أن جلسة ضمت الشاعر الشيخ الرئيس محمد المهدي المجذوب والشاعر الكبير النور عثمان أبكر والشاعر الصديق محمد محمد خير وآخرين وقد دخل عليهم شاب يريد أن يستمعوا لما كتب واعتقد جازماً أنه الشعر. طفق الشاب يلقي قصيدته ولكن الشاعر النور قد فطن إلى اضمحلال الشعر عند الشاب والشيخ المجذوب قد طأطأ الرأس يستزيده حتى أتى على آخر القصيدة فصمت الجميع وفجأة بادره المجذوب (يا بني .. أنت نبي) ولما ذهب الشاب إلى حال سبيله سأل النورُ الشيخَ لماذا تسبغ علية النبوة وهو على ما هو عليه من ضعف في الوزن والصرف؟ فأجابه المجذوب بجملة واحدة: ( ما علمناه الشعر وما ينبغي له). وكان الدوش يعجب بالرصانة و(يتسلطن) وهو يلقي أبيات الحاردلو الكبير:

(يا خالق الوجود أنا قلبي كاتم سرّو

مالقيت دارك المعنى وعلية أبرّو

قصبة منصح الوادي المخضر درّو

قعدت قلبي تطوي وكل ساعة تفرّو)

كان يصرخ هزجاً ويقفز طرباً ويتمدد على السرير وينتصب جالساً مرة أخرى وهو يجمع إليه يديه ويرسلهما يمثل حركة (الطي والفر) ثم يضرب موضع قلبه براحته ويصيح ضاحكاً: (العربي مجنون .. علي الطلاق العربي مجنون .. بت الكب .. يا القضارف). كان يستزيد من شعر (الدوبيت) ويطلب عيونه وكان يكتب قصيدته المعلقة (ضل الضحى) عبر الأيام والشهور والسنين ولقد سمعت أول ما سمعت من أبياتها عند بداية قدومي من قريتي إلى العاصمة في بداية السبعينات:

( وانا كنت راجع منتهي

لاقتني هي ..

كبرت "كراعي" من الفرح،

نص في الأرض ونص في النعالْ)

كنا نطرب لها يلقيها علينا الشاعر المتمرد الأكبر عادل عبد الرحمن رد الله غربته وكنت أظنها من شعره حتى نسبها إلى الدوش وما كنت قد التقيته قبلها. كان يكتب جزءً على ورقة بيضاء وبيتاً على ورقة صحيفة وهكذا ، وكان يضع ما يكتب في أي مكان لا يأبه أن يضيع .. وكان يقرأ على مهل ما يكتب على مهل وينهي قراءته مشيحاً بيده وضاحكاً ضحكته الساخرة ذات ( الشرتاب) . كنت أقول له إن لكل شاعر معلقته التي سوف يدور حولها معظم ما يلي من شعره وتكون الرؤى والأخيلة والصور استنساخاً بشكل أو بآخر لما دار في تلك القصيدة المعلقة وغالباً ما تكون تلك القصيدة في أول حياة الشاعر .. ولكنك الآن تكتب معلقتك وقد كتبت قبلها كل هذا الإرث العظيم فكأنك تقلب على الشعراء ما درجوا عليه وتحملهم ما لا طاقة لهم به. كانت إجابته دائماً سؤال التواضع الصادق: (تفتكر دي قصيدة كويسة؟) . كان يعيش بكل الصدق مع شخوص القصيدة. كان يرى العمدة رأي العين ولا يستسيغه ويقف منه موقفاً يقفه دائماً ضد المتجبرين ومع الضعفاء ولذلك فهو يعرف (ناس الحلة) فردا فردا. كانت علاقته بسعاد علاقة أزلية وتعاطفه إنسانيا مع علي ( ود سكينه) و طه المدرس ( ود خدوم) وتحريضه المستمر لهما ليتمردا على العمدة. ثم الشخصية الهامة لأقصى درجة (الراوي) وعلاقته بعمر الطيب الدوش .....و..

دقت الدلوكة .. قلنا:

(الدنيا ما زالت بخير .. أهو ناس تعرس .. وتنبسِطْ)

تكَّكتَ سروالي الطويل ..

سوّّيتلو رقعات .. في الوسِط.ْ

في خشمي .. عضيت القميصْ

أجري و أزبّد..

شوق..وانطْ.

لامن وصلت الحفلة ..

زاحمت الخلقْ.

وركزتَ..

شان البِتْ سعادْ.

أصلي عارف جـِنّها

في زول بيركزْ ... وينسترْ.(يـتـبـع)


----------------------------



عبدالمنعم 07-20-2010 09:08 AM

... وما العمر إلا أيام معدودات في الحياة الدنيا والعمر مشوار قصير وإن طال. والحياة الدنيا ظلٌ ما يكاد يستظل به الإنسان حتى يزول فيزول العمر وفي الذاكرة الشعبية (الدنيا ضل ضحى) ولكن الدوش في صوفيته يسخر من ضياعها (الدنيا) أو ضياعه (العمر) هكذا مقدماً ، (سمبهار) ومجانا في (الفارغة) وما لا ينفع. و(سمبهار) مفردة عند لاعبي الورق تعني الدفع والتخلص مقدماً مما لا يفيد (البايظ) :

(ضل الضحى مشوار

تزِح وتزِح

زحيح الشمس من وكَن الشروق

زحيحها لى نُص النهار

الونسة بالسفة الكبيرة

وبالكتاتيح والغبار

والفاقة

والعمر الهظار

والزمن البروِّح

سمبهار)



وبعد صمت وتعجب يذهب الشاعر (الراوي) مباشرة إلى (الحِلة) التي تفرق أهلها وتشتتوا. بعضهم غادر إلى المدينة يحسبها مكمن الغنى ومنبع الجاه وروايات السابقين من شباب القرية عنها قد أكدت أحلام اللاحقين إليها ، وبعضهم سرق وباع كل أغراض (هدوم) كل بيوتها ومضى و( استفرغ ) في أول رسالة أرسلها إلى القرية أنه لا ينسى أبداً ودائماً يتذكر (البلد) كلما هم بقلع ملابسه. يصنع عمر الدوش مقدمته الساخرة على طريقة أهل المسرح ، كأن مقدمة القضية مشهدا ابتدارياً تعريفياً تأتي إشاراته الذكية للعمر والقرية والبلد وهاء المؤنث في (شاغلتها) والتي يسميها (سعاد) فيما بعد، افتتاحية تعرفنا على شخوص قادمين وعلاقات تتشابك لاحقا وقضايا ومشاعر ودنيا نحن على عتبة بابها.

(جريت عصايتي

مشيت أنقر في الحصى)

ولا يظنن أحد أن ذلك هو فعل الحيرة وتجهم الفكر وانقطاع الرأي، ففعل الحيرة أن تجلس على الأرض ووجهك إليها وصمتك سابل وعصاك تخط خطاً هنا وهناك بالرتابة كلها أو تزرعها (نقراً) وتنقيطاً منتظماً وغير منتظم ولكن أن ( تجر) عصاك و(تمشي) تنقر بها الحصى فتلك هي الجرأة وفعل من يثق بذاته ثقة تقرب مشيته إلي مشية الخيلاء ومشي الكبار من ذوي القامة و(الأشناب) و (الكريزة) أو على الأقل تضعه مع ذوي التململ و عدم الرضى بالحال (المايل) ورفض بداياته و نهاياته.

(جريت عصايتي مشيت أنقر في الحصى)

جاءت مرتين بعد حالين مخزيين. بعدما يتذكر سارق (الهدوم) سرقته وبعد (القعاد تحت الأسى وضل الضحى) ومباشرة قبل الآهة على الولد الذى ضاقت عليه كل البلد، ثم يدلف بالشوق كله والدنيا ليل ليسمع ما يشبه (نقر) الكمان لا لينسى النقر على الحصى ولكن ليلتقي بلطف المعنى و(حس زول بمش).

فالكمان يمرر عليه القوس فيعطي صوتاً مستمراً وحينما ينقر عليه نقراً بالأصبع يعطي صوتاً متقطعاً فالنقر على الكمان اشارة لصوت المشي لا لتقطعه. ونظرت

إ ليها ويا لها من طريقة في النظر!!

(تاوقت من تحت الكتيف .. عاينتلا)

فإن كان استراق النظر من تحت كتف الناظر فذلك لا يتأتى إلا برفع الذراع إلى مستوى الوجه المنخفض قليلاً فيصير الناظر كمن يخفي جزءً من وجهه ليسترق النظر وإن كان استراق النظر( من ) تحت (كتيف) المنظور إليه فلن يستقيم المعنى إلا أن تقوم حروف الجر مقام بعضها فتصير (من) (إلى) وبالتالي يتدرج من (المتاوقة) إلى (المعاينة) ومن استراق النظر سراً إلى النظر الصراح ثم يسأل سؤالاً في السر (الأ تعرف أن النظر عيب؟) ويجيب عليه في الجهر:

(أيوه عارف إنُّو عيب)

ولكن العيوب في هذه الدنيا كثيرة ومن أكثرها خزياً

(المطوحة من كل زول مطلوب قروش)

و (القعاد تحت الأسى وضل الضحى) .

هذه المقدمة يتخذها الشاعر بوابة ندلف منها في معيته إلى عالم الأضداد والتناقضات عالم أغلب شخوصه رجال يحملون أسماء أمهاتهم فهنالك محمد (ود حنينة) وعلي (ود سكينة) وطه المدرس (ود خدوم) وصالح (ود قنعنا) وأيضاً هناك العمدة جابر ود( خف الفيل) وهناك سعاد نفسها وأهل القرية يتنفسون بين السطور رغماً عن كرش ابن العمدة الذي لا اسم له.

وعند محمد ود حنينة تدق (الدلوكة) في ذات الوقت الذي يزور فيه مسئول كبير البلد. وشمر من حيث ما كان وجرى وزاحم واقتحم (الحفلة) وركز من أجل البنت سعاد:

(أصلي عارف جنها

في زول بيركز وينستر

لكني عارف إنها

ياني الأزاها وجنها

برضي عارف أظنها

تحت .. تحت بتحبني)

ودليلي القاطع أنه :

(ديمة في صرة وشيها

يلفحني شوق

نافر .. لبد)

ولكل المعرفة التي سبقت عليك في علم الظاهر والباطن.. ركزتَ .. يا ود حنينة .. وكان السوط (عنجاً) ركزت ( شان) البنت سعاد و لصوت ( الدلوكة) ولزغاريد الصبايا .. وللحرقة من العمدة الذي يريدها لنفسه أو لابنه أو يريدها و يريدنا (هتيفة) للزائر الكبير فركزت :

(للحرقة المشت بين الضلوع تحت الجلد) وكان السوط (عنجاً) وما همك يا ود حنينة؟

(ضميت قزازتي مرقت عن طرف البلد

وسكرت جد).

يا محمد ود حنينة .. أي شجاعة كانت لديك لتركز بها كل تلك (الركزة) ليتقطع بها جلدك قطعاً وتتمزق بها روحك (نتف .. نتف)؟ وأي شجاعة تلك التي تعلن بها على الملأ (مروقك) إلى طرف البلد سكرك ( المسا ) الأعلى؟

( وانا جاي راجع منتهي ..

لاقتني ..هي

قالت تعال) .. وليتها م أعادت.

(كبرت كراعي من الفرح

نص في الأرض ونص في النعال

اتلخبط الشوق بالزعل

اتحاوروا الخوف

والكلام)

يا محمد ود حنينة.. من تكون؟ هل أنت من أنت؟ أم أنك علي ود سكينة؟ من أنت .. وأنت ترتل سفرك على أسماع معشوقتك؟ هل أنت محمد ود سكينة أم علي ود حنينة؟ وهل كانت أغنيتك (جرسة) فوق أعطاف سعاد أم هو نحيبك الداخلي:

( وانا يا سعاد

وكتين تصبي سحابة تنزلي زي دعاش

بفرش على روحي وأجيك

زولاً هلك تعبان وطاش

وانا يا سعاد وكتين اشوفك

ببقى زول فرشولو فرش الموت..

وعاش)

يا ود حنينة... هل هو بوحك السرمدي بما استشففت ؟ هل أدركت بعد (مرقة) طرف البلد أنه العمدة الذي فاض إلى مليون عمدة وأنها سعاد التي يزاحمك عليها علي ود سكينة و العمدة وولده ، وأنه (ضل الضحى) الذي مازال يقصر ويقصر حتى صار تحت رجليك؟ هل هو السفر الطويل والكفن الجميل الذي له رأيت وفيه مشيت؟ أم هو وجيبك الأزلي لما استشرفت؟ :

(يا سعاد تعالي ولمي من كل البيوت

عدة السفر الطويل

زخرفي الكفن الجميل

شخبطي الفجر .. النهار

أربطي الضحى والأصيل..

المغرب.. الفجر.. النجوم..

في صرة

وارميها البحر.)

وحين أدركت أنه (العمير) القصير (ضل الضحى) وأنه العمدة بشحمه وبلحمه وبغبنك و قد صار كل الأضداد (لبوة وأسد، حسنة وغصب، جمعة وأحد) ، (بقيتها) عند طرف البلد و رجعت له وقد أضمرت المجابهة الحتمية والمناطحة المرجأة:

(وانا جاي راجع اجهجهو

لاقاني هو

سايق العساكر والكلاب

رامي بين عيني وعينو

كلب وتكشيرة وحراب...

ضاقت كراعي من الزعل

من تحتها اتململ تراب)

وما سكت جوفك و لن يسكت، كنت محمد ود حنينة أم علي ود سكين، فلن تسكت:

(صلحت طاقيتي الحرير واتنحنح الجوف بالكلام

قت ليهو:

يا عمدة اختشي

مسئول كبير في الدنيا غير الله انعدم)

وما كنت لتراوح بين (رهاب) سعاد والحلم (بالحلة) الفاضلة وبين الحقيقة الماثلة في العمدة وظلمه وحاشيته ، بين سراب الحب والخير والبراءة وبين حقيقة أن تذوق مرارة وقوفك في وجه الجبروت والطغيان. ها أنت أمام العمدة وكلابه وجهاً لوجه. كانت (ركزتك) شان البنت سعاد مشهودة وكذلك الأخرى أمام العمدة فما أنت فاعل بعدها؟؟:

(عيني ضاقت نظرتها

والجوف يطقطق بالكلام

قبال يقولوا لي سلام

اتلموا حولي بلا نظام

شال وعمة.. توب وغمة .. فاس وطورية وحزام

شالوني بي كل احترام

ورموني في قعر السجن)

(يتبع ... طه المدرس ود خدوم)

طه المدرس (ود خدوم)

قراءة ثانية

عبدالمنعم 07-20-2010 09:10 AM

ولقد حكى لي أنه بدأ مدرساً في مدارس الدوش قبل التحاقه بدراسة المسرح. كان مستمتعاً بعمله وكان عمه (العميد) يقتطع شيئاً من مرتبه لحكمة يعلمها ولكن الباقي من المرتب كان كافياً في تلك الأيام ليعيش المدرس الشاب في بحبوحة ولذلك ما كان ليهتم كم كان عمه يقتطع ولم يسأل عن السبب . غادر المدرس الشاب للدراسة في بلاد التشيك وقضى أيام وأعوام الطلب وعاد إلى السودان وقد نسي ما كان من أيام التدريس في مدارس عمه لتنتظره المفاجأة السعيدة والتي تدل على الوفاء وبعد النظر. لقد اشترى له عمه أرضاً فسيحة في (امبدة) بما كان يقتطع شهرياً من مرتبه فأدرك حكمة عمه بعد زمان. وتعاون طلاب المسرح في ( نفير) سوداني صميم فقام حائط هنا ونهضت غرفة هناك حتى صار لعمر الدوش ولأصدقائه مأوى يستظلون به وصار بعد ذلك ملتقى للشعراء والفقراء و (المغنين المطاليق) وهو ذات المنزل الكائن الآن والذي اخترت أن أكون جاراً له ولكن عمراً غادره سراعاً إلى دار أخرى لا إيجارة فيها ولا تملك.
وعندما يكتب الدوش يستلهم تجربته الشخصية كان ذلك في إطار المسرح أو التدريس وتكون أدواته طيعة بين يديه فهماً ومعرفة وتتقافز العلائق الإنسانية الحميمة بين المدرس والطالب التي تميز بها الدوش عن جميع المدرسين والمسرحيين وتتبدى بينة في فهمه وتقديره العميقين للآخر. فقد خط الدوش لنفسه خطاً واضحاً في تكييف علاقة المدرس بالتلاميذ في مدارس الدوش ولاحقاً بين الدوش المدرس وطلابه بقسم المسرح في كلية الموسيقى والمسرح فهي علاقة الصديق بالصديق بما في ذلك من معاني الصدق والوفاء والوضوح والأريحية والاستعداد الدائم لمد يد العون والمساعدة. وكم رأيته يفيء إليه طلابه في داره طلباً للمساعدة في أمور دراستهم وهو يلاطفهم ملاطفة الند ولا يبخل عليهم بعلمه ويرفدهم من تجربته الثرة رفداً. ولا غرابة أن يستهل طه المدرس (ود خدوم) ويبتدر تلاميذه:

يا تلاميذي العُزاز

بسم الله

وأكاد أراها (بسم الله) مكتوبة على السبورة وبعدها التاريخ (خمستاشر ربيع أول) وهو ترتيب المدرس والتلميذ معاً على السبورة و على الكراسة في آن واحد وفي تناغم وفهم متبادلين. وهو تاريخ له ذكر وموافقة ومرافقة:

(اكتبوا التاريخ

خمستاشر ربيع أول

والموافق

مولد الإيقاع على خطوات سعاد

والمرافق

للصباحات، المناحات

واخضرار الغيم وفقدان الشعاع

ارتفاع الموجة لى صدر الشراع)


يبدو هذا التاريخ غريباً للوهلة الأولى ولا أجد له تفسيراً و ما أسفت على شيء أسفي على أنني لم أسأله عن كنهه ولا أظن أبداً أنه جاء هكذا بلا هدف أو دلالة. ربما ما كان ليجيبني لو استفسرته ولكنني لو كنت استفسرته ربما كان أعطاني بعض الإشارات. إنه تاريخ استثنائي دون الأيام الأخرى يصطحب النواح (صباحاته) وتتكاثف غيومه تحجب شمسه فيتواتر الإظلام وتتعالى فيه أمواج الغرق وتتجاوز المركب إلى أعلى الشراع ولقد أجريت محاولة على (الحاسوب) للرجوع إلى هذا التاريخ لعدة سنين خلت ربما أجد المقابل الميلادي لهذا التاريخ (15 ربيع أول) وما يمكن أن يحوي بالمقابل من دلالات ربما تضيء أكثر ولكن ربما لأن اختياري للسنين إلى الوراء كان عشوائياً لم أعثر على ما يفيد حالياً ولكني سوف استمر في المحاولة.

ويتوالى الحوار بين الأستاذ والتلاميذ لأن العلاقة بينه وبينهم ليست علاقة إملاء وأمر فإذا طلب أن يتركوا مسافة بينهم سألوه عن مقدارها وإذا طلب منهم أن يتركوا فراغاً لم يمروا عليه سدى بل استفسروه عنه:


يا تلاميذي العزاز

خلي بينك وبين زميلك

زي مسافة

- قدر إيه؟

- قدر المسافة البين عيوني وبين سعاد

قدر آلاف الفواجع

وانهيارات الحصاد

قدر مسحوق الأنين في تواريخ البعاد

اكتبوا

………..

- وديه إيه يا استاذ يكون؟؟

- دا المجنن طه..

اسألوا ود سكينة.
ويعود علي ود سكينة من جديد لا ليفسر الأشياء ولكن ليدل عليها ويشير إليها فقد جاء ذكره لدى سعاد آنفاً حتى خشينا أن يكون علي ود سكينة هو نفسه محمد ود حنينة:

- (هييييييييي يا سعاد

علي ود سكينة وكلتي في خشمو الماد

علي ود سكينة ومات أسى)

والآن يجعله طه المدرس ود خدوم مرجعاً يدل على المبهم والغامض والغير منطوق. وتتوالى بعد ذلك الأضداد متدفقة :

(الريح المسافر في تجاعيد السكينة)

(الموج اللي ساكن في مسافات السفينة)

(اللحظ البيضحك وهو جارح)

(اكتبوا العنوان بخط مستور وفاضح)

وكانت الخيبة الكبيرة عند طه المدرس ود خدوم الذي كانت حياته، كما يحكي عنها بنفسه، مهزلة متصلة:

- اكتبوا

(عاشَ في زمن المذلة

المدعو طه ود خدوم

باع تفاصيل الكآبة عشان يفرّغ وتاني يملا

جاع وخيرك يا سعاد مردوم ردوم

عاش المدرس ود خدوم كأنه نكبة-كأنه شوم)

وهو في رواية أخرى:

(حتة معلم مبتدئ

غاوي وبسيط

ولو ما خدوم

كان من زمان محسوب لقيط)

ولكنه ممتلئ بحب سعاد التي تتراوح بين الأرض (البلد) و الحبيبة:

(وانا يا سعاد فتشت ساحات الأماني

ناصية .. ناصية

حجر حجر

ما لقيت إلاك بلاد)

(قامت سعاد من رقدتا

الكون جميع كان انحصر

ما بين قيامها ووقفتا

النخلة والهجليجة والسيالة

والشوق والمطر والغابة

والهم القديم والفرحة والذل والخطر

كله انجمع في كفتا

قامت سعاد من رقدتا

قامت قيامة العمدة مليون اتجاه)




عبدالمنعم 07-20-2010 09:12 AM

العمدة الذي جعل من يوم الحزن والحداد العام يوم احتفال بضيفه الزائر الكبير وقد تداخل الحزن العام مع الحالة الخاصة بمحمد ود حنينة الذي يقبع في سجن العمدة الذي كان المدرس (طه ود خدوم ) أول زائريه في محبسه لإبلاغه أن (الحلة) قد امتنعت عن بكرة أبيها عن استقبال زائر العمدة (الكبير) وأنه:

(لا زول هتف

لا كف مشت بتلاقي كف

والعمدة زي همبول وقف)

(يتبع…. مع صالح (ود قنعنا) الخضرجي)

صالح ود قنعنا

قراءة ثانية

الشمس كالقمر في انسرابها لا محالة صائرة إلى محاق عند الغروب وليس أبلغ في التعبير عن تلاشيها و اضمحلالها وزوالها من تصغيرها:

(شميس المغرب الممحوق)

وهي في ميلها وغروبها لا تنسى أن تميل على وجه صالح ود قنعنا (الخضرجي) وتنعكس صفرة أشعتها على صفرة (سنيناته) فتكون الصفرة الأخيرة في غاية الإبانة والوضوح، وتبين معها إخفاقات وتعاسات وأحزان أخر وانعكاسات حياتية سالبة و(مقلوبة) لدى صالح (ود قنعنا) أهمها أن الأيام معه ليست على ما يرام وأنها لم تعطه ولم تنله شيئاً من رغد العيش ولينه ولا بعضاً من لطف الحبيبة وقربها. ولكثرة ما في شعر الدوش من إيحاءات فإنك تجد نفسك عاجزاً عن تتبعها ولكن لنأخذ مثالاً واحداً:

(ولا عاشرت هدماً زين..

ولا حتيت تراب السوق)

إن (حت) التراب في البيئة الرعوية والزراعية يعني (العرس عديل) الذي تتبعه النظافة والتهندم (والرونقة) لزوماً لأن الشاب في مقتبل العمر لا يأبه كثيراً وهو عازب في أي هيئة يكون ولا يتشذب إلا في المناسبات وذلك لأسباب شح المياه و الاهتمام بالأرض وكفاحها و لأنه يهب جل همه (للسعية) ورعيها ورعايتها وسقايتها ولا (يتصنفر) الفرد منهم إلا للزواج و ما بعده وتكون للعروسة اليد الطولى في هذه (الصنفرة) وتوظف فيها كل الوسائط الممكنة من الماء والصابون (بالكراشة) إلى (الدلكة) لتنعيم ما اخشوشن و(تمليس) كل (كشكة) سلفت بفعل تراكم التراب على العرق. ويستعمل التعبير (حتيت التراب وحتيت الشيب) كثيراً عند الزواج. فيقول الشاب (أحت التراب) أي أتنظف واتهندم بالزواج ويقول الشيخ المتصابي (أحت شيبي) أي أتزوج من صبية تخصيصاً فأعود شباباً كرة أخرى. فانظر كيف أوحى الدوش بكلمات قليلات في غاية البساطة:

(شميس المغرب الممحوق

تميل فوق وشك المحروق

تبين صفرة سنيناتك

يبين ضل الكلام مقلوب

تميل يا صالح الأيام

ولا عاشرت هدماً زين

ولا حتيت تراب السوق)

وكل متعلقات ( ودقنعنا ) غير كونه خفيف الظل، تنحو ناحية العطب و(العطلة) فهو كما سلف عازب (بوهيمي) ومع ذلك فجرجيره (بايت) وليمونه (باير) مثل حزنه وبعد ذلك يبيع، فيما يبيع ، تواريخ دمه (الفاير) مع سأم عمره في شكل (كيمان) وعند ما يتوالد (زهج خيلك) لا يلد فرادى ولكنه يلد التوائم ويتربى الأسف فوق كتفيك. ومع أن تركيبة الجملة تقول أن (زهج خيلك) هو الذي يلد التوائم فتفصل الخيل بينه وبين (الزهج) بل ينسب (الزهج) إلى الخيل أصلاً إلا أن المفهوم من السياق أن (خيل زهجك) هي التي تتكاثر فينتسب (الزهج) والضيق (والقرف) وضيق الخلق والدم (الفاير ) إليك مباشرة وحينها لا ينفع صبرك (الناير) ولكنك سوف تلعن الكل ولا توفر أحداً أو شيئاً. ومع في في هذه الصورة المسرحية من طرافة وجدة إلا أنني أجد صالح ود قنعنا أحد اثنين. إما أنه جاء إلى المهنة صدفة وراغباً عنها لا راغباً فيها أو أن ما يعانيه فوق طاقته وذلك لأن أهل المهنة (الخضرجبة) معروف عنهم الظرف واللطف وخفة الظل وهو مثبت (تفضل يا خفيف الضل) لأن التعامل مع الخضار كالتعامل مع العطر ينعكس على نفس ممتهنه بما للخضرة من أثر في الانشراح والانفتاح. فتبقى معاناة ود قنعنا التي هي فوق ما يطيق والتي تجعلة (متنرفزاً) على الدوام خلاف ما هو معهود عنه:

(تفضل يا خفيف الضل

ورشرش صبرك الناير

وارفع صوتك الحنضل

والعن ما يهمك زول..

أبوك يا سوق .. سليل الهم

أبو الطورية والمنجل

وخال الرجلة عم الدنيا

جد الفجلة والفلفل

وشكل القفة والكرتونة والجردل

والعن ما يفوتك زول..

من الشارين

من البايعين

وجنس اليرضى و اليزعل

واشتم يا خي إيه فضل؟؟
لأنك في غضبتك المضرية لن تقبل أن تميل النجمات مع القمر العنين الأهبل ولأن آمالك يمكن أن تميل وأن ترقص وأن تتعدل وأنه يحق لك بعدها أن تسخر من النيل الذي أصبح (مبولة) مع قناعتك الخالصة أن أمواجه لن تتبدل بالرغم من (البهدلة) الحادثة لها ولأن (سعاد)، وهذا هو الأهم، لا يمكن أن تتحول.

( دي ما شمس الضحى الأعلى

ومشية حنينة تحت الضل

وتكية طرية فوق رملة

دي أحلام جارية منبهلة).

وأكثر ما يطرب هذه المعرفة الثرة بلغة المهنة و مصطلحات (الخضرجية) وتوظيفها لخدمة النص أنظر:

(رش جرجيرك البايت)

(عد ليمونك الفضل)

(كوم حزنك الباير)

(بيع من غير تشاور زول)

(تفرش في الضحى الأعلى)

(تبيع سأم العمر كيمان)

(لافتات ، أوزان، أتمان)

(رشرش صبرك الناير)

(الطورية، المنجل، الرجلة، الفجلة، الفلفل)

(القفة، الكرتونة، الجردل)

(سعاد نعناع)



عبدالمنعم 07-20-2010 09:21 AM

والعمدة وولد العمدة هما أصل بلاء صالح (ود قنعنا) هما مصدر همه و(عكننته) المستدامة. فولد العمدة هو السبب الأساسي في وإيقاف أحلامه (المنبهلة) فيما (يخص) سعاد وهو الكيد الماثل بكرشه المتدلية و (المدردقة) في الحرير ولأنه ( يقدل ) تمساحاً في الفريق أبيح له الهمس والغمز واللمس وهو الشيء الذي (يحرق) دم صالح (ود قنعنا) ويجعل منه الخضرجي (المتنرفز) أما العمدة فهو الاضطهاد يمشي على قدمين وإمعاناً في اضطهاد ود قنعنا:

(والعمدة صاح:

يا ولد

يا إنت

يا صالح..تعال .. شد الحمار

وانده سعاد شد الحمار .. وانده سعاد

أنده ... س ع ا د … شد ا ل ح م ا ر)

ولكن بالرغم من عزة النفس التي (بركت) جراء الحب المطرز بالمراسيل والغبار، لا يهم إذا كانت نهاية (شد) الحمار هي ( شوفة ) سعاد.

( أديني بس يا عمدة

بس يومين صباح

وغروب طويل

أقدر ألملم فيها عفش الروح

واشد عصب المسافة

الواقفة بيني وبين سعاد

أدق يا عمدة بيني وبين حماك أوتاد

وارقد في ضواحي السوق

واحلم والعمر .. مشنوق)

(يتبع…. مع العمدة جابر ود خف الفيل)

عمر الدوش وضل الضحى

نهاية الوجيب بداية العمر …

(الأخيرة)

عمر (ود ستنا)

لم يكن طويلاً يتجاسر على ربعه ولا قصيراً يتقافز إلى منفعته ولكن كان بين ذلك ربعة بين الرجال وكان لونه بين القمح وبين العسل يتراوح حين العافية وحين الاعتلال قمحياً في الصحة عسلياً حين السقم. وحدثني من حدثني أنه في شبابه كان الوسامة تمشي على اثنين مهندماً أنيقاً (قيافة وفايت الناس مسافة) شكلاً ومضوعاً. كان بسيطاً في عمق ومتواضعاً في أنفة وضعيفاً في قوة وواضحاً وضوح الشمس رائعة النهار. يحب إمضاء العدل عليه وعلى غيره ويمقت الظلم على نفسه وعلى الآخرين. في حديثه لطف العارف المجرب وسخرية الزاهد المغادر. لغته اليومية بسيطة مفهومة ومدعومة بإشارات من كلتا يديه ولغته أقرب إلى لغة أهل القرية ويستطيع التحدث بلهجة أبناء المدينة و(المثقفاتية) إن أراد حتى لتظنن أنه من أعرق أولاد أم درمان. لسانه طلق في اللغة الانكليزية لا ( يتعنعن ) فيها إي يدخل كلمة (يعني) العربية في الجملة الانكليزية دأب بعض المثقفين السودانيين المتحذلقين ويحذق اللغة التشيكية كأنها لغة أمه ولكنه أحب أهل السودان وأرض السودان عن صدق لا عن تنطع وادعاء وتشربت بذلك روحه وجرى حبهما في مجرى دمه وفي شعره حتى نسبت إليه خلطة (الوطن الحبيبة 000 الحبيبة الوطن) . رقيق رفيق مخمص، سرته أقرب إلى (عظم ظهره)، لا بطن له ولا أوداج ولا ( ودك) من تتابع المسغبة وطول الطوى. يمشي على (عرجة) ظاهرة لقصر في ساقه الأيسر جراء انزلاق ذات خريف وكانت رجله تؤلمه إلى أن غادر الدنيا وتسببت له في مشاكل في العمل وكان يأمل في علاج وهو يري القوم (يؤردنون) نسبة إلى الأردن أو (يلندنون) نسبة إلى لندن ولكن ما كان ليتزلف أحداً ولكان سافر لو داهن وتملق وقريبه (الرئيس) وأهل قرابته أبناء عمومة وخؤولة من المتنفذين في كل موقع ولكن هيهات فقد كان نسيج وحده في الكبرياء واحترام الذات. كان ذكي الفؤاد لماحاً يفهم الجملة من الكلمة الأولى ويدرك المعنى من إشارته ويكمل لك ما كنت تود قوله ويضيف إلى معناك معنى جديداً ما خطر لك على بال. كان يحب الناس البسطاء ويتقرب إليهم يواددهم ويجلس إليهم الساعات الطوال لا يمل جلوسهم وكانت نظريته في ذلك أنه في كل امرئ من البشر معرفة من المعارف ليست لديك ويمكنك أن تصل إليها وأن تستكنهها إن أدركت إليها السبيل ولكن الفرق الفارق أن الناس البسطاء يمنحونك إياها هكذا عفواً حباً وكرامة دون تمنع ولا التواء ولا من. وأغلب شخوصه في شعره وفي أعماله المسرحية من هؤلاء البسطاء فمشروع تخرجه (نحن نمشي في جنازة المطر) يمشي في سياق الغلابة والمسحوقين و مسرحيته (دهشو) التي تخرج بها الطالب وقتها عاطف البحر، نالت الجائزة الكبرى والناس البسطاء لحمتها وسداها وعندما أعاد كتابة إحدى المسرحيات اختار مسرحية ( جوابات فرح) ليوسف خليل ومسرحيته الأخيرة (عبد الغفار) جسمت ما أراد عمر الدوش أن يقول للمسحوقين وعلى لسانهم حتى ظن البعض أن عبد الغفار انما هو عمر الدوش نفسه ثم انظر إلى شخوص معلقته (ضل الضحى) من أبناء أمهم محمد ود حنينة وعلي ود سكينة وطه ود خدوم وصالح ود قنعنا. والأطفال في شعر الدوش تجسيد حي لانتمائه للمساكين واليتامى وأبناء السبيل والمنسيين:

(حأكتب لى شجر مقطوع

مسادير ..يمكن يتحركْ

خطابات لى (طفل مجدوع)

يقوم00 يجري00 يقع00 يبركْ

رسالة لكل قمرية

إذا دم الشقا اتوزع على كل البيوت

ما تـركْ)

أو هم اليتامى الغلابى الذين اوكل إليهم إقالة عثرة تاجوج:

(يا يتامى

يا غلابى

شوفو لى تاجوج زمام)

( ولسة بترقد الخرطوم

تبيع أوراكا للماشين

تطل من فوق عماراتها

وتلز (أطفالها) جوة النيل)



وانظر هذا الوجيب وهذا النشيج:

(رقدت على البحر .. غنيت

مليت أحزاني بالأمواج

جرحت الدنيا بالدوبيت

جريت لى ساحة الشهدا

لقيتم لا وطن لا بيت

دخلت منازل الأمات

وطليت لى شقا الأخوات

لقيت (أطفالي) في الشارع

بيجروا على أمل واقع

رقدت على البحر غنيت

واتذكرت أهلاً لى .. ساكنين في سجن كوبر)

( وصاني ابوي

الموج بيهدم كل رخوة على الجروف

شد الضراع.. زي المراكبي مع الشراع

لازم تعرفوا الظلم جاي من وين عليك

وافتح عينيك

على زهور الغابة والأدغال.. على (الأطفال )

ولدى الدوش حزن وخوف أزليين على الأطفال من أن يصبحوا يتامى منسيين مسحوقين و (مجدوعين):

(جيت أسألك يا طفلة الألم الرضيع

تديني خاطرك شان أضيع

في شوق موزع في الزحام)

(إنت يا ليل المغنين

في صباحات اليتامى

في البشيل فوق كتفو يمشي

لما ترخي الخيل لجاما)

وكانت أغنية الحزن القديم قد أحدثت دوياً هائلاً عندما شدا بها فنان (عموم أهل السودان) الأستاذ محمد وردى رده الله إلى محبيه سالماً، ولكن سنام الفعل الدرامي والعاطفي فيها جاءت في مقطع بسيط في كلماته عميق في معانيه:

(بتطلعي إنت من صوت طفلة

وسط اللمة منسية)

وكانت أبرز صفاته الشجاعة دون تهور. كان لا يتوانى أن يجابه كائناً من كان بالحقيقة الساطعة لا يثنيه عن ذلك شئ. ولقد شهدت له جملة مواقف مع أقرب أهله ومع أغراب يفلقهم بالحق والرأي الشجاع في اللحظة التي ليس غيرها لحظة صدق فيصدعون له لا يستطيعون إلا أن يوافقوه على ما رأى في التو واللحظة. جاء (يضلع) إلى الدكان المجاور في الحي وهو من بعيد يسمع صراخ المشكل القائم بين صبي الدكان المسكين وصاحب (الكريسيدا) ذي النظارات السود والعمة (الشاش) والشال (الشاويش) والحذاء (النمري) ومازال الدوش يتكأكأ حتى وصل مكان الضجة وقد أدرك مسبقاً وتأكد تماماً أن صاحب الجلابية (السمنة) يفتري على صبي الكنتين بالفعل وبالقول فما كان منه إلا أن أخذ (عرجة) واسعة ووقف أمام كرش صاحب النفخة وقال بهدوء ولكن بصوت واثق آمر مسترسل لا يترك (فرفصة) للسامع:



(يا زول هوي.. من وين انت؟ والشمطة شنو؟ والا أقو ليك .. أنا عارف الشمط شنو.. أ ر ك ب ع ر ب ي ت ك وانكشح) وحينها ساد الصمت الواجب أن يسود وركب الرجل عربته لا يلوي على شيء وهو (يهضرب) دا منو ؟ إنت منو؟ فيعاجله الدوش ( أنا الجن الكلكي ولابس ملكي) فيتناقل الخبر الأطفال والصبيان والفتيات والفتيان ويضج الحي بالفخر والابتسام. ولقد حكى لي أنه حين توفي القائد العمالي قاسم أمين في الغربة لم يجد القوم من يرافق جثمانه سوى عمر الدوش وكان حينها طالباً في بلاد التشيك فوافق تواً وهو يعلم ما في ذلك من مخاطرة بمستقبله وربما بحياته والنظام النميري حينها أسعر من كلب ضال في ملاحقة أهل اليسار ولقد دهشت حتى قوى الأمن من جرأته فقالوا له في المطار (الآن وقد أتيت إلينا برجليك نسوقك الآن) قال لهم لا ليس قبل أن أسلم الجثمان إلى أهله وأحضر مراسم الدفن ثم أسلم نفسي لكم طوعاً وأعطاهم جواز سفره وكان ما كان.





عبدالمنعم 07-20-2010 09:22 AM

وذاك ما كان من عمر الدوش ولكن عمرا (ود ستنا ) كان أكثر انسحاقاً من طه المدرس ود خدوم ومن علي ود سكينة ومن محمد ود حنينة ومن صالح ود قنعنا وقد عانى من الظلم والتنكر لموهبته في حياته و يقاسي من الظلم والتنكر لحقوقه ميتاً. من كان يصدق أن الأستاذ حمد الريح الذي ما غنى أعظم من (الساقية) في نظري حتى الآن من كان يصدق أنه لم ير الدوش إلا في المحكمة عندما طالب الدوش بحقوقه المادية والأدبية. بالتأكيد لم يعط الدوش هذا النص للفنان وقد ذكر ذلك في أكثر من موقع وعلى شاشة التلفزيون في لقاء معه وأن النص وصل للفنان عن طريق الملحن الأستاذ ناجي القدسي ولكن أما كان غناء الفنان حمد الريح لنص الساقية كافياً ليلتقي الفنان بالشاعر ويتعرف عليه في الحياة العادية بدلاً من التقائه في ظرف المشاددة في المحكمة؟ ولقد ذهبت مع الدوش بصحبة محاميه الأستاذ محمد التاج مصطفى مرة إلى مجمع المحاكم بأم درمان لكي أشهد (ويا للسخرية) أن الماثل أمامي هو الأستاذ عمر الطيب الدوش بلحمه وشحمه(؟) وأنه صاحب القصيدة التي صارت فيما بعد (أغنية الساقية) التي يتغنى بها الأستاذ حمد الريح والتي جعل من إشاراتها ورمزها في سنين مضت محطة للنضال ضد الديكتاتورية ثم شاهدته لاحقاً في برامج تلفزيوني ينفي كل معنى نضالي فيها بل ويرسل إشارات تغزلية إلى الديكتاتور نفسه.

والآن وبعد وفاته يصدر الأستاذ عبد الكريم الكابلي شريط أغانيه الأخير باسم (سعاد) وهي كلمات من مقطع (محمد ود حنينة) في قصيدة (ضل الضحى) ويغني هذا المقطع بدرجة تلحين وأداء عاليين ولكن للأسف لا يشير من قريب أو بعيد لصاحب الكلمات وهو الأستاذ الشاعر المرحوم عمر الطيب الدوش طيب الله ثراه ورزقه الجنة بقدر ما أعطى الماء على حبه مسكيناً ويتيماً وظمآناً في نهار أمبدة العطشى. وكما قال الأستاذ هاشم صديق في هذا الصدد: ( كان المبدع في السودان يهمل حياً ويكرم ميتاً والآن أصبح يهمل حياً وميتاً) ولقد أخبرتني الأخت سعاد زوجة الشاعر أن الشركة الموزعة قد أرتها ديباجة مكتوب عليها أسم الشعار بينما الشريط الذي يباع في الأسواق لا يذكر اسم الشاعر فأي فوضى هذه وأي استهتار بحقوق الأحياء والأموات؟ وكيف يتم تلافي (الجليطة) المدوية بفضيحة أكثر دوياً. ولقد علمت أن الدوش في ابتداء تفاوضه مع الأستاذ الكابلي كان يرفض باستمرار أن يبدل الكابلي أي كلمة فيها وأن يغنيها كما هي وقد أخبرني بذلك من حضر ذاك الاجتماع فانظر ماذا حدث بعد غياب (عمر ودستنا)؟ لقد بدل الأستاذ الكابلي كثير من كلمات ومعاني وأجواء القصيدة وأكاد أقول أنه (بهدل) النص في مواضع كثيرة بدرجة تثير الحنق للذين يعرفون عمراً ورد فعله لو كان بيننا الآن. ذلك بصرف النظر عن المقابل البخس الذي دفعه الكابلي والظرف الطاحن الذي تم فيه تنازل عمر عن النص. وهنا لا أعفي إدارة كلية الموسيقى والمسرح التي كانت لها اليد الطولى في الحالة المادية المذرية التي وصل إليها عمر في شهوره الأخيرة. هذه الإدارة لم تراع ظرف مرضه وصعوبة تنقله من وإلى بيته وحتى في داخل بيته بسبب رجله ومنعت عنه مرتبه للستة أشهر الأخيرة من حياته وحتى مماته وأوقفت مرتبه دون إخطاره وفق إجراءات عمل مرعية ومعمول بها في كل مؤسسة محترمة ولشد ما آلمه في أيامه الأخيرة أنه يدرك أن بنتيه وزوجته في أمس الحاجة لمساعدته ولكنه مغلول اليد لا يستطيع أن يقدم لهم شيئاً طيلة الستة أشهر. كان يحس بما خاف منه في شعره وطيلة حياته من تيتم الأطفال بعد ذلك منسيين (مجدوعين) و (ملزوزين ) في النيل. وبسبب كل ذلك فقد فكر في أيامه الأخيرة في ما لم يفكر فيه طيلة حياته وهو الاغتراب إلى دول النفط والشاهد على ذلك الأستاذان كمال حسن بخيت وفتح الرحمن النحاس هما من ساعدا في ترتيب أوراقه والأستاذ محمد التاج مصطفى الذي حملها إلى أبوظبي. وهو الذي بشر طوال حياته بأن يبقى الشباب في وطنهم وأن تبني السواعد ديارها.

ثم ماذا بقي بعد من الظلم الذي وقع على عمر (ود ستنا) وهو ميت ؟ في أسبوع وفاته يخرج علينا من حباه الله بسطة في الجسم والمال وحبته ذاته الفاسدة كثيراً من الصفاقة وسوء الطوية يكتب في صحيفته بكل سواد القلب أن كيت وكيت ويصفه وصفاً دقيقاً لا يبقي غير أن تصرخ وتقول ملئ فيك أنه عمر الطيب الدوش، يكتب لا لينعاه ولا ليذكر محاسنه كما أوصى بذلك المثل الكريم والقدوة الرحيم (ص) ولكن ليشمت في الموت والموتى وهو ناسي أن العمر كما قال الدوش (ضل ضحى) يأتيه الفناء وإن طال ويغشاه التآكل وإن تمدد لا ينفع بعد ذلك لحم مترع ولا شحم متكدس و لا مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. ويبقى عمر الطيب الدوش الفنان المبدع الذي أعطى هذه الأمة التي أثق تماماً في أن من بنيها من يدرك أقدار الناس ويعطي الدوش التكريم اللائق به وبقدره. ويبقى شعره ومسرحه وسيرته وكل ما خطه شاهداً على أنه عاش حياته بصدق لا نفاق فيها ولا رياء وأرجو الله أن يغفر له بقدر صدقه وبقدر حبه لجميع الناس وأن يجعل الخير كل الخير في بنتيه (لندا ولميس عمر الطيب الدوش).


عوض خضر 07-21-2010 06:55 AM

دخولك يامعروف علي اي بوست يعني ان ياتي البوست أكله لايسعني بعد اثراءك البوست بكل هذه الاضافات الا ان اقول لك شكرا لكل هذا النضوج في التناول والتعاطي والمتابعه والتأطير

عبدالمنعم 07-21-2010 11:40 AM

Quote:

Originally Posted by عوض خضر (Post 7596)

دخولك يامعروف علي اي بوست يعني ان ياتي البوست أكله لايسعني بعد اثراءك البوست بكل هذه الاضافات الا ان اقول لك شكرا لكل هذا النضوج في التناول والتعاطي والمتابعه والتأطير

الأخ دو خدر..أنتم من جعلتموني أنهل من هذا النبع ومن أعطيتموني فرصة

أقدر ألملم فيها عفش الروح
واشد عصب المسافة
الواقفة بيني وبين هذا البوست


والوقوف عنده فقد أعجبني إصرار الرجل الخفي... كان جنوبياً على المضي قدماً في سبر أغوار الدوش ف

تكَّكتَ سروالي الطويل ..

سوّّيتلو رقعات .. في الوسِط.ْ

في خشمي .. عضيت القميصْ

أجري و أزبّد..

شوق..وانطْ.

محاولاً مشاركتكم
وأوافقكم على أن المشاركات في المنتدى تفتح بكثافة وبسرعة تجعل الكثيرين يلاحقونها للإطلاع عليها فقط دون إيجاد فرصة للمناقشة
شكراً لكم على كل ما تقدمونه...


عاطف البدوي 07-21-2010 12:34 PM

مدد مدد مدد مدد






ديمه في صرة وشيها
يلفحني شوق نافر لبد


ادفقوا معروف قمة الاثراء ود الخضر تعيش وتنكت كان روائع اكان مصائب وكان فتن

عوض خضر 07-21-2010 03:16 PM

ودالبدوي تسلم ولكن في بوست الدوش هذا الاخوه تجلوا فعلا ووصلوا به الي مصاف المجادعه التي تصل الي مرافئ النضوج شكرا للجميع

وطبتم وطابت ذكري شاعرنا الدوش

عوض خضر 07-21-2010 03:18 PM

معروف رويحتك متخمه بالابداع كانها تحلق حول كل بوست يحمل الجمال ويؤسس للجمال ياجميل الرؤي

كان جنوبياً هواها 07-21-2010 04:12 PM

أحببت أن أتوقف لأخذ نفس عن الدوش ولكن معروف لم يرحمني
معروف إن جاز لي أن أحكيها كما الأخرين فأنت معروف بحق وحقيقة في عطاءك معروف وفي سردك ونقلك معروف وربطك يا مبدع كما قال عمنا عوض إين ما حللت فأنت معروف وكفي
الأستاذ عوض خضر أطلق قذيفة الدوش فعكر بها أستاد المنتدى فهبت النسائم الباردة من عندكم ومشاركات الإخوة بالمنتدى أضافة القاً جميلا للدوش . فليتنا وثقنا أكثر لهذه الدرة الثمينة ، ليس لدي غير رائعة محمد ودحنينة أختم بها حديثي فقد كتب من هو أفضل مني عن الدوش


محمد ود حنينة

دقّتْ الدَلّوُكَهْ
قُلنا الدنيا ما زالت بخير
أهو ناس تعرِّس وتنْبَسِط
تكْكَّتَ سروالي الطويل
سويتْلُو رقعات فى الوسط
فى خشْمِ عضّيت القميص
أجرى وازيّد شوق وانُط
لا مَن وصلتَ الحفلَهْ زاحمتَ الخلق

وركزْتَ
شان البِتْ سُعاد
أصلى عارف جِنَّها فى زول بيرْكِز وينْسَتِر
لكنِّى عارِف إنَّها
لو كلو زول فى الحلة بالسُتْرَهْ إنجَلَد
يانى الآزاها وجِنَّها
برْضِى عارِف أظنَّهَا
دِيمهْ فى صَرَّ ة وشيهَا
يلفحْنى شوق نافِر لَبَد
وركزْتَ للحُرقَهْ المَشَت فوق الضلوع
تِحت الجِلد
ضمّيت قزازتى مرقتَ عِن طَرَف البلد
وسِكرْت جَدْ
وأنا جايىّ راجعِ مُنْتَهى لاقتْنى هِى
قالت "تعال"
كِبْرَتْ كُراعى من الفرح
نُص فى الأرِض نُص فى النِّعال
اتْلخْبَط الشوق بالزَّعل
اتْحَاوروا الخوف والكلام
"ه-يْى يا سُعاد
على ودْ سكينَهْ وكِلْتِي في خشمو الرماد

علي ود سكينَه ومَات أسى

وأنا بِت بلاك ملْعُون أبوى لو كنتَ أرْضَى أعرِّسهْا

وأنا يا سُعاد

وكتين تصُبى سحابَهْ تَنْزِلي زي دُعاش

بفْرِش على روحى واجيكْ
زولاً هِلِك تعبان وطاش
وأنا يا سعاد وكتين أشوفِك ببقى زول
فَرَشولوا فَرْش الموت وعاش)

قالت سُعاد

(بطِّل كلام الجِرْسَهْ انجض يا ولد)

مزّقْت روحى نِتَف
مرّقْتَ من جيب القميص
عرقى وأسق
طبّيت قزازتى وصلتَ لى طَرَف البلد
وسكْرتَ جَد
اذّنت فى الشوك والسَلَم

وسرحْتَ بالناس والغَنَم
وركعتَ للعرقى البِكِر
وقدتَ فى الألم الحِكِر
وحلمتَ زى شالنى ومشَى
فوف زحمة نْبيْ الله الخِضِر
صحَّانى صوت العُمدهْ قال
(مسئول كبير زاير البلد)

قال لينا

(وكَتْ الزول يجِى ، لازِم تقيفوا صفوف صفوف

وتهيّجُوا الخَلا بالكفوف

وتقولوا عاش.. يحيا البطل)
صلّحْتَ طاقيتي الحرير
واتنَحْنَح الحشا بالكلام
ورميتُو من حلقى الوصَل
قُتْ ليهو يا عُمدهْ اختشى
مسئول كبير في الدنيا غير الله اِنْعَدَم
ما شُفْنا زول رضّع صغار
ما شفنا زول نجّح بَهَم
ما شفنا زول لمْلَم رِمَم
لا صِحِينَا عاجِبنا الصباح
لا نُمْنَا غطّانا العَشَم
والحِلَهْ من كلَّ الجِهات محروسَهْ
بالخوف والوهم

ومضينا من زمناً قديم-يا عُمدهْ-مرْسوم انتحار

الموت مُباح
والحب نِطاح
والصِدقِ من جِنس الزِّنا
العافيهْ مولودَة سِفاح
والرغبَهْ مكسورةَ جناح

الحلم والوعد النبيل
الطِفلهْ والأم ، النخيل
الرّنَهْ فى الوتر الاصيل
تلقاهَا فى قاموس نكاح
يا يُمَّه واح..يا حِلَّهْ واح
**
يا سعاد تعالى ولمِّى من كل البيوت
عِدَّة السَفَر الطويل
زَخْرِفى الفجر النهار
شخْبِطى الضُحى والأًيل
المَغْرِب
الفجر
النجوم.
فى صُرَّهْ وارمِيها البحر
خلِّينَا فوق الشك نَعُوم
والعُمدَهْ فاض
العُمدَهْ صار مليون عُمَد
العُمده فيل
جبلاً تقيل
لبْوَهْ وأسد
حَسَنَهْ وغَصِب
جُمْعَهْ وأحَد
بقّيتْ قزازتى
مرقْتَ عِن طرف البلد
وسكْرتَ جَد
وأنا جايى راجِع أجهجهو
لاقانى هو
سايق العساكر والكلاب
رامى بين عيني وعينو
كلب وتَكْشيرهْ وحُراب
ضاقت نِعالى من الزّعل
من تحتهَا اتْمَلمل تُراب
الغيم سكب ضُلو ومشَى
والدنيا غيما سراب سراب
والحِلهْ زى بلداً بعيد
زوَّد بُعاد وقُرُب سُعاد
اتجمَعَت كلَّ البيوت فى راحتَا
زى بِت لِعاب
مجنونَهْ تصرخ فى الزوال
ممزوجَهْ فى الدم واللُعاب
عينيَّ ضاقت نظْرَتهْا
والجوف يطقْطِق بالكلام
قُبَّال يقولوا لي سلام
اتلمُوا حولى بلا نِظام
شال وعِمَّهْ
توب وغُمَّهْ
فاس وطوريَّه وحزام
شالونى بى كُل إحترام
ورمونى فى قَعَر السجن
حصلّنى قبل اليوم يِتم
جارنا المدرِّس ودْ خدوم
قال ليَّ
لا زول قام هتَف
لا كف مشَت بتلاقِى كَف
والعُمدَهْ زى هَمْبول وقف
يا صمت أُف
يا دنيا تُف
وأنا يا سُعاد للشوق نغَم
للهَم عَلَف

كان جنوبياً هواها 07-21-2010 04:28 PM

بقّيتْ قزازتى
مرقْتَ عِن طرف البلد
وسكْرتَ جَد
وأنا جايى راجِع أجهجهو
لاقانى هو
سايق العساكر والكلاب
رامى بين عيني وعينو
كلب وتَكْشيرهْ وحُراب
ضاقت نِعالى من الزّعل
من تحتهَا اتْمَلمل تُراب


لا تعليق !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
فالإبداع يعلق عن نفسه

عوض خضر 07-22-2010 06:36 AM

اليست الدلوكه فعلا مدعاة لاطلاق احلام جميله اليست هي ايقاع يهز جزئيات حلمنا فيفيق وننتفض علي تبلد الذات فننط اعلي من ضغط الواقع ونثب فوق حلم كان يمكننا تحقيقه دائما ماذا تعني الدلوكه اشاره الي بدء

الفرح المتاح ام اشاره الي اطلاق الحلم من عقاله الحلم العريض كل منا يمسك بطرف منه ومن حقه ان يحلم في مساحه تخصه لكن كل هذه المساحات مع بعض تمثل الحلم الكبير

نشوة الدلوكه في فتره ما كانت نشوه لاتحدها حدود فالدلوكه تعني الركزه ولنذهب بعيدا تعني القدره علي تحمل الصعاب تعني الجلد والقدره علي تجاوز نقائص الذات

ما الذي يريد

قوله الدوش باطلاق الدلوكه في هذا الوقت الي اين سيذهب بنا بعد ان اطلق العنان لحماسنا المخبوء بواسطة دلوكة قصيدته الثره

ومن هي البت سعاد والي اين يمكننا ان نمدد هذا الرمز

هل هي سعاد الفتاة العاديه المتشربه باخلاقياتنا وترفنا الذاتي اما انه الحلم الذي دائما تكون هناك مسافه بيننا وبينه كلما اقتربنا منه تجددت المسافه

انجض ياولد

كلمه كانت تطلق فيما مضي للجم محاولات التراجع

والاستسلام انجض عند الزراعه واركز علي المعاناة

انجض لا تظهر ضعفك

انجض كن جاهزا لمنازلة مخاوفك ومظالم الاخرين

انجض لا تتراجع ولاتحيد نظرك عن هدفك

انجض تباهي بانتمائك وتمسكك بجذورك

انجض كن عارفا بما لديك وما عليك

انجض لاتتعدي حدود اللياقه ولا تقفز فوق الحواجز الاجتماعيه

انجض لا تخدش الحياء

انجض ضع نصب عينيك قضيتك الرئيسيه ولا تجعل صغار الامور تصرفك عنها

وهكذا انجض لفظ يمكن ان يفتح الباب لكل صنوف النبل التي يمكن ان تصدر من الفرد العارف بامور بلده

كان جنوبيا لك الشكر مجددا وانت توقد مرة اخري بوست الدوش

عوض خضر 07-22-2010 06:43 AM

رسم رائع لصور واقع نعيشه ولكنه ازال عنه الغبار فاتضحت الصوره تماما

اتضح بجلاء قوة شكيمة العارف اين مكمن ظلمه

فبق من قزازة الغضب وتصبب غضبا

واتجه ناحية من بذر الغبن ولك ان تتخيل ماتشاء اطلاق الفرد هنا اشاره للمجموع

انه يتحدث عن غضب جماعي لا يمكن ان يكون الا ثوره

الشخوص في قصيدة الدوش شخوص مالوفه تحسها تتفاعل معها تحس

انهم جيرانك او اقربائك او زملاء الكارثه

الاستاذ ود بت خدوم وعلي ود سكينه

ولكن الاروع في شعر الدوش انه جعل من بعض الكلمات الغالبه في كلام اهل البلد

في متناول القصيده

وكذلك هو فتح الباب للصراع الناضج في القصيده الحديثه والذي كان موصدا بشده من قبل

وبشكل موازي او من ساروا علي دربه

نجد نفس الحيويه في الشعر تنطبق علي شعراء امثال حميد ويحي فضل الله وهاشم صديق وغيرهم

الحيويه التي تستمدها القصيده من مناقشة ازماتنا الحقيقيه وصراعنا الابدي


All times are GMT. The time now is 05:09 AM.

Copyright ©2000 - 2024, Futeis.com